( الطفل ينمو عقلياً كما ينمو جسمياً إذا ما قُدم له الغذاء العقلي المناسب مع استعداداته وقدراته )
- منتسوري -
بدأت فكرة دور الحضانة في الأربعينات خلال الحرب العالمية الثانية ،
حينما كان الآباء والأمهات مضطرون لترك أولادهم في المنزل ، والعمل في إدارات الجيش المختلفة ،
وكان وجود هؤلاء الأطفال في هذه الدور ليس إلا وقتاً للعب ، والتسلية حتى يتسلمهم ذويهم بعد ذلك .
ثم أدخلت بعد ذلك مهارات أخرى كالقراءة والرياضيات واللغات ،
وذلك للحاق بالتقدم الروسي الذي اهتم بالطفل ،
وكان سَبّاقاً إلى إدخال هذه المعارف ضمن برامج الأطفال صغار السن في مدارسه .
ولكن في الستينات أجمع العلماء على القول بأن 50 % من ذكاء الطفل
لاينمو قبل سن الرابعة أو بعدها بقليل .
وفي القرن العشرين معظم الأخصائيين النفسيين المتخصصين في موضوع التعليم المبكر
لا ينصحون ببداية التعليم الرسمي قبل سن الثالثة أو الرابعة ،
حتى لو أبدى الطفل استعداداً وقدرة على ذلك .
وأنه بعد التجارب لاحظوا أنه بالرغم من أن الأطفال لديهم مهارات معقدة ،
فإنه لا يعني أن نجعل القراءة والكتابة والحساب من ضمن برامجهم التعليمية ،
لأن ذلك يحولهم لأطفال يحرقهم العلم ولا يتقدم بقدراتهم ومواهبهم .
ودلت التجارب الميدانية العلمية إلى أن التعليم المبكر جداً يضر بالطفل بالفعل بدنياً ونفسياً ،
حتى لو كان قياس ذكائه فوق المتوسط ،
بل العكس كلما زاد مستوى ذكائه كلما تعاظم الخطر عليه .
وهم يرون أن الاستيعاب والفهم وليس الحفظ والتلقين ،
هي الطريقة المثلى لإيصال المعلومات إلى عقول صغار الرابعة .
كما أنه ليس هناك ما يؤكد أن طفل الثالثة أو الرابعة
الذي يستطيع قراءة أو كتابة بعض الحروف الهجائية
يصبح أذكى من أقرانه عند دراسته الابتدائية ،
كما أنه ليس ثمة دليل يؤكد أن الأطفال في هذه السن المبكرة أكثر قابلية للتعليم ،
إنهم قد يستطيعون التقليد أو الحفظ ولكنهم لا يستطيعون فهم المعلومة وهضمها والاستفادة منها .
إذاً... التعليم في مراحل الطفولة المبكرة يكون بتفهم حاجات الطفل وكيفية تلبيتها ،
وتفهم مشاكله وكيفية التغلب عليها ، ومساعدته على اكتشاف مواهبه وقدراته ،
وعدم إجباره على حفظ معلومة ، أو تأنيبه إذا أخفق في كتابة حرف أو فشل في إتمام عملية حسابية ،
لأن العلاقة المتبادلة بين البصر والسمع والحواس الأخرى لا تنمو على عجل ...
بل تأخذ وقتها في النمو خلال مراحل الطفل المبكرة 3 – 6 سنوات ...
لذا يتم التدرج في إعطاء تلك المعلومات والمعارف حسب مرحلته العمرية ،
ولا نقدم له شيئاً يفوق مستواه ، ولا نضغط عليه لإتمام تلك المهارات بالصورة التي نريدها ،
فذلك يشعره بالعجز والفشل في تأدية ماهو مطلوب منه مما ينعكس على شخصيته ،
ويجعلنا نربي شخصاً عديم الثقة بنفسه بقصد منا أو بغير قصد .