قصيدة كلما
أقراها أشعر بالحزن الشديد والمسؤولية الملقاة على عاتقنا، فتن تحيط بإخواننا
الذين يعيشون في المجتمعات الفاسدة...
إليكم قصيدة
على لسان شاب يعيش حياة اللهو غافلا تائها في بلاد الغرب...
............
ليلي أرقصه على سهراتي
والفجر يعرف غفوتي وسباتي
والشمس تجهلني فلست أرى لها
وجها، ولم تنظر إلى قسماتي
أعددت في طلب اللذائذ مركبي
ودفعته في لجة الرغبات
وصنعت من زيف الهوى قلم الهوى
وملأت من حبر الضياع دواتي
وغدوت أكتب كل يوم قصة
للهو حتى استوحشت كلماتي
في أرض أوروبا قتلت كرامتي
وأضعت في حاناتها ثرواتي
وعلى مسارحها نثرت دراهمي
وأجدت فيها أحسن الرقصات
وهتفت فيها باسم نادي الذي
أعطيته قلبي وكل حياتي
(باريس) تعرفني، و(لندن) لم تزل
ترنو إلى جيبي وحسن هباتي
وعيون (مانيلا) تراقب مقدمي
ولكم غرست بأرضها شهواتي
كم زرت فيها من مواطن شبهة
وأطلت في ساحاتها وقفاتي
وأقمت فيها من هواي معالما
ونقشت فوق جبينها خطواتي
كم حانة ذوبت فيها همتي
وعقدت فيها خير مؤتمراتي
شهران، لم أسمع نصيحة والد
أبدا، ولم أجبر على الصلوات
شهران، لم أسمع تلاوة قارئ
يتلو على زواجــر الآيات
وشربت فيها الكأس حتى خلتني
أدمي فؤاد الكأس بالرشفات!
وجعلت فيها الليل يكره نفسه
من سوء ما أجنيه من سهراتي!
وجمعت للتذكار ألفي صورة
أفنيت في تصويرها عدساتي
ودعوت أصحابي أذيب قلوبهم
بمغامرات اللهو في رحلاتي
لا تسألوا عني، ولا تتعجبوا
مني، ولا تبكوا على سقطاتي
أنا فارس يغزو ميادين الهوى
فسلوا بقاع اللهو عن غزواتي!
ولكم عثرت على الطريق، ولم أجد
من الحنان يقيلني عثراتي
وإذا سألتم عن أبي، فأبي له
رسم على بوابة السفرات
أرخى زمامي، ثم راح يلومني
ويهينني بقوارع الكلمات
أنا- يا أبي الغالي – ضحية ثروة
فتحت لقلبي أسوأ الصفحات
أغرقتني فيها وما راقبتني
وتركتني كالصيد في الفلوات
كم كنت أبحث عنك يا أبتي فما
ألقــــاك إلا تائه النظرات
هلا أبيت علي أن أمشي إلى
حتفي، وأن أسعى إلى صبواتي
أرسلتني للغرب يا أبتي ولم
تشفق على عقلي من السكرات
أنسيت أن الغرب سر شقائنا
وإليه تنسب أبشع الآفات؟!
يا من تريقون الدموع تأسفا
وتحركون كوامن الحسرات
لا تسألوا عني فإن مطيتي
في الصيف نحو بلادهم نزواتي
أنا واحد من جيل أمتكم، له
قلب يكاد يضيق بالنبضات
أحلام نفسي لا تحد، وهمتي
عظمى، وسيفي وارف الضربات
أنا لست وحدي في طريق متاهتي
أبنائكم في الغرب بالعشرات
أبنائكم في الغرب مصدر رزقه
يتصدقون عليه بالنفقات
سلمتموهم للعدو غنيمة
فلتغسلوا الأدران بالعبرات!
ولتعقدوا في كل يوم جلسة
ممهورة بمزيف الدعوات
عفوا أبي الغالي!.. فقد أخطأت في
شأني، ولو لا مانح الرحمات
لغرقت في بحر الضلال، ولم اعد
إلا بأثقال من التبعات
الآن يا أبتي عرفت حقيقتي
وسكبت زيت العزم في مشكاتي
أصبحت بعد ((الجاز)) أنصت خاشعا
لتلاوة الأنفال والحجرات!
وغدوت يا أبتي أقول وفي فمي
أنشودة من عفتي وثباتي:
سر الهزيمة أننا من جهلنا
نرمي إلى الأعداء بالفلذات