بدأ تلسكوب "ألما" الفضائي العملاق، الذي يعد واحدا من اعظم الانجازات
العلمية والتكنولوجية في القرن الحادي والعشرين، بالعمل كاشفا اعماق الفضاء
الخارجي، فيما يعرف في اوساط العلماء بفجر الكشف عن اسرار الفضاء الكوني.
ويعتبر التلسكوب، الذي اقيم على ارتفاع خمسة كيلومترات فوق سطح الارض في
الصحراء التشيلية، من اعقد واكبر المشاريع العلمية الطموحة في العالم لكشف
الفضاء التي بنيت حتى الآن.
والهدف من بناء هذا المشروع الضخم دراسة الظواهر الكونية التي حدثت خلال
عدة مئات من ملايين السنين عقب تشكل الكون، اي منذ بدأت اول النجوم في
اللمعان.
ومن شأن نتائج عمل تلسكوب "الما" القاء الضوء على اسرار كيفية تشكل الكون على الهيئة التي تكون عليها حاليا.
ويقول احد علماء التلسكوب، الدكتور دييغو غارثيا، ان تشغيل المشروع العملاق بمثابة "بداية العصر الذهبي لعلوم الفضاء".
واضاف غارثيا، في تصريحات لبي بي سي، ان تلسكوب "الما" سيمكن العلماء من
رؤية "بداية الكون، وكيف تكونت وتشكلت المجرات الاولى، وسنتعلم الكثير حول
الكيفية التي يعمل بها النظام الكوني".
ويتكون تلسكوب "الما" من مجموعة من الهوائيات الضخمة التي بنيت على مساحة واسعة في صحراء اتاكاما الواقعة قرب حدود تشيلي مع بوليفيا.
وبدأ العمل في مشروع "الما" في عام 2003، واضيفت له هوائيات جديدة خلال
مراحل الانشاء لاحقا لتمكين العلماء من التوغل في عمق الكون، ومراقبة كيفية
تشكل النجوم بتفاصيل ادق واقرب.
وخلال فترة الاختبارات تمكنت هوائيات تلسكوب "الما"، وعددها عشرون، من
تسجيل احداث كونية لم تكن معروفة للعلماء في السابق، وهو ما فتح عهدا جديدا
في علوم الفضاء.
ونشر المرصد الجنوبي الاوروبي، احد الجهات المشرفة على ادارة وتشغيل تلسكوب
"الما"، خلال فترة الاختبارات مجموعة من الصور اظهرت ارتطام مجرتين
تعرفان باسم "انتينيا"، التقط التلسكوب خلالها ضوءا لم تتمكن تلسكوبات
اخرى من التقاطه.
ويأمل العلماء في ان يمكنهم التلسكوب المتطور من الكشف عن مزيد من اسرار
تشكل الكون، اي تكون الغازات التي تجمعت في المراحل الاولى للكون، اي قبل
نحو 13 مليار سنة، لتشكل النجوم التي تضيء الكون الذي نعرفه حاليا.