ماذا تحتسبين في الإصلاح
بين الناس ؟
فلانة
لا تقصد ... إنها تودك كثيراً ... ولكن ربما خانها التعبير فلم تختر اللفظ
المناسب ... ولربما كانت في ذلك الوقت تعاني من ضغوط نفسية ... أو أن
مزاجها كان متعكراً ... لا أتوقع أبدا أنها تنوي الإساءة إليك ... ولعلها
الآن تتألم لما حدث ... كما أني متأكدة من طيبة قلبك وسعة صدرك ...
ثم
أن الناس – يا أخيتي – بيئات ..... ومجتمعات ....... وتربيات مختلفة وربما
لم يتح لها من التربية ما يكفي لأن يجعلها تتقن فن التعامل مع الآخرين !
فنشأت بهذه الطريقة وهي لا تحسن سواها لأن ذلك عسير عليها ، وقد لا يشعر
بما هي عليه من خطأ ! .
فاحمدي الله- عزيزتي – أن عافاك مما ابتلاها به ،
وأن سخر لك أسرة صالحة أحسنت تربيتك وعلمتك الأدب وطريقة التعامل مع الناس
. ... واعذريها فقد تكون محرومة من الخير الذي عندك فلا تؤاخذيها وسلي
الله العافية لك ولأختك المسلمة ، ولا تردي لها الإساءة بل عامليها بالحسنى
عسى أن تتأثر من أسلوبك في التعامل معها ، عسى أن تتعلم ويكون لك أجر
الإحسان إلى مسلمة...!
يا طيبة القلب ......
تأملي المثال السابق ولتتسع الصدور للإصلاح بين المتنازعين، وإنها والله لمهمة النفوس العظيمة التي تعمل بصمت وتحتسب :
الأجر العظيم ....
قال
الله تعالى : {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً
عَظِيماً} (النساء:114)
قال الله تعالى{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} (لأعراف:170).
أن
يرحمك الله، قال الله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ } (الحجرات:10) فإصلاحك بين المتنازعين سبب لأن يرحمك الله ،
لأنه سبحانه "رتب على القيام بالتقوى وبحقوق المؤمنين الرحمة فقال:
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وإذا حصلت الرحمة حصل خير الدنيا والآخرة، ودل
ذلك على أن عدم القيام بحقوق المؤمنين من أعظم حواجب الرحمة احتسبي أجر دفع
الضرر والأذى عن المسلمين فإن الخصومة بين المتنازعين يضرهما في الدنيا
والآخرة .
أجر الإحسان إلى المتنازعين بالإصلاح بينهما...
قال الله تعالى : {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ }(الاسراء: 7)
أن تحصلي على درجة أفضل من درجة نافلة الصلاة والصيام والصدقة...!
قال
صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟
قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة " . أي
تحلق الدين
أن يكون أجرك على الله .. ولك أن تتخيلي – عفواً – أقصد لن
تستطيعي أن تتخيلي عظم هذا الأجر فالأمر مطلق ومفتوح. قال تعالى: {
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ
فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (الشورى:40).
قال ابن شهاب :
" ولم اسمع يرخص في شيء مما
يقول الناس كذب إلا في ثلاث:
الحرب، والإصلاح بين الناس،
وحديث الرجل امرأته وحديث
المرأة زوجها ".
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي / 5 .
- أبو داود 4 (4919). والترمذي 4 (2509) واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح.
- البخاري ـــ الفتح 5 (353).