بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشرفي الآونة الأخيرة التساهل والتهاون في أمر عظيم ألا وهو الكذب ,, فأصبح البعض لا يتورع عن الكذب في المزح ولا حتى في الجد ,, وكما هو معلوم أن الكذب محرم وقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله وفي مواضع متفرقة تنهى عن الكذب منها :
قال الله تعالى : " إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب " [غافر:28]
قال تعالى: " قتل الخراصون " [الذاريات:10] أي لعن الكذابون .
وقال تعالى :"إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُون" [النحل:105]
ووردت أحاديث كثيرة في السنة النبوية تحذر منه :
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((آية المنافق ثلاث – وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم – إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان )) صحيح مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( أربع من كن فيه كان منافقاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر )) خرجه البخاري ومسلم.
فدل هذين الحديثين أن الكذب صفة من صفات المنافقين ,,
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (( يطبع المؤمن على كل شيء ليست الخيانة والكذب )) فبين هذا الحديث أن المؤمن ممكن يذنب لكن لا يكذب ,,
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )) الصحيحين .
فالكذب يؤدي بالتدرج إلى الفجور ثم إلى النار نسأل الله السلامة والعافية ,,
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (( ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة )) رواه الترمذي وحسنه وأحمد وصححه الألباني .
فوضح هذا الحديث أن أبغض الأخلاق للرسول صلى الله عليه وسلم هو الكذب فحري بنا الإبتعاد عنه إقتداءًا بالرسول ,,
• وهناك حالات محددة رخُص فيها الكذب وهي :
الإصلاح بين المتخاصمين و في الحرب وبين الزوجين فيما يجلب بينهما الحب والمودة ,,
ودل على ذلك ما ورد في الحديث الذي روي عن أم كلثوم فقالت : (( ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب ، إلا في ثلاث : الرجل يقول القول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها )) أخرجه مسلم .
• ومن صور التهاون في الكذب :
- الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال صلى الله عليه وسلم : (( ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) اخرجه البخاري .
- الكذب في المنام :
وقد حذر الرسول من الكذب في المنام بأن يدعي الشخص أنه رأى في منامه ما لم يرى ,, ومن أمثلة ذلك ما نقرأه من مقالات يدعي فيها الكاتب بأنه رأى رؤيا وهو لم يرى شيء وهذا من التهاون في الكذب في الرؤيا التي حذر منها رسول صلى الله عليه وسلم فقال : ((
من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل)) رواه البخاري .
وفي حديث آخر (( من أفرى الفرى أن يري الرجل عينه ما لم تر)) رواه البخاري .
- الكذب في المزح أو الجد :
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كبرت خيانة أن تُحدث أخاك حديثًا هو لك مصدق وأنت له كاذب ))رواه أبو داود في سننه . .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له)) أخرجه الثلاثة بإسناد جيد .
وقال صلى الله عليه وسلم: (( أنا زعيم بيت في رَبَضِ الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحِقَّا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وبيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه)) رواه أبو داود .
• وهناك من يتساهل في الكذب بتغطيته بغطاء شرعي مثل التورية والمعاريض والتي تكون في حدود ضيقة حددها الشارع ومع ذلك نجد من توسع فيها مما أدت إلى التهاون والتساهل في الكذب !
وأيضاً التقية التي يفهمها البعض على غير مرادها المقصود في كتاب الله فيقدمون قول بشر غير معصوم على كلام الله وكلام رسوله صلوات ربي وسلامه عليه مما أدى إلى استمراءهم الكذب وتعودهم عليه وأصبحت حياتهم قائمة على الكذب ويخشى أن يكون حالهم يوم أن يقفون أمام الله كحال من ورد ذكرهم في هذه الأية
وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا " [الأحزاب:
• فالتهاون بالكذب يؤدي مع الوقت إلى التعود عليه و التطبّع به , فيكون الكذب من صفات الإنسان فلا يشعر بعدها أنه فعل أمر محرم أو قام بسلوك خاطئ وذلك بسبب التساهل والتهاون به ,,
عوِّد لسـانك قول الصدق وارض به
..................... إن اللسـان لما عوَّدت معتـــاد
• وإنتشار مثل هذه الظاهرة تنبه لأمر عظيم وجلل وهو قرب وقوع الساعة حيث بين الرسول أن من علامات الساعة إنتشار الكذب ,,
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمان ويكثر الهرج. قيل وما الهرج قال القتل ))
وقال صلى الله عليه وسلم : (( إنها ستأتي على الناس سنون خدّاعة ، يُصدَّق فيها الكاذب ، ويُكذَّب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرُّوَيْبِضَة " قيل وما الرُّوَيْبِضَة ؟ قال : السفيه يتكلم في أمر العامة )) رواه أحمد .
عليك بالصــــدق ولـو أنه ... أحرقك الصـدق بنـار الوعيـد
وابغ رضـا المولى فأغبى الورى ... من أسخط المولى وأرضى العبيد
اللهم نسألك يا حي يا قيوم لساناً صادقا ،, وعلما نافعا ،, وعملاً متقبلاً
,, آميـــــــــــن ,