السـلام عليـكم ورحمـة الله تعالى وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
يَقُولُ بَعضُ العُلَمَاءِ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ شَرَفُ المَطلُوبِ بِشَرَفِ نَتَائِجِهِ، وَعِظَمُ خَطَرِهِ بِكَثرَةِ مَنَافِعِهِ، وَبِحَسَبِ مَنَافِعِهِ تَجِبُ العِنَايَةُ بِهِ
وَعَلَى قَدرِ العِنَايَةِ بِهِ يَكُونُ اجتِنَاءُ ثَمَرَتِهِ
وَلَمَّا كَانَ حُسنُ الخُلُقِ أَعظَمَ الأُمُورِ قَدرًا وَأَعَمَّهَا نَفعًا، وَاستَقَامَ بِهِ أَمرُ الدِّينِ وَالدُّنيَا، وَانتَظَمَ بِهِ صَلَاحُ الآخِرَةِ وَالأُولَى
وَجَبَ أَن نَضَعَ حُسنَ الخُلُقِ نُصبَ أَعيُنِنَا.
لِمَاذَا سَاءَت أَخلَاقُنَا؟
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا نَهتَمُّ بِمَلَابِسِنَا وَمَظَاهِرِنَا، عَلَى حِسَابِ بَوَاطِنِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَخلَاقِنَا!!
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا أَصلَحنَا دُنيَانَا بِتَمزِيقِ دِينِنَا!!
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا نُصلِحُ دُنيَانَا وَنَنسَى آخِرَتَنَا!!
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا نَهتَمُّ بِأَنفُسِنَا وَنَنسَى الآخَرِينَ!!
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا لَانَنتَبِهُ إِلَى أَنَّنَا نُخطِئُ كَثِيرًا!! وَلَانَشعُرُ بِأَهَمِّيَّةِ مُحَاسَبَةِ أَنفُسِنَا وَتَعدِيلِ أَخطَائِنَا!!
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا جَاهِلُونَ بِعُيُوبِنَا، يَرَى أَحَدُنَا القَذَى فِي أَخِيهِ، وَلَايَرَى الجِذعَ فِي عَينِهِ.
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا نَقضِي وَقتًا طَوِيلًا لِمُشَاهَدَةِ الفَضَائِيَّاتِ، وَالَّتِي مُعظَمُهَا لَاتَستَحيِي مِن نَقلِ الصُّورَةِ العَارِيَةِ،
وَالمُسَلسَلِ الهَابِطِ، وَالفِكرِ المُنحَرِفِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعَاوِلُ هَدمٍ لِلقِيَمِ وَالأَخلَاقِ، وَهِيَ جَرِيمَةٌ كُبرَى.
سَاءَت أَخلَاقُنَا لِأَنَّنَا نُقَدِّمُ المَصلَحَةَ الشَّخصِيَّةَ عَلَى المَصلَحَةِ العَامَّةِ.
سَاءَت أَخلَاقُنَا فَعِبنَا زَمَانَنَا.
نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيبُ فِينَا وَمَا لِزَمَانِنَا عَيبٌ سِوَانَا
كَثُرَت ذُنُوبُنَا فَضَاقَت صُدُورُنَا وَاضطَرَبَت أَعصَابُنَا وَسَاءَت أَخلَاقُنَا، فَلَا يَكَادُ اثنَانِ يَتَحَدَّثَانِ حَتَّى يَنفَجِرَ الغَضَبُ وَتَثُورَ الثَّائِرَةُ
وَتَتَدَفَّقَ الأَلفَاظُ النَابِيَةُ إِلَى مَا تَرَونَ مِن حَالٍ كُلُّكُم تَعرِفُونَهَا.
الأَمرُ عَظِيمٌ، وَالخَطَرُ جَسِيمٌ، وَالإِهمَالُ يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ شَرٌّ عَمِيمٌ.
لَئِن تَمَادَينَا عَلَى هَذَا الإِهمَالِ فَالمُستَقبَلُ وَخِيمٌ، وَلَئِن لَم نُحَسِّن أَخلَاقَنَا فَالخَطَرُ عَمِيمٌ، وَلَئِن لَم يَفعَل كُلٌّ مِنَّا مَقدُورَهُ فَالضَّرَرُ جَسِيمٌ.
وَلِهَذَا جَاءَت هَذِهِ الكَلِمَاتُ تَذكِيرًا بِالخُلُقِ الحَسَنِ، وَتَحذِيرًا مِن سُوءِ الخُلُقِ
فِي زَمَنِ العَجَائِبِ وَقَلبِ الحَقَائِقِ، عَسَى أَن نَتَخَلَّى عَنِ الرَّذَائِلِ، وَنَتَحَلَّى بِالفَضَائِلِ
اللهم اجعلني خيرا مما يظنون
ولا تؤاخذني بما يقولون
واغفر لي ما لا يعلمون