المقدمـــــــة
t
(وأن الساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور)([1]).
صدق الله العلي العظيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبحمد من الله تعالى شرعت بتأليف هذا الكتيب وأسميته (إرفقوا بي يا ملائكة ربي)([2]) واستعرضت فيه الموت وهو من المغيبات ونافذة من خلاله يطل الإنسان على العالم الآخر ويجب أن لا ننسى الموت وما بعده الذي يشغل عقول الكثيرين ويجد المسلم حيرة كبيرة في معرفة بعض أسرار الموت وقد وضع أحد الكتّاب جزاه الله خيراً وهو الشيخ حسن العاملي في كتابهِ رسالة إلى الموت ولبرزخ تناول فيه مسألة الموت وهذا الكتاب قليل ما يتوفر منه ولذلك شرعت في تلخيص أهم ما جاء فيه بصورة مختصرة ومفيدة تفيد عامة الناس حتى أكون قد اسديت خدمة بسيطة لهذا الدين العظيم قاصداً بذلك وجهه الكريم وأستميح الكاتب العذر لتعذر حصولي على موافقته في ذلك ولكن أحرازي رضاه إن شاء الله وكذلك أستفدت من كتاب منازل الآخرة وكتاب سياحة في الغرب في تأليف كتابي هذا. وما علينا إلا أن نرحم أنفسنا ونتزود فأن خير الزاد التقوى (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد).([3])
والحمد لله رب العالمين
الشيخ
مالك عبد الرسول المياحي
النجــف 1422 هـ
ذكر المــوت
لقد حثت الروايات الواردة عن الرسول الأعظم (ص) وعن الأئمة الأطهار عليهم السلام على ذكر الموت والتفكير فيه في كل الأوقات وخصوصاً عند الأقدام على المعاصي وترك الطاعات فقد روي أن النبي (ص) سُئِلَ ، أي المؤمنين أكيس؟ فقال (ص) (أكثرهم ذكراً للموت وأشدهم إستعداداً له) ([4]) وخرج (ص) يوماً إلى المسجد فإذا بقوم يتحدثون ويضحكون فقال لهم (أذكروا الموت اما والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)([5]) ولذكر الموت والتفكير في أحوال الموتى من الأقارب والأباعد فوائد كثيرة حيث إنه يميت الشهوات في النفس ويعتبر علاج لقسوة القلب وقطع الأمل في الدنيا ولأستعداد للموت بالعمل الصالح. وينبغي أخذ الموعظة من الموتى الذين سبقونا حيث أصبحت اصواتهم هامدة ورياحهم راكدة وأجسامهم باليه وديارهم خاليه فاستبدلوا بالقصور المشيدة بالقبور اللاطئة الملّحدة ومن أراد أن يتعض فليذهب إلى القبور ويتفكر في أحوال الموتى. ومن أعظم الكلمات الدالة على أخذ العظة من الموتى ما قاله الأمام علي (ع) قبل ساعة بموته (أنا بالأمس صاحبكم وأنا اليوم عبرة لكم وغداً مفارقكم ليعضكم هدوئي وخفوت أطراقي وسكون اطرافي).([6])
المــــوت
عُرِفَ الموت بأنه (إنفصال الروح عن البدن وترك تعلقها بالمادة وآثارها) وبأنه نافذة تطل منها الروح على العالم الآخر لتنتقل إلى منـزل آخر من منازل سير الإنسان إلى الله تعالى وللتوضيح نقول الإنسان مركب من أمرين 1-الروح وهو من العالم العلوي الملكوتي 2-البدن هو من العالم السفلي المادي فإذا أراد الله ان يخلق إنساناً أهبط الروح من عالمها العلوي إلى البدن لتحييه وتحركه.
الموت: (هو رجوع الروح إلى عالمها إن كان سعيداً فإلى السعادة الأبدية وإن كان شقياً فإلى عالم الشقاوة والعذاب ويبقى البدن في هذا العالم تعرض عليه عوارض مختلفة وأستحالات كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى فموت الإنسان تفريق بين شيئين لا أن يكون إنعدام شيء في البين والحشر ، والمعاد (عبارة عن أئتلافهما وأجتماعهما ثانياً بعد تفرقهما مدة لا يعلمها إلا الله والأرض بالنسبة إلى الأبدان كالرحم بالنسبة إلى النطفة إلا أن الأرض رحم نوعي ومقر النطفة رحم شخصي).([7])
حتمية مــوت الإنسان
الإنسان سيلاقي الموت حتماً مؤمناً كان أم كافراً ، صغيراً أم كبيراً أحب الموت أم كره الموت بقوله تعالى (كل نفسٌ ذائقة الموت) حتى أشرف الخلق وخاتم النبيين محمد (ص) قد ذاق طعم الموت (وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون)
(إنك ميت وأنهم ميتون) وعن يعقوب بن الأحمر قال دخلنا على أبي عبد الله (ع) نعزيه بإسماعيل فترحم عليه ثم قال: إن الله تعالى نعى إلى نبيه (ص) نفسه فقال: (إنك ميت وإنهم ميتون) وقال: (كل نفس ذائقة الموت) ثم أنشأ يحدث فقال: إنه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل. ثم يموت جميعاً ثم يجيء ملك الموت كئيباً حزيناً لا يرفع طرفه فيقول له الله تعالى من بقي وهو العالم. فيقول يا رب لم يبق إلا ملك الموت فيقول الله تعالى مت يا ملك الموت فيموت ثم إن الله يأخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه ويقول أين الذي يدعون معي شريكاً؟ أين الذين يجعلون معي آلهاً آخر). ومن نعِمْ الله تعالى على الإنسان جهله بزمان الوفاة ومكانه قال تعالى (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ولا تدري نفس بأي أرض تموت).(
مـلك المــوت
إختار الله عزرائيل لقبض أرواح البشر قال تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون)وملك الموت يأتي إلى المؤمن بأجمل هيئة وإلى الكافر بأخوف صورة روي أن النبي إبراهيم (ع) قال لملك الموت يا ملك الموت أحب أن أراك على الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن فقال يا إبراهيم اعرض عني بوجهك حتى أتصور على تلك الصورة فلما رآه إبراهيم رأى صورة شاب حسن الوجه ثم قال له: أريد أن أراك على الصفة التي تقبض فيها روح الكافر فقال يا إبراهيم لا تقدر فقال احب ذلك فأعرض بوجهه ثم قال: أنظر فنظر إليه فإذا هو أسود كالليل المظلم وقامته كالنخلة الطويلة والنار والدخان يجريان من منخريه إلى عنان السماء فلما نظر إليه غشي على إبراهيم (ع) فرجع ملك الموت إلى حالته فلما أفاق إبراهيم (ع) قال يا ملك الموت لو لم يكن للكافر هول من الموت إلا رؤيتك لكفته عن سائر الأهوال)
وقد يتسائل البعض كيف يتمكن ملك الموت من قبض أرواح عدد كبير من الناس في وقت واحد مع أن بعضهم في المشرق وبعضهم في المغرب وبعضهم في البر وبعضهم في البحر وقد يموت جمع كبير بالغرق او الزلزال. والجواب. كمحطة الكهرباء ترسل طاقة كهربائية إلى بيوت متعددة في لحظة واحدة وعن الصادق (ع) قيل لملك الموت كيف تقبض الأرواح وبعضها في المغرب والمشرق فقال ادعوها فتجيبني.
سكرات المـوت
صعوبة الموت: لا شك أن الإنتقال من مرحلة إلى أخرى ومن عالم إلى عالم آخر لا يخلو من المشقة والصعوبة فسيجد الإنسان الشدة والصعوبة عندما يدخل في العوالم الجديدة لأنه يدخل داراً لم يألفها وعالماً لم يعرفه ومن هذه العوالم عالم الولاده وعالم الموت وعالم الآخرة ومن هنا نجد ان المعصومين عليهم السلام والأولياء يخافون من مرحلة الموت والآخرة لأنهم يتهيبون لقاء الله تعالى ويخشون عظمته فقد روي ان رسول الله (ص) كان يقول عند الإحتضار (اللهم أعنّي على سكرات الموت)
وأما الأمام علي (ع) فكان مندهشاً دهشة عظيمة وفزع ويردد (أرفقوا بي يا ملائكة ربي)
ولما حضرت الأمام الحسن الوفاة بكى فقال أنما أبكي لهول المطلع وفراق الأحبة)
والأمام زين العابدين (ع). كان يقول اللهم ارحمني فإنك كريم اللهم أرحمني فإنك رحيم ولم يزل يرددها حتى توفى) وسبب صعوبة الإحتضار في الموت لما فيه من سكرات ودواهي عظمى الداهية ، الأولى شدة نَـزْعْ الروح عن الجسد والداهية الثانية مشاهدة ملك الموت والداهية الثالثة معاينة العصاة لمواضعهم في النار والداهية الرابعة ترك المال والولد.
والنـزع: عبارة عن مؤلم نَـزَلَ بنفس الروح. فاستغرق جميع أجزائه حتى لا يبقى جزء من أجزاء الروح المنتشرة في أعماق البدن إلا وقد حلّ به الألم. حتى قالوا أن الموت أشد من ضرب بالسيف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض لأن قَطْعْ البدن بالسيف إنما هو يؤلم الروح فكيف إذا كان المتناول المباشر نفس الروح وإنما يستغيث المضروب ويصيح البقاء قوّته في قلبه ولسانه وإنقطاع صوت الميت وصياحه من شدة ألمه لأن الكرب قد بالغ فيه وتصاعد قلبه وغلب على كل مواضعه. أما العقل فقد غشيه ووشوشه وأما اللسان فقد أبكمه وأما الأطراف فقد ضعفها ويود لو قدرَ على الأستراحة بالأنين والصياح ولأستغاثة ولكنه لا يقدر على ذلك فإن بقيت به قوة سمعت له عند خروج الروح وجذبها خوراً وغرغره في حلقه وصدره وقد تغير لونه. روي عن الرسول (ص) قال والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف. أن الملائكة تكتف العبد عند موته ولولا ذلك لهام على وجههُ في الصحارى من شدة الموت قال عيسى (ع) يا معشر الحوارين أدعو الله أن يهون عليكم سكرات الموت. فإنها أشد من ضرب السيوف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض.
خروج روح المؤمن والكافر
يذكر اللهُ تعالى حال المؤمن عند الموت بقوله (يا أيها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية وأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي).
وقال تعالى (أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة إلا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم تؤمنون).
عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك أيستكره المؤمن على خروج نفسه قال لا والله. قال قلتُ وكيف أنذاك قال: أن المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله (ص) وأهل بيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وجميع الأئمة عليهم الصلاة والسلام ويحضرهُ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام قال فيقول أمير المؤمنين (ع) يا رسول الله إنه كان ممن يحبنا ويتولانا فَأَحبُهْ قال فيقول رسول الله (ص) يا جبرائيل إنه ممن كان يحب علي وذريته فأحبُه ويقول جبرائيل لميكائيل واسرافيل عليه السلام مثل ذلك ثم يقول جميعاً لملك الموت إنه ممن يحب محمد وآله ويتولى علياً وذريته فأرفق به.
وعن الباقر (ع) إذا أراد الله قبض روح الكافر قال يا ملك الموت أنطلق أنت وأعوانك إلى عدوي فلان فإني قد أبتليته فأحسنت البلاء ودعوته إلى دار السلام فأبى إلا أن يشتمني وكفر بي وبنعمتي وشتمني على عرشي فأقبض روحه حتى تكبه في جهنم قال فيأتيه ملك الموت بوجه كالح لونه كقطع الليل المظلم عيناه كالبرق الخاطف وصوته كالرعد العاصف ونفسه كلهب النار ، رأسه في السماء وقدماه في الهواء رجل في المغرب ورجل في المشرق معه سفود([8]) كثير الشعب ومعه خمسمائة ملك أعواناً معهم سياط لينها لين الأديم وهي من لهب جهنم ومعهم مسح أسود من جمر جهنم ثم يدخل عليه ملك الموت من خزان جهنم يقال له سحفطائيل فيسقيه شربة من حميم لا يزال منها عطشاناً حتى يدخل النار فأذا نظر إلى ملك الموت شَخْصْ بصره وطار عقله قال تعالى (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) فيقول ملك الموت (كلا أنها كلمة هو قائلها)
فيقول إلى ملك الموت فإلى من أدع أموالي ومن يكفل أيتامي وعيالي وما في الدنيا فيقول دعها في الدنيا لغيرك واخرج إلى النار.
الروح والجسد بعد الموت
وسماع الميت لأقوالنا ورؤيته لأفعالنا وتحولات الجسد بعد الموت.
بعد خروج الروح من الجسد يصبح البدن جيفه لا تساوي شيئا وذلك نتيجة عدة تبدلات وتحولات فيزيائية وكيمائية فيه سواء قبل الدفن أو بعده وهذا التحول والتبدل يكون بعدة أمور.
1- التلون الرمي: وهو بقع زرقاء كبيرة أو صغيرة في بعض مناطق الجسم المنخفضة وذلك بسبب أنحدار الدم بتأثير الجاذبية الأرضية.
2- التيبس الرمي: بسبب تحول السكر المخزون في العضل إلى حمض اللبن مما يفقد الخيوط العضلية خاصية المرونة والتقلص وهذا التيبس يبدأ بعد ساعتين من الوفاة ويزداد تدريجياً حتى يعم الجسم كله وبعد اثني عشر ساعة من الوفاة يظهر أول ما يظهر في عضلات الفك.
3- التعفن الرمي: وهو تعفن الجسد وأنطلاق الغازات العفنة الكريهة منه.
4- التفسخ الرمي: وهو تحلل الجسم وتفسخه وتحوله تدريجيا الى سوائل ثم الى غازات ثم يتبخر في الهواء ويساعد على هذا التفسخ عدة عوامل منها درجة الحرارة ودرجة رطوبة الجسم. روي عن رسول الله (ص) حتى إذا حُمِل الميت على نعشه ترفرف روحه فوق النعش وهو ينادى يا أهلي ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي. فجمعت المال من حله وغير حله ثم خلفته لغيري (فالمهنأ له والتبعة عليَّ فأحذروا مثل ما حل بي).
سماع الميت لأقوالنا
كثير ما يطرح سؤال هل يسمع الميت عندما يلقن الشهادة والجواب هو أن الإنسان ذو بعدين احدهما مادي جسماني والآخر معنوي روحاني والأساس في الإحساس والإدراك والسمع والبصر هو الروح لا الجسد إنما الجسد واسطة في نقل الإحساس فعندما تبصر بعينيك تكون الروح هي المبصرة حقيقة بواسطة الجسد. إذن فبعد أن تقطع الروح علاقتها بالجسد عند الموت تصبح رؤيتها وسماعها اقوى مما كانت عليه حال الحياة لأن السمع لم يعد بواسطة بل مباشر ويدل على ذلك قوله تعالى (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .. هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد).
يقول الأمام علي (ع) (فإنكم لو عاينتم ما قد عاين من مات منكم لجزعتم ووهلتم وسمعتم وأطعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا وقريب ما يطرح الحجاب) ، وهذه الحالة تبدأ حين المعاينة ورؤية العالم الآخر (عندما يأتي ملك الموت ويخرج الروح من أصابع رجلي الإنسان فإذا بلغت الصدر توقفت وعاينت ورأت مكانها وهذا هو أول منـزل من منازل الآخرة). ويدل على سماع الميت بعد الموت ما روى من أن الرسول الأعظم (ص) وقف على قليب بدر وأخذ يخاطب القتلى ويقول (يا أهل القليب يا عتبة بن ربيعة ويا شيبه بن ربيعة هل وجدتم ما وعدكم ربكما حقاً ، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً). فقال له بعضهم أتنادي قوما موتى؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما اقول منهم: ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني) ويُعْرف من ذلك بوضوح أن الأموات يسمعون حديث الأحياء ولكنهم لا يستطيعون الأجابة لأن الأعضاء التي يتكلمون بها تعطلت بسبب خروج الروح منها. ويبقى السماع والبصر للروح أذن الأنسان بعد موته تسمع روحه وترى وتتحرك وترى وتعرف كل شيء ولا نسمعه نحن لأن سماعنا بواسطة وهو الأذن والنظر بواسطة وهي العين.
هل يزور الميت اهله
روُيَّ عن الأمام جعفر الصادق (ع) (إن المؤمن ليزور اهله فيرى ما يحب ويُستّرْ عنه ما يكره وأن الكافر ليزور اهله فيرى ما يكره ويُستّرْ عنه ما يحب ومنهم من يزور كل جمعه ومنهم من يزور على قدر عمله) ([9]).
وعن إسحاق بن عمار قال: سالت الأمام الكاظم (ع): هل يزور الميت أهله وعياله؟. قال نعم فسألته: كم مرة؟ قال في الجمعة والشهر والسنة بمقدار مرتبته ودرجته فقلت: بأي هيئة يأتي اليهم؟ قال: على هيئة طير جميل يجلس على حائط البيت وينظر إلى أهل الميت فإن رآهم في حالة جيدة يفرح وإن رآهم في ضائقة يتأثر) أذن أن الميت يزور أهله ويعرف أحوالهم.
البرزخ
البرزخ في اللغة: (هو الحاجز بين الشيئين والمانع لهما عن الألتقاء) فمثلاً البحر الحلو والبحر المالح متقاربان وفي حركة مستمرة ولكن الله تعالى قد جعل بينهما حاجزاً ومانعاً عن استيلاء أحدهما على الاخر ويسمى هذا الحاجز برزخاً قال تعالى (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) ([10]).
وفي الإصطلاح: (هو العالم الحاجز والفاصل بين الدنيا والآخرة ويبدأ من مرحلة الموت إلى مرحلة البعث والنشور) سُئل الأمام الصادق (ع) عنه([11]) فقال: (القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة) ([12]) وقال (ع) البرزخ القبر وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة) والمراد من القبر في الرواية النشأة التي يعيش فيها الإنسان بعد الموت وقبل البعث ، وليس المراد به القبر المادي الذي يدفن فيه الإنسان نعم يكنى به في المرحلة البرزخية لأن النـزول إلى القبر يلازم أو يكون بدءاً لوقوع الإنسان فيه. وإلا كيف نتصور البرزخ لمن لم يدفن في القبر كالذين يموتون في البحر أو الذين تاكلهم الحيوانات أو الذين يحرقون بعد الممات ويدل على البرزخ من القرآن الكريم قوله تعالى (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
البدن المثالي في عالم البرزخ
يعيش الإنسان في عالم الدنيا ببدنه وروحه ، وأما في عالم البرزخ فإنه يعيش بروحه فقط دون جسده إذ أن الجسد يتلاشى بعد الموت وتبقى الروح فتتخذ قالباً للبدن في طوله وعرضه وشكله يسمى هذا القالب بالبدن المثالي ويفترق البدن المثالي عن البدن المادي بأنه غير متأثر بخصائص المادة فلا يتعرض للمرض أو الضعف أو الكبر لأنه لطيف وشفاف تساعدانه على التنقل من مكان إلى آخر بسرعة وسهولة بلا أي واسطة وتساعدانه على الرؤية الثاقبة البعيدة والسمع القوي ومعرفة المجهولات والبدن المثالي يشابه البدن المادي يقول الصادق عليه السلام (لو رايته أي البدن المثالي لقلت فلان) ([13]).
وعن الصادق (ع) إذا قبض الله روح المؤمن صيرها في قالب كهذا القالب في الدنيا) ([14]).
ويشبه العلماء البدن المثالي بالصورة التي تظهر في المرآة والعلة التي من أجلها أوجد الله المنامات للناس([15])) هي للدلالة على عالم البرزخ حيث أن النوم كالموت فكما أن الروح لا تموت بالمنام كذلك لا تموت بالموت وإنما الفرق أن إنعزال الروح عن البدن في المنام إنعزال جزئي بينما في الموت إنعزال كلي.
اين تذهب الأرواح بعد الموت
تنقسم أرواح الاموات في عالم البرزخ إلى ثلاث أقسام:
1-أرواح المؤمنين 2- أرواح الكفار والمشركين 3-أرواح المستضعفين والأشخاص البلهاء والأطفال الذين يموتون قبل البلوغ ويستفاد من الروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام أن محل أجتماع أرواح المؤمنين في عالم البرزخ هو (وادي السلام) ويقع جنوبي الكوفة في النجف الأشرف وهو مدفن أمير المؤمنين علي عليه السلام وعن أمير المؤمنين (ع) قال وما مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه إلحقي بوادي السلام وإنها لبقعة من جنة عدن).([16]) أما أرواح الكفار في حفر من النيران في وادي (برهوت) الواقع بصحراء حضرموت في دولة اليمن وكما أشار إلى ذلك الصادق (ع) أن من وراء اليمن وادياً يقال له وادي برهوت يغدى ويراح اليها بأرواح المشركين يسقون من ماء الحديد([17]) أما أرواح المستضعفين وهم الأشخاص الذين يعيشون حالة الضعف العقلية وكذلك الُبّله والأطفال وحالهم في البرزخ أنهم يبقون في قبورهم وتفتح لهم طريقاً إلى الجنة حتى يوم القيامة وعندما يحاسبهم الله وذلك أشارة إلى جواب الصادق عليه السلام عن زراره قال زراره سألت الصادق عليه السلام عن المستضعف قال مرفوع عنهم القلم.([18])
أهوال القبر
القبر أحد المنازل المهولة والموحشة للميت حيث فيه سؤال منكر ونكير وفتنة الملكين التي قد تسلب الإنسان أيمانه وفيه الضغطة التي قلما ينجو منها أحد ، وفيه الظلمات الثلاث ظلمة الأرض والوحشة والعمل.
وعن الأمام علي عليه السلام (يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فأحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته أن القبر يقول كل يوم أنا بيت الظلمة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود (القبر روضه من رياض الجنة أو حفره من حفر النار) ([19]) ويا له من ظلام دامس لا نجاة منه ومن وحشة لا تنقطع عن العاصي وحشة وأين منها وحشة الدنيا التي قد تـزول بالضياء.
وعن الرسول (ص) (ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه) ([20]).
السؤال في القبر
روي عن الأمام جعفر الصادق (ع) (من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا. المعراج والمسألة في القبر والشفاعة)([21]) والحكمة من السؤال في القبر هي تمييز أهل الأيمان من أهل الكفر وأما من الذي يسأل وعم يسأل ومن المسؤول؟ فالجواب أن الذي يتولى مسألة الكافر ملكان يقال لهما منكر ونكير لأنهما ينكران ما هو عليه والذي يتولى مساءلة المؤمن هما مبشر وبشير لأنهما يبشرانه بالجنة والرضوان والظاهر أن إختلاف شكل الملائكة ناتج من إنعكاس عمل الميت حيث يدخل عليه الملكان يتمثلان بصورة أعماله.([22]) فعن بشير الدهان عن أبي عبد الله (ع) قال (يجيء الملكان منكر ونكير إلى الميت حيث يدفن) أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف ، يخطفان الأرض بأثيابهما ويطئان في شعورهما فيسألان الميت من ربك وما دينك قال فإذا كان مؤمناً قال الله ربي وديني الأسلام ثم يسألآنه عن نبيه وأئمته فيجيبهما ويفسح له قبره ويفتح له باب إلى الجنة وإذا كان الرجل كافر دخلا عليه وأقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس فيسئلانه فلا يجيب فيخليان بينه وبين الشيطان فيسلط عليه في قبره تسعة وتسعين تنيناً (أي أفعى) ولو أن تنيناً واحداً منها نفخ على الأرض ما أنبتت شجراً ابداً وتفتح له باب إلى النار يرى مقعده فيها) ([23]).
ضغطة القبر
وهي المصيبة الكبرى والداهية العظمى التي قلما ينجو منها. أحد فعن أبي بصير قال (قلت لأبي عبد الله ، أيفلت من ضغطة القبر أحد. فقال نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر)
وقال الشيخ الصدوق عليه الرحمة أكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة وسوء الخلق والإستخفاف بالبول والمراد به (عدم الأستتار عن أعين الناس عند أرادته) وضغطة القبر وظلمته ووحشته لا يفلت منها أحد وتكون الضغطة للمؤمن لتطهيره من الأدناس والذنوب كي يحشر يوم القيامة ولا ذنب عليه فعن رسول الله (ص) (ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تقبيح النعم) ([24]).
أما ما ينجي الإنسان من ضغطة القبر فهي أمور:
1-قراءة سورة الملك 2-قراءة سورة التكاثر 3-قراءة سورة النساء كل جمعة 4-صلاة الليل 5-ركعتان ليلة الجمعة بعد الحمد سورة إذا زلزلت خمسة عشرة مرة 6-وضع جريدتين مع الميت ورش الماء على القبر 7-دعاء عند الدفن 8-الصلاة على النبي وآله 9-سورة القدر وعن الأمام الرضا (ع) (من اتى قبر أخيه ، ووضع يده على القبر وقرأ القدر سبع مرات امن من الفزع الأكبر) ([25]) 10-الوفاة بين الزوالين: عن الصادق (ع) (من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال يوم الجمعة) أعاذه الله من ضغطة القبر)([26]) 11-الدفن بجوار الإمام علي (ع) في النجف الشرف 12-قال الشيخ الصدوق: من أراد ان ينجو من عذاب القبر فعليه أن يلازم أربعة أمور (المحافظة على الصلوات وقراءة القرآن والتشييع والصدقة ، وتجنب أربعة اخرى الكذب والخيانة والنميمة والبول([27]))
العـــديــــــلة
أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان هي حالة الأحتضار فأما أن يبقى ثابتاً على الأيمان وأما أن يسلب منه ويموت كافراً وروي عن رسول الله (ص) (لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة لا يتيقن الوصول الى رضوان الله حتى يكون وقت نـزع روحه وظهور ملك الموت له) ([28])واكثر خوف الأولياء والعلماء والمؤمنين من سوء العاقبة وكان المرحوم السيد مهدي الشيرازي يتلوا في سجود الركعة الأخيرة (اللهم أجعل عواقب امورنا خيراً) والعديلة تحصل بعدول الفرد عن عقيدته إلى عقيدة أخرى فاسدة ، فيكفر بالله تعالى ورسوله (ص) وبالأئمة عليهم السلام بعدما كان مؤمناً حال الحياة ، وسبب العديلة راجع الى عدة أمور أهمها:
1-ترك الحج 2-الحيف بالوصية 3-عقوق الوالدين 4-شرب الخمر.
وللثبات على الإيمان يجب الأكثار:
1-من دعاء الصادق (ع) وهو (رضيت بالله رباً وبمحمد نبياً وبالإسلام ديناً ..أن رضيت بهم أئمة فأرضي لهم إنك على كل شيء قديراً.)([29])
2-المواظبة على هذا الدعاء (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب)
3-المواظبة على تسبيح الزهراء (ع) بعد كل صلاة فريضة وهو الله اكبر 34 الحمد لله 33 سبحان الله 33.
4-القول بعد فريضة المغرب والفجر: (بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
الإستعداد للموت
الخطوة الأساسية للإستعداد للموت هي (قصر الأمل في الدنيا) وجعل الموت نصب العين فإن من نظرَ الموت في كل لحظة لابد أن يستعد له وعن الإمام علي (ع) (من أرتقب الموت سارع في الخيرات)([30]) و (أعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)([31]). وكثيراً من الناس الذين ماتوا بالفجأة وهم يضحكون ويأكلون ويشربون بين أهليهم ونراهم أصحاء وأقوياء وإذا بالموت يختطفهم فلماذا نسوف العمل ونغفل عن الآخرة ويقول الأمام علي (ع) أوصيكم بذكر الموت وإقلال الغفلة عنه. إن موت القريب والصديق وبدء المشيب هو نذير لنا فلنستعد للموت عن الإمام علي (ع) )المشيب رسول الموت)([32]).
يجب الإستعداد للموت كإستعداد المسافر الذي يتأهب لركوب الطائرة في أي لحظة يدعى للصعود والطيران ويكون الإنسان على حالة لو جاء ملك الموت ليقبض روحه لما خاف منه بل يكون مطمئناً لأنه قام بأداء واجباته تجاه ربه. وللإستعداد للموت مراتب أولها ما ذكره الأمام علي (ع) و (أداء الفرائض واجتناب المحارم) فتكون بالتوبة إلى الله تعالى من جميع الذنوب وبقضاء الصلاة والصوم والحج وأرجاع الحقوق إلى الناس ومنها الخمس والزكاة وبالتسامح مع الناس وبالعمل بكل الواجبات التي فرضها الله عليك في المستقبل ولازم على الإنسان ان يهيء برنامجاً للإستعداد للموت: 1-يبقى في حالة دائمة بذكر الموت 2-يزور القبور أسبوعياً ولو مرة 3-أن يهيء كفنه 4-أن يكتب وصيته 5-أن يؤدي الحقوق الآلهية.
السفر إلى الاخرة
السفر من عالم الدنيا إلى عالم القبر ومن القبر إلى الحشر ومن الحشر إلى النشر ومن النشر إلى الموقف ومن الموقف إلى الحساب وإلى الميزان وإلى الصراط ثم حيث قضي الأمر والسفر إلى عالم الآخرة هدف وغاية هو لقاء الله تعالى وفي هذا السفر الطويل زاد ومتاع يصطحبه الإنسان معه إلى العالم الآخر ليقدمه بين يدي الله تعالى وليعينه على تخطي الأهوال والمصاعب في الطريق فوالله لا يجد الإنسان غير رفيق واحد وهو العمل إنه يؤنسه ويسليه وإلى هذا المعنى يشير الأمام علي عليه السلام بقوله (أن المرء إذا هلك قال الناس. ما ترك. وقالت الملائكة ما قدم).([33])
ومن هنا ورد عن الإمام علي (ع).
(إن القبر ينادي في كل ليلة أنا بيت الوحشة فلا تأتوني إلا بأنيس أنا بيت الظلمة فلا تأتوني إلا بسراج أنا بيت الغربة فلا تاتوني إلا بزاد أنا بيت الخراب فلا تأتوني إلا بمهاد).([34])
وأما ما هو هذا الزاد في طريق الآخرة؟ الجواب من القرآن وهو (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى). أي ترك المحرمات والعمل بالواجبات وترك الدنيا وما فيها فلا تغرك الدنيا فإنها بالية فأترك زينة الدنيا ولهوها ولعبها فإنك مغادرها عاجلاً أم آجلاً ولما قُدِّمَ طبق فيه أداميين للأمام علي قال لا تأتيني به أني سمعت رسول الله (ص) يقول (من طاب عيشه طال وقوفه امام الله تعالى).
ما ينفع الميت
هل ينفع الميت بإهداء الأعمال أليه؟
كثيرا ما يتسائل بعض الناس عن فائدة قضاء الصلاة والصيام والحج عن الميت وإنه هل تنفعه هذه الأعمال بعد موته؟ وهل ينتفع الميت بإهداء سورة الفاتحة له ، وغيرها من القرآن أم لا؟
وللجواب: أن بعض الأعمال التي قام بها الإنسان حال حياته تنفعه بعد الممات حيث تستمر أثرها بعد مماته كالصدقة الجارية وبعض الأعمال التي يقوم بها الغير نيابة عنه وهدية إليه تنفعه كذلك فترفع عنه العذاب او تزيده درجات أما الدليل على ذلك روي عن رسول الله (ص) (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث كتاب علم ينتفع به ، وصدقة جارية ، وولد صالح يستغفر له). ([35])
وأما الروايات الدالة على نفع القضاء للميت. سُئِل الصادق (ع) أي شيء يلحق الرجل بعد موته؟ قال (يلحقه الحج عنه والصدقة عنه والصوم عنه). ([36])
وروي عن رسول الله (ص) إنه قال: أهدوا لموتاكم فقيل يا رسول الله وما هدية الأموات؟ قال الصدقة والدعاء وقال أن أرواح المؤمنين تأتي كل جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ينادي كل واحد منهم بصوت حزين يا أهلي ويا ولدي ويا أبي ويا أمي ويا أقربائي أعطفوا علينا يرحمكم الله بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا ولمنفعة لغيرنا وينادي كل واحد منهم إلى أقربائه أعطفوا علينا بدرهم برغيف خبز او بكسوة) ([37]) وفي هذا المجال أحاديث وروايات كثيرة لا يسع المجال لذكرها كلها تشير على أن الميت ينتفع بعد موته بأعماله الصالحة وكذلك ينتفع بما يهديه الحي إليه وفي الروايات أن الميت يزو اهله كل ليلة جمعة وقيل كل شهر وكل سنة وكذلك يزور الميت أهله أول ثلاث ايام بعد موته وكذلك بعد سبعة أيام وكذلك بعد مرور 40 يوم وبعد سنة من موته.
الوصــِّـيَة
الوصية في الإسلام هي (التقدم إلى الغير بما يطلب منه أن يفعله) او هي (تفويض الإنسان بتصرف خاص بعد موته) ([38]) وقد شرعها الله تعالى رحمة بعباده فالإنسان الذي قصّر في أداء بعض الواجبات الشرعية كالصلاة والصيام والحج ولم يقضها في حياته سيعذب بعد وفاته. وإن أوصى بها وقام بها الغير نيابة عنه رفع عنه العذاب وينفعه ذلك فينبغي على الإنسان إذا لاحظ إمارات الموت أن يسارع إلى اداء الأمانات التي في حوزته أو الإيصاء بها ودفع ما عليه من الحقوق الشرعية. وأن يبدي بأسراره المهمة لكي لا يَظِلم أو يُظَّلِم وبما أن الموت لا يعرفه الإنسان وقبل أن يدهمه الموت وهذا ما ورد عن رسول الله (ص) ما ينبغي لأمريء مسلم أن يبيت ليلة إلا ووصيته تحت رأسه)([39]) .
صحوة الموت
من الملاحظ في حال من هو في مرض الموت أن تزول عنه الشدة ويستطيع الإحساس ثم يعود بعدها إلى سوء الحال وهذذ الفترة تسمى (صحوة الموت) وقد جعلها الله للإنسان كي ينجز وصيته – وعن الصادق (ع) (ما من ميت تحضره الوفاة إلا رد الله عليه بصره وسمعه وعقله للوصية)([40]).
بناء القبور وزيارتها
يستحب رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع اصابع مضمومة او مفرجّه عن ابي جعفر (ع) قال: قال النبي (ص) لعلي (ع) (يا علي أدفني في هذا المكان وأرفع قبري من الأرض ورش عليه من الماء)([41]).
ويستحب تربيع القبر وعلة تربيع القبر ما ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع) (لعله البيت (الكعبة). لأنه نـزل مربعا)([42]) ويجعل على القبر علامة ويكتب اسم الميت على القبر ويكره رفع القبر والجلوس على القبر والبول والغائط في المقابر والضحك فيها.
زيارة القبور: أتفق الفقهاء في كل الأعصار والأمصار على رجحان زيارة القبور وفي زيارة القبور العظة وتذكر الآخرة والزجر عن الأستغراق في ملاهي الدنيا وروي عن رسول الله (ص) (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور أما الآن فأنها تذكركم بالموت)([43]).
عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) الموتى نـزورهم قال نعم قلت فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ قال أي والله أن الموتى يأنسون بكم إذا زرتوهم ، فإذا غبتم عنهم استوحشوا ولروايات كثيرة في هذا المضمار لا يسع ذكرها ومن فوائد زيارة القبور وخصوصاً الوالدين فإن الدعاء (يستجاب عند قبر الوالدين) ([44]). أما وقت الزيارة تتأكد زيارة القبور في يوم الأثنين والخميس خصوصاً عصر الخميس وصبيحة السبت والروايات كثيرة في هذا المضمار) ([45]) وتشير هذه الأيام حيث يعرف الميت زائره ويستأنس به ويستوحش لمغادرته فزوروا موتاكم.
ما يهون سكرات الموت([46])
1- صلة الرحم 2-بر الوالدين 3-من كسى أخاه 4-من أطعم أخاه حلاوة 5-قراءة سورة يس 6-الصافات وتفيد المحتضر 7-كلمات الفرج (لا إله إلا الله الحليم الكريم.. …. …) 8-صوم آخر يوم رجب 9-زيارة الحسين 10-صيام أشهر رجب وشعبان ورمضان 11-صيام 6 من شوال.
وهناك أعمال كثيرة يستحب عملها تجدها في كتاب منازل الآخرة يقول([47]) لقد مت فرأيت أن مرضي الجسماني قد تلاشى وفي أتم صحة ورأيت أقربائي حول جنازتي يبكون علي فحزنت على بكائهم وقلت لهم أنني لم أمت بل زال عني مرضي إلا أن احد لم يسمعني وكأنهم لا يرونني ولا يسمعون صوتي فعلمت أنني بعيد عنهم ولكني كنت هناك بسبب معرفتي وحبي لتلك الجنازة وكنت أحدق بعيني وبعد غسل الجنازة وأجراء ما يلزم لها أتجهوا بها نحو القبر وكنت مع المشيعين الذين أرعبني أن أرى بينهم حيوانات وحشية مفترسة ولم يخافوها وهي لم تؤذ أحداً وكأنها أهليه وضعوا الجنازة في القبر وكنت واقف([48]) في القبر أتفرج وعندئذ أحسست بالخوف وأرتهبت وعلى الأخص عندما لاحظت أن الحيوانات أخذت تظهر في القبر وتهاجم الجثة والدفان لا يدافع عنها ثم خرج من القبر فدخلت أنا القبر لطرد تلك الحيوانات عنها بالنظر لما يربطني بتلك الجثة من روابط ولكن الحيوانات تكاثر عددها وأغلبتني على أمري ثم أني كنت في أشد الخوف وطلبت النجدة من الناس ولكن لم ينجدني أحد وفجأة ظهر أشخاص آخرون في القبر ساعدوني على الحيوانات فهربت فأردت أن أسألهم فقال (أن الحسنات يذهبن السيئات) وأختفوا.
وبعد الإنتهاء من هذه المعركة أنتبهت إلى الناس كانوا قد أغلقوا القبر وتركوني في ذلك المكان الضيق المظلم وأنصرفوا إلى بيوتهم حتى أقربائي وأصدقائي وزوجتي وأطفالي الذين كنت أسعى ليل نهار لراحتهم فألمني نكرانهم الجميل وقد أوشك قلبي أن ينفطر خوفاً وهلعاً من وحشة القبر ومن الوحدة وفي تلك الحال من الأستيحاش الرهيب واليأس الشديد إلا من الله جلست عند رأس الجنازة ولاحظت شيئاً فشيئاً القبر أخذ يهتز وأخيراً أنشقت الأرض وخرج منها شخصان لهما ملامح مخيفة وهيكلان مهيبان([49]) كانا كوحشين قويين يخرج من فميهما ومناخيرهما النار والدخان وبيدهما هراوتان من حديد محمر فأخذوا يطرحان على الجثة أسئلة بصوت كالرعد العاصف كاد أن يهز السماء والأرض قالا من ربك كنت أنا من شدة الخوف والهلع قد جف لساني وعندها توجهت إلى الله سبحانه وتعالى ورسوله وتوسلت في قلبي بعلي بن أبي طالب (ع) الذي كنت أعرفه جيداً وفعلاً ما أن تذكرت ذلك حتى قوي قلبي وأنحلت عقدة لساني وأجبتهم بصوت ضعيف الله ربي هو الله لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة. والتفت إلى الجثة قائلً (من نبيك) عندئذ هدأت ضربات قلبي وأنفتح لساني أكثر فقلت النبي ورسول الله إلى الناس كافة محمد بن عبد الله (ص) وهنا زال عنهما كل غضب وأخذ يسألاني عن أئمتي وأسئلة كثيرة … …. أجبت عليها فنظرت وليتني لم أنظر فقد رايت الغضب الشديد عليهما وعلامات الغضب فسمعتهما يقولان نم نومة العروس وذهبا وفتحت عيني وإذا بي في غرفة مفروشة ورايت شاباً جميل يضع رأسي في حجره فرفعت رأسي عن حجره بأدب وسلمت عليه فتبسم وعانقني وقال أجلس أنا الهادي) والقصة طويلة أطلبها من كتاب سياحة في الغرب ويضيف صاحب الكتاب ثم أخذوني في طرق مخيفة وغير معبدة حتى أتجاوز على عدة مراحل وأجتازها مرحلة الصلاة والصوم والحج .. .. ألخ وكل مرحلة أجتازها حسب صومي وصلاتي وما صلاحيتها.
وأخيراً أقول إنه عدة دواهي تمرُ على الإنسان إن الميت يرى ويسمع إذن وكيف بك وأنت تنظر إلى أهلك وأطفالك وأعزائك وهم يبكون عليك وانت لا تستطيع أن تفعل شيء. كيف بل لو جلس ملك الموت والشياطين والجن وأنت تنظر إليهم والذين شاهدوا أشخاص في حالة الاحتضار شاهدوهم شخصت أبصارهم بسبب رؤية ملك الموت والجن والشياطين إذن الموت ليس بالشيء السهل ولو كان سهلاً لما قال الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الحزين (آلهي لو لم يكن إلا الموت لكفى كيف وما بعد الموت أعظم وأدهى) ماذا تقول عزيزي القاريء ما عليك الا ان تستغفر الله ليغفر لك اترك الدنيا عزيزي وتوجه إلى الله لا تغرك الدنيا لأن ما في الآخرة هو خير لك من الدنيا حيث قال تعالى (وللآخرة خيرٌ لك من الأولى). سورة الضحى آية4
آثــــار المؤلـف
1-الإيضاح في نسب آل عسكر المياح
2-الإيضاح في نسب مياح.
3-إرفقوا بي يا ملائكة ربي.
4- أنيس الصائمين.
5-صاحب الزمان مخطوط.
6- المستحبات مخطوط.
7- الايضاح في تاريخ عشائر مياح
8- بحوث
الفهرست
ت
الموضوع
الصفحة
1
الإهداء
2
المقدمة
1
3
ذكر الموت
3
4
الموت
4
5
حتمية موت الانسان
5
6
ملك الموت
6
7
سكرات الموت
7
8
خروج روح المؤمن والكافر
9
9
الروح والجسد بعد الموت
11
10
سماع الميت لأقوالنا
12
11
هل يزور الميت اهله
13
12
البرزخ
14
13
البدن المثالي في عالم البرزخ
15
14
أين تذهب الأرواح بعد الموت
16
15
أهوال القبر
17
16
السؤال في القبر
18
17
ضغطة القبر
19
18
العديلة
21
الفهرست
19
الإستعداد للموت
22
20
السفر إلى الآخرة
23
21
ما ينفع الميت
24
22
الوصية
26
23
صحوة الميت
26
24
بناء القبور
27
25
ما يهون سكرات الموت
29
26
آثار المؤلف
32
27
الفهرست
33
([1]) سورة الحج ، آية7.
([2]) كلام أمير المؤمنين (ع) لما حضرته الوفاة.
([3]) سورة الحج ، آية 2.
([4]) بحار الأنوار ج6 ، ص126.
([5]) ميزان الحكمة ج9 ، ص246.
([6]) تصنيف نهج البلاغة 393.
([7]) مهذب الأحكام ج3 ، ص343.
([8]) وهو قضيب من حديد له عدة شعب.
([9]) بحار الأنوار ج6 ، ص255.
([10]) بحار الأنوار ج6 ، ص257.
([11]) بحار الأنوار ج6 ، ص267.
([12]) البرزخ.
([13]) الأربعون للبهائي الحديث 40.
([14]) المصدر السابق نفسه.
([15]) المقصود هو الرؤيا والحلم.
([16]) الكافي ج2 ، ص243.
([17]) بحار الأنوار ج17 ، ص363.
([18]) الكافي ج3، ص246.
([19]) عن الأمام السجاد بحار الأنوار ج6 ، ص218.
([20]) المحجة البغاء ج8 ، ص284.
([21]) بحار الأنوار ج6 ، ص223.
([22]) النمارق الفاخرة ج3 ، ص5.
([23]) حق اليقين ص116.
([24]) حق اليقين ص128.
([25]) الكافي ج3 ، ص228.
([26]) منازل الآخرة ص52.
([27]) يقصد البول وقوف وعدم التحرز والطهارة منه ولأستثار عن أعين الناس.
([28]) المعاد ج1 ، ص182.
([29]) منازل الاخرة ص32
([30]) غرر الحكم ص150.
([31]) غرر الحكم ص150.
([32]) غرر الحكم ص150.
([33]) غرر الحكم.
([34]) سفينة البحار - مادة القبر.
([35]) فقه الأخلاق للسيد محمد الصدر ص127.
([36]) وسائل الشيعة ج2.
([37]) منازل الآخرة ص72.
([38]) فقه افمام الصادق ج6 ، ص152.
([39]) ما وراء الفقه ج5 ، ص206.
([40]) ما وراء الفقه ج5 ، ص211.
([41]) مكارم الأخلاق ص386.
([42]) الوسائل ج2 ، ص856.
([43]) الحدائق الناضرة ج4 ، ص169.
([44]) الوسائل ج2 ، ص878.
([45]) 3+4+5 وسائل الشيعة ص879.
([46]) منازل الآخرة.
([47]) محمد حسن القوجاني في كتابه سياحة في الغرب.
([48]) المقصود هي الروح.
([49]) منكر ونكير.