قَالَ الغُلام
في قرية صغيرة كانت هناك أم تعيش وحيدة مع ابنها الصغير، كانت الأم تمتلك قطعة أرض صغيرة،
تزرعها وتأكل منها .. وبنت الأم في قطعة الأرض بيتا صغيرا، كان البيت عبارة عن غرفة واحدة،
وكانت جدران البيت من الحجر، أما السقف فقد كان من قطع متنوعة من الخشب جمعتها الأم بمرور الوقت.
وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة المظلمة، آوى الغلام إلى صدر أمه ليحتمي به من البرد، نام الغلام قرير العين،
ونامت الأم قريرة العين .. كانت الرياح تصفر في خارج البيت بشدة، وبدأت الأمطار تهطل بغزارة ..
وفجأة انتبهت الأم، وانتبه الغلام، فقد اقتلعت الرياح إحدى قطع الخشب من السقف،
ودخلت الرياح إلى داخل الغرفة بشدة .. وأصاب بعض المطر الأم وهي تحتضن ابنها بكل جسمها،
حتى تحميه من البرد ومن المطر، ثم اقتلعت الرياح قطعة ثانية، وقطعة ثالثة، ورابعة، ولم يتبقَ إلا قطعة واحدة.
وتحركت الأم بالغلام وهي تحتضنه حتى أصبحت تحت قطعة الخشب ..
ولم تمضِ بضع لحظات حتى اقتلعت الرياح آخر قطعة من الخشب، وأصبح البيت بلا سقف.
أخذت الأمطار تهطل بشدة على الأم والغلام، واشتد التصاق الأم بإبنها ..
وابتلت ملابس الأم، وخافت أن يصاب ابنها بالبرد .. فقامت مسرعة واقتلعت الباب من مكانه،
ثم سندت الباب على الحائط، واحتمت تحته مع غلامها الصغير. أغمض الغلام عينيه وكأنه يستعد لاستكمال نومه ..
وابتسم في رضا وهو يقول في ارتياح: الحمد لله.
ولكنه فجأة فتح عينيه وبدا على وجهه الحزن!
ربتت الأم على رأس وليدها وهي تقول في صوت حنون: مالك يا حبيبي؟!
قال الغلام في صوت خفيض: لا أدري يا أماه ماذا يصنع الفقراء ..
من ليس عندهم باب مثلنا حين يسقط عليهم المطر!