((جلس النبي محمد صلى الله عليه وسلم يوما وحوله جماعة من المسلمين , وبينما الحديث يدور , اطرق لحظات ثم قال : ((ان فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من جبل احد ))
ظل الخوف من الفتنة في الدين وسوء الخاتمة يراود جميع الذين شهدوا المجلس , كل واحد منهم يخشى على نفسه ان يكون هو الذي يتربص به سوء المنقلب, لكن جميع الذين وجه اليهم الحديث يومئذ ختم لهم بالخير وقضوا نحبهم شهداء في سبيل الله وما بقي منهم الا ابي هريرة والرجال بن ُعنفوة وظل ابو هريرة يرتعد خوفاً من ان تصيبه تلك النبوءة , ولم يهدأ الى ان ازاح القدر الستار عن صاحب الحظ التعس , فقد ارتدّ الرّجال بن ُعنفوة عن الاسلام , ولحق بمسيلمة الكذاب وشهد له بالنبوءة وحارب الى جانبه جيش المسلمين
فما حكاية الرّجال بن ُعفوة؟؟؟؟؟
بايع الرّجال بن ُعنفوة النبي صلى الله عليه وسلم على الاسلام , ثم ذهب الى قومة ولم يرجع الى المدينة إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلافة ابو بكر الصديق رضي الله عنه , ونقل الرجال الى ابي بكر أخبار ارتداد أهل اليمامة والتفاتهم حول مسيلمة , وأقترح عليه ان يكون سفيره إليهم , يثبتهم على الاسلام , فأذن له ,وتوجه الرجال الى اليمامة , ولما رأى كثرتهم ظن انهم الغالبون , فطمع في منصب قادم في دولة مسيلمة الذي وعده بوعود سخية عندما يصبح الامر إليه.
وكان خطر الرجال على الاسلام اشد من خطر مسيلمة ذاته إذ استغل اسلامه السابق , وحفظه لآيات القرآن الكريم , وسفارته للخليفة ابو بكر الصديق في دعم سلطان مسيلمة , وتوكيده على نبوته , لقد سار بين الناس يقول لهم كاذباً : إنه سمه سول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إنه أشرك مسيلمة في الامر )) وما دام النبي محمد قد مات , فأن أحق الناس بحمل راية النبوة والوحي من بعده هو مسيلمة.
ولقد ازدادت أعداد المرتدين عن الاسلام حول مسيلمة زيادة طافحة بسبب أكاذيب الرجال , إلى ان قهر الله جيش المرتدين , وقتل الرجال كما قتل مسيلمة الكذاب)).
إذ تمكن زيد بن الخطاب من أختراق صفوف المرتدين إلى ان وصل إليه وقتله , وبذلك تحققت فيه نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم بسوء الخاتمة وبس المصير في نار جهنم والعياذ بالله يصلاها مذموماً وقد بسط له في جسمه وأمتدت مساحته إلى الدرجة التي يكون فيها ضرسه أعظم من جبل اُحد ليذوق أشد العذاب.
ان الرجال بن عنفوة لم يتمسك بدينه فقد طمع بالمال والجاه وشهوات النفس الامارة بالسوء ولم يثبت على الاسلام ولو ثبت لنجى من عذاب النار وبئس الصير .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( ُيبعث كل عبد على ما مات عليه ))
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( فوالذي لا إله غيره إن أحـدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع , فيسبق عليه الكتاب , فيعمل بعمل أهـل النـار , فيدخلـها , و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع , فيسبق عليه الكتاب , فيعمل بعمل أهل الجنة , فيدخلـــها ))
هذا الحديث الشريف يجعل المسلم دوماً في حذر على مصيره وعلى خاتمته , كما يجعله في يقظة مستمرة , فلا يغفل ولا يقصر ولا يغتر ولا يعجب به ,بل يخشى أن لايتقبله الله منه , لذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يحسنون العمل ويحذرون الاخرة ويخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والابصار .وكان دعاؤهم
(( اللهم يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلوبنا على طاعتك ))