في حالة التليف الكبدي أو الفشل الكبدي المزمن، يكون ثمة تلف مستديم وتليف بالكبد.
تتقدم حالة الفشل الكبدي المزمن ببط ء أكثر من الفشل الكبدي الحاد ولكن توقعاتها
أكثر سوءاً.
يحدث تلف خلايا الكبد ببطء ، ولذا فإن وظائف الكبد تتدهور ببط ء.
كما تنخفض ببط ء مستويات المواد الأساسية التي يصنعها الكبد مثل الزلال وعوامل
تجلط الدم، بينما تتراكم ببط ء المواد السامة التي يقضي الكبد على سميتها في
الأحوال الطبيعية.
التليف الذي يحدث يسد تدفق الدم داخل الكبد، مما يسبب
ارتفاع الضغط في الوريد البابي (وهو الوريد الرئيسي للكبد) ونزيفا في القناة
الهضمية.
الأسباب
يمكن أن ينتج التليف
الكبدي عن حالات كثيرة. فأكثر الأسباب شيوعا في الولايات المتحدة وأوروبا هو إدمان
الكحوليات والإسراف في شربها . يبدأ مرض الكبد الناتج عن الكحول بتراكم الدهن داخل
خلايا الكبد. تتقدم الحالة حتى يحدث موت لكثير من الخلايا الكبدية من خلال الفترات
أو الدورات المتكررة من الالتهاب الكبدي الكحولي، وفي النهاية تؤدي الحالة إلى حدوث
التليف.
تتفاوت كمية الكحول اللازمة لإحداث التلف الكبدي بين الناس. بصفة
عامة، فإن الأمر يحتاج إلى كمية أقل من الكحول لإحداث التليف الكبدي في المرأة مما
يحتاجه في الرجل.
هناك مجموعة من الأمراض الأخرى التي تسبب ضررا متزايدا
والتهابا للكبد يمكنها أيضا أن تؤدي إلى التليف الكبدي. من أمثلتها الالتهاب الكبدي
الفيروسي المزمن ، وحالات العدوى الكبدية المزمنة بالكائنات الدقيقة (غير
الفيروسية) التي توجد عادة في المناطق المدارية، مثل البكتيريا والطفيليات (ومن
أشهرها طفيلى البلهارسيا)، وعدد من الأمراض الوراثية، وتشمل التليف التكيسي ، ونقص
مضاد التريبسين، وفرط تلون الدم (زيادة تراكم الحديد)، ومرض ويلسون (زيادة تراكم
النحاس).
هناك سبب أكثر ندرة، وهو أمراض المناعة الذاتية، إذ يهاجم جهاز
المناعة القنوات الصفراوية أو خلايا الكبد أو القنوات التي تنقل الصفراء من الكبد
إلى الأمعاء، فيحدث التليف الكبدي.
كما أن تفاعلات الحساسية النادرة لأدوية
معينة - وتشمل أقراص منع الحمل الفمية والأيسونيازيد والميثيل دربا- يمكن أيضاً أن
تؤدي إلى التليف الكبدي. في بعض الناس لا يتسنى التوصل إلى السبب
بالتحديد.
الأعراض
في حالة الفشل الكبدي
المزمن قد لا تشعر بأية أعراض على مدى سنوات عديدة، بينما يصبح الكبد في حالة إعاقة
ببط ء. ولكن بشكل متزايد، بسبب الضرر المتزايد الذي يصيب الخلايا الكبدية، كما يصبح
الكبد مشوهاً بسبب التليف.
الأعراض الأولية عادة هي الإعياء والضعف
والإجهاد السريع يتبعها فقدان الشهية ونقصان الوزن. قد تصاب بيرقان طفيف (وهو
اصفرار بياض العينين والجلد)، وسهولة حدوث النزف والكدمات لعدم إنتاج البروتينات
اللازمة لتجلط الدم بكميات كافية.
قد يصاب جلدك بالحكة بسبب تراكم السموم.
قد تصبح أكثر حساسية لتأثير بعض العقاقير التي يقوم الكبد بالتخلص منها في الحالة
الطبيعية. عندما تبدأ السموم في التراكم، فإنها تسبب تغيرات بالمخ .
في
المراحل المتقدمة من المرض قد يصبح الجلد مصفراً بسبب اليرقان، وقد تتكون الحصى
المرارية. فضلاً عن هذا فبسبب الضغط الزائد في الوريد الرئيسي في الكبد (الوريد
البابي) نتيجة للتليف، تصير أوردة المعدة والمريء منتفخة بالدم. هذه الأوردة
المنتفخة، التي تسمى الدوالي، تكون واهية ومعرضة للانفجار مما يمكن أن يسبب نزيفاً
مهددا للحياة.
جدير بالذكر أن مستويات الزلال المنخفضة في الدم (والزلال هو
بروتين أساسي يصنعه الكبد السليم) تجعل السوائل تتسرب من الدم إلى أنسجة الجسم
مسببة التورم خاصة في الساقين. نظراً لانخفاض الزلال وارتفاع ضغط الوريد البابي،
فإن السوائل تبدأ في التراكم في البطن الذي يتضخم.
تلك السوائل المتراكمة، في
هذه الحالة المسماة الاستسقاء، في البطن يمكن أن تصاب بالتلوث من البكتيريا التي
تسري في الدم، وهذه الحالة بدورها يمكن أن تهدد الحياة. كما تبدأ العضلات في
الانكماش، ويصاب الذراعان والفخذان بالهزال التدريجي.
خيارات العلاج
يفكر الأطباء غالبا في تشخيص الفشل
الكبدي المزمن على أساس الأعراض والفحص الطبي.
تشمل الأعراض درجة ما من الارتباك
الذهني وضعف الشهية والغثيان.
في المراحل المبكرة من التليف يصاب الكبد بالتضخم،
وفى المراحل المتأخرة يصير الكبد منكمشا ومتعرجاً .
يمكن أن يكتشف الطبيب هذه
التغيرات في حجم الكبد وشكله عن طريق الفحص الطبي.
كما أن الفحص الطبي يمكن أن
يكشف عن دلائل أخرى تشير إلى حدوث الفشل الكبدي، وهي اليرقان، وظهور أوعية دموية
دقيقة تظهر بشكل يشبه العناكب على سطح الجلد، وارتعاش لا إرادي لليدين.
قد
تظهر اختبارات الدم أن الكبد لا ينتج كميات كافية من مواد أساسية معينة (مثل الزلال
وعوامل تجلط الدم)، أو أن السموم (مثل النشادر) تتراكم في الدم، أو أن القنوات
الصفراوية قد بدأت تنسد بفعل التليف، وهذا يقدم دليلا إضافيا قويا لتشخيص الفشل
الكبدي المزمن.
يمكن التوصل أيضا إلى تشخيص التليف الكبدي باختبارات
مختلفة لتصوير الكبد: وتشمل الأشعة المقطعية بالحاسب
الآلي ، والموجات فوق
الصوتية ، والتصوير الإشعاعي النووي.
تشخيص التليف الكبدي قد يحتاج إلى أخذ عينة
من الكبد لفحصها ، وهو ما يكشف عن كل من التلف الذي يصيب خلايا الكبد والتليف الذي
يشمل الكبد كله.
التلف الذي يصيب الكبد لا يمكن إصلاحه، ولكن يمكن منع
حدوث المزيد من الضرر بالكبد. يهدف العلاج إلى تصحيح الظروف التي تسبب المرض، مثل
الإقلاع عن شرب الخمور.
تهدف العلاجات الأخرى إلى تخفيف الأعراض وتقليل
المضاعفات. قد يصف الطبيب مدرات البول للمساعدة على تصريف الماء المحتبس، وملينات
للإسراع في التخلص من المواد السامة من الأمعاء الغليظة، وقد يكون من الضروري إجراء
زرع للكبد إذا لم تكن الاختيارات الأخرى مجدية