تاريخ التسجيل : 21/09/2011عدد المساهمات : 6050نقاط : 55909الجنس : العمر : 26
موضوع: استوقفتنى ايه ؟؟ 09/03/12, 03:02 pm
قد سمع الله قول خولة بنت ثعلبة التي تراجعت في شأن زوجها أوس بن الصامت, وفيما صدر عنه في حقها من الظِّهار، وهو قوله لها: "أنت عليَّ كظهر أمي"، أي: في حرمة النكاح، وهي تتضرع إلى الله تعالى; لتفريج كربتها، والله يسمع تخاطبكما ومراجعتكما. إن الله سميع لكل قول، بصير بكل شيء، لا تخفى عليه خافية.
الذين يُظاهرون منكم من نسائهم، فيقول الرجل منهم لزوجته: "أنت عليَّ كظهر أمي" -أي في حرمة النكاح- قد عصوا الله وخالفوا الشرع، ونساؤهم لَسْنَ في الحقيقة أمهاتهم, إنما هن زوجاتهم, ما أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم. وإن هؤلاء المظاهِرين ليقولون قولا كاذبًا فظيعًا لا تُعرف صحته. وإن الله لعفو غفور عمَّن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح.
والذين يحرِّمون نساءهم على أنفسهم بالمظاهَرة منهن, ثم يرجعون عن قولهم ويعزمون على وطء نسائهم، فعلى الزوج المظاهِر- والحالة هذه- كفارة التحريم، وهي عتق رقبة مؤمنة عبد أو أمة قبل أن يطأ زوجته التي ظاهر منها، ذلكم هو حكم الله فيمن ظاهر مِن زوجته توعظون به، أيها المؤمنون; لكي لا تقعوا في الظهار وقول الزور، وتُكَفِّروا إن وقعتم فيه، ولكي لا تعودوا إليه، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها.
فمن لم يجد رقبة يُعتقها، فالواجب عليه صيام شهرين متتاليين من قبل أن يطأ زوجه, فمن لم يستطع صيام الشهرين لعذر شرعي, فعليه أن يطعم ستين مسكينًا ما يشبعهم، ذلك الذي بينَّاه لكم من أحكام الظهار; من أجل أن تصدِّقوا بالله وتتبعوا رسوله وتعملوا بما شرعه الله, وتتركوا ما كنتم عليه في جاهليتكم, وتلك الأحكام المذكورة هي أوامر الله وحدوده فلا تتجاوزوها, وللجاحدين بها عذاب موجع.
أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الغازي، قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن المثنى قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أحمد بن أبي عبيدة قال: حدثنا أبي، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة قال: قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا رسول الله أبلى شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهمَّ إني أشكو إليك. قال: فما برحت حتى نـزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي محمد المزني، عن مطير، عن أبي كريب، عن محمد بن أبي عبيدة.
أخبرنا أبو بكر بن الحـارث قال: أخبرنا أبو الشيخ الحـافظ الأصفهاني قال: أخبرنا عبدان بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد. قال: أخبرنا يحيى بن عيسى الرملي قال: أخبرنا الأعمش عن تميم بن سلمة، عن عروة: عن عائشة قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها، لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في جانب البيت لا أدري ما تقول، فأنـزل الله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا .
1- وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ أي تشكو. يقال: اشتكيْت ما بي وشكوْته.
ثم تبع هذا كلُّ ما كان من الأم محرمًا على الابن أن يطأه:
كالبطن والفَخْذِ وأشباهِ ذلك.
وقوله: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ؛ يتوهم قوم: أن الظِّهار لا يُحسب ولا يقع حتى يتكرر اللفظ به؛ لقول الله تعالى: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا وقد أجمع الناس على أن الظِّهار يقع بلفظ واحد.
فأمَّا تأويلُ قوله: ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ؛ فإن أهل الجاهليَّة كانوا يطلِّقون بالظِّهار؛ فجعل الله حُكمَ الظِّهار في الإسلام خلافَ حكمه عندهم في الجاهلية؛ وأنـزل: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ في الجاهلية ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا [لما] كانوا يقولونه من هذا الكلام .
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أي عتقُها
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا .
آ:1 "التي" اسم موصول مضاف إليه، جملة "وتشتكي" معطوفة على جملة "تجادلك"، جملة "والله يسمع" معطوفة على جملة "قد سمع الله".
آ:2 "الذين" مبتدأ، الجار "منكم" متعلق بحال من الواو، الجار "من نسائهم" متعلق بـ "يظاهرون"، جملة "ما هن أمهاتهم" خبر المبتدأ "الذين"، و"ما" نافية تعمل عمل ليس، "إن" نافية، "اللائي" خبر "أمهاتهم"، جملة "إن أمهاتهم إلا اللائي" مستأنفة، وجملة "وإنهم ليقولون" معطوفة على المستأنفة.