هل تهتم بتدليل زوجتك؟ وهل تمنحها بعضا من وقتك للاستماع لها ولمشاكلها؟
هل فكرت يوما في مفاجأتها بهدية او نزهة جميلة؟ هل تمنحها العذر اذا ما
اخطأت او فعلت شيئا لا تحبه؟ بينكما امور مشتركة تحرص دائما على ان
تمارساها معا حتى ولو كانت بسيطة؟، والأهم من كل هذا: هل حاولت ان تبني
علاقة صداقة بينك وبينها ترتكزان عليها عندما يخف لهيب الحب والعاطفة
المتأججة؟.. نرجوك ان تطرح هذه الاسئلة على نفسك وأن تحاول الإجابة عنها في
هدوء حتى تحدد ما اذا كنت تدلل زوجتك وتهتم بها، ام لا، لأن العملية ما هي
الا استثمار لسعادتك وراحتك في الكبر.
فالظاهرة التي قد يلاحظها
البعض في مجتمعاتنا العربية هي عدم وجود علاقة صداقة بين الزوج وزوجته
عندما يكبران في السن ويتزوج الأولاد ويصبحان وحيدين، بل هنا ما هو أدهى،
ففي الكثير من الأحيان، تصبح العلاقة بينهما انتقام لا شعوريا من قِبل
الزوجة على وجه الخصوص. فالزوج الذي كان في يوم من الايام شابا قويا
ومسيطرا عليها من كل النواحي إلى حد أنها كانت تشعر معه بالسخط، قد أصبح
ضعيفا، فتستقوي عليه وتبدأ في إذاقته بعضا من العذاب، الذي ذاقته على يديه
في يوم من الأيام. ومن منا لا يتذكر فيلم «اريد حلا»، للكاتبة والصحافية
حُسن شاه، الذي تطرق إلى قصة امرأة تطلب الطلاق من زوجها بعد زواج ابنتهما،
وعندما يرفض تلجأ للقضاء للحصول على الطلاق، والسبب انه لم يهتم بها في
يوم من الأيام، ولم يمنحها على طول فترة زواجهما الحب الذي كانت تحلم به،
وقالت ايضا انها صبرت فقط حتى تؤدي رسالتها مع ابنتها، لكن الواقع يؤكد
أيضا ان الزوج العربي لا يهتم بتدليل زوجته ومنحها بعض الاهتمام والعناية،
لأن الحياة الزوجية بالنسبة للبعض تنحصر في العلاقة الحميمية بينهما
والاولاد والتفكير في احتياجاتهم ومستقبلهم من دون ان يكلف نفسه عناء
التفكير في احتياجات تلك الزوجة التي تتحمل الكثير من دون ان يكون لها حق
المطالبة والتدليل. فالرجل الشرقي لا يهتم بدراسة نفسية المرأة واحتياجاتها
والاسلوب الامثل للتعامل معها، كما لا يدرك على سبيل المثال انه يصعب على
المرأة التعبير عن مشاعرها الغاضبة او المحبطة تجاهه، وتتحرج من مطالبته
بالاهتمام بها والتعبير عن حبه لها. والنتيجة انه وبمرور السنوات تتجمد
مشاعرها تجاهه، وعندما يصلان الى مرحلة الشيخوخة، التي يزداد فيها احتياج
الرجل لمن يرعاه، وتكون هي في حالة صحية تمكنها من رعاية بيتها ونفسها،
فإنها تبدأ في اهمال متطلباته، او املاء رغباتها عليه. وقد يصل الأمر بها،
في بعض الاحيان، الى طلب الخلع، حسب بعض الحالات التي كانت فيها الزوجة
المطالبة بالخلع في سن السبعين. «الحب قبل الزواج لا يضمن للمرأة استمرار
زوجها في الاهتمام بها» هكذا بدأت لطيفة حديثها معنا، وأضافت: «تزوجته بعد
قصة حب جميلة، وفي البداية كان يشعرني باهتمامه بالامور الصغيرة التي تسعد
اي امرأة، لكن شيئا فشيئا بدأ يهمل كل شيء احبه وبات سريع الغضب، حتى شعرت
انني محاصرة دائما ومخنوقة معه. كنت اخشى غضبه واتحاشاه بشتى الطرق، بعدها
سيطر الروتين على حياتنا حتى كبر الابناء وتزوجوا والآن اقضي وقتي بين
ابنائي واصدقائي. أحرص على عدم إهماله وأقوم بواجبي تجاهه، لانني اخشى الله
فيه، لكنني لا أهتم بما يغضبه او يفرحه، كما لم اعد اهتم بأن يكون معي او
مع غيري.. لقد بخل عليّ بالمشاعر الرقيقة في شبابي، فماذا ينتظر مني الآن؟.
الكاتبة حُسن شاه صاحبة فيلم «اريد حلا»، تعلق على هذه القضية بقولها:
«الرجل الشرقي يعتقد ان «ذبح القطة» لزوجته من الليلة الاولى هو الحل
الافضل لحياة سعيدة، وهو خاطئ في هذا الاعتقاد، وإن كان ما زال يسيطر على
الكثيرين حتى الآن للاسف. فالمرأة كتلة من المشاعر ويستطيع الرجل ان يكسبها
اذا منحها الدفء والحب والمشاعر الجميلة من دون مبالغة او تقصير، فالرجل
يتخيل ان المرأة بعد الزواج تتحول الى ام آلية لا تهتم إلا بالابناء
والمنزل، وهو مخطئ لانه اذا منحها ما تحتاج اليه من مشاعر، فسوف تغدق عليه
هي الاخرى بكل ما يتمناه كرجل».
وتضيف الكاتبة حُسن شاه راوية
تجربتها كزوجة: «لا استطيع حتى الآن نسيان جميل زوجي رغم رحيله عن الدنيا،
ودائما ما اقول انه لولا وجوده بجانبي ما كنت حققت الذي أنا فيه الآن. فقد
منحني الثقة، وقدر ظروف عملي، وشجعني على الابداع في عملي، ولهذا ظللنا في
حالة حب مستمرة حتى آخر لحظة في حياته».
الدكتور ممتاز عبد
الوهاب، استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ومؤلف كتاب «الطريق الى حياة
زوجية سعيدة»، اكد لـ «الشرق الاوسط»، ان الرجل الشرقي به عيوب كما في
المرأة عيوب، لكن المشكلة هي أن الرجل يتعامل مع المرأة وكأنها شيء مضمون
لن تتركه وترحل، ولهذا فهو لا يهتم بإبداء مشاعر الحب والاهتمام لها بدعوى
«هي حتروح فين؟»، وهو شعور يدعمه الاحساس بالامتلاك لان معظم شعوبنا
العربية ما زالت تنظر الى الطلاق وكأنه كارثة او فضيحة، ولهذا فالرجل لا
يعبأ بتدليل زوجته بعد الزواج على اساس انه مهما حدث فإنه من المستبعد ان
تطلب الطلاق لانها مكبلة بالقيود الاجتماعية والابناء وغيرها من الامور.
ليس هذا فقط، بل ان معظم الازواج يعتقدون ان اظهار الحب للزوجة فيه تقليل
من كرامتهم او انه يعطي الزوجة الاحساس بالتفوق عليه».
الى جانب
كل هذا فإن معظم الازواج يفتقدون وجود هوايات واهتمامات مشتركة بينهما، هذا
عدا ان الرجل لا يدرك ان المرأة كالجمل لا تنسى الذكريات المؤلمة ولا
الاساءة، وانه عندما تواتيها الفرصة قد تنتقم ولو كان بكلمة، ولهذا فإننا
نجد زوجات كثيرات تخطين سن الستين يهملن رعاية ازواجهن او يقضين وقتهن بعد
زواج الابناء في امور تشغل اواقتهن كالخدمات الاجتماعية او الانشطة
النسائية او رعاية الاحفاد من دون الاهتمام بوجود الزوج او متطلباته، واقول
لهؤلاء الازواج: لا تلوموا الا انفسكم.. فمن زرع حصد». المجتمع المصري لا
ينسى قصة العجوز التي كانت تعيش في مدينة الاسكندرية ـ 200 كيلومتر شمال
القاهرة ـ والتي فاجأت الجميع بطلبها الخلع من زوجها في عام 2004، بعد
اقرار قانون الخلع، وكانت في السبعين من عمرها، وعندما سألها القاضي عن
السبب بعد كل هذا العمر اجابت ان زوجها لم يقل لها طيلة زواجهما الذي امتد
إلى أربعين عاما، كلمة حلوة ولو مرة. الغريب انها رفضت كل محاولات الصلح
مصرحة: «لم اعد استطيع.. لقد انغلق قلبي من ناحيته».