قال تعالى
{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا*الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ
وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَزْنًا* ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا
وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}
روى البخاري عن عمرو عن مصعب قال :
" سَأَلْتُ أَبِي قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ
بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا سورة الكهف آية 103 هُمْ الْحَرُورِيَّةُ ؟
قَالَ : لَا ، هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، أَمَّا الْيَهُودُ
فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا
النَّصَارَى فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ ، وَقَالُوا : لَا طَعَامَ فِيهَا
وَلَا شَرَابَ ، وَالْحَرُورِيَّةُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ
مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ سورة البقرة آية 27 ، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ
الْفَاسِقِينَ " .وهذه الاية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم،فهذه
الاية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى،وقبل وجود الخوارج بالكلية،
وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها ، وأن عمله مقبول ،وهومخطئ، وعمله مردود، كما قال تعالى
اقتباس:
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} وقال تعالى {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا*أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} وقال تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} |
وقال تعالى في هذه الاية الكريمة :
{قل هل ننبئكم}
أي نخبركم
{بالأخسرين أعمالا}
ثم فسرهم ، فقال
{الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا}
أي عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة
{ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}
أي يعتقدون أنهم على شئ وأنهم مقبولون محبوبون.وقوله
{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ}
أي جحدوا آيات الله في الدنيا وبراهينه التي أقام على وحدانيته وصدق رسله ،وكذبوا بالدار الاخرة
{فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}
أي لا نثقل موازينهم، لانها خالية عن الخير.
روى البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
{ " إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ " ثُمَّ قَرَأَ
{فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}}وقوله تعالى
{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا}
أي إنما جازيناهم بهذا الجزاء بسبب كفرهم واتخاذهم آيات الله ورسله هزوا،استهزءوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب.
من المصباح المنير
نسئل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا أجمعين لما يحب ويرضى وأن يلبسنا وإياكم لباسي العافية والتقوى
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين