تمهيد
وقعت في يوم السبت، السابع من شوال في السنة الثالثة للهجرة والتي تصادف 23
مارس 625 م، بين المسلمين في يثرب بقيادة الرسول محمد بن عبد الله وأهل
مكة وأحابيشها ومن أطاعه من قبائل كنانة وأهل تهامة . كانت قوة المسلمين
تقدر بحوالي 700 مقاتل وقوة أهل مكة وأتباعها تقدر بحوالي 3000 مقاتل منهم
1000 من قريش و2000 من الأحابيش وهم بنو الحارث بن عبد مناة من قبيلة كنانة
وكان في الجيش 3000 بعير و200 فرس و 700 درع وكانت القيادة العامة في يد
أبي سفيان بن حرب وعهدت قيادة الفرسان لخالد بن الوليد يعاونه عكرمة بن أبي
جهل
تمكن جيش أبي سفيان من تحقيق نصر عسكري بواسطة هجمة مرتدة سريعة بعد نصر
أولي مؤقت للمسلمين الذين انشغل البعض منهم بجمع الغنائم وترك مواقعهم
الدفاعية التي تم التخطيط لها قبل المعركة وتمكن بعض أفراد جيش أبي سفيان
من الوصول إلى الرسول محمد وإصابته وشج أحدهم (وهو عبد الله بن شهاب) جبهته
واستطاع ابن قمئة الليثي الكناني من إصابت انفه ، يعتقد المؤرخون أن من
الأسباب الرئيسية للهزيمة العسكرية للمسلمين هو مغادرة المواقع الدفاعية من
قبل 40 رامياً من أصل 50 تم وضعهم على جبل يقع على الضفة الجنوبية من وادي
مناة، وهو ما يعرف اليوم بجبل الرماة والإشاعة عن مقتل النبي محمد أو
"صرخة الشيطان" التي كان مفادها «ألا إن محمدا قد قتل» بحسب المصادر
التاريخية الإسلامية
[size=25]السياسه بعد غزوه بدر
استنادا إلى كتاب "سيرة رسول الله" للمؤرخ ابن إسحاق فإن الرسول مكث في
المدينة 7 ليال فقط بعد معركة بدر حيث قام بغزو بني سليم ، وحسب رأي القمني
في كتابه حروب دولة الرسول، تعد هذه إشارة إلى محاولة الرسول تقطيع أوصال
الائتلاف القرشي لصالح الكيان الإسلامي الحديث النشوء وتم اختيار بني سليم
حسب رأي القمني كذلك كونها من القبائل الكبرى في الجزيرة العربية. بينما
تشير المصادر التاريخية مثل أن غزوة بني سليم كانت بسبب تحضيرهم لمهاجمة
المدينة ولكن بنو سليم هربوا من مضاربهم لمجرد سماعهم بقدوم المسلمين
وتركوا وراءهم 500 بعير مع الرعاة حسب سيرة الحلبي صفحة 480.
بعد غزوة بني سليم بشهر خرج الرسول محمد برجاله لتأديب غطفان على حلفها مع
بني سليم في الغزوة المعروفة غزوة ذي أمر واستنادا إلى البيهقي فإن غطفان
هربت كما سبقهم بنو سليم وهناك مصادر تشير إلى أن "جمعا من ثعلبة ومحارب
بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف الرسول محمد " ، وبات
المسلمون يشكلون خطرا حقيقيا على اقتصاد مكة عن طريق السرايا التي كانت
تقطع طريق قوافل قريش التجارية وعن طريق الإغارة على القبائل لإجبارها على
قطع موالاتها لمكة. وحسب رأي سيد القمني
"يرى المؤرخون أن السلاح الذي فاض بعد انتصار المسلمين في معركة بدر والمال
الذي جاء من فداء الأسرى المكيين تزامنت مع آيات قرآنية تنسخ ما سلف من
آيات سابقة وكانت الآيات الجديدة تحمل روحا سياسيا جديدة فعلى سبيل المثال
قالت آيات ماقبل أنتصار بدر «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى
والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم
ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون» (سورة البقرة) بينما نصت آيات المرحلة الجديدة
«إن الدين عند الله الإسلام» (سورة آل عمران) و«ومن يبتغ غير الإسلام دينا
فلن يقبل منه» (سورة آل عمران)"
يعتقد بعض المفسرين أن تحليل سيد القمني مشكوك فيه لأنه وطبقاً للمفسرين
فمن المعلوم في الشريعة الإسلامية أن المنسوخ هو الأحكام ولم يقل أحد بأن
التقرير ينسخ. فآية {إن الذين آمنوا والذين هادوا...} تقصد من كانوا على
ديانة اليهودية إلى فترة النبي عيسى ثم النصارى إلى فترة النبي محمد.
والصابئة وهم موحدون على الفطرة من غير نبي إلى أن تبلغهم دعوة نبي زمانهم
ير ابن كثير والطبري والقرطبي لآية النسخ: البقرة
حدثت في هذه الفترة الانتقالية حادثتين مهمتين يمكن اعتبارهما من رموز
بداية مؤسسة سياسية مركزية واحدة تتجاوز القبائل المتحالفة إلى الدولة
الموحدة وهاتان الحادثتان هما مقتل كعب بن الأشرف وغزوة بني قينقاع.
[color=darkorchid]غزوة بني قينقاع
سبب هذه الغزوة كما يقول ابن هشام أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته
بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت
فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا
بها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا وشدت اليهود
على المسلم فقتلوه فاصطرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فغضب المسلمون
فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع
وكان من حديثهم: أن الرسول جمعهم في سوقهم ثم قال: «يا معشر اليهود احذروا
من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل،
تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم.» فقالوا: «يا محمد إنك ترى أنا
قومك، لا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما
والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.»
وبعدها لجأ اليهود إلى حصونهم يقاتلون فيها، ففرض الرسول عليهم الحصار،
وأحكمه خمس عشرة ليلة حتى اضطروا إلى التسليم، ورضوا بما يصنعه رسول الله
في رقابهم ونسائهم وذريتهم، فأمر الرسول أن يخرجوا من المدينة. فرحلوا إلى
أذرعات بالشام ولم يبقَوا هناك طويلاً حتى هلك أكثرهم.
ويرى الشيخ محمد الغزالي:
وحسب سيد القمني:
«"يعتبر البعض أن مقتل كعب بن الأشرف الشاعر اليهودي مثالا على موقف باتر
لكل لون من المعارضة الداخلية لنواة الدولة الإسلامية في المدينة ". يرى
البعض أن هذا الرأي لسيد القمني مشكوك في واقعيته لأن العديد من المصادر
التاريخية أوردت أن سبب قتل كعب بن الأشرف هو تحريضه قريش على الانتقام من
المسلمين وتشبيبه بنساء المسلمين (التشهير بشكل فاضح) دون أن تورد أن سبب
القتل هو مجرد المعارضة السياسية."»
مقتل كعب بن الاشرف
كعب بن الأشرف سافر إلى مكة من المدينة يواسي مشركيها المهزومين في بدر،
ويحرضهم على إدراك ثأرهم من النبي محمد وصحابته، وقد سأله أبو سفيان:
أناشدك الله، أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟ قال له كعب: أنتم
أهدى منه سبيلاً!!
فأنزل في القرآن: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ
الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ
كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً
وقد صاغ قصائد الغزل في بعض النساء المسلمات...فغضب المسلمون، فأهدر المسلمون دمه.
يرى سيد القمني أن ابن الأشرف كان متعاطفا مع حزن قريش بعد هزيمتهم في معركة بدر. فقال واستنادا إلى سيرة ابن هشام:
طحنت رحى بدر لمهلك أهله ولمثل بدر تستهل وتدمع
قتلت سراة الناس حول حياضهم لا تبعدوا إن الملوك تصرع
كم قد أصيب به من أبيض ماجد ذي بهجة يأوي إليه الضيع
طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت حمال أثقال يسود ويربع
ويقول أقوام أسر بسخطهم إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع
صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ظلت تسوخ بأهلها وتصدع
...إلى أن يقول:
نبئت أن الحارث بن هشامهم في الناس يبني الصالحات ويجمع
ليزور يثرب بالجموع وإنما يحمى على الحسب الكريم الأروع
ويعتبر البعض البيتين الأخيرين في غاية الخطورة لما فيها من تحريض للحارث
بن هشام وقريش على غزو المسلمين ويروي ابن كثير في البداية والنهاية أن
الرسول هتف قائلا «من لي بابن الأشرف؟» فنهض محمد بن مسلمة يقول: أنا لك يا
رسول الله.
بعد أن انتصر المسلمون انتصارا كبيراً في معركة بدر على المشركين وأوقعوا
فيهم الكثير من القتلى، عاد من بقي من الكفار إلى مكة حين كانت مكة تحت
سلطة المشركين وقد منيوا بهزيمة عسكرية ثقيلة، ووجدوا أن قافلة أبي سفيان
قد رجعت بأمان، فاتفقوا فيما بينهم أن يبيعوا بضائعها والربح الذي سيجنونه
يجهزوا به جيشا لمقاتلة النبي محمد وأخذ الثأر لمقتل آبائهم وإخوتهم
وأبنائهم الذين حاربوا النبي والصحابة، وأرادوا القضاء على الإسلام في بدر.
اجتمعت قريش لقتال الرسول وأرسلت مبعوثين إلى بني عمومتها من قبيلة كنانة
وأحلافهم من الأحابيش، فاجتمع ثلاثة آلاف منهم مع دروعهم وأسلحتهم، وكان
معهم مائتا فرس وخمس عشرة ناقة عليها ركب الهوادج وهي البيوت الصغيرة التي
توضع على ظهور الجمال وجلست فيهن بعض النساء المشركات ليشجعن المشركين على
القتال، وتذكيرهم بالهزيمة في بدر.
وفي أثناء استعداداتهم طلب أبو سفيان من العباس بن عبد المطلب عم الرسول
الخروج معه لقتال المسلمين ولكنه لم يقبل بذلك، وأرسل العباس سرا إلى النبي
يحذره من الخطر المحدق، فوصل الخبر إليه فقال: "إني قد رأيت والله خيرا -
أي في المنام – رأيت بقرا تذبح، ورأيت في ذباب سيفي (حد سيفي) ثلماً
(كسراً) ورأيت إني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة"، وكان معنى
هذا المنام الذي رءاه الرسول أن البقر ناس يقتلون، وأما الثلم في السيف فهو
رجل من أهل بيت النبي يقتل.
خرج كفار قريش بجيشهم حتى وصلوا إلى ضواحي المدينة المنورة قرب جبل أحد حيث
كان النبي قد صلى صلاة الجمعة بالناس وحثهم على الجهاد والثبات، وخرج
بسبعمائة مقاتل من اشجع الصحابة بعد أن رجع بعض المنافقين خوفا من القتال.
وكانت خطة الحرب التي وضعها النبي أن يجعل المدينة المنورة في وجهه ويضع
خلفه جبل أحد وحمى ظهره بخمسين من الرماة المهرة صعدوا على هضبة عالية
مشرفة على أرض المعركة، وجعل قائدهم أحد الصحابة وهو عبد الله بن جبير
وأمرهم النبي أن يبقوا في أماكنهم وأن لا يتركوها حتى يأذن لهم وقال لهم:
"ادفعوا الخيل عنا بالنبال" وقسم النبي جيش المسلمين إلى عدة أقسام، جعل
قائدا لكل منها وتسلم هو قيادة المقدمة.
وبدأت المعركة فأقبل المشركون فاستقبلتهم سيوف المسلمين بقوة، وكان بين
الصحابة رجل شجاع مشهود له بالثبات في وجوه الكفار اسمة أبو دجانة، سلمه
النبي سيفاً فأخذه وربط على رأسه قطعة حمراء علامة القتال، ثم شهر سيفه لا
يقف شيء أمامه إلا حطمه وأوقعه أرضا، وكان رجل من المشركين لا يدع جريحا
مسلما إلا قتله، فلحق به أبو دجانة ليريح الناس من شره، حتى التقيا فضرب
المشرك أبا دجانة ضربة تلقاها الأخير بكل عزم وثبات ثم بادله بضربة قوية من
سيفه فقتله.
واقتتل الناس قتالا شديدا وفعل الرماة المسلمون فعلتهم، إذ كانوا من أحد
أسباب تراجع جيش مكة وفرار جنوده، وكانت الهزيمة على المشركين. ولكن حصلت
حادثة غيرت من مسار نهاية المعركة، إذ إن الرماة الذين أمرهم النبي بحماية
ظهور المسلمين وعدم ترك أماكنهم حتى يأذن لهم، ترك الكثير منهم مكانه ظنا
أن المعركة حسم أمرها وأنه لم يبق أثر للمشركين، ونزلوا ليأخذوا من
الغنائم، وبقي أقل من عشرة رماة أبوا أن يلحقوا بهم وقالوا: "نطيع رسول
الله ونثبت مكاننا"، فنظر خالد بن الوليد وكان ما زال مشركا إلى من بقي من
الرماة فتوجه بمجموعة من المشركين، وتسللوا ففاجأوا الرماة القليلين من
الخلف وقتلوهم بما فيهم قائدهم عبد الله بن جبير.
عندها تعالت صيحات المشركين وفوجئ المسلمون بأنهم قد أصبحوا محاصرين، فقتل
من قتل منهم واشتد الأمر عليهم، عندها عاد من هرب من المشركين وهجموا على
المسلمين هجمة شرسة، ورفعوا عن الأرض رايتهم المتسخة.
وكان عدد من الكفار قد اتفقوا فيما بينهم على مهاجمة النبي دفعة واحدة
فاستغلوا فرصة ابتعاد بعض الصحابة عن النبي أثناء المعركة وانقضوا عليه،
فمنهم من ضربه بالسيف فأصاب جبهته، ومنهم من رماه بحجارة فكسرت رباعيتة
اليمنى وهي أحد أسنانه الأمامية، وشقت شفته، وهجم آخر فجرح وجنة النبي أي
أعلى خده بالسيف ورفعه فرده النبي ولكنه سقط فجرحت ركبته وسال دمه على
الأرض، وأقبل مشرك اسمه أبي بن خلف حاملا حربته ووجهها إلى الرسول فاخذها
منه وقتله بها.
ولما جرح النبي ، صار الدم يسيل على وجهه وأقبل لحمايته خمسة من الأنصار،
فقتلوا جميعا وركض أبو دجانة وجعل من ظهره ترسا لرسول الله فكانت السهام
تنال عليه وهو منحن يحمي ببدنه وروحه نبي الاٍسلام.
وازدادت المصائب على جيش المسلمين إذ قد جاء عبد حبشي مشرك ماهر بالرماية
اسمه وحشي أمره سيده بقتل حمزة بن عبد المطلب عم النبي ووعده بأن يجعله
حراً إن قتله، وبقي طيلة المعركة يتحين الفرصة حتى وجد نفسه وجها لوجه
أمامه، فرفع حربته وهزها ثم رماها فاخترقت جسد حمزة الذي وقع شهيدا.
وانتهت المعركة بانسحاب المشركين الذين ظنوا أنهم انتصروا، ويقول المسلمون
"إن رسول الله لم يخسر بل إن الذين خالفوا أوامره خابوا وسببوا الخسارة
لأنفسهم". ودفن المسلمون شهداءهم في أحد حيث قتلوا، ولما عاد الرسول إلى
المدينة في جو حزين، جاءت إحدى نساء الأنصار قد قتل أباها وأخاها شهيدين.
فلما أخبرت قالت: "ماذا حل برسول الله؟" فقالوا لها: "هو بحمد الله كما
تحبين". قالت: "أرونيه"، فلما نظرت إليه دمعت عيناها فرحا بسلامته وقالت:
"كل مصيبة بعدك هينة يا رسول الله لا توازي مصيبتنا بفقدك".
وهكذا انتهت معركة أحد التي كانت درسا تعلم منه المسلمون أهمية الالتزام بأوامر النبي وتعاليمه، وأن أوامره كلها فيها الخير والفلاح.
قبل المعركة
استنادا إلى ابن كثير لما رجعت قوات قريش إلى مكة بعد هزيمة معركة بدر مشى
رجال من قريش ممن قتل آباؤهم أو أبناؤهم أو إخوتهم فكلموا أبا سفيان الذي
تمكن من إنقاذ قافلة قريش فقالوا له «إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم
فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا». بعد سنة استطاعت مكة
أن تجمع 3000 مقاتل من قريش وكنانة والأحابيش ووصل الجيش إلى جبل أحد في
مكان يقال له عينين فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة ثلاث من
الهجرة، واستنادا إلى سيرة برهان الدين الحلبي فإن عم الرسول العباس بن عبد
المطلب أرسل رسالة إلى الرسول فيها جميع تفاصيل الجيش ولا يعرف مدى صحة
هذه الرواية لكونها مستندة على سيرة ابن إسحاق الذي كتب في عهد العباسيين
الذين كان لهم خلافات مع من سبقهم من الأمويين.
لما بلغت الأنباء المسلمين فرح بعضهم وخاصة من لم يخرج منهم إلى معركة بدر
ولم يصب مغنما واستنادا إلى سيرة ابن هشام فقد قال بعض المسلمين الذين
فاتتهم بدر «يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون إنا جبنا عنهم
وضعفنا» واستنادا إلى نفس المصدر فإن الأنصار وعبد الله بن أبي بن سلول
كانوا يرغبون بالبقاء بالمدينة والدفاع عنها وكان هذا الرأي مطابقا لرأي
الرسول محمد الذي فضل ألا يخرجوا من المدينة بل يتحصنوا بها حيث أن الرسول
وحسب بعض الروايات أخبر المسلمين عن رؤيا رأها قال: «إني قد رأيت والله
خيرًا، رأيت بقرًا تذبح، ورأيت في ذباب سيفي ثلمًا، ورأيت أني أدخلت في درع
حصينة» وتأول البقر بنفر من أصحابه يقتلون، وتأول الثلمة في سيفه برجل
يصاب من أهل بيته، وتأول الدرع بالمدينة
وتحت ضغط التيار الداعي إلى الخروج إلى قريش وفي مقدمتهم حمزة بن عبد
المطلب قام الرسول بلبس ملابس الحرب وخرج المسلمون ولكن عبد الله بن أبي بن
سلول وهو سيد الخزرج ورئيس من أسماهم المسلمين بالمنافقين قرر أن يعود
بأتباعه إلى المدينة وكانوا واستنادا إلى سيرة الحلبي 300 مقاتل وناداهم
بقوله «ارجعوا أيها الناس عصاني وأطاع الولدان وما ندري علام نقتل أنفسنا
ها هنا أيها الناس». أدرك المسلمون الشعب من جبل أحد، فعسكر الجيش مستقبلاً
المدينة وجاعلاً ظهره إلى هضاب جبل أحد، واختار الرسول فصيلة من الرماة
الماهرين قوامها خمسون مقاتلاً وجعل قائدهم عبد الله بن جبير بن النعمان
وأمرهم بالتمركز على جبل يقع على الضفة الجنوبية من وادي مناة واستنادا إلى
البخاري فإن الرسول قال لهم «إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم
هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم فلا تبرحوا حتى
أرسل إليكم».
وهناك رواية في كتاب ابن إسحاق عن جبير بن مطعم الذي كان له عبد حبشي يسمى
"وحشيا" وكان ماهرا في قذف الرمح ووعده جبير بعتق رقبته إن قتل حمزة بن عبد
المطلب واستنادا إلى ابن هشام فإن هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مر بها،
قالت "ويها أبا دسمة اشف واستشف" وكان وحشي يكنى بأبي دسمة
[/size]