السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يدخل الكثيرون في حوارات ونقاشات زاعمين انهم بذلك يجادلون لاظهارالحق اوتوضيح فكرة معينة
لكنهم وللاسف يمارون لمجرد تحقير الطرف الاخر وتصغيره واظهار فلسفتهم التي لا معنى لها
والمراء من الاخلاق الذميمة التي لاتناسب المسلم والمقصود به في اللغة: استخراج غضب المجادل، من قولهم: مريت الشاة، إذا استخرجت لبنها، وحقيقة
المراء المنهي عنه: طعن الإنسان في كلام غيره؛ لإظهار خلله واضطرابه، لغير
غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيته عليه. وإن كان المماري على حق ، فإنه لا
يجوز له أن يسلك هذا السبيل؛ لأنه لا يقصد من ورائه إلا تحقير غيره
والانتصار عليه.
أما الجدال فهو من الجدل ، والجدل في اللغة : اللدد في الخصومة والقدرة عليها، وحقيقة الجدل في الاصطلاح الشرعي: فتل الخصم ورده بالكلام عن قصده الباطل. وهو مأمور به على وجه الإنصاف وإظهار الحق
وقد تكلم العلماء عن الجدل والمجادلة كثيراً ، وألفوا فيها المؤلفات، وبينوا أهدافها ومقاصدها، ورسموا آدابها وأخلاقها.
وهذا النوع من المجادلة مأمور به، ومن الأدلة عليه قوله تعالى:" وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125]، وقوله: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن"[العنكبوت: 46] ، وقوله :"قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"[البقرة:
111]، وقد فعله الصحابة رضي الله تعالى عنهم، كابن عباس – رضي الله عنهما-
لما جادل الخوارج والحرورية، ورجع منهم خلق كثير، وفعله السلف أيضا كعمر
بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه ، فإنه جادل الخوارج أيضاً.
وأما الجدال الذي يكون على وجه الغلبة والخصومة والانتصار للنفس ونحو ذلك فهو منهي عنه، وعليه تحمل الأدلة التي تنهى عن الجدال، كقوله -صلى الله عليه وسلم – الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجة:" ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل"، ثم تلا قوله تعالى"ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون" أخرجه الترمذي(3253)، وابن ماجة(48) من حديث أبي أمامة –رضي الله عنه-.
وهذا النوع من الجدال هو الجدال بالباطل فيكون كالمراء، وكلاهما محرم وبهذا يتضح الفرق بين المراء والجدال، وأن المراء منهي عنه ومذموم على كل حال؛ لأنه لا يقصد منه تبيين الحق، وإنما يقصد به الانتصار على الآخرين وتحقيرهم وإذلالهم.
أما الجدال فله حالتان:
الأولى: الجدال المحمود، وهو الذي يكون لتبيين الحق وإظهاره، ودحض الباطل وإسقاطه، وهو الذي أمرت به الأدلة الشرعية ، وفعله العلماء قديماً وحديثاً.
الثانية: الجدال المذموم ، وهو الذي يقصد به الغلبة
والانتصار للنفس ونحو ذلك وهو الذي تحمل عليه الأدلة الشرعية الناهية عن الجدال، ويكون الجدال هنا كالمراء ، وكلاهما محرم.
ويمكن للإنسان أن يعرف أن الشخص يماري أو يجادل من خلال طريقته في الكلام، وموقفه مما يُعرض عليه من الأدلة والحجج.
أما الذي يماري فتجده يصر على رأيه من غير دليل ، ولا
يقبل من الأدلة إلا ما يوافق رأيه، ولذا فإنه يتكلف في رد الأدلة وتأويلها
وصرفها عن دلالاتها ونحو ذلك مما يدل على أنه لا يريد الحق ، وإنما يقصد
الانتصار لنفسه وتحقير غيره.
وأخيرا نصيحة لكل من يُقابل مرائيا او مجادلا بغير علم
لا تتعب نفسك بالرد على من لا يسمع ولا يعي
بل بالاحرى لا يريد ان يسمع ولا يريد ان يعي
واتبع اقوال السلف والصالحين ونهيهم عن مجادلة من يبحثون عن الباطل
قال نبي الله سليمان عليه السلام لابنه: "دع المراء فإن نفعه قليل، وهو يهيج العداوة بين الإخوان".
وقال ابن عباس: "كفى بك إثمًا ألا تزال مماريًا".
وقال الأوزاعي: إذا أراد الله بقوم شرًا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل.
وقال محمد بن حسين بن علي: الخصومة تمحق الدين وتنبت الشحناء في صدور الرجال.
وقيل لعبد الله بن الحسن بن الحسين: ما تقوله في المراء؟ قال: يفسد الصداقة القديمة ، ويحل العقدة الوثيقة ، وأقل ما فيه أن يكون دريئة للمغالبة ، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة.
وقال الشافعي: المراء في الدين يقسِّي القلب ويورث الضغائن.
وقديما قيل: لا تمار حليمًا ولا سفيهًا؛ فإن الحليم يغلبك والسفيه يؤذيك.
اللهم ارزقنا الاستقامة ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.