يقول راوي القصة :
كان ياما كان من قديم الزمان امرأة تزوجتها وعاشت معي لأكثر من عقدين من الزمن –
عشنا وأنجبنا بنين وبنات ، كانت حياة مليئة بالحب تارة والهجر والغضب تارة أخرى ، كانت نعم الرفيق
وكنت لها كذلك ، واستني بمالها وواسيتها وحملتني وحملتها وصبرنا مع بعضنا في حلنا وترحالنا-
ولا أخفي سرا أن أقول أنني قد أحببتها من كل قلبي، كانت إمرأة خلوقة بهية الطلعة، ولم اكن
ارغب الغياب كثيرا عن المنزل لشدة ولعي بها، فلم أخفي عنها سرا لثقتي بها الثقة المطلقة ،
كان لنا هدف نسعى إليه وهو تكوين أسرة يملؤها الحب والحنان والعطف والمودة والشفقة،
مرت بنا أزمات وأحداث وشدة ، تقلبت بنا الأيام بين الحاجة والعوز والفقر والغنى وبين الصحة
والمرض وبين الغضب والرضا والسراء والضراء - مرت بنا ساعات الرخاء وساعات الشدة –
نبحث معا عن الحلول ونتعاون لأجل أبناءنا وكأننا جسد واحد – كان حرصنا على أولادنا أكثر
من حرصنا على أنفسنا نحزن لحزنهم ونفرح لفرحهم – إذا اشتكى منهم احد تقطعت قلوبنا
من أجلهم كمدا ، وإذا اشتكى احدنا من مشكلة في العمل أو في جسده أو في صحته كان
الآخر نعم المعين له ، يالها من لحظات وذكريات وأحلام كنا ننسجها لأنفسنا لنبني لنا مجدا
كنا نحلم ببنائه – كم من السنين مرت ونحن تحت سقف واحد نتداول أطراف الحديث ويساند
بعضنا بعضا في المحن والشدائد ، أزمنة عديدة ونحن ننتظر فجر يوم جديد ينبلق فجره لنصحو
من جديد ومعنا أبناءنا يحملون حقائبهم على ظهورهم للذهاب للمدرسة كما هو حال باقي البشر –
ولم يكن يكدر خواطرنا سوى ما يشتكي منه غالب البيوت من الجفوة أحيانا بين الزوجين – حتى
جاءت تلك الساعة المشؤومة في ذلك اليوم المبارك من يوم الجمعة الذي تستعد فيه الملائكة
لدخول المسجد وسماع الخطبة - وليته ماجاء إذ سمعت محادثة هاتفيه مسجلة بين شريكتي وبينه
وقد سمعت كافة تفاصيلها يتبادلان الحديث ويرتبان موعد اللقاء القادم ، ويوم كانت المحادثة في غياب
الرقيب عن المنزل علمت أنها مكالمة مشبوهة زاغ فيها بصري واشتعل قلبي نارا – حتى لم يغمض
لي جفن ولم يهدأ لي بال حتى كانت المكاشفة إلا أن شريكي لم يعترف فجمع بين الخيانة والكذب
مما جعلني أقرر وبدون تردد الفراق الأبدي – فلا أستطيع العيش مع زوجة جمعت بين الكذب والخيانة ،
ولو أن الشريك اعترف بخطئه وأقر بذنبه وندم وعاهد الله على تصحيح المسار لقبل الزوج التوبة فالتائب
من الذنب كمن لاذنب له – وبعد الفراق الذي فرح له الشيطان فقد كنت وما زلت اكتب ودموعي
على خدي من هول المصائب – الخيانة – الفراق - تشتت الأبناء – هدم المنزل – كلام الناس – الخ
تطلقت المرأة وكان عقابها الذي تستحقه – فما ترون أحبتي الكرام العقاب الذي يستحقه
من كان لها عاشق أراه يسرح ويمرح وكأن شيئا لم يكن.
وأخيرا ياله من زرع لم يشتد عوده بعد ولم نحصد ثمرته حتى الآن .
(ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ).