دخلت تهديدات شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية بقطع الكهرباء عن الضفة حيز التنفيذ أمس الثلاثاء، متركزة في مدينتي نابلس وجنين، وسط تهديدات بجولات قطع ستتكرر إلى أجل غير مسمى في المدينتين، دون أن تتضح بعد احتمالية انتقال هذه العقوبات إلى مدن أخرى لاحقًا.
وأثارت هذه الإجراءات مخاوف من خسائر بليغة في اقتصاد المدينتين، وسط تساؤلات عن أسباب استهلال هذا الضغط على شركة كهرباء الشمال برغم محدودية مديونيتها قياسًا بشركة كهرباء القدس.
لماذا نابلس وجنين أولا؟!
ويقول رئيس بلدية نابلس غسان الشكعة، إن “إسرائيل” تريد الضغط على الفلسطينيين بأقل خسائر ممكنة على الصعيد الدولي، ما جعلها تتجنب قطع الكهرباء عن مدينة رام الله التي تتواجد فيها مقرات قنصليات ومؤسسات أوروبية ودولية، حتى لا تثير الرأي العام الدولي ضدها.
ويضيف لـ قُدس الإخبارية، أن بلدية نابلس لم تتلق حتى الآن أي اتصال هاتفي من قنصلية أو جهات دولية، وأن كافة الاتصالات كانت فقط من الإعلام المحلي والحكومة، ما يشير إلى أن المؤسسات الدولية لم تتفاعل بعد مع هذا الإجراء رغم خطورته، وأبعاده الإنسانية.
بدوره يرى الخبير الاقتصادي نصر عبدالكريم أن بدء الضغط من نابلس وجنين يرجع إلى أن شركة كهرباء الشمال مملوكة لبلديات فلسطينية، فيما تعتبر شركة كهرباء القدس شركة مسجلة وصاحبة امتياز في دولة الاحتلال، ما يعني أن قطع الكهرباء عنها سيحتاج للجوء إلى المحاكم الإسرائيلية والحصول على حكم بذلك.
ويتابع عبدالكريم شرح أسباب هذه الخطوة لـ قُدس الإخبارية، مبينًا، أن وقوع مستوطنات إسرائيلية في مناطق القدس وبيت لحم ورام الله في نطاق امتياز “كهرباء القدس” يجعل قطع التيار عن هذه الشركة خطوة أكثر خطورة من قطعها عن “كهرباء الشمال”.
وفيما يؤكد الشكعة أن مديونية “كهرباء الشمال” لصالح الاحتلال لاتتجاوز 48 مليون شيكل فقط، وأن جزءًا من هذا المبلغ هو فاتورة الشهر المنصرم وقد وصلت قبل أيام فقط، يرى عبدالكريم أن هذا المبلغ عالٍ قياسًا بعمر الشركة الذي لا يتجاوز عدة سنوات.
آثار اقتصادية والعقوبات ستسمر
ولم تعلن “الكهرباء القطرية” عن موعد محدد لنقل هذه العقوبات إلى مدن أخرى، أو زيادة عدد ساعات القطع خلال الأيام المقبلة على نابلس وجنين، لكن الخبير نصر عبدالكريم أكد أن هذه العقوبات مرتبطة بالانتخابات الإسرائيلية ومحاولات رئيس وزراء الاحتلال الحالي بنيامين نتنياهو حصد أكثر أصوات ممكنة على حساب الفلسطينيين وبكل الطرق.
وبناء عليه، يرى عبدالكريم أن هذه العقوبات ستتواصل حتى موعد انتخابات الاحتلال في 17/آذار الجاري، متوقعًا، أن تستمر حتى بعد الانتخابات وظهور ملامح الحكومة المقبلة، مؤكدًا، أن “الكهرباء القطرية” وهي شركة حكومية لم تتخذ هذا القرار إلا بضوء أخضر من الحكومة.
من جانبه يعتبر مدير غرفة تجارة نابلس حسام الحجاوي أن هذا الإجراء يمثل عقوبة جماعية تستهدف الشعب الفلسطيني بشكل عام، ومن شانه إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد في نابلس، ستنعكس مع الأيام على الاقتصاد الفلسطيني عمومًا.
ويضيف لـ قُدس الإخبارية، أن قطع الكهرباء لمدة ساعتين من ثمان ساعات هي فترة الدوام تمثل نسبة عالية، ستؤدي لخسائر في الإنتاج والتسويق والرواتب المدفوعة، قد تصل لخسائر إنسانية لاحقًا.
لكن عبدالكريم يرى أنه من المبكر الحديث عن خسائر إنسانية، وأن الوصول لهذه المرحلة يحدث في حال انقطاع التيار لفترات طويلة، مبينًا، أنه بالإمكان السيطرة على انقطاع التيار الآن من خلال بدء الدوام مبكرًا وإنهائه لحظة نهاية الدوام.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن معارضة شديدة من جهات رسمية إسرائيلية لهذه الخطوة، وهو ما اعتبره نصر عبدالكريم تخوفًا من هذه الجهات من أن تؤدي هذه الظروف لانفجار الأوضاع في الضفة ووقوع مواجهة جديدة