السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أهمية مسائل الإيمان
تكمن أهمية معرفة مسائل الأيمان و الكفر في تعلق الاحكام الشرعية المترتبة عليها في الدنيا و الآخرة .
قال إبن تيمية رحمه الله : ( وليس في القول أسم
علق به السعادة و الشقاء أو المدح و الذم و الثواب و العقاب أعظم من اسم
الأيمان و الكفر و لهذا سمي هذا الآصل " مسائل الأسماء والاحكام" )
[المجموع ج 13 /58].
قال ايضا رحمه الله : ( فان الخطا في اسم
الايمان ليس كالخطأ في اسم محدث ، ولا كالخطأ في غيره في الأسماء ، اذا
كانت أحكام الدنيا و الاخرة متعلقة باسم الأيمان و الاسلام و الكفر و
النفاق ) [المجموع 7/ 395].
قال تعالى : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون } [الجاثية: 21].
قال تعالى : { ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون } [الأنفال :37].
أما اهمية هذا الموضوع في الآخرة فأن مصائر الخلق متوفقة على الايمان و
الكفر ، فإما الى جنة واما الى نار ، و أما في الدنيا فمترتب على مسائل
الايمان و الكفر احكام عديدة .
قال ابن رجب الحنبلى رحمه الله : ( وهذه المسائل اعني مسائل الاسلام و
الايمان و الكفر و النفاق مسائل عظيمة جدا ، فإن الله عز وجل علق بهذه
الاسماء السعادة و الشقاوة و استحقاق الجنة و النار ، والاختلاف في
مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الامة ) [جامع العلوم والحكم /27] يريد
بذلك خلاف الخوارج للصحابة .
" وان الخلط او الجهل بهذه المسائل قد ضل بسببه أقوام نسبوا من يتمسك
بعقيدة السلف وأهل السنة والجماعة الى البدعة بل اتهموهم بالخروج و عادوهم ،
وادخلوا في هذا الدين من حرصت الشريعة بتكفير واجمع العلماء على كفرهم ،
بل وبايعهم هؤلاء و نصروهم بالاقوال وألافعال ، كل ذلك بسبب جهلهم او
اعراضهم عن تعلم هذه المسائل ، واضلالهم بسبب اعراضهم جزاء وفاقا و لا يظلم
ربك أحدا " [التبيان/ 44].
وانه كما يجب ان نحكم بالاسلام لمن ثبت اسلامه بيقين ولا نكفره في غير بينه
شرعية ، فانه ينبغى الحذر في عدم تكفير من فعل الكفر و ليس له عذر شرعي ،
بل الواجب تكفيره ان لم يكن له عذر شرعي دون الرجوع الى قصده
يقول الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله : ( واما ان كان المكفر لأحد في
هذه الامة يستند في تكفيره الى نص و برهان من كتاب الله و سنة نبيه صلى
الله عليه وسلم ، وقد رأى كفرا بواحا ، كالشرك بالله و عبادة ما سواه ، و
الأستهزاء به تعالى أو بآياته أو برسله ، او تكذيبهم أو كراهة ماأنزل الله
من الهدى و دين الحق ، أو جحد صفات الله تعالى و نعوت جلاله و نحو ذلك ،
فالمكفر بهذا و امثاله مصيب مأجور مطيع لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم )
[الرسائل المفيد /388].
الاحكام المترتبة على مسائل الايمان و الكفر في الدنيا :
و منها :
1) في السياسه الشرعية : وجوب طاعة الحاكم المسلم
، و تحريم طاعة الحاكم الكافر و وجوب الخروج عليه و خلعه ، وانه لايجوز
التحاكم الى الاحكام الوضعية و لا العمل بها و من فعل ذلك راضيا بها فهو
كافر ، و يحرم مبايعة الحكام العلمانين المرتدين و عدم الانخراط في جيوشهم
او اجهزتهم التى تعينهم على كفرهم و ظلمهم ، وان ديارهم ديار كفر وردة .
2) في أحكام الولاية : فلا ولاية لكافر على مسلم
وفي ذلك لايكون الكافر حاكما ولا قاضيا للمسلمين ، ولا تصح امامة الكافر في
الصلاة ، ولا تصح ولاية الكافر لمسلمة في النكاح بل لايكون محرما لها ولا
يكون وصيا على مسلم ولا يل ماله ، و غير ذالك من صور الولاية .
3) في احكام النكاح : يحرم نكاح الكافر لمسلمة و المسلم لكافرة .
4) في احكام المواريث : فان أختلاف الدين يمنع التوارث ، فلا يرث الكافر المسلم ولا يرث المسلم الكافر على الصحيح .
5) في أحكام العصمة : فان المسلم معصوم الدم و المال و العرض بخلاف الكافر الذي لاعصمة له في الاصل الا ان يكون له عهد او امان او ذمة.
6) وفي احكام الجنائز : فان الكافر و منه المرتد
لايغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يستغفر له و لا يترحم
عليه إذا مات ، قال تعالى { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على
قبره إنهم كفروا بالله ورسوله } ، و قال تعالى { ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } [التوبة :113].
7) في أحكام الولاء و البراء : يوالى المؤمن على
حسب ايمانه و تحرم موالاة الكفار و تجب البراءة منهم و بغضهم و اظهار
العداوة لهم على حسب الأمكان ولا يجوز إعانة الكفار على شيء يضر المسلمين .
8) في احكام الهجرة : فيجب على المؤمن أن لايقيم
بين الكافرين ما امكنه ذلك إلالمصلحة شرعية و يجب عليه الهجرة من دارهم الى
دار المسلمين حتى لا يكثر سوادهم .
9) في احكام الجهاد : فاءن المسلم يجاهد مع
الائمة المسلمين سواء كانوا ابرارا او فجارا ولا يجوز القتال خلف امام كافر
أو مرتد وأن تكون راية الجهاد شرعية فيكون الجهاد فىسبيل الله و إعلاء
كلمته و تحكيم شرعه وأن يكون الدين كله لله ومن اجل ازالة الباطل و محق كل
رايات الكفر و الشر و الالحاد ، وكذلك ما يترتب من الأحكام في معاملة
الاسرى و الغنائم و الفيىء و الجزية .
10) في أحكام الديار : فاءن هذه الأحكام مبنية
على مسائل الكفر و الايمان من تحريم السفر للمسلم إلى دار الكفر إلى لحاجة و
عدم الاقامة بها إلا لضرورة أو مصلحة شرعية و بالشروط التي وضعها العلماء و
منها وجوب اظهار دينه كما لايجوز لكافر أن يدخل دار الأسلام إلا بعهد أو
امان ولا يقيم بها إلا بجزية و هناك أماكن لايجوز للكافر أن يقيم بها على
الاطلاق وهي جزيرة العرب و أماكن اخرى لايجوز لهم دخولها وهي مناطق الحرام .
11) وفي أحكام القضاء :لاتقبل شهادة الكافر على المسلم في الأصل كما يحرم أن يكون الكافر قاضيا على المسلمين كما ذكرنا في أحكام الولاية .
و الخلاصة في هذه المسألة :
أن ثمرة هذا الموضوع - الكلام في الايمان و الكفر - هي تميز الؤمن من
الكافر لمعاملة كل منها بما يستحقه في شرع الله تعالى و هذا واجب على كل
مسلم ثم إن من مصلحة الكافر أو المرتد ، أن يعلم أنه كافر فقد يبادر
بالتوبة أو بتجديد اسلامه فيكون هذا خيرا له في الدنيا و ألأخرة - الى أن
قال - فكثير من الكفار هم من { الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون
أنهم يحسنون صنعا } [الكهف 104] ، [كتاب الجامع ج2 -480].
[إعداد قسم الإفتاء والبحوث في جماعة أنصار الإسلام في كردستان]
[1] أمن : جمع أمين وهو الحافظ .