السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
المزاح والترويح على النفس شئ محبب إلى النفوس .. فهو يبعث على النشاط
والإقبال على الأعمال بجد وطاقة.. ولا حرج فيه ما دام منضبطا بضوابط الشرع
.. ولا يترتب عليه ضرر .. بل هو مطلوب ومرغوب .. وذلك لأن النفس تعتريها
السآمة والملل
..أما المزاح فهو يكون بقدر.. والله عز وجل جعل شريعتنا شريعة رحمة.. لا
شريعة عنت ولا حرج.. فإذا أراد الإنسان أن يمزح فليمزح بقدر ..ولذلك شبه
العلماء المزاح بالملح الذي تضعه في الطعام.. فإذا كثر الملح فسد الطعام..
وإذا كان طعاما بدون ملح لم يكن للطعام طعم.. الحياة هكذا.. لابد من وجود
المزاح لكن بمقدار ما تعطي الطعام من الملح ..
وكان بعض العلماء يقولون.. إن من دلائل صلاح الإنسان وخيريته وجود الطرفة
فيه.. لأن أهل الصلاح فيهم تواضع.. والمزح يدل على نوع من التواضع.. إذا
كان بقدر.. ولذلك قال عمر رضي الله عنه.. (والله.. لئن وليتموها عليا
ليحملنكم على السنة.. وفيه دعابة)..وهذه الدعابة موجودة في الأخيار..كانوا
إذا جاءت الطرفة فتحوا لها قلوبهم ولكن بقدر.. وإذا جاءت الشدة وجاءت
المحنة وجاء الجد شمروا عن ساعد الجد
كان الإمام محمد بن سيرين يمازح أصحابه.. وكان إماما من أئمة التابعين..
كان يقال عنه سيد من سادات التابعين.. يقول أحد جيرانه.. كان إذا جن عليه
الليل سمع بكاؤه من القرآن من بيته.. وإذا أصبحنا سمعنا الضحك من الغرف..
و هاهو سيد المرسلين صلوات ربي و سلامه عليه يمازح أهله فكان لهم نصيب وافر
من خلقه العظيم في هذا الجانب المهم .. فكان يسابق عائشة رضي الله عنها ..
ويقر لعبها مع صواحبها ..فعنها رضي الله عنها قالت .. (كنت ألعب بالبنات
عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي) .. رواه
البخاري..
وكان صلى الله عليه و سلم يمازح أصحابه ..عن أنس .. رضى الله عنه .. أن
رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام وكان يهدى للنبى الهدية من
البادية.. وكان النبى يحبه وكان دميما فأتاه النبى يوما وهو يبيع متاعه
فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال.. أرسلنى من هذ.. فالتفت.. فعرف النبى
فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبى حين عرفه.. وجعل النبى يقول.. من
يشترى العبد.. فقال: يا رسول الله إذا والله تجدنى كاسدا.. فقال النبى لكن
عند الله لست بكاسد أنت غال.. وفى رواية: أنت عند الله رابح..
بل حتى الأطفال كان لهم نصيب من مزاحه ..فروى عن عبد الله بن الحارث قال..
كان رسول الله يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول.. من سبق
إلي فله كذا وكذا.. قال.. فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم
ويلتزمهم..
ومن خلال ذلك يتبين مجال الفسحة في ديننا العظيم .. وأنه لا تعارض بين الجد
والمرح أحيانا .. وكما أن في ديننا الإسلامي غذاء للقلوب والأرواح ..
وتوجيهات لما يصلح الأجساد .. ففيه أيضا ما يروح عن النفوس .. ويبعث فيها
الفرح والسرور...