صحيح انه لكل حركة تلقائية يقوم بها الجسم فائدة معينة، وقد أظهرت دراسة جديدة ان التثاؤب يلعب دوراً في الحفاظ على برودة الدماغ وتعديل درجة حرارته.
ونقل موقع «هيلث داي نيوز» الأميركي عن غاري هاك من جامعة ماريلاند، وأندرو غالوب من جامعة برينستون، قولهما ان التثاؤب ليس ناجماً عن الضجر أو التعب أو الحاجة للأوكسجين، بل الهدف منه هو المساعدة في التحكم بحرارة الدماغ. وقالا في بيان أصدراه إن «الدماغ حساس جداً لتغيرات الحرارة، ولذا لابد من حماية له من ارتفاعها الشديد».
وأضافا ان «الأدمغة، مثل الكمبيوترات، تعمل بشكل أفضل عندما تكون باردة». وأوضحا انه
خلال التثاؤب، تتحرك جدران الجيوب الأنفية وتساعد في تبريد الدماغ. وأكد الباحثان أن
لنظريتهما عن مساعدة التثاؤب على تبريد الدماغ معنى طبيا، فمثلاً غالباً ما يسبق التثاؤب
المفرط الإصابة بنوبة صرع، والألم الشديد الناجم عن الصداع النصفي. واعتبرا أن بإمكان
الأطباء استخدام التثاؤب المفرط طريقة لتحديد المرضى الذي يشكون من حالة مرضية ترتبط
بتعديل درجة الحرارة .
والتثاؤب آية أخرى من آيات الله ومع أن الناس يربطونه بالنوم فقط إلا أن دلالاته أكبر ولم يستطع العلم حتى الآن تفسير كل ما يتعلق بالتثاؤب. وإن كان الطب الحديث لم يظهر الاهتمام بالتثاؤب حتى مطلع الثمانينات الميلادية فإن للتثاؤب اهتماماً خاصاً في ثقافة المسلم منذ القدم. فالتثاؤب عند المسلمين من الشيطان، كما روي عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ..."التثاؤب من الشيطان.." (رواه مسلم).
كما أن للتثاؤب عند المسلم آداب كما ارشد المصطفى صلى الله عليه وسلم (فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع) وجاء في الرواية الأخرى: (فليضع يده على فيه). ومما ذكره ابن حجر رحمه الله في الفتح قال: (ما تثاءب النبي صلى الله عليه وسلم قط). إذا يظهر أن التثاؤب أمر سيء، ولكن هل هناك مضار صحية للتثاؤب؟ سأذكر لكم في هذا المقال بعض الحقائق عن التثاؤب والتي تدعو للتأمل في عظمة الخالق سبحانه.
من المعلوم أن التثاؤب يحدث عند كل الناس كأمر طبيعي ولكنه قد يكون علامة لبعض الأمراض أحيانا. فقد ذكر أبوقراط قديما أن التثاؤب هو إخراج الغازات السامة قبل حدوث الحمى قاصدا أن حدوث التثاؤب بكثرة قد يكون علامة لحدوث المرض.
والتثاؤب ليس مجرد فتح للفم فقط وإنما يصاحبه عند الإنسان أمور أخرى حيث يبدأ التثاؤب بأخذ شهيق طويل (4- 6ثوان) ثم يصل التثاؤب إلى قمته وأوجه حيث يبقى الفم مفتوحا والهواء داخل الرئة (2- 4ثوان) ويتبع ذلك زفير سريع. واقصى مدة للتثاؤب تستمر 10ثوان. ويمكن أن يصاحب التثاؤب مط لعضلات الجسم (تمغط). وفي حال بدأت عملية التثاؤب فإنه لا يمكن إيقافها ولكن يمكن تعديلها وتخفيفها ومن هنا جاء في الحديث (فاذا تثاءب أحدكم فليرّده ما استطاع) وجاء في الرواية الأخرى: (فليضع يده على فيه) لأنه لا يستطيع منعه. ويتم التحكم في عملية التثاؤب على عدة مستويات في المخ بدءا من قشرة المخ وحتى عنق المخ وهو عملية معقدة جدا وتشارك فيها الأعصاب الجمجمية والعصب الحجابي الذي يحرك عضلة الحجاب الحاجز والأعصاب التي تحرك عضلات التنفس الثانوية وعدد كبير من النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين والاوكسيتوسين وغيره الكثير.
ومن المعلوم أن التثاؤب لايحدث في الإنسان فقط ولكن هذه العملية تظهر في كائنات حية اخرى
فهو يحدث في الثدييات كما يحدث في الإنسان. كما لوحظ ان السمك والزواحف تقوم بعملية فغر
الفم وهو ما يشابه فتح الفم لدى الإنسان عند التثاؤب ولكن يبدو أن فغر الفم عند السمك والزواحف لا يصاحبه المراحل التنفسية التي تحدث عند الإنسان.
وقد تم رصد ظهور التثاؤب عند الأجنة من الأسبوع الخامس عشر من الحمل ويصبح التثاؤب
أمر شائع في النصف الثاني من الحمل. ويزداد التثاؤب عند حديثي الولادة ويحدث لأول مرة بعد
عدة دقائق من الولادة ويستمر بكثرة في السنة الأولى ولكن لا يكون مصحوبا في العادة بالتمغط.
ويكون التثاؤب لدى الحيوانات أكثر عند الذكور مقارنة بالإناث ويزداد عند الذكور المسيطرة
على المجموعة، أما في الإنسان فلا فرق بين الذكور والإناث. لذلك يعتقد العلماء أن التثاؤب
أمر سلوكي لدى الحيوانات له أهمية في التواصل بينها. ويزداد التثاؤب قبل النوم وبعد الاستيقاظ
ولكن قبل النوم يغلب التثاؤب على التمغط في حين يغلب التمغط على التثاؤب بعد الاستيقاظ.
ويزداد التثاؤب في بعض الأوضاع كالقيام بالأعمال المملة أو التي لا تحتاج إلى جهد جسدي
كحضور المحاضرات أو مشاهدة التلفزيون أو القراءة. وقد لوحظ كذلك أثناء قيادة السيارة. كما
انه يزداد عند الجوع أو قبل الأكل وكذلك عند التوتر أو زيادة الضغوط وعند الملل. ويعتقد
البعض أن التثاؤب معدٍ وهذا أمر أثبته العلم الحديث فقد أظهرت أكثر من دراسة هذا الأمر. فقد تبين أن التثاؤب قد يبدأ في حال رؤية شخص يتثاءب أو سماعه أو القراءة عن التثاؤب أو التفكير في التثاؤب وآمل أن لاتصابوا بالتثاؤب خلال قراءة هذا المقال.
ولم يستطع الطب الحديث حتى الآن معرفة الهدف من التثاؤب. فهناك عدة نظريات منها النظرية
التنفسية والتي تقول بأن الهدف من التثاؤب هو رفع مستوى الأكسجين في الدم وإنقاص
مستوى ثاني أكسيد الكربون ولكن هذا النظرية لم تثبت صحتها حيث أظهرت التجارب أن
تنفس هواء ناقص الأكسجين وبه زيادة من ثاني أكسيد الكربون لا يزيد التثاؤب. أما النظرية
الأخرى فتقول أن الهدف من التثاؤب هو زيادة مستوى الوعي والتركيز عند الخمول. وبالرغم من أن هذه النظرية تبدو منطقية إلا أن التجارب في المختبر وقياس النشاط الكهربي في المخ قبل وبعد التثاؤب أثبت عدم صحتها.
بقي ان نعرف أن التثاؤب الزائد قد يكون علامة مرضية
فهناك أمراض كثيرة تزيد من التثاؤب مثل الأمراض العصبية التنكسية المزمنة مثل مرض الرعاش والجلطات الدماغية ومشاكل فص المخ الأمامي وزيادة ضغط المخ والصرع وغيرها من الأمراض العصبية. كما أن بعض الأدوية قد تزيد من التثاؤب مثل بعض مضادات الاكتئاب وهرمون الإستروجين. كما أن الحمى بحد ذاتها قد تزيد من التثاؤب وكذلك التهاب السحايا الحاد والفشل الكلوي وفشل الكبد ونقص الغدة الدرقية وتقرحات المعدة وغيرها.
- مستجمع -
ملاحظة : ما حملني على البحث في هذا الموضوع حالة زوجي وهو كثرة التثاؤوب كلما
استيقظ من النوم جراء مرضه نسأل الله له الشفاء ولجميع مرضى المسلمين