ما هي الوسيلة الناجحة لترك العادات السيئة و القبيحة ؟
إن من أهم ما يتميَّز به الإنسان عن غيره من المخلوقات التي خلقها الله عزَّ و جلَّ هو الإرادة ، فالانسان يتمكن بإرادته أن يعلو حتى على الملائكة ، فهو قوي بإرادته .
هذا من جانب و من جانب آخر فإننا لو تأملنا قليلاً في الآيات القرآنية الكريمة ، و في الأحاديث المروية عن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) و عن أهل بيته ( عليهم السَّلام ) لوجدنا أن قيمة الإنسان إنما هي في تقواه ، و بإرتفاع درجة التقوى ترتفع قيمة الإنسان ، و الدليل على ذلك قول الله عز و جل : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ .
و قال الامام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) " ... لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى أَلَا وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلَ الثَّوَابِ وَ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَ الْمَآبِ ... " .
و إذا أمعنا النظر في الآيات و الأحاديث لوجدنا أن حقيقة التقوى هي ضبط الإنسان فكره و نواياه و كافة أعماله و أفعاله و جوارحه و أعضائه بعقال العقل و حَدِّها بحدود الشرع و الدين الذي جاء به سيد المرسلين محمد ( صلَّى الله عليه و آله ) و تكفل بيانه أهل بيته الطاهرين ( عليهم السَّلام ) .
و لا شك أن الانسان قادرٌ على ترك عاداته السيئة و استبدالها بعادات حسنة شريطة الايمان بأن الله جل جلاله قد منحه هذه القدرة .
يقول الله تعالى : ﴿ ... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ... ﴾ .
و يقول سبحانه : ﴿ ... وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ... ﴾ .
الإنسان قادراً على ترك الخطيئة و العادات السيئة إذا ما توكل على الله واستعان به .
لكن علينا أن نعرف بأن ترك العادة ليس بالأمر السهل ، بل يجب على من يريد الاقلاع عن العادات السيئة إعلان الحرب و الجهاد ضد هذه العادات و الصمود في وجهها حتى يتمكن بعون الله من التغلّب عليها ، ذلك لأن العادات في الغالب تتجذَّر في النفس فتصبح قوية و شرسة و في المقابل تصبح ارادة الإنسان تجاهها ضعيفة .
يقول الامام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : " العادة طبع ثان " .
و يقول الامام الحسن بن علي العسكري ( عليه السَّلام ) : " رياضة الجاهل و ردُّ المعتاد عن عادته كالمعجز " .
لكن على الإنسان الذي يطلب مرضاة الله عزَّ و جلَّ و يتشوَّق إلى الجنة التي خلقها الله لعباده الصالحين أن يدفع ثمنها و أن يقاوم الشيطان و يُقلع عن الآثام و المعاصي و الذنوب و أن يجاهد نفسه و يصارع أهواءه حتى يفوز بخير الدنيا و الآخرة .
مواعظ لترك العادة السيئة :
قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " ألا و إن الجهاد ثمن الجنة فمن جاهد نفسه ملكها و هي أكرم ثواب الله لمن عرفها " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " إن المجاهد نفسه على طاعة الله و عن معاصيه عند الله سبحانه بمنزلة بر شهيد " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " تجنب من كل خلق أسوأه و جاهد نفسك على تجنبه فإن الشر لجاجة " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " جهاد الهوى ثمن الجنة " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " جاهد شهوتك و غالب غضبك و خالف سوء عادتك تزك نفسك و يكمل عقلك و تستكمل ثواب ربك " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " جاهد نفسك على طاعة الله مجاهدة العدو عدوه و غالبها مغالبة الضد ضده فإن أقوى الناس من قوي على نفسه " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " ضادوا الشهوة بالقمع " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " غالبوا أنفسكم على ترك العادات تغلبوها و جاهدوا أهواءكم تملكوها " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " قاوم الشهوة بالقمع لها تظفر " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " لن يحوز الجنة إلا من جاهد نفسه " .
و قال أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) : " من خالف نفسه فقد غلب الشيطان " .
نصائح لترك العادة السيئة :
هناك أمور عملية من شأنها أن تُسهِّل على الشباب الاقلاع عن ما هم متورطون فيه من الآثام و المعاصي الشائعة في عصرنا الحاضر ، و هذه الأمور يمكن تلخيصها كالتالي :
1. المحافظة على حالة الطهارة و الوضوء دائماً ، ذلك لأن الوضوء يُبعد الشياطين و يساعد الإنسان على التوجه إلى الطاعة .
2. الإلتزام بأداء الصلوات في أول اوقاتها .
3. تلاوة ما لا يقل عن خمسين آية من القرآن الكريم يومياً .
4. الاستغفار عقيب كل ذنب ، بل بصورة دائمة كلما تذكر الانسان ذنباً .
5. محاولة صيام يومين في الأسبوع إن كانت الظروف مساعدة .
6. تقوية الارادة بمخالفة النفس و عدم إعطائها مطاليبها ، و التشديد عليها شيئاً فشيئاً من خلال وضع برنامج خاص لهذا الغرض .
7. الإكثار من مطالعة الكتب التي تتحدث عن القيامة و الحساب و البرزخ .
8. الالتزام بقراءة دعاء كميل ، و قراءة مقاطع من دعاء أبي حمزة الثمالي .
9. تجديد النظر في الأجواء و الصداقات التي تدفع بالانسان إلى ارتكاب المعاصي و الابتعاد عنها و محاولة نسيان الماضي .