| الاخطاء التي يقع فيها الحاج | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:20 am | |
| من حج دون إذن مرجعه شخص يعمل في الأمن العام، وحاول الحصول على إجازة لأداء فريضة الحج، فلم يسمح له مرجعه بذلك، فتغيب عن العمل وذهب لأداء الفريضة بدون إذن من مرجعه. وحيث إنه لم يسبق له أن حج فهل حجه صحيح أم لا، وهل عليه ذنب، علما بأن مدة التغيب هذه لم يستلم مقابلها راتبا. الجواب: هذا السؤال جوابه من شقين: الشق الأول: كون هذا الرجل يذهب إلى الحج مع منع مرجعه من ذلك أمر لا يحل ولا يجوز؛ لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وطاعة ولاة الأمور في غير معصية الله تعالى أمر واجب، أوجبه الله على عباده في هذه الآية الكريمة، وذلك لأن مخالفة ولاة الأمور يترتب عليها فساد كبير وشر وفوضى؛ لأنه لو وكل كل إنسان إلى رأيه لم يكن هناك فائدة في الحكم والسلطة. وولاة الأمور عليهم أن يرتبوا الحج بين الجنود، حتى يهيئوا لمن لم يؤد الفريضة أن يؤديها بالطرق التي يرون أنها كفيلة بالمصلحة، مع تمكين هؤلاء الأفراد من أداء فريضة الحج، وهم فاعلون إن شاء الله تعالى. أما الشق الثاني: فهو إبراء ذمتك بهذا الحج، فإنها قد برئت وقد أديت الفريضة، ولكنك عاص لله تعالى بمخالفة أوامر رئيسك، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى، وألا تعود لمثلها، وليس لك الحق في أن تأخذ الراتب المقابل للأيام التي تغيبتها عن العمل. والله الموفق.
الحج بدون إذن الزوج تزوجت والدتي من رجل بعد وفاة والدي، وكان والدي قد حجج أمي، أما الرجل الذي تزوجها فوعدها بالحج فتجهزت له ولما دخل شهر ذي الحجة طلبت منه فرفض، بحجة أنه سوف يقوم بالحج مع أحد أصدقائه، فاقتنعت أمي؛ ولكنه لم يحج بل قصد التحجج حتى لا تحج أمي، ومر بها أهلها وهم في طريقهم إلى مكة فسافرت معهم دون علم منه أو رضاه، وذلك من اثنتي عشرة سنة، وقد طلقها منذ خمس سنوات، فهل هذا الحج صحيح أم ماذا عليها؟ الجواب: قبل الإجابة أود أن أبين أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج بدون رضا زوجها، حتى ولو كان في البلد، فكيف تحج بدون رضاه، هذا حرام، ولا يجوز لها، ويجب على الزوج الذي وعد زوجته بالحج أن يفي بوعده، فيحج بها، لا سيما إن كان هذا مشروطا عليه في العقد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج . وإذا كان هذا الوعد بعد العقد، فإن العلماء اختلفوا بالوفاء به، والصواب وجوب الوفاء به إذا لم يكن على الواعد ضرر؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إخلاف الوعد من صفات المنافقين . تحذيرا من إخلافه. أما بالنسبة لما وقع من أمك من الحج فإنه صحيح تبرأ به الذمة، ولكن عليها أن تتوب إلى الله وتستغفره.
حج المرأة في رفقة نساء دون محرم امرأة تقول: إنني مقيمة في المملكة بحكم عملي بها، وقد ذهبت للحج العام الماضي، وكان معي اثنتان من زميلاتي وليس معنا محرم. فما هو الموقف من ذلك؟ الجواب: هذا العمل وهو الحج بدون مَحرم مُحرَّم لقول النبي صلى الله عليه وسلم يخير فيما يرويه ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإنني قد اكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك . فلا يجوز للمرأة السفر بدون محرم، والمحرم من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، ويشترط أن يكون بالغا عاقلا، وأما الصغير فلا يكون محرما، وغير العاقل لا يكون محرما أيضا، والحكمة من وجود المحرم مع المرأة حفظها وصيانتها، حتى لا تعبث بها أهواء مَن لا يخافون الله عز وجل ولا يرحمون عباد الله. ولا فرق بين أن يكون معها نساء أو لا، أو تكون آمنة أو غير آمنة، حتى ولو ذهبت مع نساء من أهل بيتها وهي آمنة غاية الأمن، فإنه لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالحج مع امرأته لم يسأله ما إذا كان معها نساء وهل هي آمنة أم لا، فلما لم يستفسر عن ذلك دل على أنه لا فرق، وهذا هو الصحيح. وقد تساهل بعض الناس في وقتنا الحاضر فسوَّغ أن تذهب المرأة في الطائرة بدون محرم، وهذا لا شك أنه خلاف النصوص العامة الظاهرة، والسفر في الطائرة كغيره تعتريه الأخطار. فإن المسافرة في الطائرة إذا شيعها محرمها في المطار فإنه ينصرف بمجرد دخولها صالة الانتظار، وهي وحدها بدون محرم وقد تغادر الطائرة في الوقت المحدد وقد تتأخر. وقد تقلع في الوقت المحدد فيعتريها سبب يقتضي رجوعها، أو أن تنزل في مطار آخر غير المطار المتجهة إليه، وكذلك ربما تنزل في المطار الذي تقصده بعد الوقت المحدد لسبب من الأسباب، وإذا قُدِّر أنها نزلت في وقتها المحدد فإن المحرم الذي يستقبلها قد يتأخر عن الحضور في الوقت المعين لسبب من الأسباب، إما لنوم أو زحام سيارات أو عطل في سيارته أو لغير ذلك من الأسباب المعلومة، ثم لو قدر أنه حضر في الوقت المحدد واستقبل المرأة فإن من يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون رجلا يخدعها ويتعلق بها وتتعلق به. والحاصل أن المرأة عليها أن تخشى الله وتخافه فلا تسافر لا إلى الحج ولا إلى غيره إلا مع محرم يكون بالغًا عاقلا. والله المستعان.
اصطحاب الخادمة للحج دون محرم لها يوجد لدينا خادمة في المنزل بدون محرم، وسوف أقوم بأداء فريضة الحج في العام القادم إن شاء الله، وأود أن أصطحب الخادمة مع عائلتي لأداء الفريضة متكفلا بجميع لوازمها، فهل يجوز اصطحابها حيث إن الحج قد لا يتوفر لها أداؤه إلا معنا، أفيدونا وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب: قبل الرد على هذا السؤال أحذر إخواننا الذين أنعم الله عليهم في هذه البلاد بوفرة المال والخيرات من الانهماك في جلب الخادمات، لأن هذا من الترف؛ بل من الإسراف، حتى أننا نسمع أن بعض الناس لا يكون إلا هو وزوجته في البيت مع تمكُّـن المرأة بالقيام بجميع شؤون المنزل ومع ذلك يجلب خادمة لهما، فأنا أحذر إخواني من هذا الأمر الجارف الذي أصبح لدينا أمرًا يتسابق الناس إليه، تقول زوجته: أريد خادمة؛ فيذهب ويأتي لها بخادمة. لذا أنصح ألا يأتي أحد بخادمة إلا للضرورة التي لا بد منها. ثم الذي أرى أنه إذا كان هناك ضرورة فلا يجلب الإنسان إلا خادمة مسلمة لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وإذا أتى بخادمة فالذي أراه ألا تكون شابة جميلة، لأنها محل فتنة لا سيما إذا كان عنده شباب؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وألا يجلب الخادمة إلا ومعها محرم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن تسافر المرأة بلا محرم . وإذا كانت بمحرم فلا يرد الإشكال الذي سأل عنه، فمحرمها سوف يحج معها، أما إذا لم يكن معها محرم أو أتى بها المحرم ثم عاد فلا يحجون بها، ولا يسافرون بها؛ بل تبقى عند من يثقون به، فإن لم يكن هناك من يثقون به فتحج معهم للضرورة وحجها صحيح. والله الموفق.
الحج عن والد متوفَّى كان لا يصلي والدي توفي من مدة طويلة، وأعلم أنه كان لا يصلي، وقد حضرت إلى السعودية وقمت بأداء فريضة الحج ثلاث مرات، وقد نويت في المرة الأخيرة أن تكون لوالدي المتوفًّى، ولكنني استمعت منكم عن حكم من لم يصلِّ أنه في حكم الشرع كافر، وقد حزنت كثيرًا عندما فكرت في موقف والدي، وسؤالي: هل تجوز له هذه الحجة؟ وهل تكفر عنه هذا التقصير في الصلاة؟ الجواب: إن هذه السائلة ذكرت في سؤالها أنها قد أدت فريضة الحج ثلاث مرات، والصحيح أن فريضة الحج مرة واحدة في العمر لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحج مرة فما زاد فهو تطوع . وكونك عبَّرت بهذا التعبير ثلاث مرات فهذا خطأ. وأما كونك قد حججت لوالدك وهو لا يصلي فالكفار لا ينتفعون بالأعمال الصالحة، ولا يجوز الاستغفار لهم، لقوله تعالى: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ولكن نظرًا لأن والدك قد يصلي في بعض الأحيان، أو يُشك في كفره فإنه لا حرج أن تفعلي شيئا وتقولي : اللهم اجعل أجر ذلك لوالدي إن كان مؤمنًا، وتعلِّقي ذلك بكون أبيك مؤمنًا، فمثل ذلك لا حرج فيه، فإن تعليق الأمر جائز في العبادات وفي الدعاء. أما في العبادات: فلقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير رضي الله عنهما، وقد أرادت أن تحج وهي مريضة قال لها صلى الله عليه وسلم: حجي واشترطي فإن لك على ربك ما استثنيت وأما في الدعاء: فلقوله تعالى في آية اللعان: والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين
أخذ النقود للحج عن الغير بنية جمع الدراهم ما حكم من أخذ نقودًا ليحج عن غيره وليس في نيته إلا جمع الدراهم؟ الجواب: يقول العلماء: إن الإنسان إذا حج للدنيا لأخذ الدراهم، فإن هذا حرام عليه، ولا يحل له أن ينوي بعمل الآخرة شيئا من الدنيا؛ لقوله تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نُوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من حج ليأخذ، فليس له في الآخرة من خلاق. وأما إذا أخذ ليحج، أو ليستعين به على الحج، فإن ذلك لا بأس به ولا حرج عليه. وهنا يجب على الإنسان أن يحذر من أن يأخذ الدراهم للغرض الأول، فإنه يخشى ألا يُقبَل منه وألا يُجزِئ الحج عمن أخذه عنه، وحينئذ يلزمه أن يعيد النفقة والدراهم إلى صاحبها إذا قلنا بأن الحج لم يصح ولم يقع عن المستنيب. ولكن يأخذ الإنسان الدراهم والنفقة ليحج بها عن غيره، ليستعين بها على الحج، ويجعل نيته في ذلك أن يقضي غرض صاحبها وأن يتقرب إلى الله تعالى بما يتعبد به في المشاعر وعند بيت الله. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:23 am | |
| أخطاء تقع في الإحرام من الميقات عين النبي صلى الله عليه وسلم للإحرام أماكن مخصوصة يحرم منها من أراد الحج والعمرة ولا يحل له أن يتعداها حتى يحرم؛ لأن تعديها قبل الإحرام من تعدي حدود الله تعالى، وقد قال الله سبحانه: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون وقال في آية أخرى: ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ففي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من أهله . وفيهما أيضا من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة وهو خبر بمعنى الأمر لكنه صيغ بلفظ الخبر تأكيدا لتنفيذه. وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق وفي صحيح البخاري أن أهل الكوفة والبصرة أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا، وهو جور عن طريقنا وإنا إن أردنا قرنا شق علينا. قال: فانظروا حذوها من طريقكم . فإحرام من أراد الحج أوالعمرة واجب من هذه المواقيت إذا أتى عليها أو حاذاها، سواء أتى من طريق البر أو البحر أو الجو. فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها، وأتى بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام، من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه، ثم يحرم قبل مغادرته. وإن كان من طريق البحر، فإن كانت الباخرة تقف عند محاذاة الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها، ثم أحرم قبل سيرها، وإن كانت لا تقف عند محاذاة الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه، ثم يحرم إذا حاذته. وإن كان من طريق الجو، اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس إحرامه قبل محاذاة الميقات، ثم أحرم قبيل محاذاته، ولا ينتظر حتى يحاذيه؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس. والأخطاء التي يقع فيها الحجاج في الإحرام تكون في أمور: الأمـر الأول: ترك الإحرام من الميقات، فإن بعض الحجاج ولا سيما القادمون بطريق الجو، يدعون الإحرام من الميقات حتى نزولهم إلى جدة، مع أنهم يمرون فوقه، وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت لأهلها وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن . وثبت في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه لما شكا إليه أهل العراق أن قرن المنازل التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد جور عن طريقهم، أي بعيدة ومائلة عن الطريق، قال رضي الله عنه : انظروا إلى حذوها من طريقكم وهذا يدل على أن محاذاة الميقات كالمرور به، والذي يأتي محاذيا للميقات من فوق الطائرة كالمار به، فعليه أن يحرم إذا حاذى الميقات، ولا يجوز له أن يتعدى الميقات لينزل في جدة ويحرم منها. والطريق لتصحيح هذا الخطأ أن يغتسل الإنسان في بيته أو في المطار، ويتأهب في الطائرة فيلبس ثوب الإحرام ويخلع ثيابه المعتادة، فإذا حاذى الميقات أحرم منه، فلبى بما يريد أن يحرم به من عمرة أو حج، ولا يحل له أن يؤخر ذلك إلى جدة، فإن فعل فقد أخطأ، وعليه عند جمهور أهل العلم فدية يذبحها في مكة، ويوزعها على الفقراء؛ لأنه ترك واجبا من الواجبات. الأمـر الثـاني: أن بعض الناس يعتقد أنه لا بد أن يحرم بالنعلين، وأنه إذا لم يكن النعلان عليه حين الإحرام، فإنه لا يجوز له لبسهما، وهذا خطأ، فإن الإحرام في النعلين ليس بواجب ولا شرط، فالإحرام ينعقد بدون أن يكون عليه النعلان، ولا يمنع إذا أحرم من غير نعلين أن يلبسهما فيما بعد؛ فله أن يلبس النعلين فيما بعد، وإن كان لم يحرم بهما، ولا حرج عليه في ذلك. الأمـر الثالث: أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يحرم بثياب الإحرام، وتبقى عليه إلى أن يحل من إحرامه، وأنه لا يحل له تبديل هذه الثياب، وهذا خطأ؛ فإن الإنسان المحرم يجوز له أن يغير ثياب الإحرام لسبب أو لغير سبب، إذا غيرها إلى شيء يجوز لبسه في الإحرام. ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء، فكل من أحرم بشيء من ثياب الإحرام وأراد أن يغيره فله ذلك، لكن أحيانا يجب عليه تغييره كما لو تنجس بنجاسة لا يمكن غسله إلا بخلعه، وأحيانا يكون تغييره أحسن إذا تلوث تلوثا كثيرا بغير نجاسة، فينبغي أن يغيره إلى ثوب إحرام نظيف. وتارة يكون الأمر واسعا، إن شاء غير وإن شاء بدل. المهم أن هذا الاعتقاد غير صحيح، وهو أن يعتقد الحاج أنه إذا أحرم بثوب لا يجوز له خلعه حتى يحل من إحرامه. الأمـر الرابع: أن بعض الناس يضطبعون بالإحرام من حين الإحرام، أي من حين عقد النية، والاضطباع أن يخرج الإنسان كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على كتفه الأيسر، فنرى كثيرا من الحجاج- إن لم يكن أكثر الحجاج- يضطبعون من حين أن يحرموا إلى أن يحلوا وهذا خطأ؛ لأن الاضطباع إنما يكون في طواف القدوم فقط، ولا يكون في السعي ولا فيما قبل الطواف. الأمر الخامس: اعتقاد بعضهم أنه يجب أن يصلي ركعتين عند الإحرام، وهذا خطأ أيضا؛ فإنه لا يجب أن يصلي الإنسان ركعتين عند الإحرام؛ بل القول الراجح الذي ذهب إليه أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أنه لا يسن للإحرام صلاة خاصة؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا اغتسل الإنسان ولبس ثياب الإحرام أحرم بدون صلاة، إلا إذا كان وقت صلاة مثل أن تكون صلاة الفريضة قد حان وقتها أو قرب وقتها، وهو يريد أن يمكث في الميقات حتى يصلي، فهنا الأفضل أن يكون إحرامه بعد الصلاة، أما أن يتعمد صلاة معينة في الإحرام، فإن القول الراجح أنه ليس للإحرام صلاة تخصه. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:25 am | |
| أخطاء تقع في الإحرام بالحج يوم التروية هناك أخطاء في الإحرام في الحج يوم التروية، منها ما سبق ذكره من الأخطاء عند الإحرام بالعمرة، وهو أن بعض الناس يعتقد وجوب الركعتين للإحرام، وأنه لا بد أن تكون ثياب الإحرام جديدة، وأنه لا بد أن يحرم بالنعلين، وأنه يضطبع بالرداء من حين إحرامه إلى أن يحل. من الأخطاء التي تقع في إحرام الحج: أولا: أن بعض الناس يعتقد أنه يجب أن يحرم من المسجد الحرام، فتجده يتكلف ويذهب إلى المسجد الحرام ليحرم منه، وهذا ظن خطأ، فإن الإحرام من المسجد الحرام لا يجب، بل السنة أن يحرم بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه، لأن الصحابة الذين حلوا من العمرة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم أحرموا بالحج يوم التروية، لم يأتوا إلى المسجد الحرام ليحرموا منه؛ بل أحرم كل إنسان منهم من موضعه، وهذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا هو السنة، فالسنة للمحرم بالحج أن يكون إحرامه من المكان الذي هو نازل فيه، سواء كان في مكة أو في منى، كما يفعله بعض الناس الآن حيث يتقدمون إلى منى من أجل حماية الأمكنة لهم. ثانيا: أن بعض الحجاج يظن أنه لا يصح أن يحرم بثياب الإحرام التي أحرم بها في عمرته إلا أن يغسلها وهذا ظن خطأ أيضا لأن ثياب الإحرام لا يشترط أن تكون جديدة أو نظيفة، صحيح أنه كلما كانت أنظف فهو أولى، وأما أنه لا يصح الإحرام بها لأنه أحرم بها في العمرة، فإن هذا ظن ليس بصواب. هذا ما يحضرني الآن بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في الإحرام بالحج. أخطاء تقع في التلبية هناك أخطاء في الواقع تكون بعد الميقات، أو بعد الإحرام من الميقات إلى الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك في التلبية: الأول: أن المشروع في التلبية أن يرفع الإنسان صوته بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال . يعني بالتلبية. أما الآن فأفواج الحجيج تمر بأعداد ضخمة ولا نسمع أحدا يلبي، فلا يكون للحج مظهر في ذكر الله عز وجل؛ بل إنه تمر بك الأفواج وكأنهم لا ينطقون. والمشروع للرجال أن يرفعوا أصواتهم بقدر ما يستطيعون من غير مشقة في التلبية؛ لأن الصحابة كانوا يفعلون هكذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما أشرنا إليه آنفا. الثاني: أن بعض الحجاج يلبون بصوت جماعي، فيتقدم واحد منهم أو يكون في الوسط أو في الخلف ويلبي ثم يتبعونه بصوت واحد، وهذا لم يرد عن الصحابة رضي الله عنهم؛ بل قال أنس بن مالك: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم - يعني في حجة الوداع- فمنا المكبر، ومنا المهلل، ومنا الملبي. وهذا هو المشروع للمسلمين؛ أن يلبي كل واحد بنفسه، وألا يكون له تعلق بغيره. نية الدخول في المناسك هل نية الدخول في النسك هي التي يتلفظ بها في التلبية؟ الجواب: التلبية أن يقول: لبيك عمرة إذا كان في عمرة، ولبيك حجا إذا كان في حج؛ أما النية فلا يجوز التلفظ بها فلا يقول مثلا: اللهم إني أريد العمرة، أو أريد الحج، فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم . أخطاء تقع عند دخول الحرم من الأخطاء التي تكون من بعض الحجاج عند دخول المسجد الحرام: أولا: أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يدخل الحاج أو المعتمر من باب معين في المسجد الحرام، فيرى بعض الناس مثلا أنه لا بد أن يدخل، إذا كان معتمرا، من الباب الذي يسمى : باب العمرة، وأن هذا أمر لا بد منه أو أمر مشروع، ويرى آخرون أنه لا بد أن يدخل من باب السلام، وأن الدخول من غيره يكون إثمًا أو مكروهًا، وهذا لا أصل له، فللحاج والمعتمر أن يدخل من أي باب كان، وإذا دخل المسجد فليقدم رجله اليمنى وليقل ما ورد في الدخول لسائر المساجد، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك . ثانيا: أن بعض الناس يبتدع أدعية معينة عند دخول المسجد ورؤية البيت، يبتدع أدعية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيدعو الله بها، وهذا من البدع، فإن التعبد لله تعالى بقول أو فعل أو اعتقاد لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بدعة وضلالة، وحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثالثًا: يخطئ بعض الناس- حتى من غير الحجاج- حيث إنهم يعتقدون أن تحية المسجد الحرام الطواف، بمعنى أنه يسن لكل من دخل المسجد الحرام أن يطوف اعتمادًا على قول بعض الفقهاء في أن سنة المسجد الحرام الطواف، والواقع أن الأمر ليس كذلك، فالمسجد الحرام كغيره من المساجد التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين . ولكن إذا دخلت المسجد الحرام للطواف؛ سواء كان الطواف طواف نسك كطواف العمرة والحج، أو كان طواف تطوع كالأطوفة في غير النسك، فإنك يجزئك أن تطوف وإن لم تصل ركعتين. هذا هو معنى قولنا إن المسجد الحرام تحيته الطواف، وعلى هذا فإذا دخلت بغير نية الطواف ولكن لانتظار الصلاة أو لحضور مجلس علم أو ما أشبه ذلك، فإن المسجد الحرام كغيره، يسن فيه أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:26 am | |
| أخطاء تقع في الطواف ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ابتدأ الطواف من الحجر الأسود في الركن اليماني الشرقي من البيت، وأنه طاف بجميع البيت من وراء الحجر، وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط في الطواف أول ما قدم من مكة، وأنه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله، واستلمه بيده وقبلها، واستلمه بمحجن كان معه وقبل المحجن وهو راكب على بعيره، وطاف على بعيره فجعل يُشير إلى الركن - يعني الحجر - كلما مر به. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستلم الركن اليماني. واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان - والله أعلم - حسب السهولة، فما سهل عليه منها فعله، وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله تعالى، وتعظيم له، لا اعتقادَ أن الحجر ينفع أو يضر. وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك . والأخطاء التي تكون في الطواف تكون من وجوه: الأول: النطق بالنية عند إرادة الطواف، فتجد الحاج يقف مستقبلا الحجر إذا أراد الطواف، فيقول: اللهم إني أطوف سبعة أشواط للعمرة، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط للحج، أو اللهم إني نويت أن أطوف سبعة أشواط تقربًا إليك. والتلفظ بالنية بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولم يأمر أمته به، وكل من تعبد لله بأمر لم يتعبد به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أمته به، فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه، فالتلفظ بالنية عند الطواف خطأ وبدعة، وكما أنه خطأ من ناحية الشرع فهو خطأ من ناحية العقل، فما الداعي إلى أن تتلفظ بالنية مع أن النية بينك وبين ربك، والله سبحانه وتعالى عالم بما في الصدور وعالم بأنك سوف تطوف هذا الطواف، وإذا كان الله سبحانه وتعالى عالم بذلك فلا حاجة أن تظهر هذا لعباد الله، فإن قلت: أنا أقوله بلساني ليطابق ما في قلبي، قلنا: العبادات لا تثبت بالأقيسة. والنبي صلى الله عليه وسلم قد طاف قبلك ولم يتكلم بالنية عند طوافه، والصحابة رضي الله عنهم قد طافوا قبلك ولم يتكلموا بالنية عند طوافهم، ولا عند غيره من العبادات. فهذا خطأ. الثاني: أن بعض الطائفين يزاحم مزاحمة شديدة عند استلام الحجر والركن اليماني، مزاحمة يتأذى بها ويؤذي غيره، مزاحمة قد تكون مع امرأة، وربما ينزغه من الشيطان نزع فتحصل في قلبه شهوة عندما يزاحم هذه المرأة في هذا المقام الضنك، والإنسان بشر قد تستولي عليه النفس الأمارة بالسوء، فيقع في هذا الأمر المنكر تحت بيت الله عز وجل، وهذا أمر يكبر ويعظم باعتبار مكانه كما أنه فتنة في أي مكان كان. والمزاحمة الشديدة عند استلام الحجر أو الركن اليماني ليست بمشروعة، بل إن تيسر لك بهدوء فذلك المطلوب، وإن لم يتيسر فإنك تشير إلى الحجر الأسود. أما الركن اليماني فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه، ولا يمكن قياسه على الحجر الأسود؛ لأن الحجر الأسود أعظم منه، والحجر الأسود ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه . والمزاحمة كما أنها غير مشروعة في هذه الحال، وكما أنه يخشى من الفتنة فيما إذا كان الزحام مع امرأة، فهي أيضًا تحدث تشويشا في القلب والفكر، لأن الإنسان لا بد عند المزاحمة من أن يسمع كلاما يكرهه، فتجده يشعر بامتعاض وغضب على نفسه إذا فارق هذا المحل. والذي ينبغي للطائف أن يكون دائما في هدوء وطمأنينة، من أجل أن يستحضر ما هو متلبس به من طاعة الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله . الثالث: أن بعض الناس يظنون أن الطواف لا يصح بدون تقبيل الحجر، وأن تقبيل الحجر شرط لصحة الطواف، ولصحة الحج أيضًا أو العمرة، وهذا ظن خطأ، وتقبيل الحجر سنة وليست سنة مستقلة أيضًا، بل هي سنة للطائف، ولا أعلم أن تقبيل الحجر يسن في غير الطواف، وعلى هذا فإذا كان تقبيل الحجر سنة وليس بواجب ولا شرط، فإن من لم يقبل الحجر لا نقول إن طوافه غير صحيح أو إن طوافه ناقص نقصا يأثم به؛ بل طوافه صحيح؛ بل نقول: إنه إذا كان هناك مزاحمة شديدة، فإن الإشارة أفضل من الاستلام؛ لأنه هو العمل الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عند الزحام، ولأن الإنسان يتقي به أذى يكون منه لغيره، أو يكون من غيره له، فلو سألنا سائل وقال: إن المطاف مزدحم فماذا ترون: هل الأفضل أن أزاحم فأستلم الحجر وأقبله، أم الأفضل أن أشير إليه؟ قلنا: الأفضل أن تشير إليه؛ لأن السنة هكذا جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. الرابع: تقبيل الركن اليماني. وتقبيل الركن اليماني لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعبادة إذا لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بدعة وليست بقربة، وعلى هذا فلا يشرع للإنسان أن يقبل الركن اليماني، لأن ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما ورد فيه حديث ضعيف لا تقوم به الحجة. الخامس: بعض الناس عندما يمسح الحجر الأسود أو الركن اليماني يمسحه بيده اليسرى كالمتهاون به، وهذا خطأ فإن اليد اليمنى أشرف من اليد اليسرى، واليد اليسرى لا تُقدَّم إلا للأذى، كالاستنجاء بها والاستجمار بها، والامتخاط بها وما أشبه ذلك، وأما مواضع التقبيل والاحترام، فإنه يكون لليد اليمنى. السادس: أنهم يظنون أن استلام الحجر والركن اليماني للتبرك لا للتعبد، فيتمسحون به تبركًا وهذا بلا شك خلاف ما قصد به، فإن المقصود بالتمسح بالحجر الأسود أو بمسحه وتقبيله تعظيم الله عز وجل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلم الحجر قال: الله أكبر . إشارة إلى أن المقصود بهذا تعظيم الله عز وجل، وليس المقصود التبرك بمسح هذا الحجر، ولهذا قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عند استلامه الحجر: والله إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك . هذا الظن الخاطئ من بعض الناس- وهو أنهم يظنون أن المقصود بمسح الركن اليماني والحجر الأسود التبرك- أدى ببعضهم إلى أن يأتي بابنه الصغير فيمسح الركن أو الحجر بيده، ثم يمسح ابنه الصغير أو طفله بيده التي مسح بها الحجر أو الركن اليماني، وهذا من الاعتقاد الفاسد الذي يجب أن يُنهى عنه، وأن يُبَيَّن للناس أن مثل هذه الأحجار لا تضر ولا تنفع، وأن المقصود بمسحها تعظيم الله عز وجل وإقامة ذكره، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم. وننتقل من هذا إلى خطأ يقع أيضًا في المدينة المنورة عند حجرة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان بعض العامة يتمسحون بالشباك الذي على الحجرة، ويمسحون بأيديهم وجوهَهم ورؤوسَهم وصدورَهم، اعتقادا منهم أن في هذا بركة. وكل هذه الأمور وأمثالها مما لا شرعية فيه، بل هو بدعة ولا ينفع صاحبه بشيء؛ لكن إن كان صاحبه جاهلا ولم يطرأ على باله أنه من البدع، فيُرجى أن يعفى عنه، وإن كان عالمًا أو متهاونًا لم يسأل عن دينه، فإنه يكون آثما. فالناس في هذه الأمور التي يفعلونها: إما جاهل جهلاً مطبقًا لا يطرأ بباله أن هذا محرم، فهذا يُرجى أن لا يكون عليه شيء، وإما عالم متعمد ليَضلَّ ويُضلَّ الناس، فهذا آثم بلا شك وعليه إثم من اتبعه واقتدى به، وإما رجل جاهل ومتهاون في سؤال أهل العلم، فيخشى أن يكون آثما بتفريطه وعدم سؤاله. السابع: الرمل في جميع الأشواط، مع أن المشروع أن يكون الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمل هو وأصحابه في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وأما الأربعة الباقية فيمشي على ما هو عليه، على عادته، وكذلك الرمل لا يكون إلا للرجال، وفي الطواف أول ما يقدم إلى مكة، سواء كان طواف قدوم أو طواف عمرة. الثامن: أن بعض الناس يخصص كل شوط بدعاء معين، وهذا من البدع التي لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يخص كل شوط بدعاء، ولا أصحابه أيضًا، وغاية ما في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وقال صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله . وتزداد هذه البدع خطأ، إذا حمل الطائف كتيبا، كتب فيه لكل شوط دعاء، وهو يقرأ هذا الكتيب، ولا يدري ماذا يقول؛ إما لكونه جاهلا باللغة العربية، ولا يدري ما المعنى، وإما لكونه عربيًا ينطق باللغة العربية ولكنه لا يدري ما يقول، حتى إننا نسمع بعضهم يدعو بأدعية هي في الواقع مُحرَّفة تحريفًا بينًا، من ذلك أننا سمعنا من يقول: اللهم أغنني بجلالك عن حرامك، والصواب: بحلالك عن حرامك. ومن ذلك أيضًا أننا نشاهد بعض الناس يقرأ هذا الكتيب، فإذا انتهى دعاء الشوط وقف ولم يدع في بقية شوطه، وإذا كان المطاف خفيفًا، وانتهى الشوط قبل انتهاء الدعاء، قطع الدعاء. ودواء ذلك أن نبين للحجاج، بأن الإنسان في الطواف يدعو بما شاء وبما أحب، ويذكر الله تعالى بما شاء، فإذا بُيِّن للناس هذا زال الإشكال. التاسع: وهو خطأ عظيم جدًا؛ أن بعض الناس يدخل في الطواف من باب الحجر، أي المُحَجَّر الذي على شمال الكعبة، يدخل من باب الحجر، ويخرج من الباب الثاني في أيام الزحام، يرى أن هذا أقرب وأسهل وهذا خطأ عظيم؛ لأن الذي يفعل ذلك لا يعتبر طائفًا بالبيت، والله تعالى يقول: وليطوفوا بالبيت العتيق والنبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من وراء الحجر، فإذا طاف الإنسان من داخل الحجر، فإنه لا يعتبر طائفا بالبيت، فلا يصح طوافه، وهذا مسألة خطيرة، لا سيما إذا كان الطواف ركنا، كطواف العمرة وطواف الإفاضة. ودواء ذلك أن نُبين للحجاج أنه لا يصح الطواف إلا بجميع البيت، ومنه الحجر. وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيرًا من الناس يطلقون على هذا الحجر اسم (حجر إسماعيل)، والحقيقة أن إسماعيل لا يعلم به، وأنه ليس حجرًا له، وإنما هذا الحجر حصل حين قصرت النفقة على قريش، حين أرادوا بناء الكعبة، فلم تكف النفقة لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم، فحطموا منها هذا الجانب، وحجروه بهذا الجدار، وسُمِّي حَطيمًا وحجرًا. فليس لإسماعيل فيه أي علم أو أي عمل. العاشر: أن بعض الناس لا يلتزم بجعل الكعبة عن يساره، فتجده يطوف معه نساؤه، ويكون قد وضع يده مع زميله لحماية النساء، فتجده يطوف والكعبة خلف ظهره، وزميله الآخر يطوف والكعبة بين يديه وهذا خطأ عظيم أيضا، لأن أهل العلم يقولون: من شرط صحة الطواف أن يجعل الكعبة عن يساره، فإذا جعلها خلف ظهره، أو جعلها أمامه، أو جعلها يمينه وعكس الطواف، فكل هذا طواف لا يصح. والواجب على الإنسان أن يعتني بهذا الأمر، وأن يحرص على أن تكون الكعبة عن يساره في جميع طوافه. ومن الناس من يتكيف في طوافه حال الزحام، فيجعل الكعبة خلف ظهره أو أمامه لبضع خطوات من أجل الزحام، وهذا خطأ، فالواجب على المرء أن يحتاط لدينه، وأن يعرف حدود الله تعالى في العبادة قبل أن يتلبس بها، حتى يعبد الله تعالى على بصيرة. وإنك لتعجب أن الرجل إذا أراد أن يسافر إلى بلد يجهل طريقها، فإنه لا يسافر إليها حتى يسأل ويبحث عن هذا الطريق، وعن الطريق السهل، ليصل إليها براحة وطمأنينة، وبدون ضياع أو ضلال، أما في أمور الدين، فإن كثيرا من الناس- مع الأسف- يتلبس بالعبادة وهو لا يدري حدود الله تعالى فيها، وهذا من القصور، بل من التقصير، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الهداية، وأن يجعلنا ممن يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله. الحادي عشر: أن بعض الطائفين يستلم جميع أركان الكعبة الأربعة؟ الحجر الأسود، والركن اليمانى، والركن الشامي، والركن العراقي، ويزعمون أنهم بذلك يعظمون بيت الله عز وجل؛ بل من الناس من يتعلق بأستار الكعبة من جميع الجوانب، وهذا أيضا من الخطأ، وذلك لأن المشروع استلام الحجر الأسود وتقبيله إن أمكن، وإلا فالإشارة إليه. أما الركن اليماني، فالمشروع استلامه بدون تقبيل إن تيسر، فإن لم يتيسر، فلا يشير إليه أيضا؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما استلام الركن العراقي، وهو أول ركن يمر به بعد الحجر الأسود، والشامي وهو الركن الذي يليه، فهذا من البدع، وقد أنكر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما على معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه استلام جميع الأركان، وقال له: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الركنين اليمانيين، وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال معاوية رضي الله عنه: صدقت. ورجع إلى قول ابن عباس، بعد أن كان رضي الله عنه يستلم الأركان الأربعة ويقول: ليس شيء من البيت مهجورا الثاني عشر: رفع الصوت بالدعاء، فإن بعض الطائفين يرفع صوته بالدعاء رفعا مزعجا، يذهب الخشوع، ويسقط هيبة البيت، ويشوش على الطائفين؛ والتشويش على الناس في عباداتهم أمر منكر، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة وهم يقرءون ويجهرون بالقراءة في صلاتهم، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأن كل مصل يناجي ربه، ونهاهم أن يجهر بعضهم على بعض في القراءة، وقال: لا يؤذين بعضكم بعضا . ولكن بعض الناس- نسأل الله لنا ولهم الهداية- في المطاف يرفعون أصواتهم بالدعاء، وهذا كما أن فيه المحذورات التي ذكرناها، وهي إذهاب الخشوع، وسقوط هيبة البيت، والتشويش على الطائفين، فهو مخالف لظاهر قوله تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين الثالث عشر: ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع فيتبعه الجماعة بصوت واحد، فتعلو الأصوات، وتحصل الفوضى، ويتشوش بقية الطائفين، فلا يدرون ما يقولون، وفي هذا إذهاب للخشوع، وإيذاء لعباد الله في هذا المكان الآمن. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن . ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا أقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال: افعلوا كذا، وقولوا كذا، ادعوا بما تحبون، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد، فطافوا بخشوع وطمأنينة، يدعون ربهم خوفا وطمعا، وتضرعا وخفية بما يحبونه، وما يعرفون معناه ويقصدونه، وسلم الناس من أذاهم. الرابع عشر: أن بعض الناس يبتدئ من عند باب الكعبة، ولا يبتدئ من الحجر الأسود، والذي يبتدئ من عند باب الكعبة ويتم طوافه على هذا الأساس ، لا يعتبر متما للطواف؛ لأن الله يقول: وليطوفوا بالبيت العتيق وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم من الحجر الأسود وقال للناس: لتأخذوا عني مناسككم . وإذا ابتدأ الطواف من عند الباب أو من دون محاذاة الحجر الأسود ولو بقليل، فإن هذا الشوط الأول الذي ابتدأه يكون ملغيا ؛ لأنه لم يتم، وعليه أن يأتي ببدله إن ذكر قريبا، وإلا فليعد الطواف من أوله. والحكومة السعودية - وفقها الله - قد وضعت خطا ينطلق من حذاء قلب الحجر الأسود إلى آخر المطاف، ليكون علامة على ابتداء الطواف، والناس من بعد وجود هذا الخط صار خطؤهم في هذه الناحية قليلا، لكنه يوجد من بعض الجهال، وعلى كل حال فعلى المرء أن ينتبه لهذا الخطأ، لئلا يقع في خطر عظيم من عدم تمام طوافه. هذه الأخطاء التي سقناها في الطواف نرجو الله سبحانه وتعالى أن يهدي إخواننا المسلمين لإصلاحها، حتى يكون طوافهم موافقا لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وليس الدين يؤخذ بالعاطفة والميل، ولكنه يؤخذ بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. حكم الوقوف على الحجر الأسود وتعطيل الطواف بعض الحجاج إذا جاء إلى هذا الخط الذي وضع علامة على ابتداء الطواف وقف طويلا وحجر على إخوانه أن يستمروا في الطواف. فما حكم الوقوف على هذا الخط والدعاء الطويل؟ الجواب: الوقوف عند هذا الخط لا يحتمل وقوفا طويلا؛ بل يستقبل الإنسان الحجر ويشير إليه ويكبر ويمشي، وليس هذا موقفا يطال فيه الوقوف، لكني أرى بعض الناس يقفون ويقولون: نويت أن أطوف لله تعالى سبعة أشواط، طواف العمرة، أو تطوعا، أو ما أشبه ذلك، وهذا يرجع إلى الخطأ في النية، وقد نبهنا عليه، وأن التكلم بالنية في العبادات بدعة، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه؛ فأنت تؤدي العبادة لله سبحانه وتعالى، وهو عالم بنيتك فلا يحتاج إلى أن تجهر بها. التمسح بالكعبة في أثناء الطواف يشاهد بعض الناس يمسحون بجدار الكعبة وبكسوتها، وبالمقام والحجر، فما حكم ذلك العمل؟ الجواب: هذا العمل يفعله الناس، يريدون به التقرب إلى الله عز وجل والتعبد له، وكل عمل تريد به التقرب إلى الله والتعبد له، وليس له أصل في الشرع فإنه بدعة، حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة . ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح سوى الركن اليماني والحجر الأسود. وعليه فإذا مسح الإنسان أي ركن من أركان الكعبة أو جهة من جهاتها، غير الركن اليماني والحجر الأسود، فإنه يعتبر مبتدعا، ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه يمسح الركنين الشماليين، نهاه، فقال له معاوية رضي الله عنه: ليس شيء من البيت مهجورا، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين، يعني الركن اليماني والحجر الأسود، فرجع معاوية رضي الله عنه إلى قول ابن عباس، لقوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . ومن باب أولى في البدعة، ما يفعله بعض الناس من التمسح بمقام إبراهيم، فإن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تمسح في أي جهة من جهات المقام. وكذلك ما يفعله بعض الناس من التمسح بزمزم، والتمسح بأعمدة الرواق. وكل ذلك مما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فكله بدعة، وكل بدعة ضلالة. التمسك بأستار الكعبة ما حكم الذين يتمسكون بأستار الكعبة ويدعون طويلا؟ الجواب: هؤلاء أيضا عملهم لا أصل له في السنة، وهو بدعة ينبغي على طالب العلم أن يبين لهم هذا، وأنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الالتزام بين الحجر الأسود وبين الكعبة، فهذا قد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم فعله، ولا بأس به، لكن مع المزاحمة والضيق كما يشاهد اليوم، لا ينبغي للإنسان أن يفعل ما يتأذى به أو يؤذي به غيره، في أمر ليس من الواجبات. صفة الالتزام ما صفة هذا الالتزام بين الحجر الأسود والبيت ؟ الجواب: الالتزام وقوف في هذا المكان وإلصاق؛ يلصق الإنسان يديه وذراعيه وخده على هذا الجدار. التبرك بالكعبة هل من خصائص مكة أو الكعبة التبرك بأحجارها أو آثارها ؟ الجواب: ليس من خصائص مكة أن يتبرك الإنسان بأشجارها وأحجارها؛ بل من خصائص مكة ألا تعضد، ولا يحش حشيشها، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، إلا الإذخر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم استثناه ؛ لأنه يكون للبيوت، وقيون الحدادين، وكذلك اللحد في القبر فإنه تسد به شقوق اللبنات، وعلى هذا فنقول: إن حجارة الحرم أو مكة ليس فيها شيء يتبرك به، بالتمسح به، أو بنقله إلى البلاد، أو ما أشبه ذلك. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:28 am | |
| أخطاء تقع في ركعتي الطواف ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فصلى ركعتين، والمقام بينه وبين الكعبة، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و قل يا أيها الكافرون وفي الركعة الثانية الفاتحة و قل هو الله أحد والأخطاء التي يقع فيها الحجاج في ركعتي الطواف نذكر منها ما يلي: الأول: أن بعض الناس يظنون أن هاتين الركعتين لا بد أن تكونا خلف المقام، وقريبا منه أيضا، ولهذا تجدهم يزاحمون زحاما شديدا، ويؤذون الطائفين، وهم ليس لهم حق في هذا المكان؛ لأن الطائفين أحق به منهم، ما دام المطاف مزدحما، لأن الطائفين ليس لهم مكان سوى هذا، وأما المصلون للركعتين بعد الطواف فلهم مكان آخر. المهم أننا نجد بعض الناس- نسأل الله لنا ولهم الهداية - يتحلقون خلف المقام، ويشغلون مكانا كبيرا واسعا من أجل رجل واحد أو امرأة واحدة تصلي خلف المقام، ويحصل في ذلك من قطع الطواف للطائفين وازدحامهم؛ لأنهم يأتون من مكان واسع، ثم يضيق بهم المكان هنا من أجل هذه الحلقة التي تحلق بها هؤلاء، فيحصل بذلك ضنك وضيق، وربما يحصل مضاربة ومشاتمة، وهذا كله إيذاء لعباد الله عز وجل وتحجر لمكان غيرهم به أولى. وهذا الفعل لا يشك عاقل - عرف مصادر الشريعة ومواردها- أنه محرم، وأنه لا يجوز، لما فيه من إيذاء المسلمين، وتعريض طواف الطائفين للفساد أحيانا؛ لأن الطائفين- أحيانا- باشتباكهم مع هؤلاء، يجعلون البيت إما خلفهم وإما أمامهم، مما يخل بشرط من شروط الطواف. فالخطأ هنا أن بعض الناس يعتقد أنه لا بد أن تكون الركعتان خلف المقام وقريبا منه، والأمر ليس كما ظن هؤلاء، فالركعتان تجزئان في كل مكان من المسجد، ويمكن للإنسان أن يجعل المقام بينه وبين البيت، أي : بينه وبين الكعبة ولو كان بعيدا منه، ويكون بذلك قد حقق السنة، من غير إيذاء للطائفين ولا لغيرهم. الثاني: أن بعض الناس يطيلهما؛ يطيل القراءة فيهما، ويطيل الركوع والسجود، والقيام والقعود، وهذا مخالف للسنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف هاتين الركعتين، ويقرأ في الأولى: قل يا أيها الكافرون وفي الثانية: قل هو الله أحد وينصرف من حين أن يسلم؛ تشريعا للأمة، ولئلا يحجز المكان عمن هو أحق به منه، فإن هذا المكان إنما يكون للذين يصلون ركعتين خلفه بعد الطواف، أو للطائفين إن ازدحم المطاف، ولهذا يخطئ بعض الناس الذين يطيلون الركعتين خلف المقام، لمخالفتهم السنة، وللتضييق على إخوانهم ممن أتموا طوافهم ويريدون أن يصلوا ركعتين خلف المقام. الثالث: أن بعض الناس إذا أتمهما جعل يدعو؛ يرفع يديه ويدعو دعاء طويلا، والدعاء بعد الركعتين هنا ليس بمشروع ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا أرشد أمته إليه، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي للإنسان أن يبقى بعد الركعتين يدعو؛ لأن ذلك خلاف السنة، ولأنه يؤذي الطائفين إذا كان الطواف مزدحما؛ ولأنه يحجز مكانا غيره أولى به، ممن أتموا الطواف وأرادوا أن يصلوا في هذا المكان. الرابع: ومن البدع هنا ما يفعله بعض الناس حيث يقوم عند مقام إبراهيم، ويدعو دعاء المقام، وهذا الدعاء لا أصل له أبدا في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو من البدع التي ينهى عنها، وفيه - مع كونه بدعة، وكل بدعة ضلالة - أن بعض الناس يمسك كتابا فيه هذا الدعاء، ويبدأ يدعو به بصوت مرتفع ويؤمن عليه من خلفه، وهذا بدعة إلى بدعة، وفيه أيضا تشويش على المصلين حول المقام، والتشويش على المصلين سبق أن بينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه. وكل هذه الأخطاء التي ذكرناها في الركعتين وبعدهما، تصويبهما أن يتمسك الإنسان في ذلك بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا تمسكنا به زالت عنا هذه الأخطاء كلها. الدعاء بعد الركعتين ومسح الوجه ذكرتم من الأخطاء في ركعتي الطواف أن يدعو الإنسان بعد الركعتين، وهناك أيضا من يدعو طويلا ثم يمسح وجهه، فهل هذا خاص بركعتي الطواف، أو يعم جميع السنن التي يصليها الإنسان؟ الجواب: في هذا السؤال مسألتان: المسألة الأولى: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء. والمسألة الثانية: الدعاء بعد النافلة. أما الأولى وهي مسح الوجه باليدين بعد الدعاء، فإنه وردت فيه أحاديث ضعيفة اختلف فيها أهل العلم. ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن هذه الأحاديث لا تقوم بها حجة، لأنها ضعيفة مخالفة لظاهر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما، فإنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء بأحاديث صحيحة، وأنه رفع يديه في ذلك، ولم يذكر أنه مسح بهما وجهه، وهذا يدل على أنه لم يفعله؛ لأنه لو فعله لتوافرت الدواعي على نقله ونقل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء بدعة. ومن العلماء من يرى أن هذه الأحاديث الضعيفة بمجوعها ترتقي إلى درجة الحسن لغيره، أي : إلى درجة الحديث الحسن لغيره؛ ولأن الطرق الضعيفة إذا كثرت على وجه ينجبر بعضها ببعض، صارت من قسم الحسن لغيره، ومن هؤلاء ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام. والذي يظهر لي أن الأولى عدم المسح، أي : عدم مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء؛ لأنه وإن قلنا إن هذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره، فإنه يبقى متنه شاذا؛ لأنه مخالف للظاهر من الأحاديث الصحيحة التي وردت بكثرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الدعاء، ولم يرد أنه مسح بهما وجهه، وعلى كل حال: فلا أتجاسر على القول بأن ذلك بدعة، ولكني أرى أن الأفضل أن لا يمسح، ومن مسح فلا ينكر عليه. هذا بالنسبة للفقرة الأولى من سؤالك. أما بالنسبة للثانية وهي الدعاء بعد النافلة، فإن الدعاء بعد النافلة إن اتخذه الإنسان سنة راتبة، بحيث يعتقد أن يشرع كلما سلم من نافلة أن يدعو، فهذا أخشى أن يكون بدعة، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فما أكثر ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم النفل، ولم يرد عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعده، ولو كان هذا من المشروع لسنه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، إما بقوله أو بفعله أو بإقراره. ثم إنه ينبغي أن يعلم أن الإنسان ما دام في صلاته فإنه يناجي ربه، فكيف يليق بالإنسان أن يدع الدعاء في الحال التي يناجي فيها ربه، ثم يأخذ في التضرع بعد انصرافه من صلاته وانقطاع مناجاته لله عز وجل في صلاته، فكان الأولى والأجدر بالإنسان أن يجعل الدعاء قبل السلام ما دام في الحال التي يناجي فيها به، وهذا المعنى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو معنى حسن جيد. فإذا أردت أيها الأخ المسلم أن تدعو الله فاجعل دعاءك قبل السلام؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث عبد الله بن مسعود حين ذكر التشهد قال: ثم يتخير من الدعاء ما شاء ولأنه أليق بحال الإنسان لما أسلفنا من كونه في حال صلاته يناجي ربه. أخطاء تقع في السعي بين الصفا والمروة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله ثم رقى عليه حتى رأى الكعبة، فاستقبل القبلة ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو، فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل ماشيًا فلما انصبَّت قدماه في بطن الوادي وهو ما بين العلمين الأخضرين سعى حتى إذا تجاوزهما مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصَّفا. أما بالنسبة للأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في المسعى فيحضرني منها الأخطاء التالية: الأول: النطق بالنية، فإن بعض الحجاج إذا أقبل على الصفا قال: إني نويت أن أسعى سبعة أشواط لله تعالى، ويُعيِّن النسك الذي يسعى فيه، يقول ذلك أحيانًا إذا أقبل على الصفا، وأحيانًا إذا صعد على الصفا، وقد سبق أن النطق بالنية من البدع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية لا سرًا ولا جهرًا. وقد قال الله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها . وهذا الخطأ يُتلافى بأن يقتصر الإنسان على ما في قلبه من النية، وهو إنما ينوي لله عز وجل، والله تعالى عليم بذات الصدور. الثاني: أن بعض الناس إذا صعد على الصفا واستقبل القبلة، جعل يرفع يديه ويشير بهما كما يفعل ذلك في تكبيرات الصلاة، أو عند تكبيرات الإحرام والركوع والرفع منه، أو القيام من التشهد، يرفع هكذا إلى حذو المنكبين ويشير، وهذا خطأ، فإن الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أنه رفع يديه وجعل يدعو، وهذا يدل على أن رفع اليدين هنا رفع دعاء، وليس رفعًا كرفع التكبير. وعليه فينبغي للإنسان إذا صعد الصفا أن يتجه إلى القبلة، ويرفع يديه للدعاء، ويأتي بالذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام، ويدعو كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الثالث: أن بعض الحجاج يمشي بين الصفا والمروة مشيًا واحدًا، مشية المعتاد، ولا يلتفت إلى السعي الشديد بين العلمين الأخضرين، وهذا خلاف السنة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى سعيًا شديدًا في هذا المكان، أعني : في المكان الذي بين العلمين الأخضرين، وهما إلى الصفا أقرب منهما إلى المروة. فالمشروع للإنسان إذا وصل إلى العلم الأخضر الأول الذي يلي الصفا أن يسعى سعيًا شديدًا بقدر ما يتحمله، بشرط ألا يتأذى ولا يؤذي أحدًا بذلك، وهذا إنما يكون حينما يكون المسعى خفيفا، فيسعى بين هذين العلمين ثم يمشي إلى المروة مشيه المعتاد، هذه هي السنة. الرابع: على العكس من ذلك، فإن بعض الناس إذا كان يسعى تجده يرمل في جميع السعي، من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، فيحصل في ذلك ثلاث مفاسد أو أكثر: المفسدة الأولى: مخالفة السنة. المفسدة الثانية: الإشقاق على نفسه، فإن بعض الناس يجد مشقة شديدة في هذا العمل، لكنه يتحمل على اعتقاده أن ذلك هو السنة، فتجده يرمل من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، وهكذا حتى ينهي سعيه، ومن الناس من يفعل ذلك؛ لا تحريًا للخير ولكن حبًا للعجلة وإنهاء للسعي بسرعة، وهذا شر مما قبله، لأن هذا ينبئ عن تبرُّم الإنسان بالعبادة، وملله منها، وحبه الفرار منها، والذي ينبغي للمسلم أن يكون قلبه مطمئنًا، وصدره منشرحًا بالعبادة، يحب أن يتأنى فيها على الوجه المشروع الذي جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن يفعلها وكأنه يريد الفرار منها، فهذا دليل على نقص إيمانه. وعدم اطمئنانه بالعبادة. المفسدة الثالثة: أنه يؤذي الساعين، فأحيانًا يصطدم بهم ويؤذيهم، وأحيانًا يكون مضيقًا عليهم ومزاحمًا لهم فيتأذون بذلك. فنصيحتي لإخواني المسلمين في هذا المقام أن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هديه خير الهدي، وأن يمشوا في جميع الأشواط إلا فيما بين العلمين، فإنهم يسعون سعيًا شديدًا كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما لم يتأذوا بذلك أو يؤذوا غيرهم. الخامس: أن بعض النساء يسعين بين العلمين، أي : يسرعن في المشي بينهما كما يفعل الرجال، والمرأة لا تسعى، وإنما تمشي المشية المعتادة؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ليس على النساء رمل بالبيت ولا بين الصفا والمروة. السادس: أن بعض الناس يتلو قوله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله في كل شوط، كلما أقبل على الصفا وكلما أقبل على المروة، وهذا خلاف السنة. فإن السنة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلاوة هذه الآية أنه تلاها حين دنا من الصفا بعد أن أتم الطواف وركعتي الطواف وخرج إلى المسعى، فلما دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله ثم قال صلى الله عليه وسلم: أبدأ بما بدأ الله به إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أنه إنما جاء ليسعى؛ لأن هذا من شعائر الله عز وجل، وأنه إنما بدأ بالصفا، لأن الله تعالى بدأ به. فتكون تلاوة هذه الآية مشروعة عند ابتداء السعي، إذا دنا من الصفا، وليست مشروعة كلما دنا من الصفا في كل شوط، ولا كلما دنا من المروة، وإذا لم تكن مشروعة فلا ينبغي للإنسان أن يأتي بها إلا في الموضع الذي أتى بها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . السابع: أن بعض الذين يسعون يخصصون كل شوط بدعاء معين، وقد سبق أن هذا من البدع، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخصص كل شوط بدعاء معين، لا في الطواف ولا في السعي أيضًا، وإذا كان هذا من البدع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل بدعة ضلالة . وعليه، فاللائق بالمؤمن أن يدع هذه الأدعية، وأن يشتغل بالدعاء الذي يرغبه ويريده، ويدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويذكر الله، ويقرأ القرآن، وما أشبه ذلك من الأقوال المقربة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله . الثامن: الدعاء من كتاب لا يعرف معناه، فإن كثيرًا من الكتب التي بأيدي الناس لا يُعرف معناها بالنسبة لحاملها، وكأنهم يقرءونها تعبُّدًا لله تعالى بتلاوة ألفاظها، لأنهم لا يعرفون المعنى، ولا سيما إذا كانوا غير عالمين باللغة العربية؛ وهذا من الخطأ أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء لا تعرف معناه. والمشروع لك أن تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء تعرف معناه، وترجو حصوله من الله عز جل، وعليه فالدعاء بما تريده أنت، بالصيغة التي تريدها ولا تخالف الشرع، أفضل بكثير من الدعاء بهذه الأدعية التي لا تعرف معناها، وكيف يمكن لشخص أن يسأل الله تعالى شيئًا وهو لا يدري ماذا يسأله؟ وهل هذا إلا من إضاعة الوقت والجهل؟ ولو شئت لقلت إن هذا من سوء الأدب مع الله عز وجل؛ أن تدعو الله سبحانه وتعالى بأمر لا تدري ما تريد منه. التاسع: البدء بالمروة، فإن بعض الناس يبدأ بالمروة جهلاً منه، يظن أن الأمر سواء فيما إذا بدأ من الصفا أو بدأ من المروة، أو يسوقه تيار الخارجين من المسجد، حتى يكون المروة أقرب إليه من الصفا، فيبدأ بالمروة جهلا منه، وإذا بدأ الساعي بالمروة فإنه يلغي الشوط الأول، فلو فرضنا أنه بدأ بالمروة، فأتم سبعة أشواط، فإنه لا يصح منها إلا ستة؛ لأن الشوط الأول يكون مُلغى، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى وجوب البدء بالصفا حيث قال: أبدأ بما بدأ الله به . العاشر: أن بعض الناس يعتبر الشوط الواحد من الصفا إلى الصفا، يظن أنه لا بد من إتمام دورة كاملة، يكون في الطواف من الحجر إلى الحجر، فيبدأ بالصفا وينتهي إلى المروة ويجعل هذا نصف الشوط لا كله، فإذا رجع من المروة إلى الصفا، اعتبر هذا شوطًا واحدًا، وعلى هذا فيكون سعيه أربعة عشر شوطًا. وهذا أيضًا خطأ عظيم وضلال بين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ولكنه ابتدأ بالصفا واختتم بالمروة، وجعل الذهاب من الصفا إلى المروة شوطًا، والرجوع من المروة إلى الصفا شوطًا آخر. وهذا الذي يقع من بعض الحجاج إنما يكون جهلا منهم بالسنة، وتفريطًا منهم في عدم التعلم، وقد أشرنا مرارًا إلى أنه ينبغي - بل يجب - على المسلم إذا أراد أن يفعل عبادة، أن يتعلم حدود ما أنزل الله فيها قبل أن يفعلها، وهذا التعلم من فروض الأعيان، لأنه لا يستقيم دين المرء إلا به، أعني : تعلم حدود ما أنزل الله في عبادة يريد الإنسان أن يفعلها، هو من فرض الأعيان. فيجب عليه أن يتعلم حدود ما أنزل الله في هذه العبادة؛ ليعبد الله تعالى على بصيرة. الحادي عشر: السعي في غير نسك، يعني أن بعض الناس يتعبد لله تعالى بالسعي بين الصفا والمروة في غير نسك، أي : في غير حج ولا عمرة، يظن أن التطوع بالسعي مشروع كالتطوع بالطواف، وهذا أيضًا خطأ. والذي يدلنا على هذا أنك تجد بعض الناس في زمن العمرة - أي : في غير زمن الحج - يسعى بين الصفا والمروة بدون أن يكون عليه ثياب الإحرام، مما يدل على أنه محل، فإذا سألته: لماذا تفعل ذلك؟ قال: لأني أتعبد لله عز وجل بالسعي كما أتعبد بالطواف. وهذا جهل مركب؛ لأنه صار جاهلاً بحكم الله جاهلاً بحاله، حيث يظن أنه عالم وليس هو بعالم. أما إذا كان السعي في زمن الحج بعد الوقوف بعرفة، فيمكن أن يسعى الإنسان وعليه ثيابه المعتادة؛ لأنه يتحلل برمي جمرة العقبة يوم العيد وبالحلق أو التقصير، ثم يلبس ثيابه ويأتي إلى مكة ليطوف ويسعى بثيابه المعتادة. على كل حال أقول: إن بعض الناس يتعبد لله تعالى بالسعي من غير حج ولا عمرة، وهذا لا أصل له، بل هو بدعة، ولا يقع في الغالب إلا من شخص جاهل، لكنه يعتبر من الأخطاء في السعي. الثاني عشر: التهاون بالسعي على العربة بدون عذر، فإن بعض الناس يتهاون بذلك ويسعى على العربة بدون عذر، مع أن كثيرا من أهل العلم قالوا: إن السعي راكبا لا يصح إلا لعذر، وهذه المسألة مسألة خلاف بين العلماء؛ أي : هل يشترط في السعي أن يكون الساعي ماشيًا - إلا من عذر - أو لا يشترط؟ ولكن الإنسان ينبغي له أن يحتاط لدينه، وأن يسعى ماشيًا ما دام قادرًا، فإن عجز فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة حين قالت: إني أريد أن أطوف وأجدني شاكية. قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة . فأذن لها بالركوب في الطواف؛ لأنها مريضة، وهكذا نقول في السعي: أن الإنسان إذا كان لا يستطيع أو يشق عليه مشقة تتعبه، فلا حرج عليه أن يسعى على العربة صعود الصفا للنساء من المعروف أن الصفا ضيق والمروة أضيق منه، ومع ذلك نرى النساء يصعدن إلى الصفا والمروة ويزاحمن الرجال، فهل من السنة صعود المرأة على الصفا ؟ الجواب: المعروف عند الفقهاء أنه لا يسن للمرأة أن تصعد الصفا والمروة، وإنما تقف عند أصولهما، ثم تنحرف لتأتي ببقية الأشواط، لكن لعل هؤلاء النساء اللاتي يشاهدن صاعدات على الصفا والمروة يكن مع محارمهن، ولا يتسنى لهن مفارقة المحارم؛ لأنهن يخشين من الضياع، إلا فإن الأولى بالمرأة ألا تزاحم الرجال في أمر ليس مطلوبا منها. كيفية السعي بين العلمين الأخضرين ذكرتم من الأخطاء ترك السعي الشديد بين العلمين الأخضرين وذكرتم أنها قرب إلى الصفا، وذكرتم أن السعي يكون في الذهاب من الصفا إلى المروة، فهل لزم أيضا السعي الشديد في العودة بين العلمين الأخضرين من المروة إلى الصفا؟ الجواب: نعم، لكن الأفضل أن يسعى سعيا شديدا بين العلمين، في ذهابه من الصفا إلى المروة، وفي رجوعه من المروة إلى الصفا؛ لأن كل مرة من هذه شوط، والسعي بين العلمين مشروع في كل الأشواط. الدعاء عند الصعود إلى الصفا ذكرتم من الأخطاء أن بعض الناس يتلو الآية: إن الصفا والمروة عند الصعود إلى الصفا أو المروة كل شوط، وقلتم : إن الرسول صلى الله عليه وسلم تلا أول الآية: إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به . فهل نقول مثل قول الرسول: أبدأ بما بدأ الله به أو نكمل الآية؟ الجواب: الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر قوله - أي : جابر- : فلما دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله فيحتمل أنه قرأ الآية كلها، ويحتمل أنه قرأ هذا الجزء منها. فإن أكمل الحاج الآية فلا حرج عليه. وأما قوله: أبدأ بما بدأ الله به فيقولها الإنسان أيضا، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإشعارا لنفسه أنه فعل ذلك طاعة لله عز وجل، حيث ذكر الله أنهما من شعائر الله وبدأ بالصفا. ترديد الدعاء بعد المطوفين ذكرتم من الأخطاء التي تقع في السعي الدعاء من خلال كتاب، فهل ينطبق هذا أيضا على الذين يطوفون بالناس ويسعون بهم، ويقولون أدعية ويرددها الناس خلفهم؟ الجواب: نعم، هو ينطبق على هؤلاء؛ لأن هؤلاء أيضا كانوا قد حفظوا هذه الأدعية من هذا الكتاب؛ ولعلك لو ناقشت بعضهم - أي : بعض هؤلاء المطوفين - لو ناقشته عن معاني ما يقول لم يكن عنده من ذلك خبر، ولكن مع ذلك قد يكون الذين خلفه لا يعلمون اللغة العربية ولا يعرفون معنى ما يقول، وإنما يرددونه تقليدا لصوته فقط، وهذا من الخلل الذي يكون من المطوفين، ولو أن المطوفين أمسكوا الحجاج الذين يطوفونهم، وعلموهم تعليما عند كل طواف وعند كل سعي، فيقولون لهم مثلا: أنتم الآن ستطوفون فقولوا كذا وافعلوا كذا وادعوا بما شئتم، ونحن معكم نرشدكم إن ضللتم، فهذا طيب، وهو أحسن من أن يرفعوا أصواتهم بتلقينهم الدعاء الذي لا يعرفون معناه، والذي قد يكون فيه تشويش على الطائفين. وهم إذا قالوا: نحن أمامكم وأنتم افعلوا كذا، أشيروا مثلا إلى الحجر، أو استلموه إذا تيسر لكم، أو ما أشبه ذلك، وقولوا كذا، وكبروا عند محاذاة الحجر الأسود، وقولوا بينه وبين الركن اليماني: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار إلى غير ذلك من التوجيهات لكان ذلك أنفع للحاج وأخشع، وأما أن يؤتى بالحاج وكأنه ببغاء يقلد بالقول والفعل هذا المطوف، ولا يدري عن شيء أبدا، وربما لو قيل له بعد ذلك: طف. ما استطاع أن يطوف ولا يعرف الطواف؛ لأنه كان يمشي ويردد وراء هذا المطوف. فهذا هو الذي أرى أنه أنفع للمطوفين وأنفع للطائفين أيضا. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:30 am | |
| أخطاء تقع في الحلق والتقصير ومن الأخطاء التي تكون في الحلق أو التقصير ما يلي: الأول: أن بعض الناس يحلق بعض رأسه حلقًا تامًا بالموسى ، ويبقي البقية، وقد شاهدت ذلك بعيني، فقد شاهدت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة، وقد حلق نصف رأسه تمامًا وأبقى بقية شعره، وهو شعر كثيف أيضًا بيِّن، فأمسكت به وقلت له: لماذا صنعت هذا؟ فقال: صنعت هذا، لأني أريد أن أعتمر مرتين، فحلقت نصفه للعمرة الأولى، وأبقيت نصفه لعمرتي هذه. وهذا جهل وضلال لم يقل به أحد من أهل العلم. الثاني: أن بعض الناس إذا أراد أن يتحلل من العمرة، قصَّر شعرات قليلة من رأسه، ومن جهة واحدة، وهذا خلاف ظاهر الآية الكريمة، فإن الله تعالى يقول: مُحلقِّين رؤوسكم ومقصِّرين فلا بد أن يكون للتقصير أثرٌ بيِّن على الرأس، ومن المعلوم أن قص شعرة أو شعرتين أو ثلاث شعرات لا يؤثر، ولا يظهر على المعتمر أنه قصر، فيكون مخالفا لظاهر الآية الكريمة. ودواء هذين الخطأين أن يحلق جميع الرأس إذا أراد حلقه، وأن يقصر من جميع الرأس إذا أراد تقصيره ولا يقتصر على شعرة أو شعرتين. الثالث: من الناس من إذا فرغ من السعي ولم يجد من يحلق عنده أو يقصر، ذهبَ إلى بيته، فتحلل ولبس ثيابه، ثم حلق أو قصر بعد ذلك. وهذا خطأ عظيم؛ لأن الإنسان لا يحل من العمرة إلا بالحلق أو التقصير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر أصحابه في حجة الوداع ممن لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة، قال: فليقصر ثم ليحلل . وهذا يدل على أنه لا حل إلا بعد التقصير. وعلى هذا، فإذا فرغ من السعي ولم يجد حلاقًا أو أحدًا يقصر رأسه، فليبق على إحرامه حتى يحلق أو يقصر، ولا يحل له أن يتحلل قبل ذلك، فلو قُدِّر أن شخصًا فعل هذا جاهلا أن تحلل قبل أن يحلق أو يقصر، ظنًا منه أن ذلك جائز، فإنه لا حرج عليه لجهله، ولكن يجب عليه حين يعلم أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام؛ لأنه لا يجوز التمادي في الحِلّ مع علمه بأنه لم يحل، ثم إذا حلق أو قصر تحلل. أخطاء تقع في منى يوم التروية ومن الأخطاء التي تقع من بعض الحجاج في منى يوم التروية: الأول: بعض الناس لا يجهر بالتلبية مع مشروعية الجهر بها ، فتمر بك أفواج الحجاج، ولا تكاد تسمع واحدًا يلبي، وهذا خلاف السنة، وخلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فالسنة للإنسان في التلبية أن يجهر بها وأن يرفع صوته بذلك، ما لم يشق عليه، وليعلم أنه لا يسمعه شيء من حجر أو مدر، إلا شهد له يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى. الثاني: بعض الحجاج يذهب رأسًا إلى عرفة ولا يبيت في منى، وهذا وإن كان جائزًا- لأن المبيت في منى ليس بواجب- لكن الأفضل للإنسان أن يتبع السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث ينزل في منى من ضحى اليوم الثامن، إلى أن تطلع الشمس من اليوم التاسع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وقال: لتأخذوا عني مناسككم . لكنه لو تقدم إلى عرفة ولم يبت في منى في ليلة التاسع فلا حرج عليه، لحديث عروة بن المضرَّس أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر يوم العيد في مزدلفة وقال: يا رسول الله، أكْللت راحلتي وأتعبتُ نفسي، فلم أرَ جبلا إلا وقفت عنده- يعني: فهل لي من حج؟- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارًا فقدتم حجه وقضى تفثه . ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم المبيت بمنى ليلة التاسع، وهذا يدل على أنه ليس بواجب. الثالث: بعض الناس يقصر ويجمع في منى ، فيجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وهذا خلاف السنة، فإن المشروع للناس في منى أن يقصروا الصلاة بدون جمع، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان الجمع جائزًا؛ لأنه في سفر، والمسافر يجوز له الجمع حالا وسائرًا؛ لكن الأفضل لمن كان حالاً ونازلا من المسافرين، الأفضل ألا يجمع إلا لسبب، ولا سبب يقتضي الجمع في منى، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجمع في منى، ولكن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، فيصلي الظهر ركعتين في وقتها، والعصر في وقتها، وهكذا في بقية الصلوات. أخطاء تقع في الذهاب إلى عرفة وفي عرفة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مكث يوم عرفة بنمرة حتى زالت الشمس ، ثم ركب، ثم نزل في بطن وادي عرنة، فصلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمع تقديم، بأذان واحد وإقامتين، ثم ركب حتى أتى موقفه فوقف، وقال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، فلم يزل واقفا مستقبل القبلة رافعًا يديه يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس وغاب قرصها فدفع إلى مزدلفة. ومن الأخطاء التي يرتكبها الحجاج في عرفة ما يلي: الأول: أن الحجاج يمرون بك ولا تسمعهم يلبون، فلا يجهرون بالتلبية في مسيرهم من منى إلى عرفة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة في يوم العيد . الثاني: ومن الأخطاء العظيمة الخطيرة أن بعض الحجاج ينزلون قبل أن يصلوا إلى عرفة ، ويبقون في منزلهم حتى تزول الشمس، ويمثلون هناك إلى أن تغرب الشمس، ثم ينطلقون منه إلى مزدلفة، وهؤلاء الذين وقفوا هذا الموقف ليس لهم حج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الحج عرفة . فمن لم يقف في عرفة في المكان الذي هو منها، وفي الزمان الذي عين للوقوف بها فإن حجه لا يصح للحديث الذي أشرنا إليه، وهذا أمر خطير. والحكومة- وفقها الله- قد جعلت علامات واضحة لحدود عرفة لا تخفى إلا على رجل مفرط متهاون، فالواجب على كل حاج أن يتفقد الحدود حتى يعلم أنه وقف في عرفة لا خارجها. ويا حبذا لو أن القائمين على الحجِّ أعلنوا للناس بوسيلة تبلغ جميعهم، وبلغات متعددة، وعهدوا إلى المُطَوّفين بتحذير الحُجّاج من ذلك، ليكون الناس على بصيرة من أمرهم، ويُؤَدُّوا حجَّهم على الوجه الذي تبرأ به الذِّمةُ. الثالث: أن بعض الناس إذا اشتغلوا بالدعاء في آخر النهار، تجدهم يتجهون إلى الجبل الذي وقف عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن القبلة تكون خلف ظهورهم أو عن أيمانهم أو عن شمائلهم، وهذا أيضًا جهل وخطأ؛ فإن المشروع في الدعاء يوم عرفة أن يكون الإنسان مستقبل القبلة، سواء كان الجبل أمامه أو خلفه، أو عن يمينه أو عن شماله، وإنما استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الجبل؛ لأن موقفه كان خلف الجبل، فكان صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، وإذا كان الجبل بينه وبين القبلة فبالضرورة سيكون مستقبلا له. الرابع: أن بعضهم يظن أنه لا بد أن يذهب الإنسان إلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم الذي عند الجبل ليقف هناك، فتجدهم يتجشَّمون المصاعب، ويركبون المشاق، حتى يصلوا إلى ذلك المكان، وربما يكونون مشاة جاهلين بالطرق فيعطشون ويجوعون إذا لم يجدوا ماء وطعاما ، ويضلـُّون في الأرض، ويحصل عليهم ضرر عظيم بسبب هذا الظن الخاطئ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف . وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه: ينبغي للإنسان ألا يتكلف ليقف في موقف النبي صلى الله عليه وسلم، بل يفعل ما تيسر له، فإن عرفة كلها موقف. الخامس: أن بعض الناس يعتقدون أن الأشجار في عرفة كالأشجار في منى ومزدلفة، أي : لا يجوز للإنسان أن يقطع منها ورقة أو غصنـًا أو ما أشبه ذلك؛ لأنه يظنون أن قطع الشجر له تعلق بالإحرام كالصيد، وهذا ظن خطأ، فإن قطع الشجر لا علاقة له بالإحرام، وإنما علاقته بالمكان، فما كان داخل حدود الحرم - أي : داخل الأميال - من الأشجار فهو محترم، لا يعضد ولا يقطع منه ورق ولا أغصان، وما كان خارجـًا عن حدود الحرم فإنه لا بأس بقطعه ولو كان الإنسان محرما، وعلى هذا فقطع الأشجار في عرفة لا بأس به، ونعني بالأشجار هنا الأشجار التي حصلت بغير فعل الحكومة، وأما الأشجار التي حصلت بفعل الحكومة، فإنه لا يجوز قطعها لا لأنها محترمة احترام الشجر في داخل الحرم، ولكن لأنه اعتداء على حق الحكومة وعلى حق الحجاج أيضا، لأن الحكومة- وفقها الله- غرست أشجارا في عرفة، لتلطيف الجو، وليستظل بها الناس من حر الشمس، فالاعتداء عليها اعتداء على حق الحكومة وعلى حق المسلمين عموما. السادس: أن بعض الحجاج يعتقدون أن للجبل الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم قدسية خاصة، ولهذا يذهبون إليه، ويصعدونه، ويتبركون بأحجاره وترابه، ويعلقون على أشجاره قصاصات الخرق، وغير ذلك مما هو معروف، وهذا من البدع، فإنه لا يشرع صعود الجبل ولا الصلاة فيه، ولا أن تعلق قصاصات الخرق على أشجاره؛ لأن ذلك كله لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل فيه شيء من رائحة الوثنية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على شجرة للمشركين ينوطون بها أسلحتهم، فقال من معه: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، إنها السنن، لتركبن سنَن من كان قبلكم، قلتم- والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة . وهذا الجبل ليس له قدسية، بل هو كغيره من الروابي التي في عرفة، والسهول التي فيها، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف هناك، فكان المشروع أن يقف الإنسان في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم إن تيسر له، وإلا فليس بواجب، ولا ينبغي أن يتكلف الإنسان الذهاب إليه لما سبق. السابع: أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن يصلي الإنسان الظهر والعصر مع الإمام في المسجد، ولهذا تجدهم يذهبون إلى ذلك المكان من أماكن بعيدة ليكونوا مع الإمام في المسجد، فيحصل عليهم من المشقة والأذى والتيه ما يجعل الحج في حقهم حرجا وضيقا ، ويضيق بعضهم على بعض، ويؤذي بعضهم بعضا ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الوقوف: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . فإذا صلى الإنسان في خيمته صلاة يطمئن فيها بدون أذى عليه ولا منه، وبدون مشقة تلحق الحج بالأمور المحرجة، فإن ذلك خير وأولى. الثامن: أن بعضهم يتسلل من عرفة قبل أن تغرب الشمس ، فيدفع منها إلى المزدلفة، وهذا خطأ عظيم، وفيه مشابهة للمشركين الذين كانوا يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس، ومخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم يدفع من عرفة إلا بعد أن غابت الشمس وذهبت الصفرة قليلا، كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه . وعلى هذا فإنه يجب على المرء أن يبقى في عرفة داخل حدودها حتى تغرب الشمس؛ لأن هذا الوقوف مؤقت بغروب الشمس، فكما أنه لا يجوز للصائم أن يفطر قبل غروب الشمس، فلا يجوز للواقف بعرفة أن ينصرف منها قبل أن تغرب الشمس. التاسع: إضاعة الوقت في غير فائدة، فتجد الناس من أول النهار إلى آخر جزء منه وهم في أحاديث قد تكون بريئة سالمة من الغيبة والقدح في أعراض الناس، وقد تكون غير بريئة لكونهم يخوضون في أعراض الناس ويأكلون لحومهم، فإن كان الثاني فقد وقعوا في محذورين: أحدهما: أكل لحوم الناس وغيبتهم، وهذا خلل حتى في الإحرام؛ لأن الله تعالى يقول: فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج والآخر: إضاعة الوقت. أما إن كان الحديث بريئا لا يشتمل على محرم ففيه إضاعة الوقت، لكن لا حرج على الإنسان أن يشغل وقته بالأحاديث البريئة فيما قبل الزوال، وأما الزوال وصلاة الظهر والعصر فإن الأولى أن يشتغل بالدعاء والذكر وقراءة القرآن، وكذلك الأحاديث النافعة لإخوانه إذا مل من القراءة والذكر، فيتحدث إليهم أحاديث نافعة؛ في بحث من العلوم الشرعية أو نحو ذلك مما يدخل السرور عليهم، ويفتح لهم باب الأمل والرجاء لرحمة الله سبحانه وتعالى، ولكن لينتهز الفرصة في آخر ساعات النهار، فيشتغل بالدعاء ويتجه إلى الله عز وجل متضرعا إليه، مخبتا منيبا طامعا في فضله راجيا ، لرحمته، ويلح في الدعاء، ويكثر من الدعاء الوارد في القرآن وفي السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا خير الأدعية، وإن الدعاء في هذه الساعة حري بالإجابة. حكم تسمية جبل عرفة بجبل الرحمة يطلق على جبل عرفة: جبل الرحمة، فما حكم هذه التسمية وهل لها أصل؟ الجواب: هذه التسمية لا أعلم لها أصلا من السنة، أي : أن الجبل الذي في عرفة، الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم يسمى جبل الرحمة، وإذا لم يكن له أصل من السنة فإنه لا ينبغي أن يُطلق عليه ذلك، والذين أطلقوا عليه هذا الاسم لعلهم لاحظوا أن هذا الموقف موقف عظيم، تتبين فيه مغفرة الله ورحمته للواقفين في عرفة فسموه بهذا الاسم، والأولى ألا يسمى بهذا الاسم، وليقال: جبل عرفة، أو الجبل الذي وقف عنده النبي صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك. زيارة جبل عرفة يلتزم بعض الحجاج زيارة هذا الجبل قبل الحج أو بعده ويصلون في أعلاه، فما حكم زيارة هذا الجبل وما حكم الصلاة فيه؟ الجواب: حكمه كما يعلم من القاعدة الشرعية، بأن كل من تعبد الله تعالى بما لم يشرعه الله فهو مبتدع، فُيعلـَم من هذا أن قصد هذا الجبل للصلاة عليه أو عنده والتمسح به، وما أشبه ذلك مما يفعله بعض العامة بدعة، ينكر على فاعلها، ويقال له: لا خصيصة لهذا الجبل. إلا أنه يسن أن يقف الإنسان يوم عرفة عند الصخرات، كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف هناك عند الصخرات وقال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف . وبناء على ذلك فلا ينبغي أيضا أن يشق الإنسان على نفسه في يوم عرفة، ليذهب إلى ذلك الجبل، فربما يضيع عن قومه، ويتعب بالحر والعطش، ويكون بهذا آثما ، حيث شق على نفسه في أمر لم يوجبه الله عليه. أخطاء تقع في الطريق إلى مزدلفة وفي مزدلفة ومن الأخطاء التي تقع في الانصراف إلى مزدلفة: الأول: ما يكون في ابتداء الانصراف، وهو ما أشرنا إليه سابقا من انصراف بعض الحجاج من عرفة قبل غروب الشمس. الثاني: أنه في دفعهم من عرفة إلى المزدلفة تحدث المضايقات من بعضهم لبعض، ومنها الإسراع الشديد الذي يؤدي أحيانا إلى تصادم السيارات، وقد دفع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة بسكينة، وكان عليه الصلاة والسلام دفع وقد شنق لناقته القصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب موضع رحله، وهو يقول بيده الكريمة : أيها الناس، السكينة السكينة ؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم مع ذلك إذا أتى فجوة أسرع، وإذا أتى جبلا من الجبال أرخى لناقته الزمام حتى تصعد فكان صلى الله عليه وسلم يراعي الأحوال في مسيره هذا، ولكن إذا دار الأمر بين كون الإسراع أفضل أو التأني، فالتأني أفضل. الثالث: أن بعض الناس ينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة ، ولا سيما المشاة منهم، يعييهم المشي ويتعبهم، فينزلون قبل أن يصلوا إلى مزدلفة، ويبقون هنالك حتى يصلوا الفجر ثم ينصرفوا منه إلى منى، ومن فعل هذا فإنه قد فاته المبيت في المزدلفة، وهذا أمر خطير جدا؛ لأن المبيت بمزدلفة ركن من أركان الحج عند بعض أهل العلم، وواجب من واجباته عند جمهور أهل العلم، وسنة في قول بعضهم، ولكن الصواب أنه واجب من واجبات الحج، وأنه يجب على الإنسان أن يبيت في مزدلفة، وألا ينصرف إلا في الوقت الذي أجاز الشارع له فيه الانصراف كما سيأتي إن شاء الله تعالى. الرابع: أن بعض الناس يصلي المغرب والعشاء في الطريق على العادة، قبل أن يصل إلى مزدلفة، وهذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في أثناء الطريق وبال وتوضأ، قال له أسامة بن زيد - وكان رديفه: الصلاة يا رسول الله؟ قال: الصلاة أمامك . وبقي صلى الله عليه وسلم ولم يصل إلا حين وصل إلى مزدلفة، وكان قد وصلها بعد دخول وقت العشاء فصلى فيها المغرب والعشاء جمع تأخير. الخامس: وهو عكس ما ذكرناه في الذين يصلون المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة، فإن بعض الناس لا يصلي المغرب والعشاء حتى يصل إلى مزدلفة ولو خرج وقت صلاة العشاء، وهذا لا يجوز وهو حرام من كبائر الذنوب، لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، قال الله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوقت وحدده، وقال الله تعالى: ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وقال سبحانه: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة، فإن الواجب عليه أن يصلي وإن لم يصل إلى مزدلفة، يصلي على حسب حاله، إن كان ماشيا وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها، وإن كان راكبا ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي ولو على ظهر سيارته، لقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم وإن كان عدم تمكنه من النزول في هذه الحال أمرا بعيدا؛ لأنه بإمكان كل إنسان أن ينزل ويقف على جانب الخط من اليمين أو اليسار ويصلي. وعلى كل حال فإنه لا يجوز لأحد أن يؤخر صلاة المغرب والعشاء حتى يخرج وقت العشاء، بحجة أنه يريد أن يطبق السنة فلا يصلي إلا في مزدلفة، فإن تأخيره هذا مخالف للسنة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخر، لكنه صلى الصلاة في وقتها. السادس: أن بعض الحجاج يصلون الفجر قبل وقته، فتسمع بعضهم يؤذن قبل الوقت بساعة أو بأكثر أو بأقل، المهم أنهم يؤذنون قبل الفجر ويصلون وينصرفون، وهذا خطأ عظيم، فإن الصلاة قبل وقتها غير مقبولة؛ بل محرمة، لأنها اعتداء على حدود الله عز وجل، فإن الصلاة موقتة بوقت حدد الشرع أوله وآخره؛ فلا يجوز لأحد أن يتقدم بالصلاة قبل دخول وقتها. فيجب على الحاج أن ينتبه لهذه المسألة، وألا يصلي الفجر إلا بعد أن يتيقن أو يغلب على ظنه دخول وقت الفجر، صحيح أنه ينبغي المبادرة بصلاة الفجر ليلة المزدلفة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بادر بها، ولكن لا يعني ذلك - أو لا يقتضي ذلك- أن تصلي قبل الوقت. فليحذر الحاج من هذا العمل. السابع: أن بعض الحجاج يدفعون من مزدلفة قبل أن يمكثوا فيها أدنى مكث، فتجده يمر بها مرورا ويستمر ولا يقف، ويقول : إن المرور كاف، وهذا خطأ عظيم، فإن المرور غير كاف؛ بل السنة تدل على أن الحاج يبقى في مزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم يقف عند المشعر الحرام يدعو الله تعالى حتى يسفر جدا، ثم ينصرف إلى منى، ورخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بليل . وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترقب غروب القمر فإذا غاب القمر دفعت من مزدلفة إلى منى . وهذا - الدفع بعد غروب القمر - ينبغي أن يكون هو الحد الفاصل، لأنه فعل صحابي، والنبي صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة من أهله أن يدفعوا بليل، ولم يبين في هذا الحديث حد هذا الليل، ولكن فعل الصحابي قد يكون مبينا له ومفسرا له. وعليه، فالذي ينبغي أن يحدد الدفع للضعفة ونحوهم ممن يشق عليهم مزاحمة الناس، ينبغي أن يقيد بذلك؛ أي : بغروب القمر، وغروب القمر في الليلة العاشرة يكون قطعا بعد منتصف الليل، يكون بمضي ثلثي الليل تقريبا. الثامن: أن بعض الناس في ليلة المزدلفة يحيي هذه الليلة بالقيام والقراءة والذكر، وهذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة لم يتعبد لله عز وجل بمثل هذا، بل في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى العشاء اضطجع حتى طلع الفجر ثم صلى الصبح . وهذا يدل على أن تلك الليلة ليس فيها تهجد أو تعبد أو تسبيح أو ذكر أو قرآن. التاسع: أن بعض الحجاج يبقون في مزدلفة حتى تطلع الشمس، ويصلون صلاة الشروق أو الإشراق، ثم ينصرفون بعد ذلك، وهذا خطأ؛ لأن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وموافقة لهدي المشركين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من مزدلفة قبل أن تطلع الشمس حين أسفر جدا. والمشركون كانوا ينتظرون حتى تطلع الشمس ويقولون : أشرق ثبير كيما نغير. فمن بقي في مزدلفة تعبدا لله عز وجل حتى تطلع الشمس، فقد شابه المشركين، وخالف سنة سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه. أخطاء تقع عند رمي الجمرات ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى جمرة العقبة وهي الجمرة القصوى التي تلي مكة بسبع حصيات، ضُحى يوم النحر، يكبِّر مع كل حصاة منها، مثل حصا الخذف؛ أي : فوق الحِمَّص قليلا. وفي سنن النسائي من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما - كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى - قال: فهبط - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - محسرا وقال: عليكم بحصى الخذف الذي يُرمى به الجمرة قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان . وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال يحيى: لا يدري عوفٌ عبدَ الله أو الفضلَ: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو واقف على راحلته: هات الْقُطْ لي قال: فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فوضعهن في يده، وقال: بأمثال هؤلاء مرتين، وقال بيده، فأشار يحيى أنه رفعها وقال: إياكم والغلو فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين . وعن أم سلمان بن عمرو بن الأحوص رضي الله عنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي يوم النحر، وهو يقول: يا أيها الناس، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا، ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف فيقول: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله. وروى أحمد وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله . هذه هي الحكمة من مشروعية رمي الجمرات. والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في رمي الجمرات تكون من وجوه متعددة: الأول: أن بعض الناس يظنون أنه لا يصح الرمي إلا إذا كانت الحصى من مزدلفة، ولهذا تجدهم يتعبون كثيرا في لقط الحصى من مزدلفة، قبل أن يذهبوا إلى منى، وهذا ظن خاطئ، فالحصى يؤخذ من أي مكان، من مزدلفة، من منى، من أي مكان يؤخذ، المقصود أن يكون حصى. ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه التقط الحصى من مزدلفة حتى نقول : إنه من السنة. فليس من السنة. ولا من الواجب أن يلتقط الإنسان الحصى من مزدلفة؛ لأن السنة إما قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله أو إقراره، وكل هذا لم يكن في لقط الحصى من مزدلفة. الثاني: أن بعض الناس إذا لقط الحصى غسله، إما احتياطا لخوف أن يكون أحد قد بال عليه، وإما تنظيفا لهذا الحصى؛ لظنه أن كونه نظيفا أفضل. وعلى كل حال فغسل حصى الجمرات بدعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، والتعبد بشيء لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة، وإذا فعله الإنسان من غير تعبد كان سفها وضياعا للوقت. الثالث: أن بعض الناس يظنون أن هذه الجمرات شياطين، وأنهم يرمون شياطين، فتجد الواحد منهم يأتي بعنف شديد وحنق وغيظ، منفعلا انفعالا عظيما، كأن الشيطان أمامه، ثم يرمي هذه الجمرات، ويحدث من ذلك مفاسد عظيمة: 1- أن هذا ظن خاطئ فإنما نرمي هذه الجمرات إقامة لذكر الله تعالى، واتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحقيقا للتعبد، فإن الإنسان إذا عمل طاعة وهو لا يدري فائدتها، إنما يفعلها تعبدا لله، كان هذا أدل على كمال ذله وخضوعه لله عز وجل. 2- أن الإنسان يأتي بانفعال شديد وغيظ وحنق وقوة واندفاع، فتجده يؤذي الناس إيذاء عظيما، حتى كأن الناس أمامه حشرات لا يبالي بهم، ولا يسأل عن ضعيفهم، وإنما يتقدم كأنه جمل هائج. 3- أن الإنسان لا يستحضر أنه يعبد الله عز وجل أو يتعبد لله عز وجل بهذا الرمي، ولذلك يعدل عن الذكر المشروع إلى قول غير مشروع، فتجده يقول حين يرمي: اللهم غضبا على الشيطان ورضى للرحمن. مع أن هذا ليس بمشروع عند رمي الجمرة، بل المشروع أن يكبر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. 4- أنه بناء على هذه العقيدة الفاسدة تجده يأخذ أحجارا كبيرة يرمي بها، بناء على ظنه أنه كلما كان الحجر أكبر كان أشد أثرا وانتقاما من الشيطان. وتجده أيضا يرمي بالنعال والخشب وما أشبه ذلك مما لا يشرع الرمي به، ولقد شاهدت رجلا قبل بناء الجسور على الجمرات جالسا على زُبرة الحصى التي رمي بها في وسط الحوض، وامرأته معه؛ يضربان العمود بأحذيتهما، بحنق وشدة، وحصى الرامين تصيبهما، ومع ذلك فكأنهما يريان أن هذا في سبيل الله، وأنهما يصبران على هذا الأذى وعلى هذه الإصابة ابتغاء وجه الله عز وجل. إذن: إذا قلنا : إن هذا الاعتقاد اعتقاد فاسد، فما الذي نعتقده في رمي الجمرات؟ نعتقد في رمي الجمرات أننا نرمي الجمرات تعظيما لله عز وجل، وتعبدا له، واتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الرابع: أن بعض الناس لا يتحقق من رمي الجمرة من حيث ترمى، فإن جمرة العقبة - كما هو معلوم في الأعوام السابقة - كان لها جدار من الخلف، والناس يأتون إليها من نحو هذا الجدار، فإذا شاهدوا الجدار رموا، ومعلوم أن الرمي لا بد أن تقع فيه الحصى في الحوض، فيرمونها من الناحية الشرقية من ناحية الجدار، ولا يقع الحصى في الحوض؛ لحيلولة الجدار بينهم وبين الحوض، ومن رمى هكذا فإن رميه لا يصح؛ لأن من شرط الرمي أن تقع الحصاة في الحوض، وإذا وقعت الحصاة في الحوض، فقد برئت بها الذمة، سواء بقيت في الحوض أو تدحرجت منه. أما تحقـُّق وقوع الحصاة في المرمى فليس بشرط؛ لأنه يكفي أن يغلب على الظن أنها وقعت فيه، فإذا رمى الإنسان من المكان الصحيح وحذف الحصاة، وهو يغلب على ظنه أنها وقعت في المرمى كفى؛ لأن اليقين في هذه الحال قد يتعذر، وإذا تعذر اليقين عمل بغلبة الظن؛ ولأن الشارع أحال على غلبة الظن فيما إذا شك الإنسان في صلاته: كم صلى، ثلاثا أم أربعا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ليتحر الصواب ثم ليتم عليه . وهذا يدل على أن غلبة الظن في أمور العبادة كافية، وهذا من تيسير الله عز وجل؛ لأن اليقين أحيانا يتعذر. الخامس: أن بعض الناس يظن أنه لا بد أن تصيب الحصاة الشاخص؛ أي : العمود، وهذا ظن خطأ، فإنه لا يشترط لصحة الرمي أن تصيب الحصاة هذا العمود، فإن هذا العمود إنما جعل علامة على المرمى الذي تقع فيه الحصى، فإذا وقعت الحصاة في المرمى أجزأت سواء أصابت العمود أم لم تصبه. السادس: وهو من الأخطاء العظيمة الفادحة، أن بعض الناس يتهاون في الرمي، فيوكل من يرمي عنه مع قدرته عليه، وهذا خطأ عظيم، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج ومناسكه، وقد قال الله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله وهذا يشمل إتمام الحج بجميع شعائره؛ فيجب على الإنسان أن يقوم بها بنفسه، وألا يوكل فيها أحدا. يقول بعض الناس: إن الزحام شديد، وإنه يشق علي. فنقول له : إذا كان الزحام شديدا أول ما يقدم الناس إلى منى من مزدلفة، فإنه لا يكون شديدا في آخر النهار، ولا يكون شديدا في الليل، وإذا فاتك الرمي في النهار فارم في الليل؛ لأن الليل وقت للرمي، وإن كان النهار أفضل، لكن كون الإنسان يأتي بالرمي في الليل بطمأنينة وهدوء وخشوع أفضل من كونه يأتي به في النهار، وهو ينازع الموت من الزحام والضيق والشدة، وربما يرمي ولا تقع الحصاة في المرمى، المهم أن من احتج بالزحام نقول له : إن الله قد وسع الأمر، فلك أن ترمي في الليل. يقول بعض الناس: إن المرأة عورة ولا يمكنها أن تزاحم الرجال في الرمي. نقول له : إن المرأة ليست عورة، إنما العورة أن تكشف المرأة ما لا يحل لها كشفه أمام الرجال الأجانب، وأما شخصية المرأة فليست بعورة، وإلا لقلنا : إن المرأة لا يجوز لها أن تخرج من بيتها أبدا ، وهذا خلاف دلالة الكتاب والسنة، وخلاف ما أجمع عليه المسلمون، صحيح أن المرأة ضعيفة، وأن المرأة مرادة للرجل، وأن المرأة محط الفتنة، ولكن إذا كانت تخشى من شيء في الرمي مع الناس، فلتؤخر الرمي إلى الليل، ولهذا لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله - كَسَوْدة بنت زمعة وأشباهها - أن يَدَعُوا الرمي ويوكلوا من يرمي عنهم - لو كان من الأمور الجائزة - بل أذن لهم أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، ليرموا قبل حَطَمة الناس؛ وهذا أكبر دليل على أن المرأة لا توكل لكونها امرأة. نعم لو فرض أن الإنسان عاجز ولا يمكنه الرمي بنفسه، لا في النهار ولا في الليل، فهنا يتوجه القول بجواز التوكيل؛ لأنه عاجز، وقد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يرمون عن صبيانهم، لعجز الصبيان عن الرمي، ولولا ورود هذا النص - وهو رمي الصحابة عن صغارهم - لقلنا : إن من عجز عن الرمي بنفسه فإنه يسقط عنه، إما إلى بدل وهو الفدية، وإما إلى غير بدل، وذلك لأن العجز عن الواجبات يسقطها، ولا يقوم غير المكلف بما يلزم المكلف فيها عند العجز، ولهذا من عجز عن أن يصلي قائما - مثلا - لا نقول له : وكِّل من يصلي عنك قائما. على كل حال: التهاون في هذا الأمر - أعني : التوكيل في رمي الجمرات إلا من عذر لا يتمكن فيه الحاج من الرمي - خطأ كبير؛ لأنه تهاون في العبادة، وتخاذل عن القيام بالواجب. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:32 am | |
| أخطاء تقع عند رمي الجمرات (تابع) السابع: أن بعض الناس يظنون أن الرمي بحصى من غير مزدلفة لا يجزئ، حتى إن بعضهم إذا أخذ الحصى من مزدلفة ثم ضاع منه أو ضاع منه بعضه وبقي ما لا يكفي ذهب يطلب غيره من مزدلفة. وهذا خطأ وجهل، فإنه كما أسلفنا يجوز الرمي بكل حصاة من أي موضع كانت، حتى لو فرض أن الرجل وقف يرمي الجمرات وسقطت الجمرات من يده فله أن يأخذ من الأرض من تحت قدمه، سواء حصاه التي سقطت منه أم غيرها، ولا حرج عليه في ذلك؛ فيأخذ من الأرض التي تحته - وهو يرمي - ويرمي بها حتى وإن كان قريبا للحوض؛ لأنه لا دليل على أن الإنسان إذا رمى بها لا يجزئه الرمي، ولأنه لا يتيقن أن الحصاة التي أخذها من مكانه قد رمي بها، فقد تكون هذه الحصاة سقطت من شخص آخر وقف في هذا المكان، وقد تكون حصاة رمى بها شخص من بعيد ولم تقع في الحوض، المهم أنك لا تتيقن، ثم على فرض أنك تيقنت أن هذه قد رمي بها وتدحرجت من الحوض وخرجت منه، فإنه ليس هناك دليل على أن الحصى الذي رمي به لا يجزئ الرمي به مرة أخرى. الثامن: أن بعض الناس يعكس الترتيب فيها في اليومين الحادي عشر والثاني عشر، فيبدأ بجمرة العقبة، ثم بالجمرة الوسطى، ثم بالجمرة الصغرى الأولى، وهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم رماها مرتبة، وقال: لتأخذوا عني مناسككم فيبدأ بالأولى، ثم الوسطى ثم جمرة العقبة. فإن رماها منكسة، وأمكنه أن يتدارك ذلك فليتداركه؛ فإذا رمى العقبة ثم الوسطى ثم الأولى فإننا نقول: ارجع فارم الوسطى ثم العقبة، وذلك لأن الوسطى والعقبة وقعتا في غير موضعهما، لأن موضعهما تأخرهما عن الأولى، ففي هذه الحال نقول: اذهب فارم الوسطى ثم العقبة. ولو أنه رمى الأولى ثم جمرة العقبة ثم الوسطى، قلنا له: ارجع فارم جمرة العقبة لأنك رميتها في غير موضعها فعليك أن تعيدها بعد الجمرة الوسطى. هذا إذا أمكن أن يتلافى هذا الأمر، بأن كان في أيام التشريق، وسهل عليه تلافيه، أما لو قدر أنه انقضت أيام الحج، فإنه لا حرج عليه في هذه الحال؛ لأنه ترك الترتيب جاهلا، فسقط عنه بجهله، والرمي للجمرات الثلاث قد حصل، غاية ما فيه اختلاف الترتيب، واختلاف الترتيب عند الجهل لا يضر، لكن متى أمكن تلافيه بأن علم ذلك في وقته فإنه يعيده. التاسع: أن بعض الناس يرميها قبل الزوال، وهذا خطأ كبير؛ لأن رميها قبل الزوال رمي لها قبل دخول وقتها فلا يصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمها إلا بعد زوال الشمس، وإنما رماها بعد الزوال وقبل صلاة الظهر، مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتقب الزوال ارتقابا تاما، فبادر من حيث أن زالت الشمس قبل أن يصلي الظهر، ولقول عبد الله بن عمر: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا. ولأنه لو كان الرمي جائزا قبل زوال الشمس لفعله النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أيسر للأمة، والله عز وجل إنما يشرع لعباده ما كان أيسر، فلو كان مما يتعبد به لله - أعني : الرمي قبل الزوال - لشرعه الله سبحانه وتعالى لعباده؛ لقوله تعالى: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر فلما لم يشرع قبل الزوال علم أن ما قبل الزوال ليس وقتا للرمي، ولا فرق في ذلك بين اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، كلها سواء، كلها لم يرم فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد زوال الشمس. فليحذر المؤمن من التهاون في أمور دينه، وليتق الله تعالى ربه، فإنه من اتقى ربه جعل له مخرجا، ومن اتقى ربه جعل له من أمره يسرا؛ قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم وينبغي للإنسان- ونحن نتكلم عن وقت الرمي - أن يرمي كل يوم في يومه، فيرمي اليوم الحادي عشر في اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر في اليوم الثاني عشر، وجمرة العقبة يوم العيد في يوم العيد، ولا يؤخرها إلى آخر يوم، هذا وإن كان رخص فيه بعض أهل العلم، فإن ظاهر السنة المنع منه إلا لعذر. العاشر: أن بعض الناس يرمي بحصى أقل مما ورد، فيرمي بثلاث أو أربع أو خمس، وهذا خلاف السنة؛ بل يجب عليه أن يرمي بسبع حصيات، كما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه رمى بسبع حصيات بدون نقص، لكن رخص بعض العلماء في نقص حصاة أو حصاتين لأن ذلك وقع من بعض الصحابة رضي الله عنهم، فإذا جاءنا رجل يقول : إنه لم يرم إلا بست ناسيا أو جاهلا، فإننا في هذه الحالة نعذره ونقول: لا شيء عليك، لورود مثل ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وإلا فالأصل أن المشروع سبع حصيات، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحادي عشر: وهو سهل لكن ينبغي أن يتفطن له الحاج، أن كثيرا من الحجاج يهملون الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى في أيام التشريق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رمى الجمرة الأولى انحدر قليلا، ثم استقبل القبلة، فرفع يديه يدعو الله دعاء طويلا، وإذا رمى الجمرة الوسطى فعل كذلك، وإذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف، فينبغي للحاج ألا يفوت هذه السنة على نفسه، بل يقف ويدعو الله تعالى دعاء طويلا إن تيسر له، وإلا فبقدر ما تيسر، بعد الجمرة الأولى والوسطى. الثاني عشر: أن بعض الناس يرمي رميا زائدا عن المشروع، إما في العدد، وإما في النوبات والمرات، فيرمي أكثر من سبع، ويرمي الجمرات في اليوم مرتين أو ثلاثا، وربما يرمي في غير وقت الحج، وهذا كله من الجهل والخطأ، والواجب على المرء أن يتعبد بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لينال بذلك محبة الله ومغفرته؛ لقول الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم الثالث عشر: أن بعض الناس يرمي الحصى جميعا بكف واحدة، وهذا خطأ فاحش، وقد قال أهل العلم : إنه إذا رمى بكف واحدة أكثر من حصاة لم يحتسب له سوى حصاة واحدة. فالواجب أن يرمي الحصى واحدة فواحدة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:34 am | |
| أخطاء تقع في المبيت بمنى أيام التشريق أما الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج في المبيت بمنى أيام التشريق: الأول: أن بعض الناس لا يبيتون بها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر، بل يبيتون خارج منى من غير عذر، يريدون أن يترفهوا، وأن يشموا الهواء - كما يقولون - وهذا جهل وضلال، ومخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والإنسان الذي يريد أن يترفه لا يأتي للحج، فإن بقاءه في بلده أشد ترفها وأسلم من تكلف المشاق والنفقات. الثاني: ومن الأشياء التي يخل بها بعض الحجاج في الإقامة بمنى؟ بل التي يخطئ فيها أن بعضهم لا يهتم بوجود مكان في منى، فتجده إذا دخل في الخطوط ووجد ما حول الخطوط ممتلئا قال : إنه ليس في منى مكان، ثم ذهب ونزل في خارج منى، والواجب عليه أن يبحث بحثا تاما فيما حول الخطوط وما كان داخلها، لعله يجد مكانا يمكث فيه في أيام منى؛ لأن البقاء في منى واجب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لتأخذوا عني مناسككم . وقد أقام صلى الله عليه وسلم في منى، ورخص للعباس بن عبد المطلب من أجل سقايته أن يبيت في مكة ليسقي الحجاج . الثالث: أن بعض الناس إذا بحث ولم يجد مكانا في منى، نزل إلى مكة أو إلى العزيزية، وبقي هنالك، والواجب إذا لم يجد مكانا في منى أن ينزل عند أخر خيمة من خيام الحجاج ليبقى الحجيج كله في مكان واحد التي يقع فيها الحاج والمعتمر متصلا بعضه ببعض، كما نقول فيما لو امتلأ المسجد بالمصلين، فإنه يصلي مع الجماعة حيث تتصل الصفوف ولو كان خارج المسجد. الرابع: وهو يسير لكن ينبغي المحافظة عليه، أن بعض الناس يبيت في منى ولكن إذا كان النهار نزل إلى مكة ليترفه في الظل الظليل والمكيفات والمبردات، ويسلم من حر الشمس ولفح الحر. وهذا وإن كان جائزا على مقتضى قواعد الفقهاء حيث قالوا : إنه لا يجب إلا المبيت، فإنه خلاف السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بقي في منى ليالي وأياما، فكان صلى الله عليه وسلم يمكث في منى ليالي أيام التشريق وأيام التشريق. نعم لو كان الإنسان محتاجا إلى ذلك كما لو كان مريضا أو مرافقا لمريض فهذا لا بأس به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يبيتوا خارج منى، وأن يبقوا في الأيام في مراعيهم مع إبلهم . أخطاء تقع في الهدي يرتكب بعض الحجاج أخطاء في الهدي نذكر منها ما يلي: الأول: أن بعض الحجاج يذبح هديا لا يجزئ؛ كأن يذبح هديا صغيرا لم يبلغ السن المعتبر شرعا للإجزاء، وهو في الإبل خمس سنوات، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن ستة أشهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن . ومن العجب أن بعضهم يفعل ذلك مستدلا بقوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ويقول : إن ما تيسر من الهدي فهو كاف. فنقول له: إن الله قال : فما استيسر من الهدي وأل هذه لبيان الجنس، فيكون المراد بالهدي: الهدي المشروع ذبحه، وهو الذي بلغ السن المعتبر شرعا، وسلم من العيوب المانعة من الإجزاء شرعا. ويكون معنى قوله: فما استيسر أي: بالنسبة لوجود الإنسان ثمنه مثلا، ولهذا قال : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم فتجده يذبح الصغير الذي لم يبلغ السن، ويقول : هذا ما استيسر من الهدي، ثم يرمي به أو يأكله أو يتصدق به، وهذا لا يجزئ، للحديث الذي أشرنا إليه. الثاني: أن بعض الحجاج يذبح هديا معيبا بعيب يمنع من الإجزاء، والعيوب المانعة من الإجزاء ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم حين تحدَّث عن الأضحية وسئل: ماذا يتقى من الضحايا؟ فقال : أربع وأشار بيده صلى الله عليه وسلم العوراء البيِّـن عورها، والمريض البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والهزيلة - أو العجفاء - التي لا تنقي . أي التي ليس فيها نـَقـْي أي مخٌّ. فهذه العيوب الأربعة مانعة من الإجزاء، فأيّ بهيمة يكون فيها شيء من هذه العيوب أو ما كان مثلها أو أولى منها، فإنها لا تجزئ في الأضحية ولا في الهدي الواجب كهدي التمتع والقران والجبران. الثالث: أن بعضهم يذبح الهدي ثم يرمي به ولا يقوم بالواجب الذي أوجب الله عليه في قوله: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فقوله تعالى: "وأطعموا" أمر لا بد من تنفيذه لأنه حق للغير، أما قوله: "فكلوا منها" فالصحيح أن الأمر فيه ليس للوجوب، وأن للإنسان أن يأكل من هديه وله ألا يأكل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بالهدي من المدينة إلى مكة ولا يأكل منه، فيذبح في مكة ويوزع ولا يأكل منه، لكن قوله: "وأطعموا" هذا أمر يتعلق به حق الغير، فلا بد من إيصال هذا الحق إلى مستحقيه. وبعض الناس كما قلت يذبحه ويدعه، فيكون بذلك مخالفا لأمر الله تبارك وتعالى، بالإضافة إلى أن ذبحه وتركه إضاعة للمال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال . وإضاعة المال من السفه، ولهذا قال الله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وهذا الخطأ الذي يقع في هذه المسألة يتعلل بعض الناس بأنه لا يجد فقراء يعطيهم، وأنه يشق عليه حمله لكثرة الناس والزحام والدماء واللحوم في المجازر، وهذا التعليل وإن كان قد يصح في زمن مضى لكن الآن قد تيسر؛ لأن المجازر هُـذِّبت وأصلحت، ولأن هناك مشروعا افتتح في السنوات الأخيرة؛ وهو أن الحاج يعطي اللجنة المكونة لاستقبال دراهم الحجاج لتشتري لهم بذلك الهدي وتذبحه وتوزعه على مستحقه. فبإمكان الحاج أن يتصل بمكاتب هذه اللجنة، من أجل أن يسلم قيمة الهدي، ويوكلهم في ذبحه وتفريق لحمه. الرابع: أن بعض الحجاج يذبح الهدي قبل وقت الذبح، فيذبحه قبل يوم العيد، وهذا وإن كان قال به بعض أهل العلم في هدي التمتع والقران، فإنه قول ضعيف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذبح هديه قبل يوم العيد، مع أن الحاجة كانت داعية إلى ذبحه، فإنه حين أمر أصحابه رضي الله عنهم أن يحلوا من إحرامهم بالحج ليجعلوه عمرة ويكونوا متمتعين، وحصل منهم شيء من التأخر، قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت . فلو كان ذبح الهدي جائزا قبل يوم النحر لذبحه النبي صلى الله عليه وسلم وحل من إحرامه معهم تطييبا لقلوبهم، واطمئنانا لهم في ذلك، فلما لم يكن هذا منه صلى الله عليه وسلم عُلـِم أن ذبح الهدي قبل يوم العيد لا يصح ولا يجزئ. ومن العجيب أنني سمعت من بعض المرافقين لبعض الحملات التي تأتي من بلاد نائية عن مكة، أنه قيل لهم- أي لهذه الحملات: لكم أن تذبحوا هديكم من حين أن تسافروا من بلدكم إلى يوم العيد، واقترح عليهم هذا أن يذبحوا من الهدي بقدر ما يكفيهم من اللحم لكل يوم. وهذه جرأة عظيمة على شرع الله وعلى حق عباد الله، وكأن هذا الذي أفتاهم بهذه الفتوى يريد أن يوفر على الحَمْلَدَاري الذي تكفل بالقيام بهذه الحملة، أن يوفر عليه نفقات هذه الحملة، لأنهم إذا ذبحوا لكل يوم ما يكفيهم من هداياهم وفروا عليه اللحم. فعلى المرء أن يتوب إلى الله عز وجل وألا يتلاعب بأحكام الله، وأن يعلم أن هذه الأحكام أحكام شرعية، أراد الله تعالى من عباده أن يتقربوا بها إليه على الوجه الذي سنه لهم وشرعه لهم، فلا يحل لهم أن يتعدوه إلى ما تمليه عليه أهواؤهم. حكم ذبح الهدي في غير مكة هناك بعض الحجاج إذا أراد أن يحج، دفع نقودا لبعض المؤسسات الخيرية التي تتولى ذبح هديه في أماكن المجاعة في شرق الأرض وغربها. فما حكم هذا العمل أثابكم الله؟ الجواب: أقول إن هذا عمل خاطئ مخالف لشريعة الله، وتغرير بعباد الله عز وجل، وذلك أن الهدي محل ذبحه مكة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذبح هديه بمكة، ولم يذبحه في المدينة ولا في غيرها من البلاد الإسلامية، والعلماء نصوا على هذا وقالوا : إنه يجب أن يذبح هدي التمتع والقران والهدي الواجب- لترك واجب- يجب أن يذبح في مكة، وقد نص الله على ذلك في جزاء الصيد، فقال تعالى : يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة فما قـُيـِّد في الشرع بأماكن معينة لا يجوز أن ينقل إلى غيرها، بل يجب أن يكون فيها، فيجب أن تكون الهدايا في مكة، وتوزع في مكة، وإن قدر أنه لا يوجد أحد يقبلها في مكة، وهذا فرض قد يكون محالا فإنه لا حرج أن تذبح في مكة، وتنقل لحومها إلى من يحتاجها من بلاد المسلمين، الأقرب فالأقرب، أو الأشد حاجة فالأشد، هذا بالنسبة للهدايا أحكام تتعلق بالأضحية هل ينطبق هذا الحكم على الضحايا أيضا؟ الجواب: نعم، ينطبق على الأضحية ما ينطبق على الهدي؛ لأن الأضحية المشروع أن تكون في مكان المضحي، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذبح أضحيته في بلده، وبين أصحابه، حيث كان يخرج بها إلى المصلى فيذبحها هناك إظهارا لشعائر الله عز وجل. أما الدعوة إلى أن تؤخذ الدراهم من الناس وتذبح الضحايا في أماكن بعيدة، فهي دعوة إلى تحطيم هذه الشعيرة وخفائها على المسلمين، لأن الناس إذا نقلوا ضحاياهم إلى أماكن أخرى لم تظهر الشعائر - الأضاحي - في البلاد وأظلمت البلاد من الأضاحي، مع أنها من شعائر الله عز وجل. ويفوت بذلك: أولا: مباشرة المضحي لذبح أضحيته بنفسه، فإن هذا هو الأفضل والسنة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يذبح أضحيته بيده صلى الله عليه وسلم. ثانيا: يفوت بذلك سنية الأكل منها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأكل من الأضاحي. كما أمر الله بذلك في قوله: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فإن هذا أمر بالأكل من كل ذبيحة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل. ولما أهدى رسول الله في حجة الوداع مائة بدنة ذبح منها ثلاثا وستين بيده الكريمة، وأعطى عليا رضي الله عنه الباقي فوكله في ذبحه، ووكله أيضا في تفريق اللحم، إلا أنه أمر أن يؤخذ من كل بدنة بضعة - أي : قطعة من لحم - فجعلت في قدر، فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها وهذا يدل على تأكد أكل الإنسان مما أهداه من الذبائح، وكذلك مما ضحى به. نحن نقول : إنه يجوز التوكيل؛ أن يوكل الإنسان من يذبح أضحيته، لكن لا بد أن تكون الأضحية عنده وفي بيته أو في بلده على الأقل، يشاهدها ويأكل منها، وتظهر بها شعائر الدين، وليعلم أنه ليس المقصود من الأضاحي المادة البحتة وهي اللحم، فإن الله تعالى يقول: لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم والنبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن ذبح قبل الصلاة: فإنما هو لحم قدمه لأهله وقال لأبي بردة: شاتك شاة لحم . ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الأضحية وبين اللحم. وأيضا فإن العلماء يقولون: لو تصدق بلحم مائة بعير؛ فإنه لا يجزئه عن شاة واحدة يضحي بها. وهذا يدل على أن الأضحية يتقرب إلى الله تعالى بذبحها، قبل أن ينظر إلى منفعة لحمها. | |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:37 am | |
| نصيحة إلى من يخالفون مقاصد الشريعة تحدثتم عن الذين يرسلون نقودا لبعض البلاد الإسلامية ليذبح هديهم هناك أو أضحيتهم هناك وذكرتم أن ذلك مخالف لمقاصد الشريعة فهل من إضافة أو نصيحة تتعلق بهذا الموضوع؟ الجواب: الأمر كما ذكرنا، أن بعض الناس أو بعض المؤسسات تطلب من المسلمين أن يسلموا لها قيمة الهدي أو قيمة الأضاحي ليذبح في بلاد متضرر أهلها، ومحتاجون إلى الطعام والغذاء، وذكرنا أن الهدايا لها محل معين وهو مكة المكرمة، وأنه يجب أن يكون الذبح هناك في جزاء الصيد، وفي هدي التمتع والقران، وفي الفدية الواجبة لترك واجب، وأما الواجبة لفعل محظور، فإنها تكون حيث وجد ذلك المحظور، ويجوز أن تكون في الحرم أي : في مكة، وأما دم الإحصار فحيث وجد سببه، هكذا ذكر أهل العلم رحمهم الله، ولا يجوز أن تُخرج عن مكة وتذبح في مكان آخر. وأما تفريق لحمها فيكون في مكة إلا إذا استغنى أهل مكة، فيجوز أن تفرق في البلاد الإسلامية، وفي أقرب البلاد، هذا بالنسبة للهدي. أما الأضاحي فإنها تُضحَّى في بلاد المضحين، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم ضحى إلا في محل إقامته في المدينة. والأفضل أن يباشرها بنفسه، فإن لم يستطيع فإنه يوكل من يذبحها أمامه ليشهد أضحيته. وسبق لنا ما يحصل من المحظور في نقل الأضاحي إلى بلاد أخرى. وإنني بهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى إخواني المسلمين ليعلموا أنه ليس المقصود من ذبح الهدايا والأضاحي مجرد اللحم، فإن هذا يحصل بشراء الإنسان لحمًا كثيرًا يوزعه على الفقراء، لكن المقصود والأهم هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح، فإن التقرب إلى الله تعالى بالذبح من أفضل الأعمال الصالحة، كما قال الله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين وقال تعالى: فصل لربك وانحر وقال تعالى: لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وكون الإنسان يدفع دراهم لتذبح أضحيته في مكان الحاجة من بلاد المسلمين؛ يغني عنه أن يدفع دراهم ليشترى بها الطعام من هناك ويوزع على الفقراء، وربما يكون هذا أنفع لهم حيث يشترى ما يليق بحالهم ويلائمهم، وربما تكون الأطعمة هناك أرخص. فنصيحتي للمسلمين أن يتولوا ذبح ضحاياهم في بلادهم، وأن يأكلوا منها ويطعموا منها ويظهروا شعائر الله تعالى بالتقرب إليه بذبحها، وألا ينسوا إخوانهم المسلمين المتضررين في مشارق الأرض ومغاربها المحتاجين لبذل الأموال والمعونات لهم، فيجمعوا في هذه الحال بين الحسنيين؛ وبين حسنى ذبح الأضاحي في بلادهم، وحسنى نفع إخوانهم المسلمين في بلادهم أخطاء تقع في طواف الوداع ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض . وفي لفظ لمسلم عنه قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرنّ أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت . ورواه أبو داود بلفظ: حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت . وفي الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني أشتكي، فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة . فطفت ُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور. وللنسائي عنها أنها قالت: يا رسول الله، والله ما طـُفـْتُ طواف الخروج؛ فقال: إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس . وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمُحَصّب، ثم ركب إلى البيت فطاف به . وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن صفية رضي الله عنها حاضت بعد طواف الإفاضة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحابستنا هي؟ قالوا: إنها قد أفاضت وطافت بالبيت، قال: فلتنفر إذن . وفي الموطأ عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال: لا يـَصـْدُرنَّ أحد من الحج حتى يطوف بالبيت، فإن آخر النسك الطواف بالبيت. وفيه عن يحيى بن سعيد أن عمر رضي الله عنه رد رجلاً من مرِّ الظهران لم يكن ودَّع البيت حتى ودع. فالواجب أن يكون الطواف آخر عمل يقوم به الإنسان من أعمال الحج. والناس يخطئون في طواف الوداع في أمور: الأول: أن بعض الناس لا يجعل الطواف آخر أمره؛ بل ينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع، وقد بقي عليه رمي الجمرات، ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يغادر، وهذا خطأ، ولا يجزئ طواف الوداع في مثل هذه الحال، وذلك لأنه لم يكن آخر عهد الإنسان بالبيت الطواف؛ بل كان آخر عهده رمي الجمرات. الثاني: أن بعض الناس يطوف للوداع ويبقى في مكة بعده، وهذا يوجب إلغاء طواف الوداع، وأن يأتي ببدله عند سفره. نعم لو أقام الإنسان في مكة بعد طواف الوداع لشراء حاجة أو لتحميل العفش أو ما أشبه ذلك فهذا لا بأس به. الثالث: أن بعض الناس إذا طاف للوداع وأراد الخروج من المسجد رجع القهقرى، أي : رجع على قفاه، يزعم أنه يتحاشى بذلك تولية الكعبة ظهره، وهذا بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أشد منا تعظيما لله تعالى ولبيته، ولو كان هذا من تعظيم الله وبيته لفعله صلى الله عليه وسلم. وحيئذ فإن السنة إذا طاف الإنسان للوداع أن يخرج على وجهه ولو ولى البيت ظهره في هذه الحالة. الرابع: أن بعض الناس إذا طاف للوداع ثم انصرف ووصل إلى باب المسجد الحرام اتجه إلى الكعبة وكأنه يودّعها، فيدعو أو يـُسلـِّم أو ما أشبه ذلك، وهذا من البدع أيضا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم. أخطاء تقع في زيارة المسجد النبوي زيارة المسجد النبوي من الأمور المشروعة المستحبة، فهو ثاني المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليها للصلاة فيها والعبادة. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام . زاد الإمام أحمد من حديث عبد الله بن الزبير: وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا . وعن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صلاة فيه - أي : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم - أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي . فَيُسنّ للحاج وغيره زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه قبل الحج أو بعده، وليست هذه الزيارة من شروط الحج ولا أركانه ولا واجباته، ولا تعلق لها به. فإذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى، وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين . وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين . وعن جابر رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلما قدمنا المدينة قال: ادْخُل فَصَلِّ ركعتين . وينبغي أن يتحرى الصلاة في الروضة من أجل فضيلتها إن تيسر له، وإن لم يتيسر له صلى في أي جهة من المسجد تتيسر له، وهذا في غير صلاة الجماعة، أما في صلاة الجماعة فليحافظ على الصف الأول الذي يلي الإمام لأنه أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: خيرصفوف الرجال أولها وقوله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه رضي الله عنهما بعد أن يصلي زائر المدينة في المسجد النبوي أول قدومه ما شاء الله له أن يصلي، يذهب للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. 1- فيقف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلا للقبر مستدبرا للقبلة، فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وإن زاد شيئا مناسبا فلا بأس؛ مثل أن يقول: السلام عليك يا خليل الله وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وأشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده وإن اقتصر على الأول فحسن. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلم يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت ثم ينصرف. 2- ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون أمام أبي بكر رضي الله عنه فيقول: السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا. 3- ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون أمام عمر رضي الله عنه فيقول: السلام عليك يا عمر، السلام عليك يا أمير المؤمنين، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا . وليكن سلامه على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه بأدب وخفض صوت، فإن رفع الصوت في المساجد منهيٌّ عنه، لا سيما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند قبره . وفي صحيح البخاري عن السائب بن يزيد قال: كنت قائما أو نائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما فقال: من أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما جلدا، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا ينبغي إطالة الوقوف والدعاء عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه، فقد كرهه مالك وقال: هو بدعة لم يفعلها السلف، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكره مالك لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك، بل كانوا يأتون إلى مسجده فيصلون فيه خلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وهم يقولون في الصلاة: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا أو خرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم أن الصلاة والسلام عليه في الصلاة أكمل وأفضل. وقال: وكان أصحابه خير القرون، وهم أعلم الأمة بسنته، وأطوع الأمة لأمره. قلت: وأقواهم في تعظيمه ومحبته، وكانوا إذا دخلوا إلى مسجده لا يذهب أحد منهم إلى قبره، لا من داخل الحـُجرة ولا من خارجها، وكانت الحجرة في زمانهم يـُدخـَل إليها من الباب إلى أن بـُني الحائط الآخر، وهم مع ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه، لا لسلام، ولا لصلاة عليه، ولا لدعاء لأنفسهم، ولا لسؤال عن حديث أو علم! ولم يكن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم يأتيه ويسأله عن بعض ما تنازعوا فيه، كما أنهم أيضا لم يطمع الشيطان فيهم فيقول: اطلبوا منه أن يأتي لكم بالمطر، وأن يستنصر لكم، وأن يستغفر لكم؛ كما كانوا في حياتهم يطلبون منه أن يستسقي لهم، وأن يستنصر لهم. وقال: وكان الصحابة إذا أراد أحد أن يدعو لنفسه، استقبل القبلة ودعا في مسجده كما كانوا يفعلون في حياته، لا يقصدون الدعاء عند الحجرة، ولا يدخل أحدهم إلى القبر. وقال: وكانوا يقدمون من الأسفار للاجتماع بالخلفاء الراشدين وغير ذلك، فيصلـُّون في مسجده، ويسلمون عليه في الصلاة، وعند دخولهم المسجد والخروج منه، ولا يأتون القبر. إذ كان هذا عندهم مما لم يأمرهم به. ولكن ابن عمر كان يأتيه فيسلم عليه وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر، وقد يكون فعله غير ابن عمر أيضا، ولم يكن جمهور الصحابة يفعلون كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما. ولا يتمسح بجدار الحجرة، ولا يقبله، فإن ذلك إن فعله عبادة لله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة، وقد أنكر ابن عباس رضي الله عنهما على معاوية رضي الله عنه مسح الركنين الشامي والغربي من الكعبة، مع أن جنس ذلك مشروع في الركنين اليمانيـَّين. وليس تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته بمسح جدران حجرة لم تـُبـْن َ إلا بعد عهده بقرون، وإنما محبته وتعظيمه باتباعه ظاهرا وباطنا، وعدم الابتداع في دينه ما لم يشرعه؛ قال الله تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وأما إن كان مسح جدار الحجرة وتقبيله مجرد عاطفة أو عبث فهو سفه وضلال لا فائدة فيه؛ بل فيه ضررٌ وتغرير للجهال. ولا يدعو رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بجلب منفعة له، أو دفع مضرة، فإن ذلك من الشرك، قال الله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين وقال تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلن لأمته بأنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فقال تعالى: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وإذا كان لا يملك ذلك لنفسه، فلا يمكن أن يملكه لغيره. وأمره سبحانه أن يعلن لأمته أنه لا يملك مثل ذلك لهم، فقال تعالى: قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لمـَّا نزلت: وأنذر عشيرتك الأقربين قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا فاطمة ابنة محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالي ما شئتم . ولا يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، أو يستغفر له، فإن ذلك قد انقطع بموته صلى الله عليه وسلم، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله . فأما قوله تعالى: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فهذا في حياته، فليس فيها دليل على طلب الاستغفار منه بعد موته؛ فإن الله قال: "إذ ظلموا" ولم يقل: إذا ظلموا أنفسهم، وإذ ظرف للماضي لا للمستقبل، فهي في قوم كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تكون لمن بعده. فهذا ما ينبغي في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه والسلام عليهم. وينبغي أن يزور مقبرة البقيع، فيسلم على مَـن فيها من الصحابة والتابعين، مثل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فيقف أمامه ويسلم عليه فيقول: السلام عليك يا عثمان بن عفان، السلام عليك يا أمير المؤمنين، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرا. وإذا دخل المقبرة فليقل ما علـَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته كما في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية . وفيه أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجـَّلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد . وإن أحب أن يخرج إلى أحـُد ويزور الشهداء هناك فيسلم عليهم ويدعو لهم ويتذكر ما حصل في تلك الغزوة من الحكم والأسرار فحسن. وينبغي أن يخرج إلى مسجد قباء، فيصلي فيه لقوله تعالى: لـَمسجدٌ أُسـِّس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا وراكبا وكان ابن عمر يفعله، وفى رواية: فيصلي فيه ركعتين . وروى النسائي عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من خرج حتى يأتي هذا المسجد - مسجد قباء - فصلى فيه كان له عدل عمرة . وإذا انصرف إلى بلاده وأقبل عليها قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون؛ حتى يقدم، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. وليحمد الحاج الذي يسـَّر الله له الحج وزيارة المدينة، ليحمد الله على ذلك، وليقم بشكره، ويستقم على أمره، فاعلا ما أمر الله به ورسوله، تاركا ما نهى الله عنه ورسوله، ليكون من عباد الله الصالحين وأوليائه المتقين؛ قال تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم والأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج في زيارة المسجد النبوي تكون في أمور:الأول: اعتقاد بعض الحجاج بأن زيارة المسجد النبوي من متعلقات الحج وأن الحج لا يجوز بدونها بل ربما جعلها بعض الجهال أوكد من الحج! وهذا اعتقاد باطل؛ فلا علاقة بين الحج وزيارة المسجد النبوي، فالحج يتم بدونها، وهي تتم بدون الحج، ولكن الناس اعتادوا من قديم أن يجعلوها في سفر الحج لمشقة تكرار الأسفار عليهم، وكذا ليست أوكد من الحج؛ فالحج من أركان الإسلام ومبادئه العظام وليست الزيارة كذلك. ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بوجوب زيارة المسجد النبوي أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حج ولم يزرني فقد جفاني فحديث كـَذِب على الرسول صلى الله عليه وسلم مـُناف للمعلوم من الدين إذ لو صح لكانت زيارة قبره من أوجب الواجبات. الثاني: أن بعض الزائرين للمسجد النبوي يطوفون بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويتمسحون بشباك الحجرة وجدرانها، وربما قبلوها بشفاههم ووضعوا خدودهم عليها وكل هذا من البدع المنكرة؛ فإن الطواف بغير الكعبة بدعة محرمة، وكذلك الاستلام والتقبيل ووضع الخدود إنما يشرع في مكانه من الكعبة؛ فالتعبد لله تعالى بمثل ذلك في جدران الحجرة لا يـزيد المرء من الله إلا بعدا. الثالث: أن بعض الزائرين يتمسح بالمحراب والمنبر وجدران المسجد، وكل هذا من البدع. الرابع: وهو الأدهى والأعظم نكرا، أن بعض الزائرين يدعو النبي صلى الله عليه وسلم لكشف الكربات أو حصول الرغبات، وهذا شرك أكبر مـُخرِجٌ عن الملة لا يرضى به الله ورسوله؛ قال الله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين وقال تعالى: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على رجل قال له: ما شاء الله وشئت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله ندا، ما شاء الله وحده . فكيف بمن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم لكشف الضر وحصول النفع وهو الذي قال الله له: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وقال: قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا فعلى المؤمن أن يعلق رجاءه ورغبته بخالقه وفاطره الذي يملك له تحقيق ما يرجوه وكشف ما يخافه، وأن يعرف لنبيه صلى الله عليه وسلم حقه من الإيمان به ومحبته واتباعه ظاهرا وباطنا، ويسأل الله الثبات على ذلك، ولا يتعبد لله تعالى بغير ما شرع
| |
|
| |
DJ Hylian Designer مؤسس ورش العرب
الرتبة الشرفية : تاريخ التسجيل : 06/01/2011 عدد المساهمات : 13836 نقاط : 73743 الجنس : العمر : 24 الموقع : ستار ديزاين
| موضوع: رد: الاخطاء التي يقع فيها الحاج 30/10/11, 12:40 am | |
| حكم زيارة المسجد النبوي ما حكم زيارة المسجد النبوي وهل لها تعلق بالحج ؟ الجواب: زيارة المسجد النبوي سنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى . فيسافر الإنسان لزيارة المسجد النبوي؛ لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام . ولكن إذا سافر إلى المدينة فينبغي أن يكون قصده الأول الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا وصل إلى هناك زار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، على الوجه المشروع في ذلك من غير بدع ولا غلو. وقولك في السؤال: هل له علاقة بالحج؟ جوابه: أنه لا علاقة له بالحج، وأن زيارة المسجد النبوي منفصلة، والحج والعمرة منفصلان عنه، لكن أهل العلم رحمهم الله يذكرونه في باب الحج، أو في آخر باب الحج، لأن الناس في عهد سبق يشقُّ عليهم أن يفردوا الحج والعمرة في سفر، وزيارة المسجد النبوي في سفر، فكانوا إذا حجوا واعتمروا مروا على المدينة لزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فلا علاقة بين هذا وهذا. آداب زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ما هي الآداب المشروعة لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: الآداب المشروعة: أن يزور الإنسان قبره صلى الله عليه وسلم على وجه الأدب، وأن يقف أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وسلم وبارك، وجزاك عن أمتك خير الجزاء، ثم يخطو خطوة ثانية عن يمينه، ليكون مقابل وجه أبي بكر رضي الله عنه، ويقول: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيرا ، ثم يخطو خطوة عن يمينه، ليكون مقابل وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيرا ، ثم ينصرف، هذه هي الزيارة المشروعة. وأما ما يفعله بعض الناس من التمسـُّح بجدران الحجرة، أو التبرك بها، أو ما أشبه ذلك، فكله من البدع. وأشد من ذلك وأنكر وأعظم أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم لتفريج الكربات وحصول المرغوبات، فإن هذا شرك أكبر مُخرج عن الملة، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا يملك لغيره كذلك نفعا ولا ضرا، ولا يعلم الغيب، وهو صلى الله عليه وسلم قد مات كما يموت غيره من بني آدم، فهو بشر يحيا كما يحيون ويموت كما يموتون، وليس له من تدبير الكون شيء أبدا ؛ قال الله تعالى له، أي : للرسول صلى الله عليه وسلم: قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا وقال الله تعالى له: قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وقال الله له: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ فالرسول صلى الله عليه وسلم بشر محتاج إلى الله عز وجل، وليس به غـِنى عنه طرفة عين، ولا يملك أن يجلب نفعا لأحد أو يدفع ضررا عن أحد، بل هو عبد مربوب مـُكلـَّف كما يكلف بنو آدم، وإنما يمتاز بما مـَنَّ الله به عليه من الرسالة التي لم تكن لأحد قبله ولن تكون لأحد بعده، وهي الرسالة العظمي التي بعث بها إلى سائر الناس إلى يوم القيامة.
زيارة مقابر الشهداء ما حكم زيارة بعض مقابر المدينة كالبقيع وشهداء أحد ؟ الجواب: زيارة القبور سنة في كل مكان، ولا سيما زيارة البقيع التي دُفن فيه كثير من الصحابة رضي الله عنهم، ومنهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقبره هناك معروف. وكذلك يـُسنُّ أن يخرج إلى أُحد ليزور قبور الشهداء هنالك، ومنهم حمزة بن عبد المطلب، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك ينبغي أن يزور مسجد قباء، يخرج متطهرا فيصلي فيه ركعتين فإن في ذلك فضلا عظيما. وليس هناك شيء يـُزار في المدينة سوى هذه: زيارة المسجد النبوي، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وزيارة البقيع، وزيارة شهداء أحد، وزيارة مسجد قباء. وما عدا ذلك من المزارات فإنه لا أصل له. طلب الشفاعة من أصحاب القبور ما الذي يلزم مـَن وجد في قلبه ميلا إلى طلب الشفاعة من أصحاب هذه القبور أو قضاء الحوائج أو الشفاء أو ما إلى ذلك؟ الجواب: الذي يجد في قلبه ميلا إلى طلب الشفاعة من أصحاب القبور، فإن كان أصحاب القبور من أهل الخير وكان الإنسان يؤمل أن يجعلهم الله شفعاء له يوم القيامة بدون أن يسألهم ذلك، ولكنه يرجو أن يكونوا شفعاء له، فهذا لا بأس به، فإننا كلنا نرجو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم شفيعا لنا، ولكننا لا نقول له: يا رسول الله اشفع لنا، بل نسأل الله تعالى أن يجعله شفيعا لنا، وكذلك أهل الخير الذين يـُرجى منهم الصلاح، فإنهم يكونون شفعاء يوم القيامة، فإن الشفاعة يوم القيامة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: شفاعة خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يشركه فيه أحد، وهي الشفاعة العظمى التي يشفع فيها صلى الله عليه وسلم للخلق إلى ربهم ليقضي بينهم، فإن الناس يوم القيامة ينالهم من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيقولون: ألا تذهبون إلى من يشفع لنا عند الله عز وجل؟ يعني يريحهم من هذا الموقف. فيأتون إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى عليهم الصلاة والسلام، وكـُلـُّهم لا يشفع، حتى يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنتهي الشفاعة إليه، فيشفع عند الله عز وجل أن يقضي سبحانه وتعالى بين عباده، فيجيء الله عز وجل فيقضي بين عباده، ومن هذه الشفاعة شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة. القسم الثاني: شفاعة عامة، وتكون للرسول صلى الله عليه وسلم ولغيره من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فهذه تكون فيمن دخل النار أن يُخرَج منها، فإن عصاة المؤمنين إذا دخلوا النار بقدر ذنوبهم، فإن الله تعالى يأذن لمن شاء من عباده من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين أن يشفعوا في هؤلاء، بأن يخرجوا من النار. المهم أن الإنسان إذا رجا الله عز وجل أن يشفع فيه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو يشفع فيه أحد من الصالحين بدون أن يسألهم ذلك، فهذا لا بأس به، وأما أنه يسألهم فيقول: يا رسول الله، اشفع لي أو يا فلان اشفع لي . أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز؛ بل هو من دعاء غير الله عز وجل، ودعاء غير الله شرك. حكم زيارة المزارات ما حكم زيارة المساجد السبعة أو مسجد الغمامة ، أو بعض هذه المزارات التي يزورها بعض الحجاج؟ الجواب: نحن ذكرنا أنه لا يُزار سوى هذه الخمسة التي هي: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبره وقبر صاحبيه، وهذه القبور الثلاثة في مكان واحد، والبقيع وفيه قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه، وشهداء أحد وفيهم قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ومسجد قباء، وما عدا ذلك فإنه لا يزار، وما أشرتُ إليه من المساجد السبعة، أو غيرها مما لم تذكر، فكل هذا لا أصل لزيارته، وزيارته بقصد التعبد لله تعالى بدعة، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لأحد أن يـُثبـِت لزمان أو مكان أو عمل أن فـِعله أو قصده قـُربة إلا بدليل من الشرع.
حال المسلم بعد الحج ما ينبغي لمن وُفـِّق لأداء الحج ما الذي ينبغي لمن وفقه الله تعالى لإتمام نسكه من الحج والعمرة؟ وما الذي ينبغي له بعد ذلك؟ الجواب: الذي ينبغي له ولغيره ممن منَّ الله عليه بعبادة أن يشكر الله سبحانه وتعالى على توفيقه لهذه العبادة، وأن يسأل الله تعالى قبولها، وأن يعلم أن توفيق الله تعالى إياه لهذه العبادة نعمة يستحق سبحانه وتعالى الشكر عليها، فإذا شكر الله، وسأل الله القبول، فإنه حريٌّ بأن يقبل، لأن الإنسان إذا وُفِّـق للدعاء فهو حريٌّ بالإجابة، وإذا وفق للعبادة فهو حري بالقبول، وليحرص غاية الحرص أن يكون بعيدا عن الأعمال السيئة بعد أن مـَنَّ الله عليه بمحوها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .، ويقول صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر .، ويقول صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما وهذه وظيفة كل إنسان يمنُّ الله تعالى عليه بفعل عبادة، أن يشكر الله على ذلك وأن يسأله القبول. للطاعات علامات تظهر على صاحبها هل هناك علامات يمكن أن تظهر على المقبولين في أداء الحج والعمرة ؟ الجواب: قد تكون هناك علامات لمن تقبـَّل الله منهم من الحجاج والصائمين والمتصدقين والمصلين، وهي انشراح الصدر، وسرور القلب، ونور الوجه، فإن للطاعات علامات تظهر على بدن صاحبها، بل على ظاهره وباطنه أيضا، وذكر بعض السلف أن من علامة قبول الحسنة أن يوفق الإنسان لحسنة بعدها، فإن توفيق الله إياه لحسنة بعدها يدل على أن الله عز وجل قبل عمله الأول، ومنَّ عليه بعمل آخر، ورضي به عنه. الواجب على من عاد إلى بلاده تجاه أهله بعد أداء الحج ما الذي يجب على المسلم إذا انتهى من حجه وسافر عن هذه الأماكن المقدسة؟ وما الذي يجب عليه تجاه أهله وجماعته ومن يعيش في وسطهم؟ الجواب: هذا الواجب الذي تشير إليه واجبٌ على من حج ومن لم يحج، واجب على كل من ولاه الله تعالى على رعية؛ أن يقوم بحق هذه الرعية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن: الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته . فعليه أن يقوم بتعليمهم وتأديبهم، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أو كما كان يأمر بذلك الوفود الذين يفدون إليه أن يرجعوا إلى أهليهم فيعلموهم ويؤدبوهم، والإنسان مسئول عن أهله يوم القيامة؛ لأن الله تعالى ولاه عليهم، وأعطاه الولاية، فهو مسئول عن ذلك يوم القيامة، ويدل لهذا قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة فقرن الله تعالى الأهل بالنفس؛ فكما أن الإنسان مسئول عن نفسه يحرص كل الحرص على ما ينفعها، فإنه مسئول عن أهله كذلك، يجب عليه أن يحرص كل الحرص على أن يجلب لهم ما ينفعهم ويدفع عنهم بقدر ما يستطيع ما يضرهم. آثار الحج على المسلم ما هي آثار الحج على المسلم؟ الجواب: من آثار الحج: أن الإنسان يرى من نفسه راحة وطمأنينة وانشراح صدر ونور قلب. وكذلك قد يكون من آثار الحج، ما يكتسبه الإنسان من العلم النافع الذي يسمعه في المحاضرات وجلسات الدروس في المسجد الحرام، وفي المخيمات في منى وعرفة. وكذلك من آثاره أن يزداد الإنسان معرفة بأحوال العالم الإسلامي، إذا وُفـِّق لشخص ثقة يحدثه عن أوطان المسلمين. وكذلك من آثاره غرس المحبة في قلوب المؤمنين بعضهم لبعض، فإنك ترى الإنسان في الحج وعليه علامات الهدى والصلاح فتحبه وتسكن إليه وتألفه. ومن آثار الحج أيضا: أن الإنسان يكتسب أمرا ماديا بالتكسـُّب بالتجارة وغيرها، لقوله تعالى: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ولقوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وكم من إنسان اكتسب مالا بالتجارة في حجه، شراء وبيعا؛ وهذا من المنافع التي ذكرها الله سبحانه وتعالى. ومن آثار الحج: أن يـُعَـوِّدَ الإنسان نفسه على الصبر على الخشونة والتعب، لا سيما إذا كان رجلا عاديا من غير أولئك الذين تكمل لهم الرفاهية في حجهم، فإنه يكتسب بذلك شيئا كثيرا، أعني : أن الذي يكون حجه عاديا يكتسب خيرا كثيرا بتعويد نفسه على الصبر والخشونة. نصيحة لمن أدى الحج ما هي نصيحتكم لمن أدى فريضة الحج؟ الجواب: نصيحتي له أن يتقي الله عز وجل في أداء ما ألزمه الله به من العبادات الأخرى؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الخلق وإلى المملوكات من البهائم، وغير هذا مما أمر الله به. وجـِماعُ ذلك كله قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكـّرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون | |
|
| |
| الاخطاء التي يقع فيها الحاج | |
|