مأساة اجتماعية
صورة:(علاء بويموت)
اتخذت من الحجر سلالم للالتحاق بسكناتهالا يخطر
ببال أي شخص يمرّ عبر شارع الشهداء التابع إقليميا لبلدية سيدي امحمد
إمكانية تواجد عائلات تقطن أسفل إحدى العمارات لا يفصلها عن الموت سوى
قطرات من مياه الأمطار حتى يهيج الوادي المحاذي لها ويأتي على كل القاطنين
هناك أطفالا وشيوخا لتفرض الحسرة نفسها وسط المسؤولين الذي أداروا
ظهرهم لهؤلاء لمدّة تزيد عن 20 سنة.
هي معاناة تعيشها 6 عائلات بمنحدر أسفل العمارة رقم 101 بشارع الشهداء
ببلدية سيدي امحمد، وأصبحت شدّة الخطر المحدق بهم يزداد يوما بعد يوم،
ورقعة الخوف تتسع أكثر من الوضع الكارثي الذي صاحبهم لمدة فاقت ال20 سنة
وهم ينتظرون انهيار العمارة التي يقطنون تحتها داخل سكنات أقل ما
يقال عنها أنّها لا تصلح حتى لإيواء الحيوانات.
الوضعية التي وصفتها لنا العائلات دفعت بنا الى التنقّل لعين المكان من
أجل الوقوف على معاناتهم، فبمجرّد وصولنا عند مدخل العمارة حاولنا
الاستفسار عن مكان تواجد هذه العائلات فإذا بشخص يوحي لنا الى أسفل السلالم
نزلنا بحذر خوفا من السقوط في المجهول فإذا بنا نفاجئ ببؤرة من صفيح تضمّ
عائلات لا يفصل بينها وبين الوادي سوى جدار. تقرّبنا من إحدى العائلات من
أجل التحدّث الى أفرادها ففوجئنا بالقطط تجري خلف الجرذان من أجل القضاء
عليها فأكّدت لنا السيدة "نسيمة.م" بأنّهم يربّون القطط عمدا للقضاء على
الجرذان التي غزت بيوتهم وعضّت أبناءهم.
قالت السيدة نسيمة في حديثها للشروق بأنّ وضعيتهم الكارثية تعود الى
سنوات مضت ولم تلق أية التفاتة من السلطات المعنية سوى الوعود الكاذبة التي
بخّرت آمالهم، وأصبحت مخاوفهم من انهيار سكناتهم تقلّ بكثير من الكارثة
البيئية التي قد تحصل في أية لحظة نتيجة انفجار دورات المياه جراء الضغط
الكبير الذي تسببه قنوات الصرف الصحي للعمارة والتي زادها تدهورا تدفق مياه
الأمطار القادمة من السطح في فصل الشتاء، بسبب الثقوب البليغة التي لحقت
بالجدران والأسقف، حيث حولت سكناتهم إلى مصدر حقيقي للأمراض خاصة لدى
الأطفال الذين أصيبوا بمختلف الأوبئة، منها الحساسية، والأمراض
الصدرية وعضات الجرذان وحاولوا في كلّ مرّة إصلاحها غير
أنّ سياسة الترميم لم تعد تف بالغرض.
في حين أكّدت عائلة أخرى بأنّهم تلقّوا زيارة تفقدية من قبل خبير مختص
لمعاينة سكناتهم، رفقة محضر قضائي بيّن من خلالها خطورة الوضع الذي يعيشونه
وقام بإيداع المحضر لدى مصالح البلدية التي وعدتهم بترحيلهم في أقرب
الآجال، لكن بقي الانتظار سبيلهم الوحيد، في حين أكّد آخر بأن
إقامتهم بهذا المنحدر لا يثير إزعاج السلطات كونها مخفية
عن الأنظار ممّا جعلها لا تضعها في قائمة اهتماماتها.
كما أنّ المسلك المؤدّي الى تلك السكنات لا يقلّ خطورة عن الوضع الذي
شاهدناه داخلها حيث قاموا بوضع مدرجات له بمختلف أنواع الحجارة الوضع الذي
أدّى الى إصابة العديد من السكان بكسور، كما أكدوا أن معاناتهم متواصلة
طيلة السنة ، شتاء وصيفا ، نتيجة عدم ملاءمة ظروف عيشهم مع متطلبات الواقع،
حيث يتقاسم قاطنو هذه البيوت المشيدة باستعمال الآجر والزنك ظروفا واحدة،
وحتى وإن اختلفوا في المدة التي عاشوها بهذا الحي إلا أنهم يتقاسمون جميعا
معاناة واحدة يميزها انعدام شروط الحياة، فلا قنوات صرف المياه ولا منازل
ملائمة، والمعاناة متواصلة منذ سنوات.