الحمد لله الواحد المعين وصلى الله على سيدنا محمد الامين وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد . نختم بحول الله وعونه ما جاء في السيرة العطرة عن آداب الطريق : واداب المسجد نفعنا الله به ومن نظر فيه برحمته
الطريق مرفق عام من حق كل شخص الاستفادة منه دون أن يتعرض للأذى أو المضايقة من أحد ، بل إذا احتاج للعون والنجدة وجدهما من إخوانه بدون مقابل ، لذا شرع الإسلام آدابا ينبغي مراعاتها عند استعمال الطريق ، وهي :
1)التواضع في المشي : بأن يمشي الإنسان على الأرض هونا ، أي مشيا لينا رفيقا ، وذلك لقوله تعالى : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } وقال سبحانه : { وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا }
2)غض البصر عن المحرمات : فلا ينظر إلى النساء الأجنبيات ، قال تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ }{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } . . وذلك لأن في هذا النظر انتهاك لحرمات الآخرين ، كما أنه ذريعة للزنا 3)إلقاء السلام على من يعرف ومن لا يعرف : روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) « أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام وتقرأ السلام ، على من عرفت ومن لم تعرف »
4)المحافظة على نظافة الطريق : فلا يلقي فيه الأوساخ ، لا سيما ما يؤذي الناس ، كالأشياء التي تسبب الانزلاق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا ضرر ولا ضرار » بل المطلوب من المسلم أن يرفع عن الطريق ما يؤذي المارة من حجر أو شوك أو كل ما يسبب ضررا بالآخرين ، لما روى البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ».
5) تجنب الأخطار : وذلك بأخذ الحذر من كل ما قد يسبب ضررا من حيوان أو إنسان أو مركبة وذلك أخذا من عموم قوله تعالى : { وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } وعلى المسلم أيضا أن يرد عن الآخرين تلك الأخطار بتنبيههم إليها أو كفها عنهم إن استطاع ، فهو من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « (إياكم والجلوس في الطرقات ) فقالوا : يا رسول الله ، ما لنا من مجالسنا بد ، نتحدث فيها ، فقال : (فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه ) قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : (غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) »
ثامنا : آداب المسجد :
المساجد بيوت الله ، ولذا أمر برفع شأنها والاهتمام بها . قال تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } ولذا شرع لها آدابا ينبغي مراعاتها ، وهي :
1)التنظيف والتطيب وارتداء الزينة : لقوله تعالى : { يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } وفي الحديث : « إن الله طيب يحب الطيب ، نظيف يحب النظافة ، كريم يحب الكرم ، جواد يحب الجود ، فنظفوا أفنيتكم » ويتجنب أكل الثوم والبصل وكل ما فيه رائحة كريهة تؤذي المصلين . أما المرأة فلا تتطيب إذا أرادت الخروج إلى المسجد ، وذلك لما ورد في الحديث : « إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا » وذلك لعدم إثارة الشهوات .
2) قراءة ذكر الخروج إلى المسجد وهو : « اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي لساني نورا ، واجعل في سمعي نورا ، واجعل في بصري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، اللهم أعطني نورا »
3)تقديم الرجل اليمنى عند الدخول : مع قراءة الدعاء المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم : « إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك »
4)الدخول إلى المسجد بسكينة ووقار : لما ورد عن أبي قتادة (رضي الله عنه) قال : « بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلى قال : ما شأنكم ؟ قالوا : استعجلنا إلى الصلاة ، قال : (فلا تفعلوا . إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا » والمطلوب من المسلم أن يحافظ على هذا الوقار وهو بداخل المسجد ، ولا يرفع صوته بكلام ولا جلبة ، تقديسا لبيت الله ، ولئلا يسبب تشويشا للمصلين أو قارئي القرآن أو غيرهم من رواد المسجد .
5)صلاة ركعتين تحية المسجد قبل الجلوس : لما رواه أبو قتادة (رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس »
6)تقديم الرجل اليسرى عند الخروج مع قراءة الذكر الوارد وهو : « اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد رب اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك »
7)يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى والتسبيح والتهليل والتكبير : وغيرها من الأذكار ويستحب الإكثار من قراءة القرآن ، ومن المستحب فيه قراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ,و علم الفقه, وسائر العلوم الشرعية قال الله تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ }{ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ }
8)المحافظة على نظافة المسجد وعدم إلقاء القاذورات الأوساخ فيه : وذلك تعظيما لشأنه ، قال تعالى : { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ } وعن أنس (رضي الله عنه) « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي بال في طائفة المسجد : ( إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله تعالى والصلاة وقراءة القرآن) »
9)عدم إنشاد ضالة في المسجد أو البيع فيه : لما رواه مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه )قال ,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سمع رجلا ينشد ضالته في المسجد فليقل : لا ردها الله عليك , فإن المساجد لم تبن لهذا »
10)عدم إنشاد الشعر الذي لا مدح فيه للإسلام ولا حث فيه على مكارم الاخلاق : لما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم : « من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا له : فض الله فاك ثلاث مرات »