أقنعة للبيع ! د. خاطر الشافع الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المُرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
وبعد :
فلا حول ولا قوة إلا بالله، بعدما غلب على الأمور مُيوعة التقدير والحكم والتمييز، فاختلطت معاني الحق والعدل بإفرازات لغة العصر الغالبة، وتضاربت القِيَم - في تناقض مَعِيب - بين أهواء المعاني، فصار الفتح، والضم، والكسر، والجر، على مسافةٍ واحدة طبقًا لتداعيات الموقف، ومتطلبات الصورة، وبات الفعل يناشد الأسماء الإخلاص للمعاني، دونما موارَبة، أو زيفٍ، أو بهتان.
هزلِيَّةٌ هي الصورةُ، ومشوشةٌ هي الفكرةُ، وطابور من (صفات التملُّقِ) يبدو في أفق المعاني، فمحظورات الأمس صارت مستباحة، وضاقت - إلى حد اللامسافة - كل الزوايا، إن أردتها حادَّةً كانت، وإن استفرجتها انفرجت، فهي - كغالب معاني العصر - تحت الطلب.
موجِعةٌ هي المعاني، وهُلامِيَّةٌ هي اللحظة، وجيش جرَّار من (كل الألوان) يركض في نفس النقطة، يطمس ما شاء من معانٍ، وذابت - بلا حرج أو حياءٍ، أو حتى استحياء - فواصل الألوان، فالإشارة (رهن الإشارة!)، إن شئتها حمراء لا مانع، وإن سألتها اخضرارًا لَبَّتْكَ.
(تناقضات) تغمرك كما السيلِ، إن وضعتك اللحظة تحت (رحى الأقنعة)، وإن داهمَتْكَ - كما الأفاعي - لسعاتُ (التملُّق)، وكأن الوجوه استُبدِلَت بها أنياب حاميات لا تُبقي ولا تذَر.
ملعونةٌ هي الأقنعة !
*** حدِّث ولا حرج عن (شروقٍ بلون الغروب).
*** حدِّث ولا حرج عن (توافقٍ بمعنى الاتفاق).
*** حدِّث ولا حرج عن (تفاهمٍ بطعم الإملاء).
*** حدث ولا حرج عن (تجاذُبٍ أكثر منه تلاصق)، وعن (تقارُبٍ أكثر من تطابُق)، وعن (تواؤُم أكثر منه تشابه).
*** حدِّث ولا حرج عن (لباسٍ) تُفَصِّله وقتما تشاء على (القدِّ والمقاس)، تختار لونه وخامته وشكله، وتُقرِّر لمن ترتديه ولمن تخلعه.
*** حدِّث ولا حرج عن لافتاتٍ - مُعلَّقة فوق الصدور - مكتوب عليها (أقنعة للبيع)!
اللَّهم اصرف قلوبَنا إلى مؤانستك، وأَجْزِلْ حظنا من التمتع بعبادتك؛ فلا خير في مخلوقٍ تعلَّق بخلقك أكثر منك سبحانك.