عندما يرحل الحب

عندما يرحل الحب

عندما يختار الحب الرحيل


مهما بلغت العلاقة بين اثنين

ومهما تصور كل منهما أنه قد صار يعرف الأخر كما يعرف نفسه
فما من مرة أمكننى فيها أن أحصل عن جواب منطقى ،

ففى لحظة ما ،

تبدو دوما غامضة مفاجئة ، لأحد طرفى المعادلة ،

قد يسمع احد الطرفين من الطرف الأخر عبارة :

لم أعد أشعر بك كالماضي
ومع سماعها ، يصاب ذلك الطرف بالدهشة

... والغضب .... والحيرة أيضا
ففى كل المرات مهما تعددت الحالات ،

يحدث هذا فجأة .... وبلا مقدمات
وهذا ليس واقع الأمر ،

ولكنها الصورة التى تبدو دوما للطرف المصدوم ،

والمطالب بالخروج من اللعبة
وهى صورة غير صحيحة فى كل الأحوال

فالواقع أنه تكون هناك دوما مقدمات .....وتمهيدات .... واشارات

وتلميحات ولكنه لا يراها أو يشعر بها أو حتى يدركها
ولعل هذا أحد أهم أسباب الانفصال ..
فمع بداية الحب تنتاب كل منا شراهة عجيبة

تدفعنا إلى أن ننهل من حبنا هذا بمنتهى النهم..

فا الحب فى مجمله غزير وفياض

فنحن ننهل وننهل حتى نتصور أنه نبع لا ينضب أبدا

لكن الحب ليس نبعاً خالداً

انه نبع طبيعى محدود الكمية على الرغم من غزارته

والينابيع الطبيعية ترتوى بمياه الأمطار ثم تمنحنا ماءها العذب

والحب أيضا يحتاج الى تلك الأمطار ... ليبقى .... ويستمر ..... ويستقر

فأنت تنهل من حبيبك بقدر ما تستطيع

وتمنحه أيضا بقدر ما يمكنك

حتى ينهل ويرتوى منك بدوره .....

فالو فعلتها فسيبقي ينمو وينتصر

ولكن من الواضح أن كل ما ندركه عن الحب هو

الأخذ وليس العطاء

والأستمتاع وليس المسئولية

لذا

فهو ينهار بسرعة...... ويذبل ....... ويرحل
وعندما يرحل يبدأ العذاب الأكبر


فالحب تبادل مشاعر وعواطف وأحاسيس

وبعد رحيل الحب نعاني من فراغ القلب من كل هذا

مثلما كان فارغا قبل الحب

لكن بالحب ينتعش القلب وبخفق ويحيا

ثم يعتاد المرء هذا الشعور ويدمنه ويتعايش معه

وبه يستمر الحبالي ان تأتي تلك الصدمة

ويرحل الحب
ومع رحيله، تنهار كل تلك المشاعر ،

وتترك فى القلب خلفها فراغا ... فراغ هائل كبير

فراغ لا يمكن ان يشبه فراغ أخر
فراغ ليس بحجم القلب بل بحجم الكيان كله

وربما أكبر منه ... ألف مرة

وبمرور الوقت قد يغضب المرء لانه فقد حبه

ثم يتحول الغضب الي مرارة ولوعة وفراغ

وانعكس ذلك علي صورته الخارجية

بل وربما تطور في صورة امراض عضوية

فا القلب الذى اعتاد أن يخفق كطير سعيد توقفت خفقاته

وأنهارت سعادته ولم يعد لديه مبرر

ليبقي في صدر محب قديم

وتنهار المشاعر كلها واحدا بعد الأخر

كما لو أنها كانت مربوطة كلها بخيط واحد.......خيط حب
وفى بعض الأحيان ،

قد يؤدى هذا إلى مراجعة النفس......ومصارحتها....

وكشف أسباب الرحيل

وفى تلك الحالات ، يتضاعف العذاب أكثر ... وأكثر .... وأكثر
فالمرء يدرك عندئذ أنه المسئول عن الفراغ

و أن اهماله لعواطف ومشاعر شريكه هي التي قتلت الحب

ولحظتها سيشعر بالندم ...... والألم وعذاب الذات
وربما يسعى بكل طاقته لاصلاح الخطأ واستعادة من يحب
ولكن نادرا ما يفلح هذا ...
فالطرف الأخر عانى العذاب نفسه من قبل ،

ولكن بصورة عكسية تماما

عاناه وهو يحاول أن يوضح الصورة

... وينيرها ...

ويلقى الضوء على نقاط القصور ..... والأنانية ...... والفشل
ولكنه واجه كل هذا بتجاهل تام من الأخر ..... أو بعد فهم .... أو بأنانية ... وقد أهملت ردود الفعل فى الجانب الأخر

أثناء انشغالها بتلبية متطلباتها وتغذية متعتها
وعندما اتخذ الطرف الأول قرارا لم يكن هذا سهلا أو هينا ....
بل جاء أيضا بعد عذاب .....وعذاب وبعد ألف محاولة ومحاولة
وعندما أصابه اليأس من اصلاح الموقف أو دفع الطرف الثانى

الى الاحساس به ومعاملته كبشر له مشكلاته ومتاعبه

وليس كمجرد مصدر دائم للمتعة اتخذ أخطر قرار

قرار الانفصال

يتخذه الذكر أو تتخذه الأنثي

لكن القرلر في طبيعته يختلف
فالذكر قد يتخذ قرار الانفصال لأسباب

مثل انشغاله بأخرى أو شعوره بالملل من نمطية العلاقة أو حتى لمجرد التغير
أما الأنثى فلا تتخذ هذا القرار لأسباب أكبر ...... وأعنف ...... وأخطر

هذا لأن الأنثى بغريزتها أميل الى الاستقرار والهدوء.....

وهى لا تهوى التغير المستمر ....

لذا فهى تبذل قصارى جهدها فى الغالب لاستمرار العلاقة

وفى سيبل هذا تتحمل الكثير .... والكثير جدا

كما
أن الأنثى أيضا لديها مقدرة أكبر على التسامح .... والتجاوز .....
والغفران وكل هذا فى سبيل استمرار العلاقة .... لذا فهى قد تغفر للذكر
وتتجاوز عن أخطائه واهماله لمشاعرها وحتى من عيونه الزائغة

ولكن المشكلة انها لا تنسى أبدا ...
كل ما تفعله ، هو أن تختزن هذا ..

فى ركن من عقلها ... وقلبها ... ومشاعرها ،

ثم تتكرر الأخطاء .... وتتكاثر .. وتحتشد هناك ..فى ذلك الركن
ومع مرور الوقت يكتظ الركن بما فيه ويختنق به ،

ولا يجد متنفسا واحدا للمزيد ...

وهنا تبداء العلاقات في التدهور ويحدث الانفصال