المضادات الحيوية لا تصلح لعلاج كل الأمراض
يلجأ
الكثيرون إلى تناول المضادات الحيوية بسرعة عند ظهور بوادر أي مرض عليهم،
اعتقاداً منهم بأنها ستُحسن حالتهم وستمنع تفاقم المرض غير أن البروفيسور
فرديناند غيرلاخ، رئيس الجمعية الألمانية للطب العام وطب الأسرة بمدينة
فرانكفورت، أكد على خطأ هذا الاعتقاد، موضحاً أن المضادات الحيوية لا تصلح
لعلاج كل الأمراض؛ فهي تساعد في علاج العدوى الناتجة عن البكتيريا فحسب،
وليس لها أي فاعلية في علاج العدوى الناتجة عن الفيروسات أو الفطريات.
ويلتقط
هيلموت شرودر من المعهد العلمي التابع لهيئة التأمين الصحي (AOK) بالعاصمة
الألمانية برلين، طرف الحديث ويقول إن التحقق مما إذا كانت العدوى ترجع
إلى الإصابة بفيروس أو بكتيريا تتطلب في بعض الحالات فحص عينة من البول أو
اللعاب في المعمل، لافتاً إلى أنه غالباً ما يستغرق الأمر عدة أيام حتى
تظهر نتيجة التحليل.
لذا لن يكون مجدياً على الإطلاق أن يقوم الطبيب
بوصف المضادات الحيوية للمريض خلال هذه الفترة، ويقول شرودر :"غالباً ما
ترجع الإصابة بنوبات الأنفلونزا العادية إلى الفيروسات؛ لذا لا يوجد أي داع
لاستخدام المضاد الحيوي في هذه الحالة".
وأشار غيرلاخ إلى أنه ليس
بالضرورة أن يتم علاج أية عدوى بكتيرية باستخدام المضادات الحيوية بشكل
فوري، موضحاً :"عند الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى الحاد مثلاً، يتخذ المرض
مساراً متشابهاً إلى حد كبير سواء تلقى المريض مضاد حيوي أم لا. كما ثبت
علميا انخفاض الشعور بالألم لدى أربعة من كل خمسة أطفال بعد 24 ساعة من
إعطائهم أحد مسكنات الألم كأدوية الشراب مثلاً". لذا أوصى شرودر بألا يُفكر
الطبيب في وصف المضادات الحيوية للمرضى، إلا إذا لم تختفِ المتاعب بعد
يومين إلى ثلاثة أيام من تناول الأدوية الأخرى.
وحذر البروفيسور
الألماني غيرلاخ من أن استخدام المضادات الحيوية دون داعِ له آثار جانبية
على المريض، موضحاً :"تتسبب المضادات الحيوية في الشعور بالغثيان أو
الإسهال أو القيئ، ويُمكن أن تؤدي أيضاً إلى ظهور بعض الاستجابات التحسسية
على الجسم". فضلاً عن ذلك تتطور آليات التكيّف الطبيعية الموجودة لدى
البكتيريا في وقت قصير للغاية وتقوم أحياناً بتغيير خصائصها الوراثية؛ ومن
ثمّ تفقد المواد الفعّالة الموجودة في المضاد الحيوي تأثيرها على البكتيريا
بعد ذلك.
وبينما يؤدي تكوّن مقاومة لدى البكتيريا تجاه المضاد الحيوي
إلى صعوبة العلاج لدى الأشخاص البالغين، يتسبب هذا الأمر في تعرض حياة
الأطفال الصغار والأشخاص، الذين يعانون من ضعف جهازهم المناعي، كذلك المرضى
المقيمين في المستشفى، للخطر.
وعن مدى الخطورة يقول البروفيسور
الألماني غيرلاخ :"إذا تعرض هؤلاء الأشخاص إلى إصابات بالغة أو اضطروا
للخضوع لعملية جراحية كبيرة، ينشأ لديهم حينئذٍ خطر الإصابة بالعدوى
البكتيرية مثل الالتهاب الرئوي أو تسمم الدم، مما يُعرض حياتهم للخطر"