تعد آداب السلوك وحسن التصرف إحدى أهم الصفات التي يجب تعلمها في سن مبكرة جدّاً. قد تبدو عملية إرساء قواعد السلوك السليم لدى الأبناء لاسيما المراهقين منهم، مستحيلة التنفيذ، لكن مع قليل من المثابرة يمكن التوصل إلى تحقيق ذلك.
يشدد الخبراء على أهمية آداب السلوك في تعزيز ثقة الطفل بنفسه وفي نجاحه في حياته الاجتماعية. البداية تكون في منزل العائلة، حيث يتم زرع بذور آداب السلوك، ورعايتها كي تنمو. هناك، لا يتعلم الطفل حسن التصرف فحسب، وإنما أيضاً جوهر القيم والمبادئ الأخلاقية. في المنزل، يتعلم الطفل كيفية التعاطف مع الآخرين واحترامهم، يتعلم أن يشاركهم العيش في غرفة واحدة مثلاً، وأن يحترم حيز كل شخص منهم. في هذا المكان، يعمد الطفل إلى تطبيق أسس الإتيكيت الاجتماعي التي سيحتاج إليها لبقية حياته.
تعتبر مرحلة الطفولة مهمة جدّاً في حياة الطفل. إذ يتم فيها تكوين شخصيته من خلال اكتسابه سلوكيات تصدر من الأهل، بغض النظر عما إذا كانت إيجابية أم سلبية، فكيف يمكن إرساء قواعد آداب السلوك في مرحلة مبكرة؟
- الاحترام:
يعتبر احترام خصوصية الغير من أهم القواعد التي يجب تطبيقها في المنزل، يستحق كل فرد يعيش في المنزل درجة ما من الخصوصية والاحترام الكامل. في العادة، يكتسب الطفل السلوكيات التي تصدر عن الأهل، من هنا ضرورة أن يطبق الأهل ما ينصحون به أطفالهم، إذ يترتب عليهم أن يوضحوا للأبناء التالي:
1- إحدى قواعد آداب السلوك وحسن التصرف البديهية، دق الباب في حال كان مغلقاً، وعدم الدخول إلى الغرفة إلا بعد الحصول على الإذن من الشخص في الداخل.
2- لا يمكن استعارة أشياء الآخرين من دون أخذ موافقتهم. يجب طلب الإذن منهم أولاً، والحرص على إعادة الغرض المستعار كما كان أو في حالة أفضل.
3- عدم التفتيش في المقتنيات الشخصية لأي فرد يعيش في المنزل من دون إذنه أو علمه، وفعل العكس يعد تصرفاً سيِّئاً جدّاً، ينم عن قلة التهذيب.
4- من المهم التشديد على الطفل ألا يقرأ مثلاً مذكرات شقيقته، فهو حتماً لا يريد أن يقرأ أحد آخر ما يكتبه هو في دفتره الخاص.
5- من المهم جدّاً تعليم الطفل كيفية الحفاظ على أسرار العائلة والحفاظ على خصوصية المنزل. عليه أن يدرك أنّ المسائل العائلية هي شؤون داخلية خاصة ولا حاجة لأي شخص غريب أو خارج أفراد الأسرة أن يعرف بها. مثلاً، لا يمكن للطفل أن يخبر الجيران أو الأقارب أن والده تجادل مع والدته، أو أنّ الأعمال لا تسير بشكل جيِّد مع والده، أو أن شقيقه فشل في المدرسة، وغيرها من الأمور. لكن في المقابل، عليه أن يعلم الآخرين في حال كان أحد أفراد أسرته يتعرض للإساءة بأي شكل من الأشكال، فهذه مسألة أخرى، ويجب إعلام شخص في موقع المسؤولية بهذا الأمر.
6- من والقواعد الأخرى المدونة في كتاب آداب السلوك وحسن التصرف عند الأطفال، تنظيف المكان الذي يوجد فيه الطفل. مثلاً، لا يمكنه أن يترك صحنه على الطاولة وينتظر شقيقته أن تنظف من ورائه. عليه أن يحافظ على نظافة الحمام بعد أن يستخدمه، وأن يبقي غرفته مرتبة، فالآخرون غير ملزمين بفعل ذلك. إذا كان يتشارك الغرفة مع أحدهم، عليه أن يتعلم كيفية المشاركة في ترتيبها وتنظيفها أيضاً.
7- تعليم الطفل أهمية استخدام الكلمتين السحريتين كلمة "من فضلك" عند طلب شيء ما، وكلمة "شكراً" عند إنجاز الطلب. عندما يقوم الأهل بتنفيذ طلب ما لأطفالهم، ينبغي أن يعلموهم هاتين الكلمتين، لكي تصبحا بمثابة العادة لهم. يجب أن يشعر كل شخص بالتقدير عند القيام بعمل أي شيء من أجل الآخرين، حتى ولو كان هذا الشخص طفلاً، فكلمة شكراً هي أفضل الطرق للإعراب عن الامتنان والعرفان. أما عبارة "من فضلك"، فهي تتميز بقدراتها السحرية في تحويل صيغة الأمر إلى طلب لذيذ يمكن تلبيته.
8- يشتهر الأطفال بمقاطعة أحاديث الآخرين، فإذا فعلوا ذلك، على الأهل أن يسارعوا إلى توجيههم فوراً أثناء المقاطعة وعدم الانتظار إلى أن تصبح عادة عندهم، إذ تعد مقاطعة كلام الآخرين تصرفاً سيئاً يدل على قلة التهذيب.
9- في حال كان الطفل يلعب لعبة تنافسية فيها ربح وخسارة، عليه أن يتعلم أن يقبل الخسارة تماماً كالفوز، وأن يصافح مناوئه بعد الفوز عليه، فهذا الفعل يدل على حسن التصرف وقمة التهذيب. من خلال السلوك المتبع في اللعب بين الأطفال، يكتسب الطفل مهارات عدة تسهل عليه التعاطي مع خصومه في فترة لاحقة في حياته.
10- يجب تعليم الطفل القبول باختلاف وتيرة عيش الآخر، فإذا كان شقيقه الأكبر مثلاً يحتاج إلى بعض الهدوء للمذاكرة، على الأهل أن يطلبوا من الشقيق الأصغر أن يلعب بصمت أو بهدوء، أو أن يترك الغرفة ليلعب في غرفة الجلوس. وفي حال كان الصغير يأخذ قيلولة، فعلى الأهل أن يفهموا الشقيق الأكبر أو الشقيقة الكبرى، أن يدعه ليرتاح. كذلك، يجب أن يعي الأطفال أنهم غير مرغمين جميعاً على النوم في الموعد ذاته: فالكبرى أو الأكبر يمكنه أن يتأخر في الإيواء إلى فراشه، على العكس من الصغير.
- القدوة الحسنة:
على الأهل أن ينتبهوا دوماً إلى سلوكياتهم، وأن يسلطوا الضوء على الأعمال الجيِّدة وقواعد آداب السلوك التي يطبقونها. مثلاً، إذا أرسلوا بطاقة شكر لأحدهم، عليهم أن يخبروا طفلهم بهذا الأمر، كأن يقولوا له: "نحن نرسل بطاقة شكر وتقدير لعمتك، لأنها ساعدتنا الأسبوع الماضي في إعداد الطعام للضيوف الذين تناولوا العشاء عندنا". يمكن أيضاً استغلال حادثة وفاة أحد الأقرباء مثلاً، لتعليم الطفل كيفية التصرف في مجالس العزاء أو الجنازات.
هذه الطريقة غير المباشرة في تعليم الطفل دروس الإتيكيت وفن التواصل الاجتماعي، تعتبر أكثر فاعلية، وترسخ في ذهنه جيِّداً.
على الأهل ألا يتسببوا بإحراج أحدهم من خلال استخدام عبارات قد يرونها مضحكة، لكنها غالباً ما تكون محرجة. لا يمكن اعتبار التسبب بالإحراج أحد الدروس المفيدة في تعليم الطفل قواعد آداب السلوك، وفن التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
من الدروس المهمة في آداب السلوك والإتيكيت بالنسبة إلى الأطفال هو لقاء الضيوف وإلقاء التحية عليهم.
من الضروري جدّاً أن يتعلم الطفل فن الترحيب بالضيوف، سواء أكانوا من الأقرباء أم الغرباء. أياً كان عمر الطفل، مادام قادراً على التكلم، عليه أن يعي كيفية استقبال الضيوف والترحيب بهم بحرارة، فهذه تعد قاعدة قيمة وأساسية في الإتيكيت وحسن التصرف.
اعتماداً على سن الطفل وجنسه، يمكن تعليم الطفل قواعد استقبال الضيوف التالية:
1- فتح الباب ودعوة الضيوف إلى الدخول والترحيب بهم مع رسم ابتسامة على الوجه.
2- إذا كان الطفل ولداً، فمن قواعد حسن التصرف أن يقوم بمصافحة الضيوف الذكور.
3- يجب أخذ معاطف الضيوف وحملها بأسلوب سليم، أو إرشاد الضيف إلى مكان تعليق معطفه أو أي غرض آخر يحمله.
4- من القواعد الذهبية في حسن التصرف عند الأطفال احترام البالغين، وعدم الرد عليهم بوقاحة، لاسيما عندما لا يرغب المراهق في الرد على أسئلة البعض منهم. عليه فقط أن يبتسم أو يرد بتهذيب، ثم يعتذر ويطلب الاستئذان للدخول إلى غرفته مثلاً.
5- في حال جاء الجد أو الجدة لزيارة العائلة، على الطفل أن يسارع إلى معانقتهما وتقبيلهما.