منتديات ستار ديزاين
عزيزي الزائر ..

نتمى منك التسجيل منتدانى المتواضيع

تحيات طاقم الإدارة

اهلا وسهلا بك
منتديات ستار ديزاين
عزيزي الزائر ..

نتمى منك التسجيل منتدانى المتواضيع

تحيات طاقم الإدارة

اهلا وسهلا بك

منتديات ستار ديزاين

تصميم و برمجة المواقع
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 تفسير سورة قريش للقرطبى

اذهب الى الأسفل 
+3
ritouja
الشافعي الصحراوي
~ غرور إنسآن ~
7 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
★ Rona ★

★ Rona ★


تاريخ التسجيل : 29/03/2012
عدد المساهمات : 385
نقاط : 46959
الجنس : انثى
العمر : 37

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty23/04/12, 05:45 pm

تفسير سورة قريش للقرطبى 45645g

تفسير سورة قريش للقرطبى



{1} لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ
قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ السُّورَة
مُتَّصِلَة بِاَلَّتِي قَبْلهَا فِي الْمَعْنَى . يَقُول : أَهْلَكَتْ
أَصْحَاب الْفِيل لِإِيلَافِ قُرَيْش ; أَيْ لِتَأْتَلِف , أَوْ
لِتَتَّفِق قُرَيْش , أَوْ لِكَيْ تَأْمَن قُرَيْش فَتُؤَلِّف
رِحْلَتَيْهَا . وَمِمَّنْ عَدَّ السُّورَتَيْنِ وَاحِدَة أُبَيّ بْن كَعْب
, وَلَا فَصْل بَيْنهمَا فِي مُصْحَفه . وَقَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة :
كَانَ لَنَا إِمَام لَا يَفْصِل بَيْنهمَا , وَيَقْرَؤُهُمَا مَعًا .
وَقَالَ عَمْرو بْن مَيْمُون الْأَوْدِيّ : صَلَّيْنَا الْمَغْرِب خَلْف
عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ; فَقَرَأَ فِي الْأُولَى : "
وَالتِّين وَالزَّيْتُون " [ التِّين : 1 ] وَفِي الثَّانِيَة " أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ " [ الْفِيل : 1 ] و " لِإِيلَافِ قُرَيْش " [ قُرَيْش : 1 ] .
وَقَالَ الْفَرَّاء : هَذِهِ السُّورَة مُتَّصِلَة بِالسُّورَةِ
الْأُولَى ; لِأَنَّهُ ذَكَّرَ أَهْل مَكَّة عَظِيم نِعْمَته عَلَيْهِمْ
فِيمَا فَعَلَ بِالْحَبَشَةِ , ثُمَّ قَالَ : " لِإِيلَافِ قُرَيْش " أَيْ
فَعَلْنَا ذَلِكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل نِعْمَة مِنَّا عَلَى قُرَيْش .
وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَخْرُج فِي تِجَارَتهَا , فَلَا يُغَار
عَلَيْهَا وَلَا تُقْرَب فِي الْجَاهِلِيَّة . يَقُولُونَ هُمْ أَهْل
بَيْت اللَّه جَلَّ وَعَزَّ ; حَتَّى جَاءَ صَاحِب الْفِيل لِيَهْدِم
الْكَعْبَة , وَيَأْخُذ حِجَارَتهَا , فَيَبْنِي بِهَا بَيْتًا فِي
الْيَمَن يَحُجّ النَّاس إِلَيْهِ , فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ,
فَذَكَّرَهُمْ نِعْمَته . أَيْ فَجَعَلَ اللَّه ذَلِكَ لِإِيلَافِ
قُرَيْش , أَيْ لِيَأْلَفُوا الْخُرُوج وَلَا يُجْتَزَأ عَلَيْهِمْ ;
وَهُوَ مَعْنَى قَوْل مُجَاهِد وَابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة سَعِيد بْن
جُبَيْر عَنْهُ . ذَكَرَهُ النَّحَّاس : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن شُعَيْب
قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن عَلِيّ قَالَ : حَدَّثَنِي عَامِر بْن
إِبْرَاهِيم - وَكَانَ ثِقَة مِنْ خِيَار النَّاس - قَالَ حَدَّثَنِي
خَطَّاب بْن جَعْفَر بْن أَبِي الْمُغِيرَة , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي
عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله تَعَالَى : "
لِإِيلَافِ قُرَيْش " قَالَ : نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْش إِيلَافهمْ رِحْلَة
الشِّتَاء وَالصَّيْف . قَالَ : كَانُوا يَشْتُونَ بِمَكَّة ,
وَيُصَيِّفُونَ بِالطَّائِفِ . وَعَلَى هَذَا الْقَوْل يَجُوز الْوَقْف
عَلَى رُءُوس الْآي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَام تَامًّا ; عَلَى مَا
نُبَيِّنهُ أَثْنَاء السُّورَة . وَقِيلَ : لَيْسَتْ بِمُتَّصِلَةٍ ;
لِأَنَّ بَيْن السُّورَتَيْنِ " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم "
وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى اِنْقِضَاء السُّورَة وَافْتِتَاح الْأُخْرَى ,
وَأَنَّ اللَّام مُتَعَلِّقَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " فَلْيَعْبُدُوا "
أَيْ فَلْيَعْبُدُوا هَؤُلَاءِ رَبّ هَذَا الْبَيْت , لِإِيلَافِهِمْ
رِحْلَة الشِّتَاء وَالصَّيْف لِلِامْتِيَارِ . وَكَذَا قَالَ الْخَلِيل :
لَيْسَتْ مُتَّصِلَة ; كَأَنَّهُ قَالَ : أَلَّفَ اللَّه قُرَيْشًا
إِيلَافًا فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْت . وَعَمِلَ مَا بَعْد
الْفَاء فِيمَا قَبْلهَا لِأَنَّهَا زَائِدَة غَيْر عَاطِفَة ; كَقَوْلِك :
زَيْدًا فَاضْرِبْ . وَقِيلَ : اللَّام فِي قَوْله تَعَالَى : "
لِإِيلَافِ قُرَيْش " لَام التَّعَجُّب ; أَيْ اِعْجَبُوا لِإِيلَافِ
قُرَيْش ; قَالَهُ الْكِسَائِيّ وَالْأَخْفَش . وَقِيلَ : بِمَعْنَى إِلَى
. وَقَرَأَ اِبْن عَامِر : " لِإِئْلَاف قُرَيْش " مَهْمُوزًا
مُخْتَلِسًا بِلَا يَاء . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر وَالْأَعْرَج " لِيلَاف "
بِلَا هَمْز طَلَبًا لِلْخِفَّةِ . الْبَاقُونَ " لِإِيلَافِ "
بِالْيَاءِ مَهْمُوزًا مُشْبَعًا ; مِنْ آلَفْت أُولِفُ إِيلَافًا . قَالَ
الشَّاعِر : الْمُنْعِمِينَ إِذَا النُّجُوم تَغَيَّرَتْ
وَالظَّاعِنِينَ لِرِحْلَةِ الْإِيلَاف وَيُقَال : أَلِفْته إِلْفًا
وَإِلَافًا . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر أَيْضًا : " لِإِلْفِ قُرَيْش "
وَقَدْ جَمَعَهُمَا مَنْ قَالَ : زَعَمْتُمْ أَنَّ إِخْوَتكُمْ قُرَيْش
لَهُمْ إِلْف وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَاف قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَفُلَان
قَدْ أَلِفَ هَذَا الْمَوْضِع ( بِالْكَسْرِ ) يَأْلَف إِلْفًا ,
وَآلَفَهُ إِيَّاهُ غَيْره . وَيُقَال أَيْضًا : آلَفْت الْمَوْضِع
أُولِفُهُ إِيلَافًا . وَكَذَلِكَ : آلَفْت الْمَوْضِع أُؤْلِفُهُ
مُؤَالَفَة وَإِلَافًا ; فَصَارَ صُورَة أَفْعَل وَفَاعَلَ فِي الْمَاضِي
وَاحِدَة . وَقَرَأَ عِكْرِمَة " لِيَأْلَف " بِفَتْحِ اللَّام عَلَى
الْأَمْر وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَف اِبْن مَسْعُود . وَفَتْح لَام
الْأَمْر لُغَة حَكَاهَا اِبْن مُجَاهِد وَغَيْره . وَكَانَ عِكْرِمَة
يَعِيب عَلَى مَنْ يَقْرَأ " لِإِيلَافِ " . وَقَرَأَ بَعْض أَهْل مَكَّة "
إِلَاف قُرَيْش " اُسْتُشْهِدَ بِقَوْلِ أَبِي طَالِب يُوصِي أَخَاهُ
أَبَا لَهَب بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا
تُتْرَكْنَهُ مَا حَيِيت لِمُعْظَمٍ وَكُنْ رَجُلًا ذَا نَجْدَة وَعَفَاف
تَذُود الْعِدَا عَنْ عُصْبَة هَاشِمِيَّة إِلَافهمْ فِي النَّاس خَيْر
إِلَاف وَأَمَّا قُرَيْش فَهُمْ بَنُو النَّضْر بْن كِنَانَة بْن
خُزَيْمَة بْن مُدْرِكَة بْن إِلْيَاس بْن مُضَر . فَكُلّ مَنْ كَانَ مِنْ
وَلَد النَّضْر فَهُوَ قُرَشِيّ دُون بَنِي كِنَانَة وَمَنْ فَوْقه .
وَرُبَّمَا قَالُوا : قُرَيْشِيّ , وَهُوَ الْقِيَاس ; قَالَ الشَّاعِر :
كُلّ قُرَيْشِيّ عَلَيْهِ مَهَابَة فَإِنْ أَرَدْت بِقُرَيْشٍ الْحَيّ
صَرَفْته , وَإِنْ أَرَدْت بِهِ الْقَبِيلَة لَمْ تَصْرِفهُ ; قَالَ
الشَّاعِر : وَكَفَى قُرَيْش الْمَعْضِلَات وَسَادَهَا وَالتَّقْرِيش :
الِاكْتِسَاب , وَتَقَرَّشُوا أَيْ تَجَمَّعُوا . وَقَدْ كَانُوا
مُتَفَرِّقِينَ فِي غَيْر الْحَرَم , فَجَمَعَهُمْ قُصَيّ بْن كِلَاب فِي
الْحَرَم , حَتَّى اِتَّخَذُوهُ مَسْكَنًا . قَالَ الشَّاعِر : أَبُونَا
قُصَيّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا بِهِ جَمَعَ اللَّه الْقَبَائِل مِنْ
فِهْر وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ قُرَيْشًا بَنُو فِهْر بْن مَالِك بْن
النَّضْر . فَكُلّ مَنْ لَمْ يَلِدهُ فِهْر فَلَيْسَ بِقُرَشِيٍّ .
وَالْأَوَّل أَصَحّ وَأَثْبَت . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : [ إِنَّا وَلَد النَّضْر بْن
كِنَانَة لَا نَقْفُوا أُمّنَا , وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا ] .
وَقَالَ وَائِلَة بْن الْأَسْقَع : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ إِنَّ اللَّه اِصْطَفَى كِنَانَة مِنْ وَلَد
إِسْمَاعِيل , وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَة قُرَيْشًا , وَاصْطَفَى
مِنْ قُرَيْش بَنِي هَاشِم , وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِم ] . صَحِيح
ثَابِت , خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَغَيْرهمَا .

وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتهمْ
قُرَيْشًا عَلَى أَقْوَال : أَحَدهمَا : لِتَجَمُّعِهِمْ بَعْد
التَّفَرُّق , وَالتَّقَرُّش : التَّجَمُّع وَالِالْتِئَام . قَالَ أَبُو
جِلْدَة الْيَشْكُرِيّ : إِخْوَة قَرَّشُوا الذُّنُوب عَلَيْنَا فِي
حَدِيث مِنْ دَهْرهمْ وَقَدِيم الثَّانِي : لِأَنَّهُمْ كَانُوا
تُجَّارًا يَأْكُلُونَ مِنْ مَكَاسِبهمْ . وَالتَّقَرُّش : التَّكَسُّب .
وَقَدْ قَرَشَ يَقْرُش قَرْشًا : إِذَا كَسَبَ وَجَمَعَ . قَالَ
الْفَرَّاء : وَبِهِ سُمِّيَتْ قُرَيْش . الثَّالِث : لِأَنَّهُمْ كَانُوا
يُفَتِّشُونَ الْحَاجّ مِنْ ذِي الْخَلَّة , فَيَسُدُّونَ خَلَّته .
وَالْقَرْش : التَّفْتِيش . قَالَ الشَّاعِر : أَيّهَا الشَّامِت
الْمُقَرِّش عَنَّا عِنْد عَمْرو فَهَلْ لَهُ إِبْقَاء الرَّابِع : مَا
رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَة سَأَلَ اِبْن عَبَّاس لِمَ سُمِّيَتْ قُرَيْش
قُرَيْشًا ؟ فَقَالَ : لِدَابَّةٍ فِي الْبَحْر مِنْ أَقْوَى دَوَابّه
يُقَال لَهَا الْقِرْش ; تَأْكُل وَلَا تُؤْكَل , وَتَعْلُو وَلَا تُعْلَى
. وَأَنْشَدَ قَوْل تُبَّع : وَقُرَيْش هِيَ الَّتِي تَسْكُن الْبَحْـ
ـر بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْش قُرَيْشَا تَأْكُل الرَّثّ وَالسَّمِين وَلَا
تَتْـ ـرُكَ فِيهَا لِذِي جَنَاحَيْنِ رِيشَا هَكَذَا فِي الْبِلَاد
حَيّ قُرَيْش يَأْكُلُونَ الْبِلَاد أَكْلًا كَمِيشَا وَلَهُمْ آخِر
الزَّمَان نَبِيّ يَكْثُرُ الْقَتْل فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا وَهُنَا
مَسْأَلَة

اِخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن
الْعَرَبِيّ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء : أَنَّ قَوْله تَعَالَى : "
لِإِيلَافِ " مُتَعَلِّق بِمَا قَبْله . وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون
مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْده , وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : " فَلْيَعْبُدُوا
رَبّ هَذَا الْبَيْت " قَالَ : وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُتَعَلِّق
بِالسُّورَةِ الْأُخْرَى - وَقَدْ قُطِعَ عَنْهُ بِكَلَامٍ مُبْتَدَأ ,
وَاسْتِئْنَاف بَيَان وَسَطْر " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم " ,
فَقَدْ تَبَيَّنَ جَوَاز الْوَقْف فِي الْقِرَاءَة لِلْقُرَّاءِ قَبْل
تَمَام الْكَلَام , وَلَيْسَتْ الْمَوَاقِف الَّتِي يَنْتَزِع بِهَا
الْقُرَّاء شَرْعًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرْوِيًّا , وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِهِ تَعْلِيم الطَّلَبَة الْمَعَانِي ,
فَإِذَا عَلِمُوهَا وَقَفُوا حَيْثُ شَاءُوا . فَأَمَّا الْوَقْف عِنْد
اِنْقِطَاع النَّفْس فَلَا خِلَاف فِيهِ , وَلَا تُعِدْ مَا قَبْله إِذَا
اِعْتَرَاك ذَلِكَ , وَلَكِنْ اِبْدَأْ مِنْ حَيْثُ وَقَفَ بِك نَفَسك .
هَذَا رَأْيِي فِيهِ , وَلَا دَلِيل عَلَى مَا قَالُوهُ , بِحَالٍ ,
وَلَكِنِّي أَعْتَمِد الْوَقْف عَلَى التَّمَام , كَرَاهِيَة الْخُرُوج
عَنْهُمْ .

قُلْت : وَمِنْ الدَّلِيل عَلَى
صِحَّة هَذَا , قِرَاءَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " ثُمَّ يَقِف . " الرَّحْمَن
الرَّحِيم " ثُمَّ يَقِف . وَقَدْ مَضَى فِي مُقَدِّمَة الْكِتَاب .
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْوَقْف عِنْد قَوْله : " كَعَصْفٍ
مَأْكُول " [ الْفِيل : 5 ] لَيْسَ بِقَبِيحٍ . وَكَيْفَ يُقَال إِنَّهُ
قَبِيح وَهَذِهِ السُّورَة تُقْرَأ فِي الرَّكْعَة الْأُولَى وَاَلَّتِي
بَعْدهَا فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة , فَيَتَخَلَّلهَا مِنْ قَطْع
الْقِرَاءَة أَرْكَان ؟ وَلَيْسَ أَحَد مِنْ الْعُلَمَاء يَكْرَه ذَلِكَ ,
وَمَا كَانَتْ الْعِلَّة فِيهِ إِلَّا أَنَّ قَوْله تَعَالَى : "
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول " [ الْفِيل : 5 ] اِنْتِهَاء آيَة .
فَالْقِيَاس عَلَى ذَلِكَ : أَلَّا يَمْتَنِع الْوَقْف عِنْد أَعْجَاز
الْآيَات سَوَاء كَانَ الْكَلَام يَتِمّ , وَالْغَرَض يَنْتَهِي , أَوْ لَا
يَتِمّ , وَلَا يَنْتَهِي . وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفَوَاصِل حِلْيَة
وَزِينَة لِلْكَلَامِ الْمَنْظُوم , وَلَوْلَاهَا لَمْ يَتَبَيَّن
الْمَنْظُوم مِنْ الْمَنْثُور . وَلَا خَفَاء أَنَّ الْكَلَام الْمَنْظُوم
أَحْسَن ; فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْفَوَاصِل مِنْ مَحَاسِن الْمَنْظُوم
, فَمَنْ أَظْهَرَ فَوَاصِله بِالْوُقُوفِ عَلَيْهَا فَقَدْ أَبْدَى
مَحَاسِنه , وَتَرْك الْوُقُوف يُخْفِي تِلْكَ الْمَحَاسِن , وَيُشْبِه
الْمَنْثُور بِالْمَنْظُومِ , وَذَلِكَ إِخْلَال بِحَقِّ الْمَقْرُوء .


{2} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
قَرَأَ مُجَاهِد وَحُمَيْد "
إِلْفِهِمْ " سَاكِنَة اللَّام بِغَيْرِ يَاء . وَرُوِيَ نَحْوه عَنْ
اِبْن كَثِير . وَكَذَلِكَ رَوَتْ أَسْمَاء أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُول
اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأ " إِلْفِهِمْ " .
وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر
وَالْوَلِيد عَنْ أَهْل الشَّام وَأَبُو حَيْوَة " إِلَافهمْ " مَهْمُوزًا
مُخْتَلَسًا بِلَا يَاء . وَقَرَأَ أَبُو بَكْر عَنْ عَاصِم " إِئْلَافهمْ
" بِهَمْزَتَيْنِ , الْأُولَى مَكْسُورَة وَالثَّانِيَة سَاكِنَة .
وَالْجَمْع بَيْن الْهَمْزَتَيْنِ فِي الْكَلِمَتَيْنِ شَاذّ . الْبَاقُونَ
" إِيلَافهمْ " بِالْمَدِّ وَالْهَمْز ; وَهُوَ الِاخْتِيَار , وَهُوَ
بَدَل مِنْ الْإِيلَاف الْأَوَّل لِلْبَيَانِ . وَهُوَ مَصْدَر آلَفَ :
إِذَا جَعَلْته يَأْلَف . وَأَلِفَ هُوَ إِلْفًا ; عَلَى مَا تَقَدَّمَ
ذِكْره مِنْ الْقِرَاءَة ; أَيْ وَمَا قَدْ أَلِفُوهُ مِنْ رِحْلَة
الشِّتَاء وَالصَّيْف . رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله
تَعَالَى : " إِيلَافهمْ رِحْلَة الشِّتَاء وَالصَّيْف " قَالَ : لَا
يَشُقّ عَلَيْهِمْ رِحْلَة شِتَاء وَلَا صَيْف , مِنَّةً مِنْهُ عَلَى
قُرَيْش . وَقَالَ الْهَرَوِيّ وَغَيْره : وَكَانَ أَصْحَاب الْإِيلَاف
أَرْبَعَة إِخْوَة : هَاشِم , وَعَبْد شَمْس , وَالْمُطَّلِب , وَنَوْفَل
بَنُو عَبْد مَنَاف . فَأَمَّا هَاشِم فَإِنَّهُ كَانَ يُؤْلِف مَلِك
الشَّام ; أَيْ أَخَذَ مِنْهُ حَبْلًا وَعَهْدًا يَأْمَن بِهِ فِي
تِجَارَته إِلَى الشَّام . وَأَخُوهُ عَبْد شَمْس كَانَ يُؤْلِف إِلَى
الْحَبَشَة . وَالْمُطَّلِب إِلَى الْيَمَن . وَنَوْفَل إِلَى فَارِس .
وَمَعْنَى يُؤْلِف يُجِير . فَكَانَ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَة يُسَمَّوْنَ
الْمُجِيرِينَ . فَكَانَ تُجَّار قُرَيْش يَخْتَلِفُونَ إِلَى الْأَمْصَار
بِحَبْلِ هَؤُلَاءِ الْإِخْوَة , فَلَا يُتَعَرَّض لَهُمْ . قَالَ
الزُّهْرِيّ : الْإِيلَاف : شَبَّهَ الْإِجَارَة بِالْخَفَارَةِ ; يُقَال :
آلَفَ يُؤْلِف : إِذَا أَجَارَ الْحَمَائِل بِالْخَفَارَةِ .
وَالْحَمَائِل : جَمْع حَمُولَة . قَالَ : وَالتَّأْوِيل : أَنَّ قُرَيْشًا
كَانُوا سُكَّان الْحَرَم , وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْع وَلَا ضَرْع ,
وَكَانُوا يَمِيرُونَ فِي الشِّتَاء وَالصَّيْف آمِنِينَ , وَالنَّاس
يُتَخَطَّفُونَ مِنْ حَوْلهمْ , فَكَانُوا إِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَارِض
قَالُوا : نَحْنُ أَهْل حَرَم اللَّه , فَلَا يَتَعَرَّض النَّاس لَهُمْ .
وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن فَارِس بْن زَكَرِيَّا فِي
تَفْسِيره : حَدَّثَنَا سَعِيد بْن مُحَمَّد , عَنْ بَكْر بْن سَهْل
الدِّمْيَاطِيّ , بِإِسْنَادِهِ إِلَى اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه
عَزَّ وَجَلَّ : " لِإِيلَافِ قُرَيْش " إِلَافهمْ رِحْلَة الشِّتَاء
وَالصَّيْف . وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا إِذَا أَصَابَتْ وَاحِدًا
مِنْهُمْ مَخْمَصَة , جَرَى هُوَ وَعِيَاله إِلَى مَوْضِع مَعْرُوف ,
فَضَرَبُوا عَلَى أَنْفُسهمْ خِبَاء فَمَاتُوا ; حَتَّى كَانَ عَمْرو بْن
عَبْد مَنَاف , وَكَانَ سَيِّد زَمَانه , وَلَهُ اِبْن يُقَال لَهُ أَسَد ,
وَكَانَ لَهُ تِرْب مِنْ بَنِي مَخْزُوم , يُحِبّهُ وَيَلْعَب مَعَهُ .
فَقَالَ لَهُ : نَحْنُ غَدًا نعتفد , قَالَ اِبْن فَارِس : هَذِهِ لَفْظَة
فِي هَذَا الْخَبَر لَا أَدْرِي : بِالدَّالِ هِيَ أَمْ بِالرَّاءِ ;
فَإِنْ كَانَتْ بِالرَّاءِ فَلَعَلَّهَا مِنْ الْعَفْر , وَهُوَ التُّرَاب ,
وَإِنْ كَانَ بِالدَّالِ , فَمَا أَدْرِي مَعْنَاهَا , وَتَأْوِيله عَلَى
مَا أَظُنّهُ : ذَهَابهمْ إِلَى ذَلِكَ الْخِبَاء , وَمَوْتهمْ وَاحِدًا
بَعْد وَاحِد . قَالَ : فَدَخَلَ أَسَد عَلَى أُمّه يَبْكِي , وَذَكَرَ
مَا قَالَهُ تِرْبه . قَالَ : فَأَرْسَلَتْ أُمّ أَسَد إِلَى أُولَئِكَ
بِشَحْمٍ وَدَقِيق , فَعَاشُوا بِهِ أَيَّامًا . ثُمَّ إِنَّ تِرْبه
أَتَاهُ أَيْضًا فَقَالَ : نَحْنُ غَدًا نعتفد , فَدَخَلَ أَسَد عَلَى
أَبِيهِ يَبْكِي , وَخَبَّرَهُ خَبَر تِرْبه , فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى
عَمْرو بْن عَبْد مَنَاف , فَقَامَ خَطِيبًا فِي قُرَيْش وَكَانُوا
يُطِيعُونَ أَمْره , فَقَالَ : إِنَّكُمْ أَحْدَثْتُمْ حَدَثًا تُقِلُّونَ
فِيهِ وَتُكْثِر الْعَرَب , وَتَذِلُّونَ وَتَعِزّ الْعَرَب , وَأَنْتُمْ
أَهْل حَرَم اللَّه جَلَّ وَعَزَّ , وَأَشْرَف وَلَد آدَم , وَالنَّاس
لَكُمْ تَبَع , وَيَكَاد هَذَا الِاعْتِفَاد يَأْتِي عَلَيْكُمْ .
فَقَالُوا : نَحْنُ لَك تَبَع . قَالَ : اِبْتَدِئُوا بِهَذَا الرَّجُل -
يَعْنِي أَبَا تِرْب أَسَد - فَأَغْنُوهُ عَنْ الِاعْتِفَاد , فَفَعَلُوا .
ثُمَّ إِنَّهُ نَحَرَ الْبُدْن , وَذَبَحَ الْكِبَاش وَالْمَعْز , ثُمَّ
هَشَّمَ الثَّرِيد , وَأَطْعَمَ النَّاس ; فَسُمِّيَ هَاشِمًا . وَفِيهِ
قَالَ الشَّاعِر : عَمْرو الَّذِي هَشَمَ الثَّرِيد لِقَوْمِهِ وَرِجَال
مَكَّة مُسْنِتُونَ عِجَاف ثُمَّ جَمَعَ كُلّ بَنِي أَب عَلَى
رِحْلَتَيْنِ : فِي الشِّتَاء إِلَى الْيَمَن , وَفِي الصَّيْف إِلَى
الشَّام لِلتِّجَارَاتِ , فَمَا رَبِحَ الْغَنِيّ قَسَمَهُ بَيْنه وَبَيْن
الْفَقِير , حَتَّى صَارَ فَقِيرهمْ كَغَنِيِّهِمْ ; فَجَاءَ الْإِسْلَام
وَهُمْ عَلَى هَذَا , فَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَب بَنُو أَب أَكْثَر
مَالًا وَلَا أَعَزّ مِنْ قُرَيْش , وَهُوَ قَوْل شَاعِرهمْ :
وَالْخَالِطُونَ فَقِيرهمْ بِغَنِيِّهِمْ حَتَّى يَصِير فَقِيرهمْ
كَالْكَافِي فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّه رَسُوله
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : "
فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْت الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوع "
بِصَنِيعِ هَاشِم " وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف " أَنْ تُكْثِر الْعَرَب
وَيَقِلُّوا .

قَوْله تَعَالَى : " رِحْلَة
الشِّتَاء وَالصَّيْف " " رِحْلَة " نُصِبَ بِالْمَصْدَرِ ; أَيْ
اِرْتِحَالهمْ رِحْلَة ; أَوْ بِوُقُوعِ " إِيلَافهمْ " عَلَيْهِ , أَوْ
عَلَى الظَّرْف . وَلَوْ جَعَلْتهَا فِي مَحَلّ الرَّفْع , عَلَى مَعْنَى
هُمَا رِحْلَة الشِّتَاء وَالصَّيْف , لَجَازَ . وَالْأَوَّل أَوْلَى .
وَالرِّحْلَة الِارْتِحَال . وَكَانَتْ إِحْدَى الرِّحْلَتَيْنِ إِلَى
الْيَمَن فِي الشِّتَاء , لِأَنَّهَا بِلَاد حَامِيَة , وَالرِّحْلَة
الْأُخْرَى فِي الصَّيْف إِلَى الشَّام , لِأَنَّهَا بِلَاد بَارِدَة .
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا قَالَ : كَانُوا يَشْتُونَ بِمَكَّة
لِدِفْئِهَا , وَيُصَيِّفُونَ بِالطَّائِفِ لِهَوَائِهَا . وَهَذِهِ مِنْ
أَجَلّ النِّعَم أَنْ يَكُون لِلْقَوْمِ نَاحِيَة حَرّ تَدْفَع عَنْهُمْ
بَرْد الشِّتَاء , وَنَاحِيَة بَرْد تَدْفَع عَنْهُمْ حَرّ الصَّيْف ;
فَذَكَّرَهُمْ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ النِّعْمَة . وَقَالَ الشَّاعِر :
تَشْتِي بِمَكَّة نَعْمَة وَمَصِيفهَا بِالطَّائِفِ وَهُنَا ثَلَاث
مَسَائِل :

الْأُولَى : قَالَ مَالِك : الشِّتَاء
نِصْف السَّنَة , وَالصَّيْف نِصْفهَا , وَلَمْ أَزَلْ أَرَى رَبِيعَة
بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَمَنْ مَعَهُ , لَا يَخْلَعُونَ عَمَائِمهمْ
حَتَّى تَطْلُع الثُّرَيَّا , وَهُوَ يَوْم التَّاسِع عَشَرَ مِنْ بَشَنْس
, وَهُوَ يَوْم خَمْسَة وَعِشْرِينَ مِنْ عَدَد الرُّوم أَوْ الْفَرَس .
وَأَرَادَ بِطُلُوعِ الثُّرَيَّا أَنْ يَخْرُج السُّعَاة , وَيَسِير
النَّاس بِمَوَاشِيهِمْ إِلَى مِيَاههمْ , وَأَنَّ طُلُوع الثُّرَيَّا
أَوَّل الصَّيْف وَدُبُر الشِّتَاء . وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَاف فِيهِ
بَيْن أَصْحَابه عَنْهُ . وَقَالَ عَنْهُ أَشْهَب وَحْده : إِذَا سَقَطَتْ
الْهَقْعَة نَقَصَ اللَّيْل , , فَلَمَّا جَعَلَ طُلُوع الثُّرَيَّا
أَوَّل الصَّيْف , وَجَبَ أَنْ يَكُون لَهُ فِي مُطْلَق السَّنَة سِتَّة
أَشْهُر , ثُمَّ يَسْتَقْبِل الشِّتَاء مِنْ بَعْد ذَهَاب الصَّيْف سِتَّة
أَشْهُر . وَقَدْ سُئِلَ مُحَمَّد بْن عَبْد الْحَكَم عَمَّنْ حَلَفَ
أَلَّا يُكَلِّم اِمْرَأً حَتَّى يَدْخُل الشِّتَاء ؟ فَقَالَ : لَا
يُكَلِّمهُ حَتَّى يَمْضِي سَبْعَة عَشَرَ مِنْ هَاتُور . وَلَوْ قَالَ
يَدْخُل الصَّيْف , لَمْ يُكَلِّمهُ حَتَّى يَمْضِي سَبْعَة عَشَرَ مِنْ
بَشَنْس . قَالَ الْقُرَظِيّ : أَمَّا ذِكْر هَذَا عَنْ مُحَمَّد فِي
بَشَنْس , فَهُوَ سَهْو , إِنَّمَا هُوَ تِسْعَة عَشَرَ مِنْ بَشَنْس ,
لِأَنَّك إِذَا حَسَبْت الْمَنَازِل عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ , مِنْ
ثَلَاث عَشْرَة لَيْلَة كُلّ مَنْزِلَة , عَلِمْت أَنَّ مَا بَيْن تِسْع
عَشْرَة مِنْ هَاتُور لَا تَنْقَضِي مَنَازِل إِلَّا بِدُخُولِ تِسْع
عَشْرَة مِنْ بَشَنْس . وَاَللَّه أَعْلَم .

الثَّانِيَة : قَالَ قَوْم :
الزَّمَان أَرْبَعَة أَقْسَام : شِتَاء , وَرَبِيع , وَصَيْف , وَخَرِيف .
وَقَالَ قَوْم : هُوَ شِتَاء , وَصَيْف , وَقَيْظ , وَخَرِيف . وَاَلَّذِي
قَالَهُ مَالِك أَصَحّ ; لِأَنَّ اللَّه قَسَمَ الزَّمَان قِسْمَيْنِ
وَلَمْ يَجْعَل لَهُمَا ثَالِثًا .

الثَّالِثَة : لَمَّا اِمْتَنَّ
اللَّه تَعَالَى عَلَى قُرَيْش بِرِحْلَتَيْنِ , شِتَاء وَصَيْفًا , عَلَى
مَا تَقَدَّمَ , كَانَ فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَصَرُّف الرَّجُل فِي
الزَّمَانَيْنِ بَيْن مَحَلَّيْنِ , يَكُون حَالهمَا فِي كُلّ زَمَان
أَنْعَمَ مِنْ الْآخَر ; كَالْجُلُوسِ فِي الْمَجْلِس الْبَحْرِيّ فِي
الصَّيْف , وَفِي الْقِبْلِيّ فِي الشِّتَاء , وَفِي اِتِّخَاذ
الْبَادَهْنَجَات وَالْخَيْش لِلتَّبْرِيدِ , وَاللِّبَد وَالْيَانُوسَة
لِلدِّفْءِ .


{3} فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ
أَمَرَهُمْ اللَّه تَعَالَى
بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيده , لِأَجْلِ إِيلَافهمْ رِحْلَتَيْنِ .
وَدَخَلَتْ الْفَاء لِأَجْلِ مَا فِي الْكَلَام مِنْ مَعْنَى الشَّرْط ,
لِأَنَّ الْمَعْنَى : إِمَّا لَا فَلْيَعْبُدُوهُ لِإِيلَافِهِمْ ; عَلَى
مَعْنَى أَنَّ نِعَم اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمْ لَا تُحْصَى , فَإِنْ لَمْ
يَعْبُدُوهُ لِسَائِرِ نِعَمه , فَلْيَعْبُدُوهُ لِشَأْنِ هَذِهِ
الْوَاحِدَة , الَّتِي هِيَ نِعْمَة ظَاهِرَة . وَالْبَيْت : الْكَعْبَة .
وَفِي تَعْرِيف نَفْسه لَهُمْ بِأَنَّهُ رَبّ هَذَا الْبَيْت وَجْهَانِ :
أَحَدهمَا لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ أَوْثَان فَيُمَيِّز نَفْسه عَنْهَا .
الثَّانِي : لِأَنَّهُمْ بِالْبَيْتِ شُرِّفُوا عَلَى سَائِر الْعَرَب ,
فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ , تَذْكِيرًا لِنِعْمَتِهِ . وَقِيلَ : "
فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْت " أَيْ لِيَأْلَفُوا عِبَادَة رَبّ
الْكَعْبَة , كَمَا كَانُوا يَأْلَفُونَ الرِّحْلَتَيْنِ . قَالَ عِكْرِمَة
: كَانَتْ قُرَيْش قَدْ أَلِفُوا رِحْلَة إِلَى بُصْرَى وَرِحْلَة إِلَى
الْيَمَن , فَقِيلَ لَهُمْ : " فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْت " أَيْ
يُقِيمُوا بِمَكَّة . رِحْلَة الشِّتَاء , إِلَى الْيَمَن , وَالصَّيْف :
إِلَى الشَّام .


{4} الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ
" الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوع "
أَيْ بَعْد جُوع . " وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف " قَالَ اِبْن عَبَّاس :
وَذَلِكَ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ قَالَ : "
رَبّ اِجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْله مِنْ الثَّمَرَات " [
الْبَقَرَة : 126 ] . وَقَالَ اِبْن زَيْد : كَانَتْ الْعَرَب يُغِير
بَعْضهَا عَلَى بَعْض , وَيَسْبِي بَعْضهَا مِنْ بَعْض , فَأَمِنَتْ
قُرَيْش مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ الْحَرَم - وَقَرَأَ - " أَوَلَمْ نُمَكِّن
لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَات كُلّ شَيْء " [
الْقَصَص : 57 ] . وَقِيلَ : شَقَّ عَلَيْهِمْ السَّفَر فِي الشِّتَاء
وَالصَّيْف , فَأَلْقَى اللَّه فِي قُلُوب الْحَبَشَة أَنْ يَحْمِلُوا
إِلَيْهِمْ طَعَامًا فِي السُّفُن , فَحَمَلُوهُ ; فَخَافَتْ قُرَيْش
مِنْهُمْ , وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدِمُوا لِحَرْبِهِمْ , فَخَرَجُوا
إِلَيْهِمْ مُتَحَرِّزِينَ , فَإِذَا هُمْ قَدْ جَلَبُوا إِلَيْهِمْ
الطَّعَام , وَأَغَاثُوهُمْ بِالْأَقْوَاتِ ; فَكَانَ أَهْل مَكَّة
يَخْرُجُونَ إِلَى جَدَّة بِالْإِبِلِ وَالْحُمُر , فَيَشْتَرُونَ
الطَّعَام , عَلَى مَسِيرَة لَيْلَتَيْنِ . وَقِيلَ : هَذَا الْإِطْعَام
هُوَ أَنَّهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : [ اللَّهُمَّ اِجْعَلْهَا
عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُف ] فَاشْتَدَّ الْقَحْط , فَقَالُوا :
يَا مُحَمَّد اُدْعُ اللَّه لَنَا فَإِنَّا مُؤْمِنُونَ . فَدَعَا
فَأَخْصَبَتْ تَبَالَة وَجُرَش مِنْ بِلَاد الْيَمَن ; فَحَمَلُوا
الطَّعَام إِلَى مَكَّة , وَأَخْصَبَ أَهْلهَا . وَقَالَ الضَّحَّاك
وَالرَّبِيع وَشَرِيك وَسُفْيَان : " وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف " أَيْ مِنْ
خَوْف الْجُذَام , لَا يُصِيبهُمْ بِبَلَدِهِمْ الْجُذَام . وَقَالَ
الْأَعْمَش : " وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف " أَيْ مِنْ خَوْف الْحَبَشَة مَعَ
الْفِيل . وَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " وَآمَنَهُمْ مِنْ
خَوْف " أَنْ تَكُون الْخِلَافَة إِلَّا فِيهِمْ . وَقِيلَ : أَيْ
كَفَاهُمْ أَخْذ الْإِيلَاف مِنْ الْمُلُوك . فَاَللَّه أَعْلَم ,
وَاللَّفْظ يَعُمّ




تفسير سورة قريش للقرطبى Alazaheer.coma18
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
~ غرور إنسآن ~
مؤسس ورش العرب
مؤسس ورش العرب
~ غرور إنسآن ~


تاريخ التسجيل : 03/02/2012
عدد المساهمات : 8033
نقاط : 58785
الجنس : ذكر
العمر : 39

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty24/04/12, 10:13 am

السلام عليكم

شكراااااااااااااااااااا لك على الموضوع الجميل


لك مني كل الود والإحترام

تحياتي

تفسير سورة قريش للقرطبى 0901271908079EFl
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشافعي الصحراوي

الشافعي الصحراوي


تاريخ التسجيل : 29/05/2011
عدد المساهمات : 1872
نقاط : 51216
الجنس : ذكر
العمر : 40
الموقع : http://chafai.ba7r.org

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty24/04/12, 06:04 pm

شكرا على الموضوع القيم

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ritouja

ritouja


تاريخ التسجيل : 10/11/2011
عدد المساهمات : 1902
نقاط : 51245
الجنس : انثى

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty07/05/12, 02:08 pm

ألف شكر لكم على طرحكم هذا الموضوع القيم وهذه المساهمة الطيبة
بإنتظار كل ماهو جديد من شخصكم الكريم
تقبلوا مروري هذا المتواضع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
★ Rona ★

★ Rona ★


تاريخ التسجيل : 29/03/2012
عدد المساهمات : 385
نقاط : 46959
الجنس : انثى
العمر : 37

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty09/05/12, 10:20 am

بارك الله فيكم على المرور الطيب
جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حياةSAالروح

حياةSAالروح


تاريخ التسجيل : 28/01/2011
عدد المساهمات : 720
نقاط : 51834
الجنس : انثى

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty09/05/12, 07:51 pm

يعطيـــــتك العافيـــــــــــه ع الطـــــــرح الاكثـــــــــر من الرائـــــــع
جـعله الله من مواااازين حسنااااتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
النسر الذهبى

النسر الذهبى


تاريخ التسجيل : 10/01/2012
عدد المساهمات : 364
نقاط : 47497
الجنس : ذكر
العمر : 39
الموقع : http://sat1.msnyou.com

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty10/05/12, 01:50 pm

بارك الله فيكم

شكرا على الموضوع والتفسير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sat1.msnyou.com
MoHcEn

MoHcEn


تاريخ التسجيل : 21/09/2011
عدد المساهمات : 6050
نقاط : 55979
الجنس : ذكر
العمر : 26

تفسير سورة قريش للقرطبى Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة قريش للقرطبى   تفسير سورة قريش للقرطبى Empty10/05/12, 02:15 pm

سلمت يداااااااااك على روعة الموضوع
بارك الله فيك

تفسير سورة قريش للقرطبى 1275328207
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة قريش للقرطبى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تفسير سورة الفيل للقرطبى
» تفسير سورة الهمزة للقرطبى
» تفسير سورة العصر للقرطبى
» تفسير سورة الكوثر للقرطبى
» تفسير سورة الماعون للقرطبى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ستار ديزاين :: المنتدى العام ::   :: الركن الاسلامي-
انتقل الى: