تلك الفيحاء داري .. وصوت البلابل قيثاري .. ووشوشة النسائم أحلامي .. أرى أجنحة الملائكة وهي ترفرف فوق وجنات البراعم .. وهمسات تجري بين أجفان الأحبة من أطفال أبرياء .. كل الأزمان أصبح صبحاً فلا شمس هناك ولا ظلام .. وحديث من قلوب ملئت بالحب فلا تعرف الإثم والأحزان .. وحكايات وحكايات ترددها نجوم الصبح عند اللقاء .. فمالت غصون الزهر ونالت من تلك الينابيع .. وشربت ثم شربت فلم ترتوي من عشقها للماء .. وعلى كفوف الأغصان بنت تلك العصافير أعشاشها .. فنسجتها جميلة مثل القناديل .. ثم أخذت تغني وترقص في أحضان البساتين .. تلك جنة رابية ولمن لا يعرف الجنات أن يلتقي في رياض بدين .. تبحث مياه النبع عن أكاليل الأزهار فتجدها بين جنبات الحياض .. وعلى كتوف الجداول تقف الورود شامخة ترقص من فرح اللقاء .. قالت أسرارها للماء فلم يحفظ الماء تلك الأسرار .. فينقلها في همسة من زهرة وأقحوان .. وسمعت بتلك الأسرار نحيلات الرحيق فتناقلتها فوق التويجات والأفنان .. فتفشى الأمر وأصبح حديثاً تنقله اليعاسيب والفنان .. والكل يرقص طرباً من غناء العصافير والطنان .. ينحني العود الطري لما التقت به النسمات .. فيميل طربا للجنوب وللشمال .. لينال حظاً من قبيلات اللقاء .. فيا عجباً من حفلة عشاقها الورد والياسمين والريحان .. رياض رحل الحزن من ساحاتها فلم تعرف سوى حلم البراعم في مهد الجنان .. نغمات ينشدها الخيال من الخيال فأتت لسائلها بأجمل الألحان .. هي روعة الألوان وجمالها في لوحة الفنان .. هي ساحة خضراء هي قبلة الأنوار.. .. تساقطت قطريات الندى فكأنها تشابهت وتماثلت باللؤلؤ والمرجان .. وتلك القماري رفرفت فوق الجنان .. ثم توقفت لما رأت عين القوان .. وتمايلت ثم انحت لترى وتسمع صوتها في جوقة الألحان .. وأوزة بيضاء تفكر في الرحيل وهي فكرة دامت لآلاف السنين .. وبلشوم يقيس الأرض دوماً بقدميه فأضناه الخطى فوق ماء وطين .. وطيور الماء أزعجها قنص ورقص لبجعات ترفرف كل حين .. فضاقت رمال البحر بالعشاق فكل يرتجي فضل النعيم .. فهناك موطن الأسرار فيا ترى هل من موطن مثل بدين ..!!