إن الله يدافع عن الذين ءامنوا )
إن المتأمل لحال هذة الامه يجد أن أعداء
الاسلام قد تجمعوا عليها من كل مكان مع أنهم فيما بينهم متفرقين وصدق قول
القائل حين قال (تفرق جمعهم إلا علينا وسرنا كالفريسة للذئاب)
فالواحد منا يتجرع الغصص ويحترق قلبه عندما يجد أن الدماء التى تسفك على
وجه البسيطة هى دماء المسلمين,وليس لهم ذنب إلا لانهم مسلمين يقولون ربنا
الله فأين حقوق الانسان؟
لا لا بل أين حقوق الحيوان تعلقت قطه بشجرة فى احدى بلاد الغرب فجاءت
الاسعاف وقامت الدنيا ولم تقعد من أجل هرة وهذا جميل ولكن السؤال هنا هل
دماء المسلمين أرخص من دماء الحيوانات فالدماء التى تسفك فى سوريا وفى
فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، والعالم يشاهد ولا يتحرك فما لهذا الصمت
العجيب قد طال ولكن ليس هذا مستغربا على بلاد الكفر) فالكفر كلة ملة واحدة )
ولكن العجيب أن يصدر هذا السكوت الموحش من بنى جلدتنا ممن يتكلمون
بألسنتنا ويدينون بديننا , لماذا لم تتحرك الدول العربية والاسلامية لنصرة
أخوانهم فى سوريا ,أما لهم قلوب ليشعروا بهم ويتألموا لالمهم و يهبوا
لنصرتهم أم قست قلوبهم فأصبحت كالحجارة وليت قلوبهم حجارة بل هى أشد فأين
الرجال الصادقين اللذين يبذلون الغالى والنفيس من أجل هذة الامة فلو علم
أعداء الاسلام أن للمسلمين دولة تذب عن أعراضهم وتحمى أطفالهم وتصون
مقدساتهم ما تجرؤا علينا وصدق قول النابغة الزبيانى حين قال( وتعدو الذئاب
على من لا كلب لهم وتتقى مربض المستثفر الحامى) لكن الله مع هولاء
المستضعفين فالله لايخذل عباده المؤمنين أبدا بل هوناصرهم ومؤيدهم ومدافع
عنهم
فهو القائل فى كتابة(إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لايحب كل خوان كفور) سورة الحج قال الطبرى فى تفسير هذة الاية :
(إن الله يدفع غائلة المشركين عن الذين أمنوا بالله وبرسوله ,(إن الله
لايحب كل خوان ) يخون الله فيخالف أمره ونهيه ويعصيه ويطيع الشيطان: (كفور)
يقول: جحود لنعمه عنده لايعرف لمنعمها حقه فيشكره عليها .
أه "تفسير الطبرى جامع البيان"
فمهما عظمت الخطوب وادلهمت الامور وكثر القتل فى المسلمين فالله سبحانه وتعالى لن يخذل عباده المؤمنين .
فأشد الساعات ظلاماً هى الساعة التى تسبق طلوع الفجر فالنصر للاسلام والمسلمين حق لا مرية فيه .
قال تعالى :(ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون)
سورة الصافات
وقال تعالى "إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك فى الأذلين * كتب الله لأغلبن أنا ورسلى إن الله قوى عزيز" سوره المجادلة
فالغلبة وعد من الله قد كتبه وقضاه ولكنه الاختبار ليميز الله الخبيث من
الطيب ويعلم الصادقين من الكاذبين وهى غربلة للصف حتى يظهر المؤمنون ويفتضح
أمر المنافقين.
قال تعالى "الم. أحسب الناسُ أن يُتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لايُفتنون *
ولقد فتنَّا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين"
وقال تعالى :"وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين." فالله سبحانه
وتعالى أرحم بعباده المؤمنين من الأم برضيعها ومع هذه المشاهد التى نراها
ونسمعها على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة من مذابح لأهل حمص وغيرها من
المدن السورية والتى يكاد القلب أن ينزف منها دماً فالنصر آت ولا محالة
فالصبر الصبر قال تعالى"فإن مع العسر يسرا.إن مع العسر يسرا" ففى هذه
الآيات نجد عسراً ويسرين ولن يغلب عسر يسرين .فلا يضر المجاهدين إيذاء
المشركين لهم ،عليهم أن لا يخضعوا ولا يركعوا فليمت الإنسان أسداً ولا يعش
ذليلاًُ مهاناً قال تعالى:" لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين
أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً.وإن تصبروا وتتقوا فإن
ذلك من عزم الأمور" سورة آل عمران
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال :كنت رديف النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا غلام – أو يا غليم - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ؟ فقلت : بلى ، فقال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ،تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، قد جف القلم بما هو كائن ، فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيءلم يقضه الله عليك لم يقدروا عليه ، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليكلم يقدروا عليه ، و اعلم أن في الصبر على ما تكرهه خيرا كثيرا ، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب ، و أن مع العسر يسرا . أخرجه ابن رجب فى نور الإقتباس3/91
إسناده حسن لا بأس به فالتمكين آت ولكن علينا بالصبر وأما عن هؤلاء
الطغاة الظالمين الذين يقتلون الرجال العزل والنساء الضعيفات والأطفال
الأبرياء فى بلاد الشام فإن الله قد أعد لهم العذاب الأليم فى الدنيا
والآخرة فالله يمهلهم ولا يهملهم وإمهال الله لهم حتى يزدادوا إثما
فيزدادوا عذاباً ً قال تعالى" ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خير
لأنفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين) سورة آل عمران وقال
تعالى : "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص
فيه الأبصار مهطعين مقنعى رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء" سورة
إبراهيم وفى الحديث " عن أبي موسى الأشعرى قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)قال : ثم قرأ:)وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(متفق عليه
ومن المعلوم أن كل ظالمٍ كثر ظلمه وإعتداؤه قرب هلاكه وفنائه
فعاقبة كل ظالم وخيمة ونهاية كل ظالم مهينة والله يمهل كل ظالم حتى يتوب
ويرجع ويأوب قبل ان يأتى يوم يندم فيه على مافعل وحينها لا ينفع الندم وكل
من يظلم الناس فاليعلم ان الله اقدر عليه من قدرته على غيره وكل صاحب منصب
وكل رئيس ووزير وملك وأميرفليعلم انها لو دامت لغيره ما وصلت اليه وليكن له
فيمن قبله عظة وعبرة ولقد نبه الله فى كتابه العزيز إلى ذلك المعنى فى
قوله تعالى"فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر
معطلة وقصرٍ مشيد.أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان
يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور"سورة
الحج
ويقول الشاعر
(لا تظلمن اذا ماكنت مقتدر الظلم ترجع عقباه الى الندم
تنام يا ظالم والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم)
ولقد وعد الله الذين آمنوا بالتمكين فى الأرض والسيادة على الناس ولن يكون هذا التمكين حتى يخرج من رحم الإبتلاء ولذلك سأل رجلٌ الشَّافعي - رحمه الله - فقال: يا أبا عبدالله، أيُّهما أفضل للرَّجُل: أن يُمكَّن، أم يُبتلى؟فقال الشَّافعي: "لا يمكَّن حتَّى يُبتلى، فإنَّ الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا - صلوات الله وسلامه عليْهم أجْمعين - فلمَّا صبروا، مكَّنهم الله".
وفى هذا الشأن يقول المتنبى: تُرِيدِينَ إِدْرَاكَ الْمَعَالِي رَخِيصَةً *** وَلا بُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْلِ
وللتمكين شروط وضعها الله كسنن كونية إن فعلت هذه السنن أثمرت النصر
والتمكين ومنها العبادة الصحيحة والبعد عن جميع أنواع الشرك وأقسامه
فالإنسان المتمسك بعقيدته منتصر ولو كان نصراً ظاهرياً فكيف إذا كان
المتمسك بعقيدته هو المسلم صاحب العقيدة الصحيحة فكيف تنتصر أمة ما زال
يسجد لأوليائها ويدعون من دون الله أم كيف تنتصر أمة تنتظر رزقها من عدوها
فى صورة معونات يعطونها باليمين ويأخذونها بالشمال فى صورة تنازلات عن
الدين وتدمير للأخلاق فلن يكون قرارنا من رأسنا حتى يكون قوتنا من فأسنا
وفى هذا يقول تعالى" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم
فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم
وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك
فأولئك هم الفاسقون"سورة النور
ومنها إقامة الصلاة: فلما فرضت الصلاة على الصحابة قالوا الآن قضيت حاجاتنا
فالصلاة صلة بين العبد وربه والتهاون فى الصلاة يجلب التذلل لغير الله ومن
صفات الممكنين فى الأرض أنهم يقيمون الصلاة قال تعالى " الذين إن مكناهم
فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله
عاقبة الأمور" سورة الحج
ولما بعث سعد ابن أبى وقاص إلى عمر بن الخطاب يطلب منه المدد نبهه إلى أننا
لا نغلب بعتادٍ ولا عدة وأوصاه أن يأمر الناس أن يحيوا الليل بقيام الليل
وهكذا كانت وصايا الملوك والأمراء الصالحين بالمحافظة على الصلاة فمن أهمية
الصلاة أن فرضها الله على المجاهدين أثناء القتال قال تعالى" وإذا كنت
فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا
فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم
وأسلحتهم )سورة النساء
ومنها إيتاء الزكاة:ولما كان الهدف من إيتاء الزكاة سد حاجات الفقراء
والمساكين والإنفاق على المجاهدين وكان الجهاد يحتاج إلى العتاد والعدة وجب
إنفاق المال وإيتائه وكان من فضله أن كان هذا الشرط من أسباب التمكين قال
تعالى"وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون"سورة النور
ومنها طاعة الرسول: ولما كانت طاعة الرسول من طاعة الله سبحانه وتعالى
كانت من أسباب التمكين قال تعالى"من يطع الرسول فقد أطاع الله "سورة النساء
وأدل دليل على أن طاعة النبى من أسباب التمكين والنصرة وعصيانه من أسباب
الهزيمة والحسرة ما جرى فى غزوة أحد عندما نزل الرماة من على الجبل وعصوا
أمر الرسول حلت بهم الهزيمة وقتل سبعين من صحابة رسول الله وفى فتح من
الفتوحات الإسلامية كاد الروم أن يهزموا المسلمين فى موقعة من المواقع
فذكرهم خالد بن الوليد رضى الله عنه بسنة السواك فكان من بركة طاعة النبى
وتنفيذ سنته أن ظن الروم أن المسلمين يسنون أسنانهم ليأكلوهم ففروا وتم
النصر للمسلمين.
ومنها نصرة الله:
قال تعالى" ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" سورة محمد
والسؤال هنا هل الله يحتاج إلى نصرنا له ؟للجواب على هذا السؤال أنقل ما
قاله الطبرى فى تفسير قوله تعالى" ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى
عزيز"سورة الحج
(يقول الطبرى:معنى هذا أى ليعينن الله من يقاتل فى سبيله لتكون كلمته
العليا على عدوه فنصر الله عبده معونته إياه ونصر العبد ربه جهاده فى سبيله
لتكون كلمته العليا، وقوله" إن الله لقوى عزيز" أى إن الله لقوى على نصر
من جاهد فى سبيله ،عزيز فى ملكه منيع فى سلطانه لايقهره قاهر، ولا يغلبه
غالب. كتاب جامع البيان
ومنها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: قال تعالى" ولتكن منكم أمة يدعون
إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" سورة آل
عمران
وفى هذا يقول الدكتور أحمد فريد: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو القطب
الأعظم فى الدين وهو المهم الذى ابتعث الله له النبيين أجمعين ولو طوى
بساطه ، وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة ، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة ،
وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد ، وخربت البلاد ،وهلك العباد،
ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد. كتاب البحر الرائق
فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من صفات النبيين والمرسلين ، وكذا من
صفات عباده المؤمنين فحرى بنا أن نتمثل بهم وأن نسير على نهجهم ، فنأمر
بالمعروف بمعروف ، وننهى عن المنكر بغير منكر.
فتلك هى أهم الأسباب والشروط للتمكين فى الأرض والخروج من ضيق المحنة إلى
سعة المنحة ولقد جعل الله لكل أسباب مسببات ولكل نتائج مقدمات فإن أخذنا
بالأسباب وفعلنا المقدمات حصلنا الثمرة المرجوة وهى المسببات والنتائج أما
إذا تقاعصنا لن يشفع لنا أننا من أمة النبى وللرد على الذين يشيعون نفاقهم
بين المؤمنين ويريدون أن يثبطوا ويضعفوا عزيمة المسلمين أقول لهم أبشروا
ولا بشرى لكم لن تنكس رايتنا أبداً يعنى أننا لن نهزم أبداً لأن الله هو
الذى تولى نصرنا قال تعالى"فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم"سورة البقرة
وقال تعالى إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها
ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون" سورة الأنفال