شرح معنى سبحان الله وبحمده مع ذكر أحاديث تبين فضل هذ الذكر العظيم
أولا : أحاديث شريفة تبيّن فضل ( سبحان الله وبحمده )
1- قال صلى الله عليه وسلم (من هاله الليل أن يكابده ، أو بخل بالمال أن ينفقه ، أو جبن عن العدو أن يقاتله ، فليكثر من ( سبحان الله وبحمده ) ؛ فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل)
[الألباني-صحيح لغيره]
2- قال صلى الله عليه وسلم (من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة : لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به ، إلا أحد قال مثل ما قال ، أو زاد عليه)
[صححه الألباني]
3- قال صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
[صححه الألباني]
4- قال صلى الله عليه وسلم (من قال : سبحان الله وبحمده ؛ غرست له نخلة في الجنة)
[الألباني-صحيح لغيره]
5- سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل ؟ قال : (ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده : سبحان الله وبحمده)
[رواه مسلم]
6- عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله , قلت يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله , فقال إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده)
[رواه مسلم]
7- قال صلى الله عليه وسلم (إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد : سبحانك اللهم و بحمدك ، و تبارك اسمك ، و تعالى جدك ، و لا إله غيرك . و إن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل للرجل : إتق الله ، فيقول عليك بنفسك)
[صححه الألباني]
8- عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية وكان اسمها برة فحول اسمها فخرج وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها فقال لم تزالي في مصلاك هذا قالت نعم قال (قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته)
[صححه الألباني]
9- قال صلى الله عليه وسلم (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)
[صححه الألباني]
10- عن سليمان بن يسار رضي الله عنه عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (قال نوح لابنه إني موصيك بوصية وقاصرها لكي لا تنساها أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين أما اللتان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وصالح خلقه وهما يكثران الولوج على الله أوصيك بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض لو كانتا حلقة قصمتهما ولو كانتا في كفة وزنتهما وأوصيك بـ سبحان الله وبحمده فإنهما صلاة الخلق وبهما يرزق الخلق { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا } وأما اللتان أنهاك عنهما فيحتجب الله منهما وصالح خلقه أنهاك عن الشرك والكبر ))
[صححه الألباني]
11- قال صلى الله عليه وسلم (من قال حين يأوي إلى فراشه : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لاحول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ، سبحان الله وبحمده ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ؛ غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)
[صححه الألباني]
12- قال صلى الله عليه وسلم من قال : (سبحان الله وبحمده ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ) . فقالها في مجلس ذكر كان كالطابع يطبع عليه ، ومن قالها في مجلس لغو كان كفارة له)
[صححه الألباني]
13- قال صلى الله عليه وسلم (من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه : سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك ، كتب في رق ، ثم جعل في طابع ، فلم يكسر إلى يوم القيامة)
[صححه الألباني]
----------------------------------------
ثانيا : ما هو معنى ( سبحان الله وبحمده ) ؟
أولا :
كلمة التسبيح " سبحان الله " تتضمن أصلا عظيما من أصول التوحيد ، وركنا أساسيا من أركان الإيمان بالله عز وجل ، وهو تنزيهه سبحانه وتعالى عن العيب ، والنقص ، والأوهام الفاسدة ، والظنون الكاذبة .
وأصلها اللغوي يدل على هذا المعنى ، فهي مأخوذة من " السَّبْح " : وهو البُعد :
يقول العلامة ابن فارس : " العرب تقول : سبحان مِن كذا ، أي ما أبعدَه . قال الأعشى :
سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخِر أقولُ لمّا جاءني فخرُهُ
وقال قوم : تأويلُهُ عجباً له إِذَا يَفْخَر . وهذا قريبٌ من ذاك ؛ لأنَّه تبعيدٌ له من الفَخْر " انتهى.
"معجم مقاييس اللغة" (3/96)
فتسبيح الله عز وجل إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن به نقصا ، أو تنسب إليه شرا ، وتنزيهه عن كل عيب نسبه إليه المشركون والملحدون .
وبهذا المعنى جاء السياق القرآني :
قال تعالى : ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون/91
( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ . سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الصافات/158-159
( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الحشر/23
ومنه أيضا ما رواه الإمام أحمد في "المسند" (5/384) عن حذيفة رضي الله عنه – في وصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل - قال : ( وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّحَ ) صححه الألباني في صحيح الجامع (4782) ومحققو المسند .
وقد روى الإمام الطبراني في كتابه "الدعاء" مجموعة من الآثار في تفسير هذه الكلمة ، جمعها في باب : " تفسير التسبيح " (ص/498-500) ، ومما جاء فيه :
عن ابن عباس رضي الله عنهما :
" سبحان الله " : تنزيه الله عز وجل عن كل سوء .
وعن يزيد بن الأصم قال :
جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال :
" لا إله إلا الله " نعرفها : لا إله غيره ، و " الحمد لله " نعرفها : أن النعم كلها منه ، وهو المحمود عليها ، و " الله أكبر " نعرفها : لا شي أكبر منه ، فما " سبحان الله " ؟
قال : كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه ، وأمر بها ملائكته ، وفزع لها الأخيار من خلقه .
وعن عبد الله بن بريدة يحدث أن رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن " سبحان الله " ، فقال : تعظيم جلال الله .
وعن مجاهد قال :
التسبيح : انكفاف الله من كل سوء .
وعن ميمون بن مهران قال :
" سبحان الله " : تعظيم الله اسم يعظم الله به .
وعن الحسن قال :
" سبحان الله " : اسم ممنوع لم يستطع أحد من الخلق أن ينتحله .
وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى :
" سبحان الله " : تنزيه الله وتبرئته .
وقال الطبراني : حدثنا الفضل بن الحباب قال : سمعت ابن عائشة يقول :
العرب إذا أنكرت الشيء وأعظمته قالت : " سبحان " ، فكأنه تنزيه الله عز وجل عن كل سوء لا ينبغي أن يوصف بغير صفته ، ونصبته على معنى تسبيحا لله .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء ، وإثبات صفات الكمال له ، فإن التسبيح يقتضي التنزيه ، والتعظيم ، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها ، فيقتضي ذلك تنزيهه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتوحيده " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (16/125)
ثانيا :
أما معنى ( وبحمده ) فهي - باختصار – تعني الجمع بين التسبيح والحمد ، إما على وجه الحال ، أو على وجه العطف ، والتقدير : أسبح الله تعالى حال كوني حامدا له ، أو أسبح الله تعالى وأحمده .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( وبحمده )
قيل : الواو للحال ، والتقدير : أسبح الله متلبسا بحمدي له [أي : محافظا ومستمسكا] من أجل توفيقه.
وقيل : عاطفة ، والتقدير : أسبح الله وأتلبس بحمده ...
ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم ، والتقدير : وأثني عليه بحمده ، فيكون سبحان الله جملة مستقلة ، وبحمده جملة أخرى .
وقال الخطابي في حديث : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ) أي : بقوتك التي هي نعمة توجب علي حمدك ، سبحتك ، لا بحولي وبقوتي ، كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبب " انتهى.
"فتح الباري" (13/541) ، وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير (1/457)