سم الله
الرحمن الرحيم.. الإخلاص هو أساس أعمال القلوب، وأعمال الجوارح تبع ومكمل
له، فالإخلاص يعظم العمل الصغير حتى يصبح كالجبل، كما أن الرياء يحقر العمل
الكبير حتى لا يزن عند الله هباء , قال تعالى:" وَقَدِمْنَا إِلَى مَا
عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) سورة الفرقان.
وبالإخلاص
يدرك المؤمن الأجر على عمله وإن عجز عنه بل ويصل لمنازل الشهداء
والمجاهدين وإن مات على فراشه, قال تعالى:" وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا
مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ
تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا
مَا يُنْفِقُونَ (92) سورة التوبة.
فالنية الخالصة هى روح
العمل وقوامه، وهى ركن الأركان، وشرط من أهم الشروط فى جميع الأعمال , وهى
تعنى: انبعاث القلب نحو العمل، الموافق لغرض صحيح، من جاب نفع أو دفع ضر.
قال
تعالى:" وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ
مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ
أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) سورة
النساء.
وعنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ،
قَالَ:سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يُخْبِرُ
بِذَلِكَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى
اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ. أخرجه "البُخَارِي"1/2(1)
و"مسلم"6/48(4962).
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ:سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، بَعْدَ
أَنْ رَجَعْنَا:إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لأَقْوَامًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا،
وَلاَ هَبَطْتُمْ وَادِيًا، إِلاَّ وَهُمْ مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ.
أخرجه أحمد 3/341(14731).
قال الشاعر :
يا
راحلين إلي البيت العتيق لقد * * * سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا
إنا
أقمنا على عذر وعـن قدر * * * ومن أقـام على عذر فقـد راحـا
قال
ابن المبارك: ((رب عمل صغير تكثره النية ورب عمل كبير تصغره النية)).
وعَنْ
سَعِيدٍ الطَّائِيِّ، أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:حَدَّثَنِي
أَبُو كَبْشَةَ الأَنْمَارِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم يَقُولُ :ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ
حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ:مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ،
وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً، فَصَبَرَ عَلَيْهَا، إِلاَّ زَادَهُ اللهُ
عِزًّا، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ، إِلاَّ فَتَحَ اللهُ
عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا
فَاحْفَظُوهُ، قَالَ:إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ:عَبْدٍ
رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ
فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ
الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا،
فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ:لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ
بِعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ
رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي
مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ
رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ
الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالًا وَلاَ عِلْمًا،
فَهُوَ يَقُولُ:لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ،
فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ. أخرجه أحمد 4/231 (18194)
و"التِّرمِذي" 2325 قال الشيخ الألباني:(صحيح)انظر حديث رقم:3024 في صحيح
الجامع.
فهل ستجدد نية الخير حتى تكون شريكاُ في الأجر لمن وفقه
الله لفعل الخير ومنعتك الحاجة أن تكون شريكًا معه؟.
الكاتب:
د. بدر عبد الحميد هميسه
المصدر: منتدى فرسان
الحق