في عصرنا الحالي ظهرت العديد من
الأمراض التي تصيب جسم الإنسان وربما تودي بحياة الشخص المريض إذا لم
يعالج منها علاجا كاملا، أو يحتاط لها بسبل الوقاية اللازمة.
على أن هناك أمراض أخرى قد تلحق ضررا بالغا بمجمل
الكيفية والأساليب التي يدير بها كل إنسان وقته؛ وتعتبر المماطلة أو
التسويف واختلاق الأعذار من أكثر هذه الأمراض خطورة، بل وتعد العدو الأول
لإدارة وتنظيم الوقت، والحقيقة أن لا أحد يحب المماطلة واختلاق الأعذار فهو
وباء على حياته، فما هو التسويف؟ ولماذا نماطل؟ وكيف نتوقف عن اختلاق
الأعذار؟
ما هي المماطلة؟
كلمة تصف أكثر الأمراض المنتشرة
التي عرفتها الإنسانية، وإذا قمنا بتعريفها فسنجدها هي أن تقوم بمهمة ذات
أولوية منخفضة بدلا من أن تنجز مهمتك ذات الأولوية العالية، أو الميل
لتأجيل أداء المهام والمشروعات حتى الغد أو بعده بقليل عن طريق اختلاق
الأعذار، ونظرا لأنه يتم تأجيل كل شيء فإنه لا يتم أداء أي شيء ، وإن تم
أداؤه فإنه سيجيء مبتورا وناقصا وغير مكتمل.
هل أنت مماطل؟
لتحديد ما إذا كنت قد أصبت بمرض
المماطلة أم لا ... نطرح عليك بعض الأسئلة التالية التي تحدد الإجابة عنها
درجة خطورة المرض واستفحاله:
- هل أنا من أولئك الأشخاص الذين يخترعون الأسباب أو يجدون الأعذار لتأجيل العمل؟
- هل أكون محتاجا دائما للعمل تحت ضغط شديد لكي أكون كفئا ومنتجا؟
- هل أتجاهل اتخاذ تدابير صارمة لمنع تأجيل أو تأخير إنجاز أي مشروع؟
- هل أفشل في السيطرة على المشكلات غير المهمة والمعوقات الأخرى التي تمنع استكمال المهمة؟
- هل أشعر أحيانا بأنني لا أهتم بإنجاز العمل.
- هل أكلف الزملاء بأداء عمل من الأعمال التي لا تروق لي؟
- هل أترك المجال للمواقف السيئة حتى تستفحل بدلا من التصدي للمشكلة في الوقت المناسب؟
إن غلبت الإجابة على هذه الأسئلة بكلمة (دائما) فإن
الفيروس سيكون قد انتشر في كل أنحاء الجسد، وإن كانت الإجابات الغالبة هي
(بعض الأحيان) فلا يزال هناك متسع من الوقت لتناول الدواء الشافي، أما إن
غلبت الإجابة بكلمة (قليلا) فإن الفيروس لا يزال يمر ببدايات فترة الحضانة،
ولكن، ومهما كانت الإجابات، ستجد كلا منا يماطل في هذا الجانب أو ذاك،
وذلك لسبب بسيط هو أن معظم البشر يماطلون أيضا، فعلى سبيل المثال هناك
العديد من المديرين الذين يستعدون لاجتماعات مهمة في لحظة أو قبل دقائق
قليلة من موعد الاجتماعات، وأيضا يوجد العديد من الطلاب وتلاميذ المدارس
ممن لا يعكفون على مراجعة دروسهم إلا خلال الليلة التي تسبق الامتحان
النهائي، وأيضا يتقدم البعض لشغل وظيفة من الوظائف بعد انتهاء موعد
التقديم. إن كل هذه الأمثلة تعد نماذج من أشكال المماطلة واللامبالاة
المتعددة.
صفات المماطلين واللامبالين
يتسم المماطلون بصفات سلبية عدة من أهمها:
- أنهم يرغبون في فعل شيء ما، بل ويتخذون قرارا بهذا الشأن.
- ينتهي بهم الأمر عادة لعدم أداء أي شيء لأنهم لم يتابعوا تنفيذ قراراتهم.
- يدركون، ولو جزئيا، النتائج السلبية لعدم قيامهم بتنفيذ قراراتهم، أي أنهم يعانون.
- يمتلكون مواهب عالية لاختراع الأعذار لعدم إنجاز ما كان يجب عليهم إنجازه، وذلك في محاولة لكبت ما يسمونه بتأنيب الضمير.
- يغضبون بسرعة ويتخذون قرارات جديدة.
- لا ينفذون هذه القرارات الجديدة أيضا، وبهذا يماطلون أكثر.
- يستمرون في تكرار الأشياء نفسها، ويسيرون في
الدائرة ذاتها حتى تنشأ أزمة لا يستطيعون حلها ومن ثم لا يجدون أمامهم إلا
خيارا واحدا وهو إنجاز ما بدؤوه.
إن أسوأ ما في المماطلة والتسويف هو تحولها لنمط من
الحياة قد لا نشعر به، وذلك بسبب تحولها إلى عادة، إلا أنها بكل أسف عادة
سلبية لا تؤدي إلا لمزيد من الضغوط والمشكلات والصعوبات.
أعراض التسويف أو المماطلة
يمكن توقع ومنع ومحاربة
المماطلة وذلك بتطبيق آليات عده، هناك سلوكيات و أفعال تكون أعراض لمرض
المماطلة والتي يجب أن تنتبه إليها دائما وتتفاداها:
- ترك العنان للتفكير بحيث تأخذنا الأحلام أو
الذكريات بعيدا عن العمل أو المذاكرة مثل التفكير في الإجازة، أو استرجاع
ذكريات سابقة.. أو التفكير في النوم.
- الاستجابة طواعية للعوائق التي تحول دون إنجاز
العمل مثل سيل المحادثات التلفونية اليومية، والزيارات المتكررة التي يقوم
بها الأهل و الأصدقاء نتيجة لعدم تحديد موعد مسبق، ومتابعة التلفاز لفترات
طويلة.. وقد يحدث أحيانا أننا لا نترك هذه المعوقات تحدث فحسب، بل قد نشعر
بالسعادة لوقوعها أحيانا لأنها تأخذنا بعيدا عن عناء العمل والواجبات،
الأمر الذي قد يؤدي إلى تزايد الارتياح النفسي لمثل هذه المعوقات والوقوع
تحت سيطرتها.
- قضاء فترات طويلة في تناول القهوة والشاي أو وجبة الغداء، أو الذهاب في مشوار طويل يستغرق كثيرا من الوقت.
- تركيز الاهتمام على إنجاز الأعمال الثانوية و غير المهمة بدلا من التركيز على ما يجب إنجازه بالأولوية.
- قضاء وقت طويل لإنجاز مهمة بسيطة لا تستدعي كل ذلك الوقت.
- الخوف من الفشل يكون أحيان أحد الأسباب التي تدفع الفرد إلى المماطلة.
الخوف من الفشل
الخوف هو أكثر الأعراض وضوحا
وأكثرها تكرارا ويساعد على التفشي السريع لفيروس المماطلة وعندما لا ينجز
الإنسان عمله أو يقوم بتأجيله يوما بعد أخر فإنه يسعى في واقع الأمر لحماية
نفسه، وإذا لم يحاول فإنه، وبكل وضوح، لن يفشل إلا أنه في الوقت ذاته لن
يتمكن من إحراز أي نجاح، ويجب ألا يغيب هذا عن بالنا، ولو للحظة واحدة.
إن الفشل في مواقف سابقة لا يعني أننا سوف نفشل مرة
أخرى، فإن الحياة تتغير دائما ويجب النظر إلى الأخطاء السابقة كمصادر مهمة
لمعلومات في غاية الثراء، وعليه يجب أن نتذكر القول المأثور: "لا خوف ولا
خجل من عثرة الحجر" إن المخيف والمخجل هو التحرك أو التعثر على الحجر نفسه
مرتين.
الأضرار الحقيقية للمماطلة
- من أكثر مضيعات الوقت خطورة.
- يخرج خطتك عن مسارها.
- يراكم العمل.
- قد يحرمك من النجاح، حيث إننا غالبا ما نؤجل الأعمال الصعبة، والمتعبة، وغير المحببة والثقيلة على النفس.
والآن ربما نتساءل ما الذي يدفعنا للمماطلة واختلاق
الأعذار بعد كل هذه الأضرار المترتبة عليها، وما الذي يدفعنا إلى تأجيل
الأمور المهمة والتي يمكن أن تحدث تغييرا في حياتنا، ولماذا نماطل ونختلق
الأعذار؟؟