أيها الانسان
: يامن مل من الحياة ، وسئم العيش ، وضاق ذرعاً بالأيام ، وذاق الغصص ،
ان هناك فتحاً مبيناً ، ونصراً قريباً ، وفرجاً بعد شدة ، ويسراً بعد
عسرٍ ،
ان هناك لطفاً خفياً من بين يديك ومن خلفك ، وان هناك املاً مشرقاً ،
ومستقبلاً حافلاً ، ووعداً صادقاً ، قال تعالى ( وَعٌدَ آللهِ لاَ يُخلِفُ
آللهُ وَعٌدَهُ ) ان لضيقك فرجاً وكشفاً ، ولمصيبتك زوال ، وان هناك
انساً وروحاً وندىً وطلاً وظلاً ، قال تعالى ( آلٌحَمٌدُ لِلهِ آلَّذِيٓ
أَذٌهَبَ عَنَّا آلٌحَزَنَ ) ،
أيها الانسان
: آنَ ان تداوي شكك باليقين ، والتواء ضميرك بالحق ، وعوج الأفكار
بالهدى ، واضطراب المسيرةِ بالرشد ، آنَ ان تقشع عنك غياهب الظلام بوجه
الفجر الصادق ، ومرارة الاسى بحلاوة الرضا ، وحنادس الفتن بنورٍ يلقفُ ما
يأفكون ،
أيها الناس : إن وراء بيدائكم القاحله ارضاً مطمئنةً ، يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ،
وان على راس جبل المشقه والضنى والإجهاد ، جنةً أصابها وابلٌ ، فهي ممرعةٌ ،
فإن لم يصبها وابلٌ ، فطل من البشرى والفأل الحسن ، والامل المنشود .
يا
من اصابه الأرق ، وصرخ في وجه الليل : الا ايها الليل الطويل الا انجلِ ،
أبشر بالصبح ، قال تعالى ( أَلَيٌسَ آلصُّبٌحُ بِقَرِيبٍ ) ، صبحٌ يملؤك
نوراً وحبوراً وسروراً .
يامن اذهب لبه الهم : رويدك ، فإن لك من افق الغيب فرجاً ، ولك من السنن الثابتة الصادقة فُسحةً .
يا من ملأت عينك بالدمع : كفكف دموعك ، وأرح مقلتيك ، اهدأ فإن لك من خالق الوجود ولايةً ، وعليك من لطفه رعايةً ، اطمئن ايها
العبد ، فقد فرغ من القضاء ، ووقع الاختيار ، وحصل اللطف ، وذهب ظمأ
المشقة ، وابتلت عروق الجهد ، وثبت الأجر عند من يخيبُ من لديه السعى .
اطمئن : فإنك تتعامل مع غالبٍ على أمره ، لطيفٍ بعباده ، رحيمٍ بخلقه ، حسن الصنع في تدبيره .
اطمئن : فإن العواقب حسنة ، والنتائج مريحةٌ ، والخاتمةٌ كريمةٌ ، بعد
الفقر غنى ، وبعد الظمأ ري ، وبعد الفراق اجتماع ، وبعد الهجر وصل ، وبعد
الانقطاع اتصال ، وبعد السهاد نوم هادئ ، قال تعالى ( لَا تَدٌرِى لَعَلَ
اٌللهَ يُحٌدِثُ بَعٌدَ ذَلِكَ أَمٌراً ) .
إيها المعذبون في الارض ، بالجوع والضنك والضنى والالم والفقر والمرض ،
ابشروا ، فإنكم سوف تشبعون وتسعدون ، وتفرحون وتصحون ، قال تعالى (
وَآٌلَّيٌلِ إِذٌ أًدْبَرَ وَاٌلصُّبٌحِ إِذَآ أَسٌفَرَ)
وحق على العبد ان بظن بربه خيراً ، وان ينتظر منه فضلاً ، وان يرجو من
مولاه لطفاً ، فإن من أمره في كلمة ( كن ) ، جدير ان يوثق بموعوده ، وان
يتعلق بمعهوده ، فلا يجلب النفع الا هو ، ولا يدفع الضر الا هو ، وله في
كل نفس لطف ، وفي كل حركه حكمه ، وفي كل ساعه فرج ، جعل بعد الليل
صباحاً ، وبعد القحط غيثاً ، ويعطي ليُشكر ، ويبتلي ليعلم من يصبر ،
يمنح النعماء ليسمح الثناء ، ويسلط البلاء ليرفع اليه الدعاء ، فحري
بالعيد ان يقوي معه الاتصال ، ويمد اليه الحبال ، ويكثر السؤال ، قال
تعالى ( وَسٌئَلُواْ اٌللهَ مِن فَضٌلِهِ) ، ( اٌدعُواْ رَبَّكُمٌ
تَضَرُّعاً وَخُفٌيَةً ) .
انقطع العلاءُ بن الحضرمي ببعض الصحابه في الصحراء ، ونفد ماؤهم ، واشرفوا
على الموت ، فنادى العلاء ربه القريب ، وسال الهاً سميعاً مجيباً ، وهتف
بقوله : ياعلي ، يا عظيم ، ياحكيم ، ياحليم ، فنزل الغيث في تلك الحضه
اللحضه ، فشربوا وتوضؤوا ، واغتسلوا وسقوا دوابرهم ، قال تعالى ( وَهُوَ
اٌلَّذِي يُنَزِلُٰ اٌلغَيٌثَ مِن بَعدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ
رَحٌمَتَهُ وَهُوَ الٌوَلِيُّ الٌحَمِيدُ)