في الماضي كان الإقتراب من
هاتف المنزل محظورا وممنوعا الا على الاولاد
وإذا رن الهاتف
يتعالى صوتهم الآمر من بعيد "
لاحد يرد" فهذا الجهاز الساحر ارتبط بمفهوم
الحياء والأخلاق وكان اقتراب البنات
منه يماثل خروجهن في الشارع دون غطاء
رأس من حيث الجرم والعقوبه
في الماضي كان أقصى مايشاهده
الصغارفي التلفزيون جورجي الباحثة عن
عائلتها والحكايات العالمية والسنافر
ومغامرات شخصية رجل يتخفى في
زي دب كبير ليخبرنا أن نتعلم الأمانه
والصدق وكنا نصدق أن هذا هو شكل
الدب ولا شكل سواه.
في الماضي كان الأب عملاقا كبيرا
نَظْره من عينه تُخرس الكل وضحكته تطلق
أعيادا في البيت
وصوت خطوته القادمة إلى الغرفة تكفي
لأن يستيقظ الجميع من عميق السبات
لصلاة الفجر
في الماضي كانت المدرسة التي تبعد
كيلوين قريبه لدرجة أن نتمشى إليها كل
صباح ونعود منها كل ظهيرة لم نحتاج
باصات مكيفة ولم نخشى على أنفسنا
ونحن نندس في الحواري لنشتري عصير الفيمتو
المثلج في أكواب بلاستيكية
ونعود للبيت بملابس تبقعت به
في الماضي لم تكن هناك جراثيم على
عربات التسوق ولم نعرفها في أرضيات
البيوت المكسوّه بالبلاستيك
ولم نسمع عنها في إعلانات التليفزيون
ولم نحتاج لسائل معقم ندهن فيه يدينا
كل ساعتين لكننا لم نمرض
في الماصي كانت للأم سُلطة وللمعلمة
سُلطة وللمسطرة الخشبية الطويلة سُلطة
نزدرد ريقنا أمامها وهي وإن كانت
تؤلمنا لكنها جعلتنا نحفظ جزء عم
وجدول الضرب وكتابة الخط العربي ونحن
لم نتعد التاسعة من العمر بعد
في الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة
مساء تصبح فارغة وكانت النساء تمكثن
في بيوتهن ولا يخرجن أبدا في المساء
وكان الرجال لايعرفون مكانا يفتح أبوابه
ليلا سوى المستشفى والمطار
في الماضي لم يكن الأب متعلما ولا
الأم مثقفة وكان الصغار ينجحون ويفهمون
دون دروس خصوصية ويسجلون النتائج
الكبيرة في المدارس الحكومية
في الماضي كان للحياة عطر وأريج كانت
الحياة اجتماعية أكثر طيبة أكثر
مليئة بالفرح أكثر
الماضي
وفي هذه الأيام صارت الحياة سهلة
عملية متطورة لكن اختفت كل الأشياء التي ذُكرت..