النداء الرباني لأهل الجنة
التعارف الربانى
بسم الله الرحمن الرحيم
خاطرة:استوقفني حديثٌ عن ربِّ العزة والجلال ، يرويه نبي الرحمة وصاحب الذوق
الرفيع،ذلك النبي الشفيع ، جميل الخصال، سيِّدنا محمد - صلَّى الله عليه
وسلَّم -:
نصه ما يلي:
عن أبي سعيد - رضي الله عنه - عن رسولِ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إنَّ الله - تعالى - يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبَّيك
يا ربَّنا وسعديك ، فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد
أعطيتنا مما لَمْ تعطِ أحدًا من خلقك ؟! فيقولُ : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟
فيقولون: يا ربِّ ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحِلُّ عليكم رضواني
فلا أسخط عليكم بعده أبدًا )).
الله الله ، يا أهلَ الجنة !حَدّثونا عنكم ، ما قصَّتكم ، شوَّقتمونا كثيرًا ؟فهل يا تُرى ؟!!1-
فهل يا ترى ، كنتم ممَّن هُم - في الدنيا - أهل الخير والصدق والأخلاق الحسنة ؟
2-
أم يا ترى ، كنتم ممن هم - فيها - مصابيح هدًى ، ولآلئ نور ، ومصدر استقرار تصنعون الخير ليلَ نهار ؟
3-
فهل يا ترى ، كنتم ممن هم - في الدنيا - حملة قلوب نقيَّة، لا حقد فيها ولا حسد ولا بغض ؟
4-
أم يا ترى ، كنتم فيها ممن يتصدَّقون عند
المقدرة ، وكانت أعينُكم تفيض حزنًا إذا لم يُسعفكم النصيب أن تتصدَّقوا
وتنفقوا بسبب عَوَزكم وقلَّة مالِكم ؟
5-
فهل يا ترى ، كنتم ممن كانوا لله محبِّين ، ولرسوله متَّبعين ، ولآلِه وصحابتِه محترِمين ، وعلى خُطاهم سائرين ؟
6-
أم يا ترى ، كنتم ممن أتعبوا أقدامهم بين يدي
الله في الليل واقفين، وبِجِباههم على الأرض ساجدين ، ولأيديهم رافعين
متضرِّعين ، وبالسماء مُتعلِّقين ، وللدُّنيا مُطلِّقين .
7
- فهل يا ترى ، كنتم ممن كانوا - في الدنيا –
صابرين ، وابتغاء أجر ومرضاتِ ربهم محتسبين ، وإلى جيرانِهم محسنين ،
وبأخلاقهم متميِّزين ، ولدِينهم ناصرين عاملين ، ولنهضة أمَّتهم صانعين،
ولمن حولهم مُسْعِدين ؟
رضوانٌ ربَّانيٌّ ، لا سخَطَ بعده !
ما أعظمَ ذلك الرِّضوان ! وهذه الخصوصيَّةَ الربَّانية !
1.
ما أعظمَه ؛ لأن المانحَ له والمتكرِّم به هو الخالقُ المعبود ، صاحب الكرم ، وعظيم الجود !
2.
ما أعظمَه ؛ لأن المانح له والمتكرِّم به هو
من كتب على نفسه الرحمةَ لعباده ؛ فكان رحيمًا ، بل واسعَ الرحمة ، بل
زادتْ عن ذلك ووسِعت رحمتُه كلَّ شيء !
3.
ما أعظمه ؛ لأن المُكافَئين به هم أهلُ الجنة !
4.
ما أعظمه ؛ لأنه رضوانٌ من ربٍّ راضٍ ، عظيم
كريم ، كتبَ على نفسه الكرم والعدل ، الكريم والعدل اسمين من أسمائه ، وجعل
الكرَم والعدل وصفًا من أوصاف ذاتِهِ سبحانه !
5.
ما أعظمَه ؛ فالحمد لك يا كريمُ ، فما أكرمَك
، ويا عادلُ ، فما أعدلَك على جمالِ كرمك وميزان عدلِك : ((حرَّمتَ على
نفسِك الظلمَ، وجعلتَه على عبادِك محرَّمًا )) !
6.
ما أعظمَه ؛ فعندك يا ربِّ الرضا ، وعندك لن يُحرَم ولن يُظلم عبدٌ سجد لك ، وعبدَك وقدَّسك ونزَّهك !
7.
ما أعظمَه ؛ فعندك يا ربِّ الرضا ، وعندك لن يُظلم عبدٌ رفع يديه وتوجَّه بكُلِّيته إليك ، وركع لك وما انحنى إلا إليك !
8.
ما أعظمَه ؛ فعندك يا ربِّ الرضا ، وعندك لن يُظلم عبدٌ قام بين يديك ذليلاً لك ، لم يُستذلَّ ولم يُذِّل نفسه لغيرك !
خاتمة :
اللهم يا قادرًا على كل شيء ، اغفر لنا وللمسلِمين كلَّ شيء ، وارحمنا
برحمتك الواسعة التي رحِمت بها كل شيء ، وإذا وقفنا بين يديك فارحمنا واغفر
لنا ؛ فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة ، واجعلنا والمسلمين من أهل الجنة
الذين شرَّفتهم بندائك الرَّباني ورضوانك الأبديِّ .
اللهم يا أرحم الراحمين، ارحمنا ، وإلى غيرك لا تَكِلْنا ، وعن بابِك لا
تطردنا، ومن نَعْمائك لا تحرمنا، ومن شرور أنفسنا ومن شرور خلقك وكلِّ من
حولنا سلِّمْنا، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني
ورضوانك الأبدي .
اللهم يا من لا يردُّ سائله ، ولا يخيب للعبد رجاءه ؛ إنا قد بسطنا إليك
أكفَّ الضراعة متوسِّلين إليك بأسمائك الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم :
اجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ، ورضوانك الأبدي .
اللهم رُدَّنا إليك ردًّا جميلاً ، اللهم ردَّنا إليك وأنت راضٍ عنا ،
واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ، ورضوانك الأبدي.
اللهم أعنَّا على الموت وكربته ، والقبر وغمَّته ، والصراط وزلَّته ، ويوم
القيامة وروعته ، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني
ورضوانك الأبدي .
اللهم إنا نسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب ، وأن تجعلَنا من أهل الحنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي.
اللهم لا تُثقل بنا أرضًا، ولا تُكرِّه بنا عبدًا .
اللهم لا تعذِّبنا والمسلمين عند الموت ، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي.
اللهم ارزقنا والمسلمين الموت في بلد نبيِّك محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم
- واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي .
(
اللهم اجعلنا من الذين يحبُّون لقاءكَ ، وتحبُّ لقاءهم يا أرحم الراحمين ).
( وصلِّ اللهم على نبيِّنا محمد ، صاحب الذوق الرفيع والنبيِّ الشفيع ).