خذوني إليها, خذوني خذوني!
وفي تربها المخمليِّ ازرعوني!
لعلّ دماءَ الشهيدِ تُرَوِّي
عروقي! فتَنْبُتَ ورداً شجوني!
لعلي أشمُّ عَبوقَ الشهيد
فيرتاحُ قلبي وتغفو جفوني!
لعلي أرى مقلةً في الظلامِ
تفتِّحُ حُلْماً .. فتزهو غصوني!
خذوني إليها لأرشفَ حُبًّا
وأحظى بقبلةِ من أَرجعوني
خذوني إليها لأرسمَ زهراً
يداعب أجفانَ طفلٍ حزينِ
خذوني إليها لأُشعلَ نورا
يزيح عن القلبِ وهنَ السنينِ
أحِنّ إليها .. أحِنّ عليها
وما بين ذاكَ الحنينِ دعوني!
دعوني أبثُّ دموعَ الفؤادِ
ودمعُ الفؤادِ جرى من عيوني
أنا من طوى في السنين العجاف
ليرنوا إلى الفجر من بعد حينِ
خذوني إليها لألثمَ ترباً
حكى قصةً حول طفلٍ سجينِ!
تجرَّعَ في السجن كأس العذابِ
وذاق من الويل طعم المنونِ
وبين الأنينِ يرنُّ بسمعي
صراخٌ يُدَوِّي يقول: اقتلوني!
فتسموا إلى الله روحٌ تناهت
ويشرقُ نوراً ضياءُ الجبين
وعين البراءة تبدو كفجرٍ
تفتَّقَ في وجه صبحٍ رزينِ
وأمٌّ تلملمُ أشلاء ابنٍ
تمزَّق عند انتظار الطحينِ
وتحت السياطِ يذوبُ شبابٌ
فيرقى مع الروح صوت الأنين!
همُ النصرُ صاغوهُ مجداً عتيداً
وصانوا حِماهُ كأسْدِ العرين
شآم لمجدكِ أعشق موتاً
يزلزل أربابَ حقدٍ دفين
عشقت ترابك دهرا طويلا
وبتُّ لعشقِيَ ذا في يقين
لذاك بذلتُ دمائي وروحي
وصُغتُ لأجلكِ فيضَ المتونِ
وأقسمتُ ألاّ أبارحَ أرضي
لأحفظ ديني بحصنٍ حصين
وأرجعَ مجدَ الشآمِ عزيزا
قوياًّ عتيداً بعزٍّ مكين
فإن جفَّ مني الوريدُ وأمسى
يَراعي ضعيفٌ وغاضَتْ فنوني
أكونُ رويتُ شَغافي وقلبي
وعشتُ لربِّي ومُتُّ لديني
وهذا مُنايَ وجنَّةُ قلبي
وبستانُ نفسي .. وسِرُّ حنيني
خذوني إليها ليَبرَأَ جرحي
وبينَ صليلِ السيوفِ اتركوني
وقولوا لأرضِ الشآمِ خذيهِ
وفي تُربها المُخْمَلِيِّ ادفنوني!!
شآم .. سأحيا عزيزاً ولكن
لعينِ الشآم تهونُ عيوني
فياربِّ عجِّل بنصر مبينٍ
فنصركَ آتٍ بكافٍ ونونِ!
ظلال الابراهيم