الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :
فهذه مجموعة مواعظ و قصص خفيفة
ظريفة لا يُحرم قارئها - إن شاء الله - من الوقوف على حكمة عالية أو مُلحة
غالية ، فضلاً على أنها قصص يستروح بها القلب ، و تستجم بها النفس ، و تفتح
باب تأمل العبد في إعجاز الله في خلقه ، إستللتها من كتيب " مُتعة
الأذكياء " للشيخ الفاضل عبد السلام بن عبد الكريم حفظه الله ، و الذي إختصر فيه كتاب " الأجوبة المُسكتة " لابن ابي عون عفا الله عنه .
- قال رجل من أهل الحجاز لابن شُبرمُة : من عندنا خرج العلم ، قال نعم : ثم لم يعد اليكم .
- سمع رجل رجلاً يقول : أين الزاهدون في الدنيا و الراغبون في الآخرة ؟ قال : إقلب كلامك و ضع يدك على من شئت .
- قال
عبيد الله بن زياد لمسلم بن عقيل : و الله لأقتلنك قِتلة يُتحدث بها بعدي ،
فقال مسلم : أشهد أنك لا تدع سوء القتلة و لؤم القدرة لأحد أولى بهما منك .
- قال معاوية لعمرو : ما بلغ دهائك ؟ قال : لم أدخل في شئ قط إلا خرجت منه . قال معاوية : لكنني لا أدخل في شئ أريد الخروج منه .
- عزى رجل عمر بن عبد العزيز ، عن ابنه عبد الملك ، فقال : ان هذا الأمر لم نزل نتوقعه ، فلما حلَّ لم ننكره .
- شتم رجل رجلاً فقال المشتوم : انا لا أدخل في حربٍ الغالب فيها شر من المغلوب .
- قيل لابن عمر : ان المختار يزعم أنه يوحى اليه . قال : صدق (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ... ) ( الأنعام : 121 ) .
- قال رجل للأحنف : أخبرني الثقة عنك بسوء . فقال الأحنف : الثقة لا يَنُمُّ .
- قال أبو العتاهية لرجل : أعرني كذا . قال : أكره أن يضيع . فقال : أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره .
- سمع
عبد الملك بن مروان عبد الله بن يزيد بن معاوية يتكلم فلحن ، فقال : هذا
خليفة ابن خليفة ابن خليفة ، فقال عبد الله : ابنك الوليد يلحن . فقال :
أخوه سليمان لا يلحن ، فقال عبد الله : أخي خالد لا يلحن .
- جاء
رجل يطلب الشعبي في منزله ، فقيل له : قد خرج مع إمرأة الى المسجد ، فجاء
فوجدهما في الطريق ، فقال : أيكما الشعبي ؟ فقال الشعبي و أشار الى المرأة :
هذه .
- دعى
المنصور قوماً ليوليهم القضاء ، فكان فيهم صاحب مسجد ابن رغبان ، و كان في
وجهه سجادة عظيمة - أثر السجود في الوجه - ، فلما رآه قال له : و الله لئن
كنت أردت الله بهذا فما ينبغي لنا أن نصدك عنه ، و لئن كنت أردتنا بهذا
فينبغي لنا أن نَحْذرَك .
- قيل لعلي رضى الله عنه : كيف يُحاسب الله العباد على كثرة عددهم ؟ قال : كما يرزقهم على كثرة عددهم .
- لما
فرغ علي رضى الله عنه من دفن رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل عن خبر
السقيفة ، فقيل له : إن الأنصار قالت : منا أمير و منكم أمير ، فقال : هل
ذكرت الأنصار حديث النبي صلى الله عليه و سلم ( يُقبل من مُحسنهم و يُتجاوز
عن مسيئهم ) رواه البخاري ، فكيف يكون الأمر لهم و الوصاة بهم ؟
- قال رجل للأعمش : كيف بتَّ يا أبا محمد ؟ فدخل و أخرج معه مخدته و مضربته و وضع رأسه عليهما و قال : كذا بتُّ .
- أُتي عمر بلصٍّ فأمر بقطع يده ، فقال : يا ويله ما سرق قبلها ، فقال عمر : كذبت ، ما كان الله عز و جل يأخذ عبداً عند أول ذنب .
- قيل لسفيان : ما الزهد ؟ قال : الزهد في النفس .
- كان
للضحاك صديق من النصارى ، فقال له ما يمنعك من الإسلام ؟ قال : حبي للخمر ،
قال : فاسلم و إشربها . فأسلم ، فقال له الضحاك : يا هذا ، إنك قد أسلمت ،
فإن شربتها حددناك ، و إن رجعت عن الإسلام قتلناك ، فحسُن إسلامه .
- قال رجل لشاعر : بأي وجه تلقاني و قد هجرتني ؟ قال : بالوجه الذي ألقى به ربي يوم القيامة مع كثرة ذنوبي .
- سمع عبد الملك صوت الرعد ففزع ، فقال له عمر بن عبد العزيز : هذا حِسُّ رضا الله ، فكيف ترى حِسَّ غضبه .
- قيل لرجل : إن نرى بعض الناس يقول فيك سوءاً و لا نراك تقولُ فيهم إلا خيراً . فقال : إنما أُعطيهم مما عندي .
- قال رجل لابن سيرين : إني وقعت فيك فإجعلني في حِل ، فقال : ما أحب أن أحل ما حرم الله عليك .
- تكلم رجل في مجلس فخلط ، فقال رجل لغلام له : أنت حر يا غلام ، فقال له الرجل : ما سبب عتق هذا الغلام ؟ قال : إذ لم أُخلق مثلك .
- قيل لزُرعة بن ضمرة الهلالي : متى عَقَلْت ؟ قال : يوم ولدت مُنِعْتُ الثدى فبكيت ، و أعطيته فسكت .
- قال
عمر بن الخطاب لأبي مريم السلولي : و الله لا أُحبك حتى تحب الأرض الدم ،
فقال : افتمنعني بذلك حقاً ؟ قال : لا ، قال : فلا ضير ، إنما يأسى على
الحب النساء .
- قيل للخليل بن احمد : من الزاهد ؟ قال : من لا يطلب المفقود حتى يذهب الموجود .
- و قال إبن الكواء لعلي رضى الله عنه : كم بين السماء و الأرض ؟ قال : دعوة مستجابة .
- قيل
لإياس بن معاوية : ما فيك عيب غير أنك تُكثر الكلام و تُعجب بنفسك ، و
تقعُد حيث وجدت . فقال : أما الكلام فحسن ما أقول ؟ قال : نعم . قال :
فكلما كُثر من الحسن كان خيراً . و أما القعود حيث وجدت فحيث قعدت كنت . و
أما الإعجاب فلا أكذبك إذا أضفت نفسي الى أمثالك أعجبتني .
- مرض الأعمش ، فعاده رجل فأطال عنده ، ثم قال له : يا أبا محمد ، ما أشد ما مر بك في علتك هذه ، قال : قعودك عندي .
- لما أُخرج سُقراط ليُقتل بكت إمرأته ، فقال لها : ما يُبكيك ؟ قالت : لأنك تُقتل مظلوماً ، قال : أفكنتِ تحبين أن أُقتل ظالماً ؟
- قال رجل لسلمان : إني لا أستطيع قيام الليل . قال : فلا تعجز بالنهار .
- قيل لبعض الزهاد : ما تقول في صلاة الليل ؟ قال : خَفِ الله بالنهار و نَمْ بالليل .
- شتم رجل بعض الزهاد ؟ قال : هي صحيفتك : فأمْلِ فيها ما شئت .
- شكا رجل كثرة عياله الى بعض الزهاد ، فقال : أنظر من كان عيالك ليس رزقه على الله فحوله الى منزلي .
- قال رجل لأمة معها طبق مُغطى : ما في الطبق ؟ قالت : فلِمَ غطيناه إذن ؟!
- قال موسى بن اسباط لرجل : ابن عمك فلان لو كان كنت تُكفنه ؟ قال : نعم . قال : فغنه عريان فاكْسُه .
- رمى المتوكل عصفوراً فأخطأه ، فقال ابن حمدون : أحسنت و الله يا سيدي ، قال : هو ذا تهزأ بي ! كيف أحسنت ؟ قال : الى العصفور .
- اتى
أبو موسى المكفوف مؤدبُ الحسن بن رجاءً نخاساً ، فقال له : اُطلب لي
حماراً ليس بالصغير المُحتقر ، و لا بالكبير المشتهر ، إن خلا الطريق تدفق ،
و إن كثر الزحام ترفَّق ، لا يصدم بي السواري ، و لا يُدخلني تحت البواري ،
إن أكثرت علفه شكر ، و إن أقللته صبر ، إن حركته هام ، و إن ركبه غيري قام
، قال النخاس : يا عبد الله ، إصبر قليلاً ، فإن مُسخ القاضي حماراً أصبتُ
حاجتك .
و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم .
جمع و ترتيب
وليد بن سعد