بيان حكم المولد النبوي وبيان فساد قول من قال بمشروعيته من أوجه عديدة:اعلم
رحمني الله وإياك أن ما يسمى بالمولد النبوي ليس مشروعا ولم يدل عليه دليل
من كتاب ولا سنة لا إجماع ولا قياس صحيح ولا حتى دليل عقلي ولا فطري وما
كان بهذه الصيغة فهو بدعة مذمومة.قال الحافظ ابن رجب:" والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ".ويقول
أيضاً: " فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع
إليه فهو ضلالة والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقاد أو الأعمال
أو الأقوال الظاهرة والباطنة".والبدعة كذلك " ما لم يشرعه الله من الدين فكل من دان الله بشيء لم يشرعه الله فذاك بدعة وإن كان متأولاً".ويظهر فساد القول بجوازه ومشروعيته من خلال الأوجه التالية:الوجه الأول : أن
هذا الفعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمر به ولا فعله صحابته
ولا أحد من التابعين ولا تابعيهم ولا فعله أحد من أهل الإسلام خلال القرون
المفضلة الأولى وإنما ظهر- كما تقدم- على أيدي أناس هم أقرب إلى الكفر منهم
إلى الإيمان وهم الباطنيون.إذا تقرر هذا فالذي يفعل هذا الأمر داخل ضمن الوعيد الذي توعد الله عز وجل صاحبه وفاعله بقوله: (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
))[النساء:115]^ والذي يفعل ما يسمى بالمولد لاشك انه متبع لغير سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم .الوجه الثاني:أن الذي يمارس هذا الفعل واقع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: {إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة}
وجاء في رواية أخرى: { وكل ضلالة في النار }
^.فقوله
(كل بدعة ضلالة ) عموم لا مخصص له يدخل فيه كل أمر مخترع محدث لا أصل له
في دين الله والعلماء مجمعون على انه أمر محدث فصار الأمر إلى ما قلنا أنه
بدعة ضلالة تودي بصاحبها إلى النار أعاذنا الله وإياك منها.الوجه الثالث :أن فاعل هذه البدعة غير مأجور على فعله بل مردود على صاحبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد}
ولا يكفي حسن النية بل لابد من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم. الوجه الرابع:قال الله تعالى (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا
))[المائدة:3]^.والذي
يقول إن المولد عبادة نتعبد لله تعالى بها فهو مكذب بهذه الآية وهو كفر
بالله عز وجل فان قال انه مصدق بها لزمه أن يقول إن المولد ليس بعبادة
ويكون اقرب إلى العبث واللعب منه إلى ما يقرب إلى الله عز وجل.وقلنا له أيضاً كأنك مستدرك على الله وعلى رسوله بأنهم لم يدلونا على هذه العبادة العظيمة التي تقرب إلى الله والرسول.فان
قال أنا لا أقول أنها عبادة ولا استدرك على الله ورسوله ومؤمن بهذه الآية
لزمه الرجوع إلى القول الحق وأنها بدعة محدثة هدانا الله وكل مسلم لما يحبه
ربنا ويرضى.الوجه الخامس :أن
الممارس لهذا الأمر- اعني بدعة المولد- كأنه يتهم للرسول صلى الله عليه
وسلم بالخيانة وعدم الأمانة -و العياذ بالله- لأنه كتم على الأمة ولم يدلها
على هذه العبادة العظيمة التي تقربها إلى الله قال
الإمام مالك – رحمه الله -: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد
زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا
))[المائدة:3]^ فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا".الوجه السادس : أن
فاعل المولد معاند للشرع ومشاق له لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا
خاصة على وجوه وكيفيات خاصة وقصر الخلق عليها بالأوامر والنواهي وأخبر أن
الخير فيها والشر في مجاوزتها وتركها لأن الله اعلم بما يصلح عباده وما
أرسل الرسل ولا أنزل الكتب إلا ليعبدوه وفق ما يريد سبحانه والذي يبتدع هذه
البدعة راد لهذا كله زاعم أن هناك طرقا أخرى للعبادة وان ما حصره الشارع
أو قصره على أمور معينة ليس بلازم له فكأنه يقول بلسان حاله إن الشارع يعلم
وهو أيضا يعلم بل ربما يفهم أن يعلم أمرا لم يعلمه الشارع سبحانك هذا
بهتان عظيم وجرم خطير وإثم مبين وضلال كبير.الوجه السابع :أن
في إقامة هذه البدعة تحريف لأصل من أصول الشريعة وهي محبة النبي صلى الله
عليه وسلم واتباعه ظاهرا وباطنا واختزالها في هذا المفهوم البدعي الضيق
الذي لا يتفق مع مقاصد الشرع المطهر إلى دروشة ورقص وطرب وهز للرؤوس لان
الذي يمارسون هذه البدعة يقولون إن هذا من الدلائل الظاهرة على محبته ومن
لم يفعلها فهو مبغض للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا لاشك تحريف لمعنى محبة الله ومحبة رسول لان محبة الله والرسول تكون باتباع سنته ظاهرا وباطنا كما قال جل وعلا: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ))
[آل عمران:31]. فالذي
يجعل المحبة بإقامة هذه الموالد محرف لشريعة الله التي تقول إن المحبة
الصحيحة تكون باتباعه صلى الله عليه وسلم، بل محو لحقيقة المحبة التي تقرب
من الله وجعلها في مثل هذه الطقوس التي تشابه ما عند النصارى في أعيادهم
وبهذا يعلم أنه ( ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنة ).الوجه الثامن : أن
هذا المولد فيه مشابهة واضحة لدين النصارى الذين يحتفلون بعيد ميلاد
المسيح وقد نهينا عن التشبه بهم كما قال صلى الله عليه وسلم: { ومن تشبه بقوم فهو منهم}
. الوجه التاسع: أن
فيه قدحا في من سبقنا من الصحابة ومن أتى بعدهم بأننا أكثر محبة للنبي صلى
الله عليه وسلم منهم، وأنهم لم يوفوه حقه من المحبة والاحترام لان فاعلي
المولد يقولون عن الذين لا يشاركونهم أنهم لا يحبون النبي صلى الله عليه
وسلم وهذه التهمة منصرفة إلى أصحابه الأطهار الذين فدوه بأرواحهم وبآبائهم
وأمهاتهم رضي الله عنهم وأرضاهم .الوجه العاشر :إن فاعل هذا المولد واقع فيما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته صراحة فقد قال صلى الله عليه وسلم: { لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم }
فقد نهى عن تجاوز الحد في إطرائه ومدحه وذكر أن هذا مما وقع فيه النصارى وكان سبب انحرافهم .وما
يفعل الآن من الموالد من أبرز مظاهر الإطراء وإذا لم يكن في الموالد-(
التي تنفق فيها الأموال الطائلة وتنشد فيها المدائح النبوية التي تشتمل على
أعظم أنواع الغلو فيه صلى الله عليه وسلم من إعطائه خصائص الربوبية كما
سوف يمر معنا)- إطراء ففي ماذا يكون الإطراء؟الوجه الحادي عشر :وبدعة
المولد النبوي مجاوزة في الحد المشروع، ومجاوزة في حد ما أمرنا به من محبة
النبي صلى الله عليه وسلم، ومجاوزة للحد المشروع في إقامة الأعياد فليس في
شرعنا للمسلمين إلا عيدان فقط ومن أتى بثالث فهو متجاوز للحد المشروع .الوجه الثاني عشر:أن
فعل المولد غلو مذموم في شخص النبي صلى الله عليه وسلم و من أعظم الذرائع
المؤدية للشرك الأكبر وهو الكفر المخرج من الملة لأن الغلو في الصالحين كان
سبب وقوع الأمم السابقة في الشرك وعبادة غير الله عز وجل.وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع الموصلة للشرك.وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم :{ إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو}^
وهذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال وإن كان سبب وروده
في لقط الجمار ونهيه عن لقط الكبار من الجمار لأنه نوع من الغلو في العبادة
ومجاوزة للحد المشروع .ومعلوم
إن سبب الشرك الذي وقع في بني آدم هو مجاوزة الحد والغلو في تعظيم
الصالحين فقد جاء في البخاري برقم ( 4920) عن ابن عباس" في قول الله تعالى:
(( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا
))[نوح:23] قال : {هذه
أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن
انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا
ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت }
.وقارن
بما حصل عند قوم نوح مع أنهم لم يصرفوا شيئا من العبادة في أول الأمر حتى
وقعوا في الشرك والسبب هذه التماثيل وهي مظهر من مظاهر الغلو وانظر ما حصل
ويحصل في الموالد فهو ليس من ذرائع الشرك فحسب؛ بل يحصل الشرك بعينه من
دعاء لغير الله عز وجل وإعطائه صلى الله عليه وسلم بعض خصائص الرب جل وعلا
كالتصرف في الكون وعلم الغيب ففي هذه الموالد يترنمون بالمدائح النبوية
وعلى رأسها بردة البوصيري الذي يقول:يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
ويقول أحمد بن محمد ابن الحاج السلمي:نور الهدى قد بدا في العرب والعجم سعد السعود علا في الحل والحرم
بمولد المصطفى أصل الوجود ومن لولاه لم تخرج الأكوان من عدم
فماذا
بقي لرب العباد إن هذا ليس شركا في الإلوهية بل هو شرك في الربوبية وهو
أعظم من شرك كفار قريش والعياذ بالله لأن كفار قريش كانوا يعتقدون أن
المتصرف في الكون هو الله عز وجل لا أصنامهم وهؤلاء يزعمون أن المتصرف في
الكون الذي بيده الدنيا والآخرة هو النبي صلى الله عليه وسلم .وانظر
إلى قوله: ( يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ) فهو يعتبر رسول الله هو
الملاذ وهو الذي يستغاث به ويدعوه عند الملمات وهذا هو عين شرك كفار قريش
الذي يعبدون الأوثان بل هم أحسن حالا منه فهم عند الشدائد يخلصون الدعاء
والعبادة والبوصيري عند الشدائد والملمات يدعوا غير الله .والموالد لا يمكن أن تقوم بغير أبيات البردة والله المستعان فهي الشعيرة والركيزة الأساسية في هذه الموالد البدعية.ولو لم يكن فيها إلا هذه المفسدة لكفى بها مبرراً لتحريمها والتحذير منها .وإن
زعم شخص انه سوف يخليه مما تقدم قلنا له المولد بحد ذاته هو مظهر من مظاهر
الغلو المذموم فضلا عما يحتويه من طوام عظيمة وبدعة في الدين محدثة لم
يشرعها ولم يأذن بها الله .الوجه الثالث عشر:أن
الفرح بهذا اليوم والنفقة فيه وإظهار الفرح والسرور فيه قدح في محبة العبد
لنبيه الكريم إذ هذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله
عليه وسلم فكيف يفرح فيه والله المستعان.وأما يوم مولده فمختلف فيه،فكيف تكون عبادة عظيمة تقرب إلى الله واليوم الذي يحتفل فيه غير مجزوم به.يقول
الحافظ في فتح الباري (شرح حديث برقم 3641 ):" قد أبدى بعضهم للبداءة
بالهجرة مناسبة فقال كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة
مولده ومبعثه وهجرته ووفاته فرجح عندهم جعلها من الهجرة لأن المولد والمبعث
لا يخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السنة وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه
لما توقع بذكره من الأسف عليه فانحصر في الهجرة"أ.هـ ويقول
ابن الحاج في المدخل (2/15):" ثم العجب العحيب كيف يعملون المولد للمغاني
والفرح والسرور لأجل مولده عليه الصلاة والسلام كما تقدم في هذا الشهر
الكريم وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل وفجعة
الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً فعلى هذا
كان يتعين البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به
......". اهـالوجه الرابع عشر:اشتمال
هذه الموالد على كثير من كبائر وعظائم الأمور والتي يرتع فيها أصحاب
الشهوات ويجدون فيها بغيتهم مثل: الطرب والغناء واختلاط الرجال بالنساء
ويصل الأمر في بعض البلدان التي يكثر فيها الجهل أن يشرب فيها الخمر وكذلك
إظهار ألوان من الشعوذة والسحر ومن يحضر هذه الأماكن بغير نية القربة فهو
آثم مأزور غير مأجور فكيف إذا انضم إليه فعل هذه المنكرات على أنها قربة
إلى الله عز وجل فأي تحريف لشعائر الدين أعظم من هذا التحريف.الوجه الخامس عشر:اشتماله على أنواع عظيمة من البذخ والتبذير وإضاعة الأموال وإنفاقها على غير أهلها.الوجه السادس عشر:أن
في هذه الموالد والتي كثرت وانتشرت حتى وصلت في بعض الأشهر أن يحتفلوا
بثمان وعشرين مولدا أن فيها من استنفاد الطاقات والجهود والأموال وإشغال
الأوقات وصرف للناس عن ما يكاد لهم من قبل أعدائهم فتصبح كل أيامهم رقص
وطرب وموالد فمتى يتفرغون لتعلم دينهم ومعرفة ما يخطط لهم من قبل أعدائهم
ولهذا لما جاء المستعمرون للبلاد الإسلامية حاولوا القضاء على كل معالم
الإسلام وصرف الناس عن دينهم ومحاولة إشاعة الرذيلة بينهم وما كان من
تصرفات المسلمين فيه مصلحة لهم وفت في عضد المسلمين وإضعاف لشانهم فإنهم
باركوه وشجعوه مثل الملاهي والمحرمات ونحوها ومن ذلك البدع المحدثة التي
تصرف الناس عن معالم الإسلام الحقيقية مثل بدعة المولد وغيرها من الموالد،
بل مثل هذه البدع من أسباب تخلف المسلمين وعدم تقدمهم على غيرهم .يقول
السيد رشيد رضا في المنار (2/74-76):" فالموالد أسواق الفسوق فيها خيام
للعواهر وخانات للخمور ومراقص يجتمع فيها الرجال لمشاهدة الراقصات
المتهتكات الكاسيات العاريات ومواضع أخرى لضروب من الفحش في القول والفعل
يقصد بها إضحاك الناس ....(إلى أن قال ): فلينظر الناظرون إلى أين وصل
المسلمون ببركة التصوف واعتقاد أهله بغير فهم ولا مراعاة شرع اتخذوا الشيوخ
أنداداً وصار يقصد بزيارة القبور والأضرحة قضاء الحوائج وشفاء المرضى وسعة
الرزق بعد أن كانت للعبرة وتذكرة القدوة وصارت الحكايات الملفقة ناسخة
فعلا لما ورد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على الخير
ونتيجة لذلك كله ؛ أن المسلمين رغبوا عما شرع الله إلى ما توهموا أنه يرضي
غيره ممن اتخذوهم أنداداً وصاروا كالإباحيين في الغالب فلا عجب إذا عم فيهم
الجهل واستحوذ عليهم الضعف وحرموا ما وعد الله المؤمنين من النصر لأنهم
انسلخوا من مجموع ما وصف الله به المؤمنين ولم يكن في القرن الأول شيء من
هذه التقاليد والأعمال التي نحن عليها بل ولا في الثاني ولا يشهد لهذه
البدع كتاب ولا سنة وإنما سرت إلينا بالتقليد أو العدوى من الأمم الأخرى،
إذ رأى قومنا عندهم أمثال هذه الاحتفالات فظنوا أنهم إذا عملوا مثلها يكون
لدينهم عظمة وشأن في نفوس تلك الأمم فهذا النوع من اتخاذ الأنداد كان من
أهم أسباب تأخر المسلمين وسقوطهم فيما سقطوا فيه ".أ.هـ
نابليون المستعمر الفرنسي يحي المولد ويدعمه:واسمع إلى ما يحدثنا به المؤرخ المصري الجبرتي في كتابيه عجائب الآثار(2/249،201) ومظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس ص47 تحدث
وذكر إن المستعمرين الفرنسيين عندما احتلوا مصر بقيادة نابليون بونابرت
انكمش الصوفية وأصحاب الموالد فقام نابليون وأمرهم بإحيائها ودعمها. قال
في مظهر التقديس :" وفيها (أي سنة 1213هـ في ربيع الأول ):سأل صاري العسكر
عن المولد النبوي ولماذا لم يعملوه كعادتهم فاعتذر الشيخ البكري بتوقف
الأحوال وتعطل الأمور وعدم المصروف فلم يقبل وقال (لابد من ذلك ) وأعطى
الشيخ البكري ثلاثمائة ريال فرانسة يستعين بها فعلقوا حبالا وقناديل واجتمع
الفرنسيس يوم المولد ولعبوا ودقوا طبولهم وأحرقوا حراقة في الليل وصواريخ
تصعد في الهواء ونفوطاً". ولعل سائلا يسأل: ما هدفهم من تأييد ودعم مثل هذه البدع وهذه الموالد؟ندع الجواب للمؤرخ الجبرتي المعاصر لهم حيث يقول في تاريخ عجائب الآثار(2/306):" ورخص الفرنساوية ذلك للناس لما رأوا فيه من الخروج عن الشرائع واجتماع النساء واتباع الشهوات والتلاهي وفعل المحرمات ".