قال الامام النووي رحمه الله تعالى في بستان العارفين:
روينا في صحيح البخاري رحمه الله قال قال عمار رضي الله عنه في هذه الكلمات ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان الانصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والانفاق في الاقتار.
قلت قد جمع رضي الله عنه في هذه الكلمات خيرات الآخرة والدنيا وعلى هذه مدار الاسلام لأن من أنصف من نفسه فيما لله تعالى وللخلق عليه ولنفسه من نصيحتها أو صيانتها فقد بلغ الغاية في الطاعة وقوله بذل السلام للعالم هو بفتح اللام يعني الناس والتكبر عليهم الارتفاع فوقهم يعني للناس كلهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) وهذه من أعظم مكارم الأخلاق. وهو متضمن للسلامة من العداوات والأحقاد واحتقار الناس والتكبر عليهم والارتفاع فوقهم وأما الانفاق من الاقتار فهو الغاية في الكرم وقد مدح الله سبحانه وتعالى على ذلك فقال تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وهذا عام في نفقة الرجل على عياله وضيفه والسائل منه وكل نفقة في طاعة الله عز وجل. وهو متضمن للتوكل على الله تعالى والاعتماد على سعة فضله والثقة بضمان الرزق. ويتضمن أيضا الزهد في الدنيا وعدم إدخار متاعها وترك الاهتمام بشأنها والتفاخر والتكاثر بها ويتضمن غير ما ذكرته من الخيرات.