قدرة الدماغ البشريّ تفوق قدرة الكومبيوترات والحواسيب التي نصنعها الآن بعشرات إن لم يكن بمئات المرّات،
لكن حجم الدماغ صغير مقارنة بالحواسيب، ولا يستهلك نفس الكمية من الطاقة، فما السبب؟
هذا الأمر بالتحديد هو ما أثار تساؤلات عديدة لدى شركة تصنيع الحواسيب الشهيرة IBM حيث بدأت الشركة مؤخراً بالعمل على تطوير مشروع بهدف
إنتاج حاسب يعمل بالدم الإلكترونيّ بدلاً من الأسلاك الكهربائية، في محاولة لمحاكاة الدماغ البشريّ وطريقة عمله. المهندسان Patrick Ruch و Bruno Michel
عرضنا النسخة الأولية من هذا الجهاز، وأكّدا أنّ هذا النموذج مستوحىً بشكل كبير من طريقة عمل الدماغ البشريّ الذي يستخدم ما مقداره 20 واط
من الطاقة فقط، لكنه على الرغم من ذلك، يستطيع القيام بأمور مذهلة.
لتحقيق هذه الغاية، استخدمت IBM في نموذجها الأوليّ مواد سائلة في محاولة لتقليد الدم البشريّ، ومهمة هذه السوائل تكمن في نقل المعلومات
والبيانات لتتمّ معالجتها. في الوقت ذاته، ستعمل هذه السوائل أيضاً على تبريد المعالج وخفض حرارته حيث يؤكّد Bruno Michel أن الحواسيب
التي نستخدمها حالياً تستهلك جزءاً كبيراً من طاقتها لتبريد الأجزاء الداخلية، فيما تستخدم جزءاً بسيطاً جداً من الطاقة لمعالجة البيانات، وهو عكس ما يقوم
به الدماغ البشريّ الذي يستهلك ما يقارب الـ 10% من طاقته فقط للتبريد. لا تعملIBM على مستوى الأداء والتقنية الجديدة فحسب، بل إنها أيضاً
تسعى إلى تقليل حجم الحواسيب، والحلّ الأفضل لتحقيق ذلك بحسب Michel هو عن طريق تقليد الدماغ البشريّ ومحاكاته بشكل دقيق.
في الواقع يعتمد هذا المشروع على عدد من المبادئ الطبيعية ومنها مبدأ حرق الطاقة (الأيض) وتناسبه مع الحجم والوزن،
فكلما كبر الحجم زادت القوة الأيضيّة. مثال عن ذلك قد يكون الفيل الذي يزن مليون فأر لكنه يستهلك طاقة أقل بـ 30% ويستطيع أداء مهام لا يمكن للمليون فأر القيام بها.
هذه القوانين الطبيعية يمكن تطبيقها في عالم الحواسيب والتقنية أيضاً، ولذلك يحاول المهندسون في IBMالاستفادة منها لإنتاج جيل جديد من الأجهزة عالية الأداء.
لا يزال هذا المشروع قيد الاختبار والتجربة، ولكن في حال كتب له النجاح، سيقدم جيلاً جديداً من الأجهزة، وهذا سيتطلّب بلا شك تغييراً في التصاميم وتقنيات التصنيع.
على سبيل المثال، وبحسب IBMفإن جهاز petaflop عالي القدرة والسرعة مع حجم يصل إلى نصف ملعب كرة قدم، سيصبح بحلول عام 2060 بحجم
حاسبك المكتبيّ الذي تستخدمه اليوم. يبدو هذا مذهلاً ونحن متحمسون لرؤية أجهزة بدمّ الكترونيّ قريباً!