السؤال
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله
ـ والسؤال: ما حكم من قاتل لغير هذا الغرض مثل من قاتل حمية أو رياء؟
وهل يعد منتحرا إذا قتل لأنه قاد نفسه للهلاك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنتحر هو من يقتل نفسه بأحد الأسباب القاتلة، ويتعاطى سببا يؤدي إلى الهلاك
بقصد قتل نفسه كمن يتردى من شاهق، أو يتناول سما، أو يقطع عروقا من جسده،
أو يخنق نفسه بقصد إهلاكها ونحو ذلك، فهذا هو المنتحر،
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يخنق نفسه
يخنقها في نار جنهم، والذي يطعنها يطعنها في نار جنهم.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً،
ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً،
ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
وفيهما أيضاً عن جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده، فما
رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة.
فهذا الذي تعاطى سببا مهلكا بقصد قتل نفسه يعتبر منتحرا.
وأما من قاتل رياء أو حمية أو شجاعة.. فإنه ليس في سبيل الله تعالى، ولا يعد صاحبه شهيدا،
ولكنه ليس بمنتحر، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما: أنَّ أعرابياً أتى النبيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقال: يَا رسولَ اللهِ؛ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ،
وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُرَى مَكَانُهُ؟ وفي رواية: يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ـ
وفي رواية: وَيُقَاتِلُ غَضَباً، فَمَنْ في سبيل الله؟ فقالَ رسولُ اللهِ:
مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ.
فقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم القتال في سبيل الله فيمن قاتل لتكون
كلمة الله هي العليا، وسكت عن غيره ليشير إلى أنه قد يذم وقد يمدح،
بحسب مقصوده من عمله، فإنما لكل امرئ ما نوى إن خيرا فخير وإن شرا فشر،
ولكنه ليس في سبيل الله؛ إلا إذا كان الباعث الأول هو إعلاء كلمة الله،
فإنه لم يضره ما انضاف إليه بعد ذلك.
والله أعلم.