يُعد
أعظم من فسر القرآن الكريم في العصر الحديث، واتفق الكثيرين على كونه إمام
هذا العصر حيث لُقب بإمام الدعاة لقدرته على تفسير أي مسألة دينية بمنتهى
السهولة والبساطة، علاوة على مجهوداته في مجال الدعوة الإسلامية، وقد كان
تركيزه على النقاط الإيمانية في تفسيره ما جعله يقترب من قلوب الناس،
وبخاصة وأن أسلوبه يناسب جميع المستويات والثقافات.. فكان أشهر من فسر
القرآن في عصرنا.
وُلد فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في 5
أبريل1911، بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية وحفظ القرآن
الكريم في الحادية عشرة من عمره.
التحق الشيخ الشعراوي بمعهد
الزقازيق الابتدائي الأزهري في عام 1926، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه
للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية
عام 1932، ودخل المعهد الثانوي وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة
خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيساً لاتحاد الطلبة، ورئيساً لجمعية الأدباء
بالزقازيق.
كانت نقطة التحول في حياة إمام الدعاة، عندما أراد له
والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، فما كان من الشيخ إلا أن اشترط على
والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن
والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده
بعودته إلى القرية، غير أن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب
قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني
آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم. فما كان أمام الشيخ إلا أن
يطيع والده، ويتحدى رغبته في العودة إلى القرية، فأخذ يغترف من العلم،
ويلتهم منه كل ما تقع عليه عيناه.
وفي عام 1937 التحق الشعراوي
بكلية اللغة العربية، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة
1919 اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن
سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيداً عن قلعة
الأزهر الشامخة في القاهرة، فكان الشيخ يزحف هو وزملائه إلى ساحات الأزهر
وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيساً
لاتحاد الطلبة سنة 1934.
تخرج الشيخ عام 1940، وحصل على العالمية
مع إجازة التدريس عام 1943، وبعد تخرجه عُين في المعهد الديني بطنطا، ثم
انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية
وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام
1950 ليعمل أستاذاً للشريعة بجامعة أم القرى، غير أنه اُضطر أن يدرِّس
مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة
إلا أن الشيخ استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت
استحسان وتقدير الجميع. في نوفمبر 1976 اختار السيد ممدوح سالم رئيس
الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف
وشئون الأزهر، فظل في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978، بعد أن ترك بصمة طيبة
على جبين الحياة الاقتصادية في مصر، فهو أول من أصدر قراراً وزارياً
بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو (بنك فيصل) بالرغم من أن هذا من
اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على
ذلك.
في عام 1987، اُختير فضيلته عضواً بمجمع اللغة العربية
(مجمع الخالدين). وقرَّظه زملاؤه بما يليق به من كلمات، وجاء انضمامه بعد
حصوله على أغلبية الأصوات (40عضواً).
مُنح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لبلوغه سن التقاعد في 15 أبريل1976، قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر.
ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى مرتان الأولى عام 1983، والثانية عام 1988، وكذلك وسام في يوم الدعاة.
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية.
اختارته
رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضواً بالهيئة التأسيسية لمؤتمر
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة،
وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية
والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
جعلته محافظة
الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989، والذي تعقده كل عام لتكريم
أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية
وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً، ودولياً،
ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.
لإمام الدعاة الشيخ الشعراوي عدد من
المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، أشهرها وأعظمها تفسيره
للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات:
الإسراء والمعراج ـ أسرار بسم
الله الرحمن الرحيم ـ الإسلام والفكر المعاصر ـ الإسلام والمرأة، عقيدة
ومنهج ـ الشورى والتشريع في الإسلام ـ الصلاة وأركان الإسلام ـ الطريق إلى
الله ـ الفتاوى ـ لبيك اللهم لبيك ـ 100 سؤال وجواب في الفقه الإسلامي ـ
المرأة كما أرادها الله ـ معجزة القرآن ـ من فيض القرآن ـ نظرات في القرآن
ـ على مائدة الفكر الإسلامي ـ القضاء والقدر ـ هذا هو الإسلام ـ المنتخب
في تفسير القرآن الكريم.
وفي فجر يوم 17يونيو 1998 انتقل الشيخ الإمام محمد متولي الشعراوي إلى جوار ربه